"فايننشال تايمز": أفقر البلدان ستتأثر بشدة بارتفاع تكاليف الدين الخارجي
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أضاءت على دراسةٍ بحثية أكّدت أنّ أفقر البلدان في العالم ستواجه أعباءً قاسيةً لارتفاع تكاليف الديون الخارجية، مشيرةً إلى أنّها ستعاني أيضاً في إنفاقها على الصحة والتعليم ومواجهة مشاكل المناخ.
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في مقال لها أنّ البلدان ذات الدخل المنخفض ستواجه هذا العام أكبر فواتيرها لخدمة الديون الخارجية خلال ربع قرن، مما يعرض الإنفاق على الصحة والتعليم للخطر، وذلك بناءً على دراسة بحثية أجرتها مجموعة "عدالة الديون".
وتشير الدراسة إلى أنّ مدفوعات الدين العام المستحقة لغير المقيمين، لمجموعة من 91 دولة من أفقر دول العالم، ستستهلك في المتوسط أكثر من 16% من الإيرادات الحكومية في عام 2023، وترتفع إلى ما يقرب من 17% العام المقبل.
وتأتي هذه الأرقام، وهي الأعلى منذ عام 1998، في أعقاب ارتفاعٍ حادٍ في تكاليف الاقتراض العالمية العام الماضي، عندما سعت البنوك المركزية إلى مواجهة ارتفاع التضخم الذي رافق ارتفاعاً سريعاً في أسعار الفائدة.
وأوضحت الدراسة أنّه بالنسبة للعديد من البلدان الـ91، والتي صنفها البنك الدولي على أنّها منخفضة الدخل، فإنّ سداد الديون المحلية المقترضة من المقرضين داخل البلاد، يجعل عبء خدمة الديون بشكل عام أكبر بكثير، مؤكدة أنّ ذلك وفقاً لبيانات منفصلة من صندوق النقد الدولي.
وسيؤدي ارتفاع تكاليف خدمة الديون إلى تأجيج الجدل المستمر حول الإعفاء من الديون، وما يترتب عليه من إشكالات وتناقضات تُطرح على مستوى الاقتصاد العالمي.
وقدّم المقرضون متعددو الأطراف والحكومات الأجنبية بقيادة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تخفيفاً بعيد المدى للديون في مطلع هذه الألفية، وقد قضت مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون على الجزء الأكبر من الدين العام الخارجي الثنائي والمتعدد الأطراف بالنسبة للعديد من البلدان.
وقالت المديرة التنفيذية لـ"عدالة الديون"، هايدي تشاو، إنّ "سداد الديون اليوم وصل مرة أخرى إلى مستويات الأزمة، لدى العديد من الحكومات، مما يعيق قدرتها على تقديم الخدمات العامة، ومكافحة أزمة المناخ، والاستجابة للاضطرابات الاقتصادية".
ودعت تشاو إلى تخفيفٍ "سريعٍ وشاملٍ" للديون الخارجية، بما في ذلك التغييرات في القوانين التي تحكم عقود السندات، في كلٍ من إنكلترا وولاية نيويورك الأميركية، وذلك "لإجبار الدائنين من القطاع الخاص على المشاركة في إلغاء الديون".
وقال رئيس مركز أبحاث مركز التنمية العالمية، ومقره واشنطن، مسعود أحمد، وهو مسؤول كبير سابق في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إنّ "مشاكل اليوم لا يمكن معالجتها بالطريقة نفسها كما في الماضي".
ووصف مسعود الوضع حالياً بأنّه مختلف، قائلاً: "يرغب معظم المقترضين في الحفاظ على وصولهم إلى المقرضين متعدّدي الأطراف، والأهم من ذلك، إلى دائني القطاع الخاص".