لافروف: الأميركيون اقتربوا منا وحزب الله "ليس منتجا مستوردا"
لافروف يتحدث في مقابلة خاصة مع "الميادين" عن مصالح روسيا في سورية والمنطقة ويؤكد أن بلاده سوف تنهي إنجاز صفقة الصواريخ مع سورية، معتبرا أن حزب الله ليس منتجاً مستوردا إنما يعكس تطور السياسة اللبنانية، ويؤكد على اتفاقه وكيري على عدم وضع شروط مسبقة للحوار.
اعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في حديث لـ الميادين بان مباحثات موسكو مع جون كيري كان جيدة جدا، وشملت مناقشة العلاقات الثنائية والقضية السورية وعدد آخر من القضايا الدولية.
لافروف كشف ان جون كيري استعرض تحليلا قريبا لما تراه روسيا، ووافق - على ما يقولون - على ضرورة حقن الدماء وبدء المفاوضات السياسية، وفقا لذلك المنطق الذي وضع في اساس بيان جنيف في حزيران/ يونيو من العام الماضي، والذي وقع عليه عمليا كافة اللاعبين الدوليين الاساسيين الذين يؤثرون بصورة او أخرى في الوضع السوري.
لافروف ذكر ان روسيا دعت في آب/ أغسطس من العام الماضي الى عقد مؤتمر جنيف - ٢، الا ان الشركاء في الغرب والمشاركين العرب في مؤتمر جنيف - ١، اضافة الى تركيا قالوا انهم غير مستعدين لذلك. واضاف انه آنذاك شرع الامريكيون والفرنسيون والبريطانيون، بل الاوروبيون عامة في العمل لصالح توحيد المعارضة السورية على قاعدة بناءة تمهيدا للمفاوضات. وعلى ضوء ذلك شكل الائتلاف الوطني. الا ان هذا الائتلاف تشكل على اساس مغاير تماما وهو اسقاط النظام وتفكيك كافة مؤسسات الدولة السورية. ولم يساعد في التسوية ايضا قرار جامعة الدول العربية الاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري.
واشار لافروف الى أن المعارضة الخارجية غير الممثلة في الائتلاف الوطني، وهناك المعارضة الداخلية التي لم تغادر سورية ابدا وتدعو الى التغيير من داخل البلد. وعلى هذه الخلفية تأتي موافقة الامريكيين بشخص كيري على مبدأ عقد مؤتمر دولي من دون شروط مسبقة.
كما أكد على اتفاقه و كيري على عدم وضع شروط مسبقة، مشيرا إلى ان الرئيس بوتين رحب بهذه الفكرة عندما طرحها عليه الوزير كيري نفسه، وعلى هذه الخلفية كلف لافروف بالعمل مع نظيره الامريكي بصياغة بعض الافكار على الورق، وهذا ما تم الكشف عنه في مؤتمر صحفي مشترك.
وبخصوص تصريحات كيري في روما والتصريحات التي أدلى بها الاخرون فاعتبر لافروف ان اقناع المعارضة أمر صعب، وخلافا للحكومة السورية التي أدلت بتصريح ايجابي ردا على المبادرة الروسية - الامريكية، فان المعارضة اتسم رد فعلها بالضبابية وقالت إنها ترحب من حيث المبدأ باي مبادرة لكن على الاسد ان يرحل اولا، طالبا ان يتحلى الجميع بالواقعية لا بالمزاجية، "واي شروط مسبقة ما من شأنها الا ان تطيل أمد دوامة العنف وسفك الدماء".
وكشف لافروف انه اتصل هاتفيا بالوزير السوري وليد المعلم غداة زيارة كيري الى موسكو واستفسر منه عما اذا شكل الجانب الحكومي فريقا يمثله في المفاوضات؟ وهل يتمتع هذا الفريق الذي يقوده رئيس الوزراء السوري بالصلاحيات الكافية للتفاوض والتحاور مع المعارضة؟ فكان الجوانب بنعم. لذلك فأن روسيا تنتظر مدى سرعة وقدرة الطرف الاخر على العمل مع المعارضة اولا، مؤكدا انه بدورها تعمل مع المعارضة، لكن الحديث عن الطرف الذي تصغي اليه المعارضة. "اذن المسألة الاولى هي تمثيل موحد للمعارضة، وهذا المسألة لم تحل بعد".
