صيدا أحيت إبنتها "فايزة أحمد" بصوت "رضوى سعيد"

ختام مهرجانات صيدا الدولية كان مسكاً خالصاً مع صوت أدهش السامعين وجعلهم يؤدّون عشراً من أغنيات إبنة صيدا (من عائلة الروّاس) الراحلة كروان الشرق "فايزة أحمد". إنها مطربة الأوبرا المصرية "رضوى سعيد" التي كانت المفاجأة المدويّة بعدما أثبتت تمتعها بحنجرة طربية طوّعتها على الخشبة بما يتناسب مع 10 ألحان من إبداع كبار من الزمن الجميل، فكان تجاوب مثالي من ألفي شخص ملأوا مقاعد المهرجان.

هذا المناخ أسعد حتى كبار الحضور في الصفوف الأمامية، وحين هنأنا السفير المصري السيد "نزيه النجاري" على موهبة "رضوى" بادرنا " الأجواء الرائعة التي واكبت هذا الحفل ستنقل إلى المعنيين في القاهرة، مع الإهتمام بالقيمة الفنية التي أثبتتها ميدانياً الفنانة رضوى سعيد". وتكاملت الصورة الفنية مع الأداء المشرّف لـ "الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية" (28 عازفاً و4 كورال) بقيادة المايسترو السوبر ديناميكي "أندريه الحاج" الذي كيفما حرّك عصاه الصغيرة ألهب العزف أوخفّفه أو أوقفه، لكن بأسلوب سلس يوحي بأنه هاضم بثقة لكل الأنغام التي ستصلنا تباعاً، وهو ما لاقته به المغنية المتمكّنة من ثبات وحس موسيقي وقدرة على التكيّف والمناورة في الأداء، فحصدنا إمتاعاً نادراً ما فزنا به منذ زمن، مع تسجيل خصوصية في الإبداع العزفي للناياتي "أنطوان سويد"، وساحر القانون "ديفيد أبو عتمة"، وعازف الأكورديون "جوزيف سجعان"، وثنائي الإيقاعات "علي الخطيب" و"إيلي يموني" اللذين يمارسان تناغماً خاصاً ومثيراً يُثري حاسة السمع.

عشر أغنيات أربع منها للموسيقار محمد الموجي (أنا قلبي إليك ميال، يا تمر حنة، بيت العز يا بيتنا، يما القمر عالباب) وثلاث للموسيقار "محمد عبد الوهاب" (يا حبيبي يا خويا، هان الود، ست الحبايب) وواحدة لكل من "كمال الطويل" (أسمر يا أسمراني)  "فؤاد حلمي" (بتسأل ليه علي) "ومحمد ىسلطان" (آخد حبيبي) ملأت فضاء الشاطئ الجميل عند مدخل صيدا، وحرّكت المشاعر عند الحاضرين من أعمار مختلفة، لكن مع أغنية "ست الحبايب" إختلف كل شيء، وكانت العاطفة الأرقى في العلاقة مع الأم مسيطرة على تجاوب الحاضرين مع الأغنية منذ اللحظة الأولى التي إنطلقت فيها أول ضربة موسيقية أشّرت على الأغنية الخالدة، بينما نالت باقي الأغنيات حقها من التجاوب، خصوصاً وأن معظمها من الألحان التي عاشت في الذاكرة الخصبة للسمّيعة في كل الوطن العربي وتُرجمت في حفل ختام مهرجانات صيدا.

كانت أتيحت لنا فرصة سماع صوت "رضوى" والتحدث إليها قبل يوم من الحفل، عندما واكبنا بروفات الغناء في فرع زقاق البلاط (بيروت) للكونسرفاتوار، ورغم سماعنا كامل أغنيات الحفل في التمارين قصدنا صيدا لنضاعف متعة الإستماع إلى هذا الصوت، وأبلغتنا أن تسميتها لإحياء ليلة "فايزة أحمد" كانت الخيار الأول والوحيد بما يعني أن عارفيها يُدركون طاقتها ويعرفون قيمتها.