الحرب ضد الاحتكار في تونس: أرقام مفزعة ومخالفات
ساهم فيروس كورونا في تونس في إعادة بروز ظاهرة الاحتكار والمضاربة في السوق، ومنذ أقل من شهر تضاعفت المخالفات بشكلٍ كبير.
في الوقت الذي تخوض فيه تونس حريها ضد جائحة كورونا واضعةً كل الامكانيات المادية والبشرية للحد من انتشار هذا الفيروس والخروج بأقل الأضرار، ظهر تجار الأزمات والأثرياء الجدد مجدداً مستغلين الظروف التي تمر بها البلاد للاستثمار ومضاعفة ثرواتهم.
فقد ساهم كورونا في تونس في إعادة بروز ظاهرة الاحتكار والمضاربة في السوق، ومنذ أقل من شهر تضاعفت المخالفات بشكلٍ كبير، وفق ما أفاد به حسام الدين التويتي مدير الأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة لـ "الميادين نت".
وأكد التويتي أنه في اطار الضرب على أيادي المضاربين في السوق والمحتكرين، تم في أقل من شهر منع 67 تاجراً من التزوّد بالمواد الغذائية، كما تم إغلاق 32 محلاً تجاريا وتوقيف 23 شخصا من أصحاب المخازن الذين تلاعبوا بالأسعار واحتكروا المواد الغذائية ، مشيراً إلى أن هذه الأرقام كانت تسجلها وزارة التجارة على مدى سنة كاملة.
احتكار وتلاعب بالأسعار
المضاربون في السوق وتجار الأزمات استغلوا تهافت المواطن التونسي وإقباله على المحلات التجارية الكبرى ليقوموا برفع أسعار بعض المواد على غرار منتوجات التعقيم، وتخزين بعض المواد الأخرى كالدقيق.
ومنذ بداية الأزمة في تونس آذار/ مارس الماضي أفاد التويتي أن فرق المراقبة الاقتصادية قامت بـ 34700 زيارة تفقّد ورفعت 3810 مخالفة اقتصادية تتعلق بتجاوزات في الأسعار والاحتكار والتلاعب بالمواد المدعمة والاخلال باتفاقية المعاملات وحجزت فرق المراقبة 7 أطنان من الخضار والغلال و21800 بيضة و458 طناً من الفارينة (نوع من الدقيق) و1115 طنا من السميد و103 من العجين و30627 لتر من الزيت النباتي و65 طنا من السكر و41000 لتر حليب و520 ألف قطعة من مواد طبية وشبه طبية ومواد تنظيف.
واستنادا إلى ذات المصدر أيضاً، فإن فرق المراقبة الاقتصادية رصدت تلاعباً بأسعار الأكواب الورقية حيث تضاعف سعرها ـ 5 مرات.
تشديد العقوبات
وفي ظل تواصل الأزمة بالتزامن مع فترة الحجر الصحي الشامل وارتفاع المضاربة على المواد الأساسية اعتبر رئيس الجمهورية قيس سعيد أن عمليات المضاربة في المواد الغذائية والترفيع في الأسعار "جرائم حرب"، مطالباً بإصدار نصوص جزائية للضرب بقوة على أيادي المضاربين بقوت الناس.
و في هذا السياق قال التويتي إن الوزارة تعمل على تعديل بعض القوانين ومن شأن ذلك أن يشدد العقوبات المالية والبدنية.
وأشار إلى أن العقوبات كانت لا تتجاوز في الأوضاع العادية سنة واحدة سجناً لتتجاوز بمقتضى التعديل 3 سنوات، بالإضافة إلى الإغلاق النهائي للمحلات التجارية ومنعها من التزوّد بالمواد الغذائية.
كما أشار إلى أن وزارة التجارة طوّرت "منظومة الإصغاء" لمشاكل المواطن وبعد أن كان "الخط الأخضر" يستوعب مكالمة واحدة أصبح في شكل خطوط مجمّعة وموزع آلي يسجّل المكالمات الهاتفية، وتابع أن الوزارة تتلقى منذ انطلاق الأزمة يمعدل 2000 مكالمة في اليوم في حين كانت تتلقى خلال الأيام العادية 20 شكوى، وفي المناسبات 100 يومياً، كما أكد أن شرطة المراقبة الاقتصادية تعمل بمعدل 18 ساعة في اليوم.
وكشفت أزمة كورونا عن واقع لطالما كان مسكوتاً عنه، فقد عرّت الأزمة مسؤولين في الدولة تورطوا في جرائم الاحتكار، إذ ّأكدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بأنها تلقّت اشعارات بخصوص احتكار مادة السميد وبيعها بأسعار مرتفعة، وأفادت الهيئة أيضاً بأن معطيات وردت وتفيد أن نائباً بمجلس الشعب يحتكر هذه المادةـ، حيث قامت وزارة الداخلية بتوقيف بعض المسؤولين عن محاولة الاحتكار.