و اعتبر لافروف ان المعوق الاخر هو تشكيلة المشاركين في المؤتمر، فبالاضافة الى كل من شارك في مؤتمر جنيف الذي انعقد في ٣٠ حزيران/ يونيو من العام الماضي يجب ان تتم اضافة لاعبين اساسيين لم يتواجدا في جنيف العام الماضي هما ايران والعربية السعودية، كذلك عبر عن سعادته لرؤية الاردن ولبنان، ومن حيث المبدأ دول الجوار السوري كافة. "ولا يجوز من منطلق رغبات جيوبوليتيكية استبعاد بلد هام مثل ايران من عملية التسوية في سورية، لانها لاعب هام"، كاشفا انه "حتى الان لم يتوصل الى اتفاق بشأن اشراك ايران".
لافروف اكد انه لا يريد استبعاد او اقصاء أحد، باستثناء اولئك الذين لا يعتبرون معارضين بل ارهابيين. "جبهة النصرة على سبيل المثال جماعة معروفة وضعها الامريكيون على لائحة المنظمات الارهابية، قادة هذه الجماعة يقولون علنا انهم يتلقون الاوامر من تنظيم القاعدة. هناك بعض الجماعات الارهابية الاخرى، بالطبع هذه الجماعات لا مكان لها وراء طاولة المفاوضات. الحديث اذن عن المعارضة السياسية، وحتى عن المعارضة المسلحة".
حزب الله ليس منتجا مستوردا
وبخصوص ايران أكد لافروف ان الجمهورية الاسلامية تؤدي الدور نفسه الذي يؤديه لاعبون خارجيون آخرون يدعمون سياسيا وباساليب اخرى هذا الطرف او ذاك في سورية وهذا شيء واضح للجميع. وقال "ايران أكدت أكثر من مرة تضامنها مع الحكومة السورية، ممثلو القيادة الايرانية يزورون دمشق بانتظام، اذن الموقف الايراني واضح تماما". اما بخصوص حزب الله فهو بحسب لافروف ليس منتجا مستوردا، انه منتج محلي يعكس تطور الواقع السياسي اللبناني، وهو تجسيد للحالة الشيعية في لبنان.
وتابع لافروف "حسب فهمي للأمر فان حزب الله لا يملك أهدافا تتعدى حدود الأراضي اللبنانية. اما الان فان الحزب يقول علنا انه ارسل فصائله الى سورية لهدف واحد فقط هو حماية المقدسات الشيعية. ولا يخفى على احد ان المقدسات الدينية في سورية تتعرض اليوم للتدنيس والعبث. وقد قرأت مؤخرا عن هدم كنيسة أرثوذكسية في سورية وإتلاف صورة لقديس يحظى بمكانة مرموقة سواء لدى المسيحيين او المسلمين. وبالطبع فان اولئك الذين يمارسون مثل هذه الاعمال الدنيئة يجب ايقافهم واستباعدهم من اي عملية سياسية مكرسة لمستقبل سورية".
و عن الانفجار الاخير في تركيا قال لافروف: "بخصوص الوضع المتعلق بالعمل الارهابي على الحدود التركية السورية فاعتقد انه يجب انتظار نتائج التحقيق، لا سيما ان السلطات التركية القت القبض على عدد من المشتبه بهم، لذلك لن أقدم على توجيه الاتهامات لكائن من كان، خاصة ان التحقيقات في اطوارها الاولى".
روسيا قلقة إزاء مصير المسيحيين
وحول ما اكدته وارسو قبل بضعة ايام عن ان روسيا تنوي إتمام صفقة منظومات الدفاع الجوي مع سورية وفق الاتفاقيات الموقعة من قبل، وما نتج من قلق عميق في اسرائيل من امكانية تزويد سورية بمنظومات اس - ٣٠٠، نفى لافروف توقيع عقودا جديدة، اما العقود السابقة، لا سيما المتعلقة منها بالدفاع الجوي فقال "إننا سنفي بها، وقد انجزناها جزئيا وسوف ننهي إنجازها. لذلك لا داعي للقلق بالنسبة لأولئك الذين لا ينوون القيام بأعمال عدوانية ضد دولة ذات سيادة. وليعلموا ان منظومات الدفاع الجوي هي أنظمة دفاعية بحتة كما يتبين من تسميتها، وهذه الأنظمة ضرورية للتصدي للهجمات الجوية، واكرر هنا اننا لا نخرق اي قوانين ولا نريد ان نفقد سمعتنا كمورد أمين للأسلحة".
