فيدل كاسترو.. رمح الثورة وصانع التاريخ
تمكن فيدل كاسترو من تحويل الحلم الثوري إلى حقيقة، وتمكن من تحقيق المعادلة الصعبة بثنائية الثورة والدولة.ليقود كوبا من موقعها على خط التماس الأول بمواجهة الرأسمالية.فيضيف إلى التجربة الإشتراكية بصمته، ويثبت أن الخطأ كان في الممارسة وليس في أصل الفكرة.
من هو فيدل كاسترو؟
هو فيدل أليهاندرو كاسترو روس، وُلد في الـ13 من آب/أغسطس للعام 1926 في مقاطعة أورينت جنوب شرق كوبا لأب من أصل إسباني، يدعى أنخيل كاسترو أرجيز، ووالدته لينا روز غونزاليس.
كان والده ثرياً، يملك أراضي شاسعة مزروعة بقصب السكر، ولديه عمال من كوبا ومن جمهورية الدومينيكان وهاييتي. ومن أجل العمال، بنى عيادة ووضع مركزاً للبريد لمراسلة عائلاتهم، كما بنى مدرسة ليتعلم فيها أبناء العمال. هذه المدرسة ارتادها فيدل وشقيقه راؤول وهما طفلين.
دراسة فيدل كاسترو
تلقّى فيدل كاسترو تعليمه الأوّلي في مدارس داخلية يسوعية في سانتياغو، ثم تابع دراسته في الثانوية الكاثوليكية في بيلين في هافانا. بعدها التحق بكلية الحقوق في جامعة هافانا في العام 1945، وتخرج منها محامياً في العام 1950. تخرج فيدل كمحامي في القانون المدني وبكالوريوس في القانون الدبلوماسي عام 1950. وكرس جهوده للدفاع عن أفقر قطاعات الناس وأكثرها تواضعاً في مكتبه القانوني.
فيدل كاسترو والماركسية
تعرف فيدل كاسترو إلى الأفكار الماركسية في الجامعة، حيث انخرط في العمل الطلابي، وشغل مناصب مختلفة في اتحاد طلاب الجامعات الكوبية (FEU). كما كان عضواً بارزاً في العديد من المنظمات الطلابية التقدمية والمناهضة للإمبريالية، مثل لجنة استقلال بورتوريكو، ومؤسس لجنة "30 سبتمبر"، ولجنة استقلال جمهورية الدومينيكان، التي تولى فيها منصب الرئيس.
نظم وشارك في العديد من الاحتجاجات والتظاهرات، اعتراضاً على الوضع السياسي في البلاد، كجزء من أنشطته السياسية. خلال تلك السنوات تعرض للضرب والسجن عدة مرات من قبل قوات السلطة الحاكمة.
انخراط فيدل كاسترو في الحياة الحزبية والسياسية
بعد أن انضم فيدل كاسترو إلى حزب الشعب الكوبي، أصبح مرشح الحزب لمجلس النواب عن منطقة هافانا، إلا أن الانتخابات لم تُجرَ، بسبب قيام الجنرال فولهينسيو باتيستا بإطاحة حكومة كارلوس بريو سوكاراس.
ثورة فيدل كاسترو
لم ينجح فيدل كاسترو من المرة الأولى بإسقاط نظام فولهينسيو باتيستا الذي أصبح رمزاً للـ "الفساد والتعفن وعدم المساواة". بل تمكن في المرة الثالثة، من إزاحته وبناء كوبا جديدة.
المحاولة الأولى لإسقاط باتيستا
في الـ26 من تموز/يوليو للعام 1953، وبعد فشل كل الوسائل القانونية لإزاحة باتيستا عن السلطة، كانت أولى محاولات كاسترو الثورية للإطاحة بالجنرال باتيستا.
قاد فيدل كاسترو وشقيقه راؤول نحو 150 مقاتلاً، وشنوا هجوماً على ثكنات مونكادا العسكرية في سنتياغو دي كوبا. لكن لم يؤدِ هذا الهجوم إلى إشعال ثورة شعبية تُسقط باتيستا كما توقع فيدل.
فشل الهجوم وسقط عدد كبير من المهاجمين وتمّ اعتقال آخرين، بينهم كاسترو وراؤول.
حُكم عليهم بالسجن لمدة 15 عاماً، ليخرجوا بعد عامين بموجب عفو رئاسي. لكن، ما لبث فيدل وراؤول أن غادرا كوبا إلى المكسيك للإعداد لحملة جديدة ضد باتيستا.
