ضحكنا على واقعنا حتى أدمعنا
رائعة وممتعة وعميقة التأثير مسرحية "ما فينا ندفع ما رح ندفع" إعداد وإخراج الأكثر غزارة في إنجازالمسرحيات "لينا أبيض" (6 أعمال العام المنصرم 2018) عن نص للإيطالي "داريوفو"، إنتاج "جوزيان بولس"، يعرضها مسرح "دوار الشمس" – الطيونة (جنوب بيروت) بين 10 و27 كانون الثاني/يناير الجاري.
الضحك إلى حد القهقهة لم يتوقف على مدى وقت المسرحية من فصل واحد، مع 7 ممثلين ممتازين خدمهم الكاستنغ الفاهم في الإختيار وإسناد الأدوار لمن يلائمها من الممثلين، لتبرز حنكة ومهارة المخرجة ومعدّة النص "أبيض" في الإدارة الدقيقة والشفافة لهم واحداً واحداً، ومع التقدير القوي والإعجاب الكامل للفريق إلا أننا نخص الممثلة "هبة سليمان" بتحية خاصة لحضورها المدهش وعفويتها المبهرة في النطق بالحوار وعدم إهتزاز الكاراكتر ولا مرة طوال مدة العرض، وسيكون مناسباً إصطياد هذه الخصوصية عند "هبة" وتوظيفها في أعمال لاحقة تضرب الحديد وهو حام. وإذ تتابع الممثلة الديناميكية اللمّاحة "دارين شمس الدين" مشوار الإجادة المعتادة بإدارة المخرجة "لينا"، نجد أن "هشام خداج" أخذ في العمل المساحة التي يجيدها ويستحقها بأسلوب مرن، ذكي ومتلوّن.
الممثل "سنيّ عبد الباقي" عرفناه من مسرحيات عديدة على إحدى خشبتيْ الجامعة اللبنانية الأميركية (lau) ولطالما أشدنا بتميزه وطواعيته في الأدوار العديدة التي تُسند إليه، يُضاف إلى الفريق "رافي فغالي" (في دور مطانيوس) "علاء عيتاني" (مساعد الشرطي) و "ياسين عبود" (العجوز). أما محور المسرحية فيتطابق بشكل كبير مع واقع الحال الإقتصادية والمعيشية في لبنان، حيث تقوم مجموعة من النساء بقيادة "أنطوانيت" (دارين) بالإستيلاء على مواد تموينية من سوبر ماركت المنطقة، وتعود إلى منزلها مع صديقتها "ريتا" (هبة) وتُحاولان بأي طريقة إخفاء فعلتهما هذه أمام زوجيهما "مطانيوس" و"طوني" (سنيّ)، لكن تدخل الشرطة بقيادة الرقيب القوي (هشام) كشف ماحصل، لتتداخل الصور الكوميدية بشكل دراماتيكي يُبرز مهارة الممثلين كما المخرجة، مع تفاصيل يضيق المجال هنا لإستعراضها.
ضحكنا من أعماقنا، رغم أن الجمهور النخبوي غالباً ما لا يُبدي ردة فعل في عرض الإفتتاح، لكن إنقلبت الصورة وغرقت الصالة في نوبات ضحك متواصلة، مما لم يُفسح في المجال لإلتقاط الأنفاس، وبدا الممثلون سعداء بردة الفعل المتمادية في التفاعل من عموم الحاضرين، الذين وقفوا جميعاً عند تحية الختام تكريماً وإعجاباً لأسرة المسرحية فرداً فرداً.