المشهد | ماذا وراء مشروع الربط البري بين باكستان وإيران وتركيا؟

يربط مشروع قطار الشحن الجديد بين باكستان وإيران وتركيا، وتكمن أهميته الاقتصادية في أنه يقلّل تكلفة نقل البضائع بنسبة 50% مقارنة بالنقل البحري، كما أنه يختصر مدة النقل بنسبة 80%.

  • بعد تأخير 10 سنوات انطلقت رحلة قطار الشحن الأولى من محطة
    بعد تأخير 10 سنوات انطلقت رحلة قطار الشحن الأولى من محطة "مارغالا" في إسلام آباد.

بعد كثير من التشكيك في جدواه الفعلية، تنتظر مدينة إسطنبول التركية وصول قطار شحن (ITI)، سيربط باكستان بتركيا عبر إيران، بعد تأخير دام 10 سنوات.

كانت الرحلة الأولى من مشروع (Eco Container Train) انطلقت من محطة "مارغالا" في العاصمة الباكستانية إسلام آباد في 21 من الشهر الجاري، ضمن  مراسم شارك فيها مسؤولون من الدول الثلاث.

المشهد

دخل مشروع قطار الشحن حيزَّ التنفيذ عام 2009، بغرض ربط المدن الثلاث، إسلام آباد وطهران وإسطنبول، بخط تجاري، يمتد على مسافة 1990 كم داخل باكستان، و2603 كم في الأراضي الإيرانية، و1950 كم في تركياـ لكن تعقيدات كثيرة في باكستان حالت دون الانطلاق الفعلي للمشروع.

يبلغ الطول الإجمالي لرحلة القطار نحو 6 آلاف و543 كيلومتراً. وتكمن أهميته الاقتصادية في أنه يقلّل تكلفة نقل البضائع بنسبة 50% مقارنة بالنقل البحري، كما أنه يختصر مدة النقل بنسبة 80%، لتصل إلى 10 أيام فقط، على أن تبلغ 7 أيام في مرحلة لاحقة.

بين السطور

· يمثّل انطلاق المشروع حدثاً تاريخياً، كما وصفه وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، إذ يتمتّع خط السكك الحديدية بإمكانات هائلة، ويشكل بدء العمل فيه مصالحَ تجارية وسياسية واعدة للدول الثلاث.

· بالنسبة إلى تركيا، المشروع جزء من حلم أنقرة بتحويل البلاد إلى عقدة مواصلات تجارية عالمية. ووفقاً لبيانات إدارة السكك الحديدية التركية، هنالك فعلاً 10 قطارات دولية تتحرك اليوم بين الصين وأوروبا عبر الأراضي التركية. وإلى جانب خط إسطنبول – طهران - إسلام آباد، هناك مشروع ممر زنغازور البري، والذي سيربط تركيا بأذربيجان عبر أرمينيا، بالإضافة إلى مباحثات تخوضها تركيا مع الإمارات من أجل تفعيل مشروع خط نقل بري بين البلدين عبر الأراضي الإيرانية.

· بالنسبة إلى باكستان، يشكّل المشروع الجديد أُفُقاً لفتح الطريق إلى آسيا الوسطى وأوروبا، بالإضافة إلى أنه يوفّر قاعدة لتعزيز العلاقات التجارية. كما تأمل إسلام آباد في أن يتم ربط الخط مستقبلاً بمبادرة "الحزام والطريق" الصينية. وإلى جانب الأهداف الاقتصادية، تحدّث وزير الخارجية الباكستاني عن مساهمة المشروع في "تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية"، وهو ما يبدو تأكيداً لتعهُّده قبل أيام، أمام برلمان بلاده، المحافظةَ على السيادة الاقتصادية الباكستانية.

· أحد أهمّ التحديات التي وقفت في وجه البدء الفعلي للمشروع، طوال السنوات الماضية، كان العقبات الإدارية التي تفرضها العقوبات الأميركية على إيران. وبالتالي، فإن إطلاق المشروع حالياً يمثّل إنجازاً كبيراً لطهران. وإلى جانب الفوائد الاقتصادية، كرسوم العبور وتوفير فرص العمل وزيادة حجم تبادل السلع والخدمات، فإن انطلاق المشروع سيفتح الباب أمام مشاريع أخرى تؤدي فيها إيران دوراً مركزياً في النقل الآسيوي.

· ولن يقتصر الخط الجديد على أطرافه الحاليين، إذ تطمح دول أخرى، كالهند وبنغلاديش، إلى أن تكون جزءاً من المشروع من أجل تحقيق رابط نقل أسرع إلى الشرق الأوسط وأوروبا. يُضاف إلى ذلك سعيُ إيران وتركيا وإسلام آباد لأن يشّكل الخط الجديد رابطاً بين أوروبا وآسيا عبر مدينة إسطنبول، التي تحتوي بنية تحتية مؤهّلة لذلك من خلال نفق مرمرة.

ما هو المقبل؟

وفقاً لعرفان شاهزاد تاكالفي، الرئيس المؤسّس لمعهد القرن الأوراسي، فإنه "لجعل الخط الجديد مستداماً ومُجْدياً اقتصادياً، لا بد من تحسين المسارات الحالية لمحطات السكك الحديدية وقطارات الشحن". وفي هذا الإطار، تبدو باكستان الحلقة الأضعف بسبب عدم توافُر بيئة تحتية ملائمة يمكن البناء عليها مستقبلاً. 

إلى جانب ذلك، تبرز الاعتبارات الأمنية بصورة واضحة، إذ يمرّ الخط الجديد عبر المناطق الجبلية الصعبة في بلوشستان للوصول إلى الحدود الباكستانية الإيرانية، بحيث تنشط عناصر مسلَّحة في تلك المنطقة. وبالتالي، فإن تنسيقاً أمنياً عالياً سيكون مطلوباً بين أطراف المشروع.

اخترنا لك