المحاولة الثانية لإسقاط باتيستا
في المكسيك، حيث تعرّف بـ" تشي غيفارا"، تمكن كاسترو من تنظيم مجموعة من المعارضين الكوبيين أُطلق عليهم إسم "حركة 26 يوليو"، بعد ذلك قام كاسترو بمحاولة أخرى، حين توجه مع 81 رجلاً إلى الساحل الشرقي لكوبا، في الـ2 من كانون الأول/ديسمبر عام 1956.
حُكم على هذه المحاولة بالفشل أيضاً؛ قُتل العديد من رجال كاسترو وأُسر آخرون باستثناء 11 رجلاً، انسحبوا إلى جبال سيرامايسترا في جنوب شرق كوبا. كان فيدل كاسترو وكاميلو كونفويغس وإرنستو تشي غيفارا وخوان ألميدا وراؤول كاسترو من بين هؤلاء.
في تلك الجبال، بدأوا من جديد بتنظيم صفوفهم، لشن سلسلة عمليات ضدّ قوات باتيستا، وانضم إليهم العديد من المتطوعين الثوريين الجدد، فقد كانت مبادئ كاسترو الثورية، قد اجتذبت تأييداً واسعاً في كوبا.
حققت قوات كاسترو العديد من الانتصارات، على قوات حكومة باتيستا التي بدأت بالضعف والانهيار.
ثورة فيدل كاسترو
بعد 3 سنوات من شن عمليات الهجوم، وفي 1 كانون الثاني/يناير من العام 1957، فرَّ باتيستا من البلاد، ودخلت قوات كاسترو العاصمة الكوبية هافانا منتصرةً، وأصبح كاسترو الزعيم الثوري بلا منازع، وتسلم منصب القائد العام للقوات المسلحة في الحكومة الكوبية المؤقتة.
استرداد أملاك كوبا من الأميركيين
بعد أن أصبح كاسترو صاحب السلطة العليا في كوبا، اتبع سياسة التأميم، فأمم التجارة والصناعة، التي كان قسم كبير من منشآتها يستولي عليها مستثمرون أميركيون. إلى جانب ذلك أمم الشركات والممتلكات الزراعية الأميركية التي بلغ مجموع أرصدتها ما يقارب المليار دولار في ذلك الوقت.
إثر ذلك، قامت الولايات المتحدة بفرض حصارها الاقتصادي والمالي والتجاري على الجزيرة، بهدف إسقاط الثورة عبر تجويع الشعب الكوبي. وهذا ما تم الكشف عنه، من خلال وثائق أميركية عديدة، رفعت السرية عنها بعد عقود من الزمن.
من تلك الوثائق، المذكرة السرية التي رفعتها وزارة الخارجية الأميركية والتي شكلت الأساس المنطقي الحقيقي لقانون الحصار بتاريخ 6 نيسان/أبريل من العام 1960، من قبل مساعد نائب وزير الخارجية للشؤون الأميركية ليستر دي مالوري. ورفعت عنها السرية في العام 1991.
تضمنت الوثيقة في الصفحة 885 من المجلد السادس لتقرير وزارة الخارجية الأميركية، من العام 1958 حتى العام 1960 ما حرفيته:
"إن غالبية الكوبيين يدعمون كاسترو... والطريقة الوحيدة المتوقعة لتخفيض الدعم الداخلي له، هي من خلال التسبب بخيبة الأمل وعدم الرضا، الناجمين عن الضائقة الاقتصادية والصعوبات المادية.. يجب استخدام جميع الوسائل الممكنة بسرعة لإضعاف الحياة الاقتصادية لكوبا.. هذه هي خريطة العمل التي تحقق، بأكبر قدر ممكن من المهارة والحصافة، أكبر تقدم في حرمان كوبا من الأموال والإمدادات، من أجل تقليص مواردها المالية والأجور الحقيقية، والتسبب بالجوع واليأس للإطاحة بالحكومة".
إثر اعلان الحصار، توجه فيدل إلى الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي ووقّع في العام 1961 عدة اتفاقيات تجارية.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تصوّت بأغلبية مطلَقة لرفع الحصار الأميركي عن كوبا
عملية خليج الخنازير وتداعياتها
ردت أميركا على عملية التأميم التي أعلنها كاسترو، بقطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع كوبا، ومن ثم قامت بدعم المئات من المعارضين الكوبيين لكاسترو بالعتاد والمال، للإطاحة بحكومته من خلال العملية المعروفة بـ"خليج الخنازير" أو "هيرون" في نيسان/أبريل من العام 1961.
