"أخطر أزمة احتياط منذ 1973".. التعديلات القضائية تُفكك "جيش" الاحتلال
الإعلام الإسرائيلي يتحدّث عن تفاقم أزمة جنود الاحتياط رافضي الخدمة احتجاجاً على مشروع التعديلات القضائية، ويتناول مخاطر ذلك على جاهزية "جيش" الاحتلال الإسرائيلي.
لم يوفّر الشرخ العميق الذي يشهده المجتمع الإسرائيلي جهاز الاحتياط لدى "جيش" الاحتلال، إذ تتزايد المواقف الاحتجاجية من قبل الجنود والضباط فيه ضد خطة حكومة بنيامين نتنياهو القضائية، وتتزايد بالتوازي مع ذلك التحذيرات من تداعيات هذا الأمر على أداء "الجيش" وقدرته على المواجهة.
وما يُفاقم القلق في "إسرائيل" من هذا الواقع، هو تأخّر قيادة "الجيش" الإسرائيلي"في فهم عمق الأزمة وانعكاساتها على تشكيل الاحتياط، الذي له تبعات خطرة" بحسب خبراء إسرائيليين، لأنّ جهاز احتياط منقسماً وفقاً لهم، سيلحق ضرراً لا يُعوّض بـ"كفاءة وقدرة الجيش الإسرائيلي".
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "هآرتس"، إنّ "عمق الشرخ الذي يثيره الانقلاب يزداد وضوحاً. طيار تلو آخر، قائد كتيبة تلو آخر، قائد سرية تلو آخر"، مضيفةً أنّ "آلاف الاحتياطيين، فيهم أكثر من ألف في وظائف مركزية، يعلنون أنّهم لن يلتحقوا بالاحتياط إذا أُنجز تشريع التعديلات القضائية".
وأشارت، استناداً إلى شهادات الطيارين وقادتهم بشأن التوقف عن الخدمة في حال إقرار التعديلات القضائية، إلى أنّ "من يعتقد أنّه سيبقى جيش بعد الانقلاب فإنّه لا يفهم شيئاً".
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، تناولت القلق من هذه القضية أيضاً، في مقالٍ للمراسل ومحلل الشؤون العسكرية يوسي يهوشع، الذي قال فيه إنّ "الجيش الإسرائيلي مطلوبٌ منه أن يوضح هذا التهديد لنتنياهو".
وأضافت "يديعوت أحرونوت" أنّه "لم يعد بإمكان رئيس الأركان، هرتسي هليفي، الوقوف جانباً، فيما الاحتجاج انتشر في جهاز الاحتياط إلى كل الوحدات تقريباً".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ "المكان الأكثر حساسية هو سلاح الجو، الذي تعمل فيه الفرق الجوية في الخدمة النظامية والدائمة والاحتياط، كوحدة تنظيمية واحدة، وليس الالتحاق بتدريب أو تشغيلٍ عملاني مثل وحدات الاحتياط في التشكيل البري، بل مرة في كل أسبوع في السرب، إلى جانب طيارين شباب في الخدمة الدائمة، أو ضباط أركان في وزارة الأمن الذين يحضرون أيضاً مرة في الأسبوع إلى السرب".
ومن رسائل التحذير من الذين يخدمون في وحداتٍ مختلفة، تظهر سلسلة مبررات لإمكانية رفض الخدمة، وفق الصحيفة، إذ يعبّر الطيارون "عن خشية من محاكمة في الخارج، في حين يتحدث آخرون عن خطر صدور أوامر غير قانونية خلال الخدمة".
اقرأ أيضاً: في حرب مقبلة.. كيف تؤثر أزمة تعديلات "إسرائيل" القضائية في فعالية سلاح الجو؟
وبيّنت أنّ "الاحتجاج مستشعَر في جهاز الاحتياط في البر أقل ممّا في سلاحي الجو والاستخبارات، لكن قد يصل إلى هناك أيضاً".
ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى أنّ "هذا الواقع سيؤثّر على حافزية خدمة الاحتياط في الروتين في مجمل التشكيلات، كما سيؤثّر على حافزية الخدمة القتالية، وأيضاً على حافزية الأهل الذين يُرسلون أولادهم إلى هذه الوحدات للبقاء فيها".
