أوروبا تعاني من نقص حاد في الأدوية.. فما السبب؟

نقص حاد في الأدوية تعاني منه أوروبا. ما مدى سوء النقص، وهل يستطيع الاتحاد الأوروبي إصلاحه؟ صحيفة "بوليتكو" الأميركية تحاول الإجابة عن الإشكاليات المطروحة.

  • بوليتكو: أوروبا تنفد من الأدوية
    أوروبا تعاني من أزمة أدوية

تحدّثت صحيفة بوليتكو  الأميركية في تقرير مطوّل، اليوم الإثنين، عن نقص في الأدوية الشائعة، بما في ذلك المضادات الحيوية ومسكنات الألم للأطفال، في جميع أنحاء أوروبا.

وأشارت إلى ما يعانيه الأوروبيون، عند تبدّل الطقس، ما يستدعي منهم رحلة طويلة من صيدلية إلى أخرى خلال البحث عن الأدوية الأساسية مثل شراب السعال والمضادات الحيوية. 

وقالت إنّه "منذ أواخر عام 2022، أبلغت دول الاتحاد الأوروبي عن مشاكل خطيرة في محاولة الحصول على بعض الأدوية المهمة، حيث تعاني الغالبية الآن من نقص".

ما مدى سوء النقص؟

في دراسة استقصائية للمجموعات التي تمثّل الصيدليات، في 29 دولة أوروبية، بما في ذلك أعضاء الاتحاد الأوروبي وكذلك تركيا وكوسوفو والنرويج ومقدونيا الشمالية، أبلغ ما يقرب من ربع البلدان عن نقص في أكثر من 600 دواء، وأبلغ 20 % عن نقص يتراوح بين 200 و300 دواء.

وقال ثلاثة أرباع الدول إنّ النقص أسوأ هذا الشتاء مما كان عليه قبل عام. 

وأضافت "بوليتكو" إنّ "هناك نقص في المضادات الحيوية، خاصة الـ"أموكسيسيلين"، الذي يستخدم لعلاج التهابات الجهاز التنفسي. فئات أخرى من الأدوية نادرة أيضاً، بما في ذلك "شراب السعال، والباراسيتامول للأطفال، وأدوية ضغط الدم".

لماذا يحدث هذا؟

تقول الصحيفة الأميركية إنّ السبب في أزمة نقص الأدوية يعود إلى زيادة الطلب وانخفاض العرض. وتضيف أنّ تفشي العدوى الموسمية، الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) بدأت أولاً وقبل كل شيء، مبكراً وهي أقوى من المعتاد.

كما أثّر التضخم وأزمة الطاقة على شركات الأدوية، مما أثّر بدوره على العرض.

وفي العام الماضي، قالت شركة "Centrient Pharmaceuticals"، وهي شركة هولندية منتجة للمكونات الصيدلانية النشطة، إنّ مصنعها ينتج ربع إنتاج أقل مما كان عليه في عام 2021 بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة.

كيف تتفاعل الحكومات؟

تقول "بوليتكو" إنّ بعض الدول تضغط على الصادرات لحماية الإمدادات المحلية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وسّعت هيئة تنظيم الأدوية في اليونان قائمة الأدوية التي يحظر إعادة بيعها إلى دول أخرى، المعروفة باسم التجارة الموازية.

كما أوقفت رومانيا مؤقتاً صادرات بعض المضادات الحيوية ومسكنات الألم للأطفال. وفي الأسبوع الماضي، نشرت بلجيكا مرسوماً يسمح للسلطات بوقف الصادرات في حالة حدوث أزمة.

وتدرس الحكومة الألمانية تغيير القانون لتخفيف متطلبات الشراء، التي تجبر حالياً شركات التأمين الصحي على شراء الأدوية حيث تكون أرخص، وتركز العرض في أيدي عدد قليل من المنتجين الأكثر تنافسية في الأسعار.