إلا أن هذه العملية فشلت فشلاً ذريعاً، وجعلت فيدل كاسترو أكثر قوّة وأكثر قرباً من السوفيات، وأصبح الاتحاد السوفياتي الداعم الأساسي والشريك التجاري الأول لكوبا.
تطورت العلاقات بينهما عسكرياً أيضاً، لدرجة أن الاتحاد السوفياتي عمل سراً، على نشر صواريخ باليستية في الأراضي الكوبية، قادرة على حمل رؤوس نووية، وذلك لردع أي محاولة أميركية لغزوها، وفقاً لمذكرات الزعيم السوفياتي آنذاك، نيكيتا خروتشوف.
وقد أربك تحالف كاسترو مع خروتشوف الولايات المتحدة، التي قطعت هافانا علاقاتها الدبلوماسية معها في العام 1961 بعد عملية خليج الخنازير الفاشلة.
أزمة الصواريخ الكوبية
بعد ذلك بعام واحد، بدأت أزمة الصواريخ السوفياتية الشهيرة التي كادت أن تجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة.
ففي تشرين الأول/أكتوبر من العام 1962، اكتشفت طائرات تجسس أميركية، منصات الصواريخ السوفياتية في كوبا، ما جعل الولايات المتحدة تشعر بالتهديد المباشر.
حدثت أزمة كبيرة بين السوفيات والولايات المتحدة، عُرفت بـ"أزمة الصواريخ الكوبية"، وانتهت باتفاقية بين الدولتين، تقضي بأن يسحب الاتحاد السوفياتي الصواريخ من كوبا، شرط تعهد الولايات المتحدة الأميركية، بعدم غزو الجزيرة الكوبية أو الإطاحة بكاسترو.
رئيس كوبا فيدل كاسترو
إنجازات فيدل كاسترو لكوبا والكوبيين، لا تحصى، لعلّ أبرزها استرداد حقوق الكوبيين بالزراعة والصناعة والتجارة، التي كانت صادرتها الشركات الأميركية، فاستغلت خيرات كوبا والكوبيين، بأبشع الأساليب الرأسمالية الديكتاتورية.
من بين تلك الإنجازات أيضاً، قام كاسترو بتطوير الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية، لتُقدَّم إلى جميع المواطنين الكوبيين. كما عملت حكومة كاسترو جاهدة على توفير فرص العمل لكل الكوبيين القادرين على العمل، إلا أن الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا، أثّر بشكل كبير على عملية التنمية.
بقي كاسترو رئيساً للوزراء حتى العام 1976، إذ تولى العديد من المناصب بعد إنشاء دستور جديد للبلاد. فقد أصبح رئيساً لمجلس الدولة في الجمعية الوطنية، واحتفظ بقيادته العامة للقوات المسلحة، وتسلم الأمانة العامة للحزب الشيوعي الكوبي.
انهيار الإتحاد السوفياتي
تكهن كثيرون بنهاية ثورة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو بانهيار الاتحاد السوفياتي، في العام 1991. صحيح أن الانهيار أثر بشكل كبير على الاقتصاد الكوبي. غير أن فيدل الذي يلقبه البعض بـ"بطل الانبعاث السياسي"، وجد مصادر جديدة للدخل مع السياحة، خصوصاً مع حليفيه الصين وفنزويلا، في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي كان يعتبره فيدل كاسترو "ابنه الروحي".
فيدل كاسترو وغيفارا
"إذا كنت سأبحث عن كلمة مرادفة للتقشف والنزاهة وروح التضحية والأخلاق، فستكون هذه الكلمة تشي". هذا ما قاله فيدل كاسترو عن غيفارا.
اقرأ أيضاً: الأخبار الكاذبة والأحداث الأخيرة في كوبا... تلاعب واستغلال للاحتجاجات
البروباغندا الأميركية والردّ
قيل الكثير وكُتب أكثر عن العلاقة التي ربطت فيدل كاسترو بإرنيستو تشي غيفارا. إذا استثنينا التضليل الإعلامي الذي مارسته أميركا وأتباعها من سياسيين وصحافيين مخضرمين كوبيين وغير كوبيين، حاولت من خلالهم واشنطن اغتيال كاسترو معنوياً بعد أن فشلت باغتياله جسدياً. لا بدّ من الاستنتاج بأن العلاقة التي ربطت بين فيدل كاسترو وتشي غيفارا، إستثنائية بكل المعاني، تشبه استثنائية الرجلين. وحافظا عليها طيلة حياتهما.
