"إسرائيل" ويهود الولايات المتحدة: الشرخ يتسع

غالبية يهود الولايات المتحدة لا تريد إبراز أيّ مظهر دعمٍ لحكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، التي تعتبرها حكومةً راديكاليةً وعنصرية كما كشف الإعلام الإسرائيلي.

  • الاحتلال الإسرائيلي عاجزٌ عن لملمة ملامح الشرخ بينه وبين يهود الشتات

يبدو الاحتلال الإسرائيلي عاجزاً عن لملمة ملامح الشرخ بينه وبين يهود الشتات، وغير قادرٍ على إطفاء لهيب الغضب الظاهر على وجهاء المجتمع هناك.

الإعلام الإسرائيلي الذي نقل مراراً هذا الواقع بيّن تعاظم رفض غالبيّة يهود أميركا لإظهار الدعم لحكومة نتنياهو التي يخطّط تسعةٌ من وزرائها للمشاركة في مسيرةٍ داعمةٍ لـ"تل أبيب" في نيويورك، فهؤلاء يُهينون ويحقّرون المجتمع اليهودي ومشاركتهم ليست إلّا مناكفةً لهذا المجتمع، كما يؤكّد عددٌ من زعمائه. 

شرخٌ مستجدٌّ بين المجتمعين تتصدّره عناوين عديدة، أبرزها اعتراض أغلبية يهود أميركا على ممارسات حكومة نتنياهو ضدّ ما يسمّونها "اليهودية الإصلاحية والمحافظة"، ودعوتهم لإيجاد حلٍّ للفلسطينيين، وانتقادهم لقانون "القومية" الذي يعرّف "إسرائيل" "دولةً قوميةً للشعب اليهودي".

هي صورةٌ حاولت تل أبيب ترسيخها طويلاً، لكنّ الخلافات الأخيرة والمتجددة مع يهود العالم  تُثبت زيف الادّعاءات الإسرائيلية وتُفرغها من مضمونها، لا بل تؤكّد مجدداً عنصرية الحكم في "إسرائيل" وتسلّطه حتى بنظر اليهود أنفسهم.

وبشأن ذلك، قال محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحام، إنه لطالما كان هناك خلافات وإشكالات أحياناً عميقة وأحياناً سطحية بين المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلّة ويهود أميركا.

وأوضح أنّ "الجديد هذه المرة هو أنّ الأمور وصلت إلى حدّ لا يمكن جسر الهوّة بين الطرفين، فهناك مستويان اثنان، المستوى الأول مناضلين يهود في الولايات المتّحدة الأميركية اعتنقوا الـBDS (حركة مقاطعة إسرائيل) ونشطوا فيها ودعوا إلى محاربة النظام العنصري أبارتايد، وهم نوع مبدئي، نوع يريد أن يناضل ضد الصهيونية ومع الإنسانية، ضد ظلم الإنسان الآخر". 

وأضاف أنّ "النوع الثاني هو النوع الليبرالي وهو الذي يأخذ الآن الاهتمام الإعلامي، الليبرالي الذي يقف ضد التطرف اليهودي، والليبرالي هو الذي يريد لإسرائيل أن تبقى غربية، وهذا الذي أضاف على المستوى الأول المستوى المبدئي"، وتابع بأنه "تكاثف الطرفان فأصبحت أزمة عميقة أثّرت على قرار الأحزاب وأثّرت على الحزب الديمقراطي".

وأشار اللحام إلى أنّ "76% من يهود أميركا صوّتوا للحزب الديمقراطي، وهذا ما يُقلق إسرائيل أنّ الأمر آخذ في الاتّساع والتزايد، والآن ينعكس على داخل إسرائيل".

بدوره، تحدث محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبود، عن دلالات مشاركة 9 وزراء تقريباً في مسيرة داعمة للاحتلال في نيويورك.

وقال عبود إنّ "المناسبة هي مناسبة مهمة، فالمهرجان يُقام كل سنة، وعادةً الجاليات تُقيم مهرجانات من هذا القبيل وليس فقط اليهود، هذا يحشد عشرات الآلاف من المشاركين من المدارس، من كل الأصناف".

وأشار إلى أنّ "اليهود في الولايات المتّحدة الذين يشعرون بأنّ ما يجري في إسرائيل يؤثّر كثيراً على أوضاعهم لا سيّما وأنّ معاداة السامية ترتفع، كانوا قد أرسلوا وفوداً إلى إسرائيل في شباط/فبراير وآذار/مارس الماضيين، عشرات الشخصيات المهمة لتتدخل في ملف موضوع المحكمة الدستورية والقوانين اليمينية المتطرفة التي يسنّها نتنياهو وحكومته".

وتابع بالقول: "هؤلاء حاولوا وأثّروا واقعاً على سير التظاهرات في إسرائيل وبالتالي تشعر الحكومة الاسرائيلية بأنّ عليها الردّ باستغلال مناسبة من هذا النوع"، مشيراً إلى أنّ "الانقسام داخل الجالية اليهودية أو الأهالي اليهود في الولايات المتّحدة كبير، وكثيرون منهم محرجون مما يجري في إسرائيل".

من جهته، أكد محلل الميادين للشؤون العربية والإقليمية، عبدالرحمن نصّار، أنّ "يهود أميركا مهمتهم الأولى كانت دائماً تلميع صورة إسرائيل، وهم يهمّهم الصورة الخارجية لإسرائيل، ولذلك يقلقهم تزايد الداعمين للقضية الفلسطينية والمتعاطفين معها".

وأضاف أنه "في آخر استطلاعين للرأي أُجريا بين الناخبين الأميركيين سواء ناخبي الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي، كان هناك انزياح بالأرقام لا سيّما لدى الحزب الديمقراطي تجاه التعاطف مع الفلسطينيين".

وأوضح أنه "صحيح أنّ النسبة لم تنكّس بعد، يعني لا يزال مَن يؤيّد إسرائيل وممارساتها أعلى بكثير من التعاطف والتأييد مع فلسطين، لكن هناك انزياح كان بنسب تتراوح بين 10% إلى 15% لدى ناخبي الحزب الديمقراطي، و5% إلى 10% لدى ناخبي الحزب الجمهوري".

وأشار نصار إلى أنّ "هذا مُقلق بالنسبة ليهود أميركا، أولاً على صعيد الصورة العامة، وثانياً على صعيد طبيعة الدعم الذي يمكن الحصول عليه وتقديمه".

اخترنا لك