بعد كارثة الزلزال.. هل استفادت سوريا فعلياً من قرار رفع العقوبات جزئياً؟
في إثر قرار رفع العقوبات الجزئي عن سوريا الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية، هل لمس القطاع الاقتصادي السوري تحسناً في عجلته؟
بعد أيام على كارثة الزلزال الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا، وأسفر عن أضرار كارثية في محافظات سورية عديدة، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية الرخصة رقم 23، والتي تعلق الحظر على بعض المعاملات المتعلقة بسوريا حتى يوم 8 آب/أغسطس 2023.
تنص الرخصة 23 بوضوح على أن الغاية منها السماح بتحويل الأموال من سوريا وإليها لغرض محدد، هو تسهيل جهود الإغاثة المتعلقة بالزلزال تحديداً، لا بأي غرض آخر.
ولا ينطبق قرار الخزانة الأميركية على الدولة السورية أو أي من مؤسساتها أو فروعها، وضمنها البنك المركزي السوري، ولا ينطبق أيضاً على أي شركة أو جمعية تسيطر عليها الدولة السورية، بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل سوريا وخارجها، كما لا ينطبق على أي شخص يعمل لمصلحة أيٍّ من تلك الجهات. بل ينطبق فقط على عمل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لـ"أغراض إنسانية".
وتعتبر العقوبات الأميركية جزءاً من الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة على معظم خصومها، وهي مجموعة من القوانين الاقتصادية التي تهدف لتضييق الخناق على الحكومة السورية والتي بلغت أوجها في قانون قيصر.
كيف أثر رفع العقوبات على دمشق؟
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي عدنان سليمان للميادين نت إنّ وزارة الخزانة الأميركية أصدرت هذه الرخصة بعد أن وصلت إلى مرحلة من الضغط على مستوى الرأي العام، بعد الحملة الأخيرة التي طالبت برفع الحصار عن سوريا من جراء الزلزال الكارثي وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
وتابع أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها راعية للمنظمات الإنسانية من منطلق "رفع العتب"، و"تلميع صورتها"، وفق تعبيره.
وأوضح سليمان أنّ الرخصة ليست شاملة لكل المواد، فهي سمحت بإدخال المواد الإغاثية والطبية، وهي في الأساس كانت مسموحة حتى خلال فرض العقوبات، لكن كان هناك تقييد على الشركات والمنظمات، وإغلاق للمعابر حال دون الاستفادة من هذا الاستثناء في وقتٍ سابق.
في المقابل، قال سليمان إنّ الحكومة السورية استفادت من هذا القرار معنوياً، من خلال استقبال عشرات الطائرات المحملة بمواد الإغاثة التي تحتاجها المناطق خلال الكوارث.
وأضاف أنّ القرار سمح بتحويل الأموال إلى الأفراد والشركات عبر شركات الصرافة، لكن بشرط ألا تصل إلى المصرف المركزي السوري أو المصارف الحكومية كي تمنع من أن يستفيد من القطع الأجنبي، كما استثنت النفط، "لذا فهذا لا يعتبر رفعاً للعقوبات".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي عمار يوسف للميادين نت إنّ إيجابيات رفع العقوبات الجزئي من ناحية التحويلات المالية ينعكس إيجاباً على المواطن السوري فقط، وليس على الحكومة، كونه ساهم في جعل التحويلات المالية الدولية من المواطنين السوريين إلى أهلهم في سوريا أسهل من المعتاد، لكن انعكاساته قليلة على الاقتصاد السوري ككل، لأنها حوالات شخصية.
ومن ناحية المساعدات الدولية التي تصل إلى سوريا، انتقد يوسف تردد الدول الغربية رغم رفع العقوبات الجزئي في المشاركة بإرسال طائرات المساعدات إلى سوريا، قائلاً: "إننا حيث لم نشهد حركة لطائرات إغاثية أوروبية في مطاراتنا، بعكس المشهد في تركيا".
واعتبر الكاتب إبراهيم علوش في مقال له قبل أيام أن الرخصة 23، جزئية ومحددة ومؤقتة، فهي لا تُسقِط منظومة عقوبات متراكمة تحرم سوريا من المعدات الطبية والآليات، وما يتيح لسوريا أن تقوم بعمل إغاثي حقيقي، وعلى رأسها الأعمدة الرئيسية لقانون "قيصر" الذي يستهدف قطاعات النفط والغاز وإعادة الإعمار والطيران في سوريا.
ووفق علوش، ما كانت الإدارة الأميركية لتضطر أن تصدر الرخصة 23 لولا تزايد زخم الحملة الشعبية لرفع الحصار عن سوريا. فهي لم ترفعه، رغم محاولة إيهامنا بذلك، ولكنها تراجعت معنوياً، لا فعلياً، خطوةً إلى الخلف، وفي ذلك عبرةٌ أن واشنطن تشعر بالضعف إزاء حملة رفع الحصار عن سوريا.