كما اكد لافروف ان الموقف الروسي ليس مبنيا على اساس الإبقاء على النظام او شخص ما من داخل هذا النظام. "موقفنا هو انهاء معاناة الشعب السوري، ولكي لا يجرؤ احد على انتهاء القانون الدولي ولكي لا تتعرض للتشكيك مبادئ أساسية منصوص عليها في ميثاق الامم المتحدة مثل احترام السيادة الوطنية ووحدة التراب والاستقلال للدول الاعضاء وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ونحن على ثقة ان اي سبل اخرى لأحداث التغيير والإصلاح سواء في هذه المنطقة او في اي منطقة اخرى في العالم لن تؤدي الى تسوية مستقرة وثابتة"، مدللا على ما يحدث في دول ما بات ينعت بـ"الربيع العربي"، قائلا "الأوضاع في تلك الدول بعيدة كل البعد عن الاستقرار".
اما عن الحديث الذي يتعلق بمصالح روسيا فاكد لافروف ان "مصالحنا في سورية لا تختلف عن مصالحنا في المنطقة عامة، نحن نريد لهذه المنطقة ان تنعم بالاستقرار وان يكون التبادل التجاري مع دولها ذا منفعة متبادلة، وفي ظروف الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي يكون الاستثمار فيها مربحا، نحن نريد ان نشارك في تنمية اقتصاد بلدان هذه منطقة، وفي الوقت نفسه نريد ان نساعد شركاتنا الروسية في الاستثمار والعمل في أسواق هذه البلدان، نحن معنيون بالتعاون مع بلدان المنطقة في تسوية القضايا الاكثر سخونة وحدة، قبل كل الشيء اقصد القضية الفلسطينية، والملف النووي الايراني، وأذكر أيضاً مهمة جعل منطقة الشرق الاوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل، وعلى هذه النقطة منذ زمن بعيد، وكان يفترض ان ينعقد في هلسنكي نهاية العام الماضي مؤتمر دولي، لكنه لم ينعقد للأسف، ولا ذنب لنا في ذلك".
كما قال لافروف ان روسيا قلقة للغاية إزاء مصير المسيحيين، خاصة اتباع المذهب الأرثوذكسي في المنطقة. "في سورية التي نتحدث عنها اليوم عاش هؤلاء على مدى قرون عديدة جنبا الى جنب مع أبناء المذاهب والطوائف الاخرى، مع المسلمين، سواء الشيعة او العلويين او الدروز، ومع السنة، كذلك مع أبناء الشعب الكردي. لذلك نحن نريد الاستقرار للمنطقة من هذا المنطلق أيضاً. نحن لا نريد ان يتحول الشرق الاوسط الى منطقة دول أحادية الأعراق والأديان، انه شيء يذكرنا بشريعة الغاب ولا يتجانس مع القرن الحادي والعشرين. هذا كل ما نهتدي به عندما ندافع عن مبادئ القانون الدولي في سياق احداث الجارية في الشرق الاوسط.. وفي رأينا ان التناقضات الداخلية في البيئة الاسلامية خطرة للغاية".
اما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فأكد لافروف انها العامل الرئيسي الوحيد الذي يستغل في المنطقة لتجنيد المتطرفين هنا وهناك، و"للأسف فان هذه الممارسة مستمرة،" واكد ان روسيا تعول على ان مبادرة السلام العربية لن تخضع لإعادة نظر، "لانها وثيقة هامة تفتح الافاق اما سلام وطيد بين العرب وإسرائيل وفي الشرق الاوسط عامة، وتضمن تنمية مستقرة في المنطقة. ويجب الا ننسى ان هذه المبادرة حظيت أيضاً بدعم الدول الاسلامية، في اطار منظمة التعاون الاسلامي. وبالمناسبة فان هذه المبادرة بالاضافة الى منظمة التحرير الفلسطينية تعدان قاعدة لتوحيد كل من "فتح" و "حماس". واتمنى لمصر التوفيق في الجهود التي تكرسها لجمع الفلسطينيين".