الرقائق الإلكترونية.. كيف أصبحت سبباً "للتوافق والعداوة" بين بكين وواشنطن؟
شركات أشباه الموصلات تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه بسبب التنافس الأميركي - الصيني المستمر، والولايات المتحدة منزعجة من الحصة السوقية التي تحتلها الصين.
تعرضت شركة "ميكرون " الأميركية صانعة الرقائق، في شهر أيار/مايو الفائت لضربة قوية، كجزء من الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، منعت يومها الحكومة الصينية الشركات من شراء رقائق شركة "ميكرون".
وقالت "ميكرون" إن التغيير يمكن أن يدمر ما يقرب من ثُمن عائداتها العالمية. ومع ذلك، في حزيران/يونيو، أعلنت شركة تصنيع الرقائق أنها ستزيد استثماراتها في الصين بإضافة 600 مليون دولار، لتوسيع منشأة لتغليف الرقائق في مدينة شيان الصينية.
تجد شركات أشباه الموصلات العالمية نفسها في موقف صعب للغاية، لأنها تحاول تجاوز خلاف متصاعد بين الولايات المتحدة والصين.
وأصبحت صناعة أشباه الموصلات نقطة الصفر للتنافس التكنولوجي بين واشنطن وبكين، مع قيود جديدة وإجراءات عقابية فرضها كلا الجانبين.
ورغم التنافس المتزايد بين البلدين، يظل أكبر اقتصادين في العالم شريكين أساسيين في نواح كثيرة، إذ تعد الصين سوقاً رئيسية للرقائق نظراً لأنها موطن للعديد من المصانع التي تصنع منتجات غنية بالرقائق.
وتمثل الصين نحو ثلث مبيعات أشباه الموصلات العالمية، وبالنسبة إلى بعض صانعي الرقائق، تمثل الصين 60 أو 70% من إيراداتهم. حتى عندما يتم تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة، غالباً ما يتم إرسالها إلى الصين لتجميعها واختبارها.
ويسلط اعتماد الصناعة على الصين، الضوء على العلاقة الاقتصادية الوثيقة، والمثيرة للجدل، بين واشنطن وبكين، والتي تشكل تحديات لكلا الجانبين. ووسط لوائح أكثر صرامة، وبرامج حوافز جديدة من الولايات المتحدة وأوروبا، تبحث شركات الرقائق العالمية بشكل متزايد خارج الصين، لاختيار مواقع استثماراتها الرئيسية المستقبلية، ومن المحتمل أن يستغرق إنشاء هذه المرافق سنوات، ما يعني أن أي تغييرات في سوق أشباه الموصلات العالمي ستظهر تدريجياً.
من جهته، قال جون نيوفر، رئيس جمعية صناعة أشباه الموصلات(مقرها الولايات المتحدة)، إن "التصعيد المستمر للضوابط، يشكل خطراً كبيراً على القدرة التنافسية العالمية للصناعة الأميركية، الصين هي أكبر سوق في العالم لأشباه الموصلات، وشركاتنا تحتاج ببساطة إلى القيام بأعمال تجارية هناك لمواصلة النمو والابتكار والبقاء في صدارة المنافسين العالميين".
في هذا السياق، يقول محللون إنّ الولايات المتحدة تخطط لتوسيع القيود المفروضة على الصادرات ذات الصلة بأشباه الموصلات إلى الصين، ما يدل على أنّ القيود لم تكن فعالة كما اعتقدت واشنطن، ولم تعرض الشركات الأميركية إلاّ للخطر.
وأكّد محللون أنّ الشركات الصينية عززت بشكل كبير، استبدال الواردات واكتسبت أيضاً حصة أكبر في السوق في جميع أنحاء العالم، فيما تجبر الولايات المتحدة حلفاءها على الانضمام إلى قيودها ضد الصين.
ومع أنّ أشباه الموصلات اختُرعت في الولايات المتحدة، فإنّها تنتج نحو 10% فقط من الإمدادات العالمية، مع استيراد نحو 75% من الإمدادات الأميركية من شرقي آسيا.
ويكافح أصحاب العمل في جميع أنحاء الولايات المتحدة للعثور على عمال، بسبب نقص الوعي بالصناعة، وقلة الطلاب الذين يدخلون المجالات الأكاديمية ذات الصلة.
وبحسب تقرير لنيويورك تايمز فإنّ "صناعة أشباه الموصلات الأميركية ستواجه نقصاً في نحو 70 إلى 90 ألف عامل خلال السنوات القليلة المقبلة، وفقاً للبيانات، وتوقّعت شركة "ماكينزي" الأميركية، عجزاً بنحو 30 ألف مهندس و 90 ألف فني ماهر في الولايات المتحدة بحلول عام 2030.
في المقابل، أنشأت الصين ائتلافاً تجارياً (كونسورتيوم) من الشركات والمعاهد البحثية لتعزيز الإنتاج المحلي من أشباه الموصلات في مواجهة العقوبات الأميركية المفروضة عليها.