وهذا ما أكدته أرملة غيفارا، التي اضطرت إلى نشر رسائله الشخصية لها بعد مغادرته كوبا، بطلب وإلحاح من ابنته، للرد على البروباغندا الأميركية والتشكيك بصداقتهما ووفاء فيدل لهذه الصداقة.
تكامل الشخصيتين
كان للرجلين، فيدل وغيفارا، شخصيتان مختلفتان، ليس إلى حدّ التناقض، بل التكامل. النظرية لدى غيفارا مكتملة وينقصها التجربة التي اختمرت ونضجت مع فيدل والثورة الكوبية. واتضح أن فيدل لم يخطىء حين اعتمد عليه وتوسم فيه قائداً ثورياً وحارساً للثورة، يحتذي به الشباب والثوار.
اللقاء الأول بين كاسترو وغيفارا
كان اللقاء الأول بين فيدل كاسترو وتشي غيفارا في المكسيك، في إحدى ليالي تموز/يوليو من العام 1955، في منزل الكوبية ماريا أنطونيا غونزاليس في مكسيكو سيتي. حيث جاء غيفارا بصحبة راؤول كاسترو.
بعد محادثات ونقاشات طويلة، قرر غيفارا الانضمام إلى حملة "26 يوليو" الثورية والانخراط في الثورة التي خطط لها كاسترو ضد حكم باتيستا، والتي ستكون نقطة تحول في تاريخ أميركا اللاتينية.
عندما التقى فيدل كاسترو بإرنستو غيفارا، كان الأخير، قد بدأ بالكاد نضاله السياسي قبل عام، ضد غزو كاستيلو أرماس على الرئيس الوطني والتقدمي هاكوبو أربينز. في حين كان فيدل قد راكم خبرة وتجربة بالنضال السياسي، منذ سنوات دراسته الجامعية في كوبا. وبالتالي، كان غيفارا مبتدئًا في هذا المجال. قال فيدل كاسترو عن تلك الصداقة إن "تشابه الأفكار أحد العوامل التي دفعتني أكثر إلى التقارب مع تشي".
في معرض حديثه عن احتجازهم في مركز احتجاز المهاجرين في ميغيل شولتز، في العاصمة المكسيكية، في الـ21 من حزيران/يونيو 1956، وصف فيدل غيفارا بالقول "(..) لدى المرء انطباع بوجود دائم لتشي، لما يرمز إليه، لشخصيته وسلوكه ومبادئه. لقد كان يتمتع حقاً، بعدد كبير من الصفات الاستثنائية. كنت أعرفه جيداً، جيداً جداً منذ أن تواصلت معه في المكسيك".
فتجربة الاحتجاز كانت أول امتحان لصداقة الرجلين، ونجحا فيه بإمتياز. يقول غيفارا عن تلك المحنة، بأنه "رغم التهديد بترحيلنا، لم نفقد في أي وقت من الأوقات ثقتنا الشخصية في فيدل كاسترو. لقد فعل فيدل بعض الأشياء التي يمكن أن نقول أيضاً إنها أساءت إلى موقفه الثوري من أجل الصداقة. كنت في المكسيك بشكل غير قانوني، ووجهت لي سلسلة من الاتهامات. أخبرت فيدل بضرورة عدم تأجيل الثورة من أجلي. وبإمكانه أن يتركني وراءه، وسأحاول الانضمام إلى قتالهم من أي مكان يتم إرسالي إليه. الجهد الوحيد الذي ينبغي عليهم القيام به نيابة عني، هو إرسالي إلى بلد قريب وليس إلى الأرجنتين. "لن أتخلى عنك" كان ردّ فيدل الحاسم". وهكذا كان. إلى أن قرر غيفارا استكمال النضال في أماكن أخرى.
كاسترو داعم الثورات وحركات التحرر
منذ قيام الثورة الكوبية في العام 1959، جعلت كوبا تضامنها مع الشعوب التي تناضل من أجل تحررها ركيزة من ركائز سياستها الخارجية. كما كانت تربط الزعيم الكوبي علاقات صداقة جيّدة مع أكثر من رئيس عربي، مثل جمال عبد الناصر وحافظ الأسد ومعمّر القذافي وصدّام حسين وياسر عرفات، إلا أنّ علاقته مع الجزائر كانت مميزة وكذلك مع رئيسها عبد العزيز بوتفليقة.