وينص القانون الجديد على أن يشتري المشترون الأدوية من موردين متعددين، بما في ذلك الموردين الأكثر تكلفة، لجعل الإمدادات أكثر موثوقية.

من جهته، ذهب رئيس الجمعية الطبية الألمانية، إلى حد الدعوة إلى إنشاء "أسواق للسلع المستعملة" غير الرسمية للأدوية، حيث يمكن للناس إعطاء أدويتهم غير المستخدمة للمرضى الذين يحتاجون إليها.

وأدخلت هولندا مؤخراً قانوناً يتطلب من البائعين الاحتفاظ بستة أسابيع من المخزونات لسد النقص. وفي السويد تقترح الحكومة اجراءات مماثلة.

 وفي فرنسا وألمانيا، بدأ الصيادلة في إنتاج أدويتهم الخاصة، على الرغم من أنّ هذا من غير المرجح أن يحدث فرقاً كبيراً، نظراً لحجم النقص.

هل يستطيع الاتحاد الأوروبي إصلاحه؟

وترى الصحيفة الأميركية، أنّه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر استعداداً من أيّ وقت مضى لمعالجة أزمة على مستوى الكتلة، مشيرةً إلى أنّ الأخيرة قامت بتحديث تشريعاتها للتعامل مع التهديدات الصحية، بما في ذلك نقص الأدوية، حيث تمّ منح "EMA" صلاحيات موسّعة لمراقبة نقص الأدوية.

كما تمّ إنشاء هيئة جديدة بالكامل، وهي هيئة التأهب والاستجابة للطوارئ الصحية "HERA"، مع القدرة على طرح السوق وشراء الأدوية للكتلة بأكملها.

ويقول متحدث باسم الاتحاد الأوروبي، إنّه لكي تتحرك "HERA"، تحتاج أربع دول على الأقل من الاتحاد الأوروبي إلى التوقيع على برنامج شراء، لكن لم تطلب أي دولة بعد تفعيل هذا الإجراء.

وأشارت إلى أنّ محاولات تنسيق مشتريات الأدوية الأقل تكلفة التي لا تحمل علامة تجارية أثناء الوباء، كانت بطيئة وبيروقراطية، لدرجة أنّ البلدان تخلت إلى حدّ كبير عن المحاولة، مفضلة إجراء عمليات الشراء الخاصة بها في السوق المفتوحة.

وأضافت "بوليتكو" أنّه يمكن لمجموعة عمل تابعة لوكالة الأدوية الأوروبية بشأن النقص، أن تقرر يوم الخميس ما إذا كانت ستوصي بأن تعلن المفوضية أنّ نقص الأدوية "حدث كبير"، وهي علامة رسميّة من شأنها أن تؤدي إلى بعض الإجراءات (المحدودة) على مستوى الاتحاد الأوروبي. 

وأشارت إلى أنّه سيكون للفريق التوجيهي "EMA"، سلطة طلب بيانات عن مخزونات الأدوية من الأدوية والقدرة الإنتاجية من الموردين، وإصدار توصيات حول كيفية التخفيف من النقص.

وتابعت أنّه رغم الأزمة، إلا أنّ أعضاء الكتلة لا يتفقون على أن الأمر بهذا السوء حتى الآن. فخلال مثولها أمام لجنة الصحة في البرلمان الأوروبي، قالت كبيرة مسؤولي الصحة في المفوضية، ساندرا جالينا، إنّها تريد "رفض فكرة وجود نقص كبير قليلاً" ، وقالت إنّ الأدوية البديلة متاحة للاستخدام.

وختم المقال، بنقل تصريح أدريان فان دن هوفن، المدير العام لمجموعة الأدوية الجنسية "Medicines for Europe"، الذي قال: "إذا وصلنا إلى الذروة، فإنّ العرض سيلحق بالركب بسرعة. إذا لم يكن الأمر كذلك، فربما لا يكون السيناريو جيداً".

اخترنا لك