"فايننشال تايمز": كيف تربح الصين السباق على معدن الليثيوم الأفريقي؟
يحتدم السباق العالمي للحصول على الليثيوم، إذ تعطي دول من بينها الولايات المتحدة الأولوية للوصول إلى المواد اللازمة لصنع البطاريات، بينما تزداد احتياجات الصين، كونها موطناً لأكبر سوق في العالم للسيارات الكهربائية.
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية مقالاً، تساءلت فيه عن كيفية تقدّم الصين في السباق العالمي على ليثيوم أفريقيا، مشيرةً إلى أنّ بكين تهيمن فعلياً على قطاع معالجة الليثيوم المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية.
ويأتي هذا السباق، مع الولايات المتحدة التي تعطي الأولوية للوصول إلى المواد اللازمة لصنع البطاريات. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الصين تواصل استثماراتها الآن بكثافة في المناجم الأفريقية، مما يترك المشغّلين الغربيين يتدافعون لمواكبة ذلك.
وقال بنك "يو بي أس" السويسري إنّ "جهود الصين لزيادة استخراج الليثيوم قد تؤدي إلى استحواذها على ما يقرب من ثلث المعروض العالمي منه بحلول منتصف العقد الجاري"، وذلك في مذكرة أصدرها في العاشر من آذار/مارس الماضي.
وتوقّع البنك أن ترفع المناجم التي سيطرت عليها الصين، ومنها مناجم في أفريقيا، الإنتاج من 194 ألف طن في 2022، إلى 705 آلاف طن بحلول 2025، لتزيد حصة الصين من المعادن الضرورية لبطاريات السيارات الكهربائية إلى 32% من الإمدادات العالمية، مقارنة بـ 24% العام الماضي.
حربٌ اقتصادية على المعدن الثمين في أفريقيا
أشارت "فايننشال تايمز" إلى أنّ مستوطنة "Uis" الواقعة في منطقة نائية من جمهورية ناميبيا الأفريقية، تعتبر نقطة ساخنة غير متوقّعة لحربٍ باردةٍ "معدنية" حول مستقبل السيارات الكهربائية.
وتقع "Uis" في التلال الناميبية القاحلة في منطقة "Erongo"، وهي مقاطعة كبيرة وقليلة السكان في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا. وكانت العلامات الوحيدة لثروتها المعدنية، لعقود من الزمان، هي الأحجار الكريمة، التي يبيعها عمال المناجم الحرفيون للسياح، وذلك قبل اكتشافات المعادن الكبيرة التي حصلت فيها.
وأوضحت الصحيفة أنّه قريباً، سيكون هذا الموقع جزءاً من سباق عالميٍ على الليثيوم، وهو المعدن القلوي الذي يُعد مادةً خام رئيسية لبطاريات السيارات.
ويُعد تأمين إمدادات ليثيوم موثوقة وكافية، أحد أكبر التحديات التي تواجه شركات صناعة السيارات وتجهيزها، والتي تسعى جاهدةً لإنتاج المزيد من السيارات الكهربائية.
وستقع منشأة استخراج على بعد أقل من 300 كيلومتر من خليج "والفيس"، وهو ميناء إقليمي رئيسي.
من جهته، يعتقد أنتوني فيلغوين، وهو الرئيس التنفيذي لشركة "أندرادا للتعدين"، أنّ المنطقة ستكون "مهمة عالمياً" ليس فقط لليثيوم، ولكن للمعادن الأخرى الحيوية لانتقال الطاقة، مثل القصدير والتنتالوم.
وأكّدت "فايننشال تايمز" أنّ المنشأة ستحظى بمنافسةٍ شديدة. ففي الشهر الماضي، بدأ أول مصنع مملوك للصين في أفريقيا بالإنتاج التجريبي في منجم "أركاديا"، في زيمبابوي.
وتمّ شراء هذا المنجم من قبل شركة "Huayou Cobalt" الصينية، في عام 2021، مقابل 422 مليون دولار، وهو جزء من موجة مليارات الدولارات الأخيرة من صفقات الليثيوم الصينية، في بلد يخشى العديد من المستثمرين الغربيين العمل فيه.
ويعد مشروع منجم أركاديا لليثيوم مشروعاً استراتيجياً هاماً لشركة "Huayou" خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة"، وخطوة استراتيجية مهمة للشركة لبناء سلسلة صناعية متكاملة لمواد بطاريات "Li-ion" ذات الطاقة الجديدة.
وبعد زيمبابوي، تُعد ناميبيا الدولة التالية في أنظار المستثمرين الصينيين. واكتسبت "Huayou Cobalt" أيضاً موطئ قدم في "Erongo"، في الشهر الماضي، باستثمارٍ صغيرٍ ولكنه رمزي في "Askari"، وهي شركة أسترالية تستكشف في "Uis".
وقامت مؤخراً شركة "Xinfeng"، وهي شركة استكشاف صينية تنشط في "Erongo" الناميبية، باستخراج عشرات الآلاف من الأطنان من الليثيوم الخام وشحنها إلى الصين.