ارتفاع الأسعار والتقنين وشح الدولار.. الأزمات الاقتصادية في مصر مستمرة

المصريون يعانون بشدة من أزمة اقتصادية تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون. ووزير النقل المصري يلزم السياح بسداد ثمن رحلات القطار بالدولار اعتباراً من كانون الثاني/يناير الجاري.

  • الازمات الاقتصادية في مصر مستمرة.. ارتفاع للأسعار وتقنين وشح الدولار
    الازمات الاقتصادية في مصر مستمرة.. ارتفاع للأسعار وتقنين وشح الدولار

من قيود على السحب من الحسابات الشخصية خارج مصر مروراً بتقنين كمية الأرز التي يمكن للفرد شراؤها وصولاً إلى حملات دعائية عن الفوائد الصحية لتناول أرجل الدجاج، يعاني المصريون بشدة من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون.

لا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة 33,5 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة. لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة لتصل الى 157 مليار دولار.

وبطلب من الدائنين، خفضت مصر قيمة عملتها عام 2022 بنسبة 57%.

وفي بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعاً بمقدار 8% في 2022، كان التأثير فورياً اذ بلغت نسبة التضخم 18,7%، وفق الأرقام الرسمية.

"اللحوم لم تعد خياراً" 

تم مجدداً تقليص حجم رغيف الخبز وأقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات. وتم كذلك تقليص حجم المنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري يعتبرون "فقراء" ولديهم "بطاقات تموينية".

عند مدخل سوبر ماركت كبير في القاهرة، تحذر لافتة المستهلكين من أنه لا يمكن للفرد الواحد شراء "أكثر من ثلاث عبوات أرز زنة كيلوغرام واحد او عبوة واحدة زنة خمسة كيلوغرامات".

وفي الصحف، أشاد المجلس الوطني للغذاء "بأرجل الدجاج المفيدة للجسم وللميزانية".

ذلك أن اللحوم المجمدة المستوردة، التي يستهلكها الأقل دخلاً لأنهم لا يستطيعون تحمل أسعار اللحوم الطازجة، "لم تعد خياراً بعد أن ارتفعت أسعارها من 85 الى 150 جنيهاً"، بحسب ما قالت رضا التي تعول أسرة من 13 فرداً.

وإذا كانت الأسعار ترتفع، فأحد الأسباب هو عجز المستوردين عن الحصول على الدولارات اللازمة من المصارف. وتفيد مصادر حكومية بأن في الجمارك حالياً بضائع بقيمة نحو سبعة مليارات دولار.

وبسبب أزمة النقد الأجنبي التي ساهم فيها خروج حوالى 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، قامت معظم البنوك بتقييد السحب بالدولار خارج مصر كما رفعت عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء في الخارج من 3% إلى 10%.

في هذه الأجواء تنتشر شائعات تتحدث عن استعداد شركات مثل ماكدونالدز وأوبر للانسحاب من السوق المصرية.

اقرأ أيضاً: البنك الدولي يوافق على منح مصر 500 مليون دولار

"لا تتدخلوا" 

في المقابل، تحاول الدولة، وهي واحدة من خمس في العالم معرضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة موديز، توفير أكبر قدر ممكن من الدولارات.

وقرض صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه مصر أخيراً، ثلاثة مليارات دولار تسدد على 46 شهراً، ليس إلا قطرة في بحر خصوصا أن حزمة الدين التي يتعين على القاهرة سدادها خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ 42 مليار دولار.

وقرر وزير النقل كامل الوزير الزام السياح بسداد ثمن رحلات القطار بالدولار اعتباراً من كانون الثاني/يناير الجاري.

وقال في تصريحات للتلفزيون: "أنا بحاجة الى دولارات لسداد ثمن عربات القطار المستوردة. السياح يمكنهم الدفع بالدولار وهذا يناسبهم ويناسبني أيضاً".

ولجني مزيد من الدولارات، تعتزم الدولة بيع الكثير من الشركات والأصول الى القطاع الخاص الى حد أن الأمر أثار القلق من فقدان السيادة على قناة السويس.

كما أكّد رئيس هيئة القناة أسامة عرابي أخيراً أن القناة "ليست للبيع"، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يرغب في انشاء صندوق يخصص له جزء من موارد الممر الملاحي يقوم بالاشراف على إدارته بنفسه.

وقال في خطاب مؤخراً "لا تتدخلوا في القضايا المالية، أتركوني أنا أتصرف".

ويعتبر ستيفان رول الخبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن أن مصر "تستدين لتثبيت نظام السيسي".

ويضيف أن "الجيش الذي يستند إليه (النظام)، هو أول المستفيدين: الديون الخارجية مكنته من حماية دخله وممتلكاته وتمويل مشروعات عملاقة تعود عليه بارباح كبيرة" اذ أن معظم المشاريع الكبرى يسند تنفيذها الى القوات المسلحة.

وبعيداً عن المدن الجديدة والقطارات الكهربائية السريعة، فإن كل ما تتطلع إليه رحاب هو أن تشتري معطفاً لابنتها يقيها من البرد.

وقالت وهي تغالب دموعها "لكني وجدت أن ثمنه الف جنيه فصرفت النظر عنه".

اخترنا لك