"أخطر أزمة احتياط منذ سنة 1973"
وفي ضوء هذه الوقائع، تحدّثت "يديعوت أحرونوت" في مقالٍ آخر للباحث في معهد أبحاث الأمن القومي وعضو الكنيست السابق، عوفِر شيلَح، عن "أخطر أزمة احتياط منذ سنة 1973 بسبب التراجع في التجنيد".
وأضاف المقال أنّه "يجدر بالقادة تذكّر أزمة أكبر بكثير، وذات صلة أكثر باليوم، التي بدأت وسط عناصر الاحتياط بعدها بعقد، في أعقاب حرب لبنان الأولى 1982".
وأوضح أنّ "عناصر الاحتياط احتجوا حينها ليس على تقصيرٍ استخباري أو سياسي، بل على ما اعتبروه أول انتهاك للعقد بين الدولة والمواطن – حرب تضليل انبرت إليها حكومة بغين بإعلانٍ زائف".
وذكر المقال، أنّ "الجيش" الإسرائيلي، يشهد حالياً ظروفاً صعبة، إذ إنّ "إيران هي على عتبة أن تكون دولة نووية، وهناك حريق كبير في الضفة والمناطق الفلسطينية، فيما بنية القوة البشرية للجيش واقعة في ذروة سلسلة أزمات في التجنيد، في الخدمة الدائمة والاحتياط".
أمّا الأسوأ، وفق المقال، فهو أنّ "الحكومة تفعل كل ما في وسعها ليس للقيادة والتوحيد، بل لتقويض أسس المبنى وزيادة الخطر".
أزمة جنود الاحتياط رافضي الخدمة تتفاقم
وآخر هذه المواقف الاحتجاجية ضد التعديلات القضائية في جهاز "الاحتياط"، إعلان 37 من 40 عنصر احتياط في السرب القتالي بأنّهم لن يحضروا التدريبات هذا الأسبوع احتجاجاً على ما وصفوه "الانقلاب القضائي".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ "معظم طياري الاحتياط في السرب 69، من الأسراب الرائدة في السلاح، كتبوا أنّهم سينفّذون خدمتهم الاحتياطية مقابل وزارات الحكومة".
كذلك، وقّع الآلاف في خدمة الاحتياط عرائضَ حذّروا فيها من أنّهم لن يلتحقوا بالاحتياط إذا مرّت التعديلات القضائية، التي يريدها نتنياهو.
وأعرب طيارو الاحتياط العاملون في جيش الاحتلال، والذين يشكّلون قلب القوة العملانية لسلاح الجو، عن قلقهم بشأن التعديلات القضائية، وتصريح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنه يجب "محو" بلدة حوارة.
وذكر الإعلام الإسرائيلي، في معرض حديثه عن قلق طياري الاحتياط، أنّ "هؤلاء هم الطيارون الذين ينفّذون الهجمات على غزة وسوريا ولبنان، ويستعدون للهجوم على إيران".
وبسبب التعديلات القضائية أيضاً، استقال ضابط في سلاح الجو التابع للاحتلال، كما هدّد طيارون إسرائيليون بوقف التطوّع في خدمة الاحتياط.
وبالتزامن، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأنّ 130 ضابطاً وعنصراً في الاحتياط من وحدة "يهلوم" الهندسية للمهمات الخاصة في "جيش" الاحتلال، وقّعوا على رسالة يبلّغون فيها وزير الأمن في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، أنّهم "يجدون صعوبة في الخدمة إذا تم إقرار التعديلات القضائية".
ويذكر في السياق، أنّ تفاقم النزاع الإسرائيلي الداخلي بشأن خطة التعديلات القضائية، يقابله تصاعد الاحتجاج السياسي ضدّها، في الكنيست والشارع.
وتحوّلت المظاهرات التي بدأت في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعشرات آلاف المستوطنين، إلى مظاهرات ضخمة وصلت إلى نزول ربع مليون مستوطن إلى الشارع ضد سعي نتنياهو لإقرار التعديل القانوني الذي يضعف من سلطات القضاء، مقابل تعزيز سيطرته على مفاصل مؤسسات الكيان ومنها الأمنية والعسكرية.