فبالرغم من عداء الولايات المتحدة لكوبا الثورة، والصعوبات الداخلية المرتبطة بعملية التحول الاجتماعي بعد الثورة، ساندت كوبا ودعمت جميع الجماعات الثورية وحركات التحرر الوطني في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.
اقرأ أيضاً: رغم الحصار الأميركي.. أطباء كوبا يساعدون العالم
فيدل كاسترو والجزائر
التضامن الأممي الكوبي كانت بدايته في الجزائر، فقد تابع الكوبيون باهتمام كبير كفاح جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. وفي 27 حزيران/يونيو من العام 1961، كانت كوبا الدولة الوحيدة في النصف الغربي للكرة الأرضية، التي تعترف بالحكومة الجزائرية في المنفى. فلم يتردد فيدل كاسترو، بتعريض علاقة كوبا بفرنسا بقيادة الجنرال ديغول، للخطر باسم مبدأ التضامن الأممي مع الشعوب التي تناضل من أجل تحررها.
في أيلول/سبتمبر من العام 1963، قرر ملك المغرب الحسن الثاني، الاستيلاء على منطقة الحدود الجزائرية (المستقلة حديثاً) والغنية بالموارد الطبيعية. فسارع أحمد بن بلة إلى طلب مساعدة عاجلة من كوبا، لصدّ العدوان المسلح والحفاظ على استقلال البلاد. فأرسلت حكومة هافانا فرقة مدرعة ونحو 700 مقاتل بقيادة القائد إفيغينيو أميغيراس، بأحدث الأسلحة السوفياتية.
في نهاية مهمتها الأممية الأولى، ولأن المغرب تراجع من دون قتال، قدمت كوبا كل الأسلحة إلى الجزائر، ودربت الجيش المحلي على استخدامها. فقررت الرباط قطع العلاقات الدبلوماسية مع هافانا، والتي ستعود في العام 2017 بناء على طلب من المغرب.
بعد التحرير أيضاً، عندما واجهت الجزائر أزمة صحية خطيرة، إثر مغادرة معظم الأطباء الفرنسيين أراضيها، أرسلت كوبا، التي لم يكن وضعها الصحيّ أفضل، لواءً طبياً مكوناً من 55 أخصائياً من مختلف القطاعات الطبية، ولا يزال يعمل حتى الآن، عشرات الأطباء الكوبيون، وغيرهم من العاملين في المجال الصحيّ، في مختلف المناطق الجزائرية.
بن بلّة يتحدى كينيدي
في المقابل، لم ينس كاسترو موقف الرئيس الجزائري أحمد بن بلة في العام 1963، حين أصر على زيارة كوبا قادماً إليها من أميركا، رغم اعتراض الرئيس الأميركي، آنذاك، جون كينيدي على هذه الزيارة، لعدائه مع كوبا.
لم يكتفِ بن بلّة بذلك، بل خاطب فيدل كاسترو "الرفيق"، مديناً الإمبريالية التي تحاصر "جزيرة الحرية"، وأعلن أنّ "صديق كوبا هو صديق للجزائر، وأنّ عدوها هو عدو للجزائر".
فكان ردّ كينيدي، بأن حوّل مساعدات أميركية كانت مخصصة للجزائر في إطار برامج التنمية، إلى كوريا الجنوبية.
حداد وطني في الجزائر
لذلك، إثر وفاة فيدل كاسترو، في الـ25 من تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2016، أصدر رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة، مرسوم حداد وطني لمدة 8 أيام على وفاة كاسترو. وفي رسالة تعزية للشعب الكوبي، أعرب عن امتنان الجزائر للدعم الثابت من كوبا.
المهمة الأممية الكوبية في الجزائر، ستكون الحلقة الأولى من مسلسل التضامن الكوبي الطويل مع الكونغو وغينيا بيساو والرأس الأخضر وإثيوبيا وأنغولا.
RIP Fidel Castro #Mandela #Sankara #Cabral #MalcolmX pic.twitter.com/h46rmElfII
— Eddie Mandhry (@EddieMandhry) November 26, 2016
قدمت كوبا المساعدة والموارد لأنغولا من العام 1975 حتى 1989، كما شاركت كوبا إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير أنغولا في نضالها، من أجل التحرر الوطني وصد حرب جنوب أفريقيا عنها، ملحقة في الهزيمة بنظام الأبارتهيد في جنوب أفريقيا. ومع انسحاب كوبا من أفريقيا، لم تحمل معها سوى رفات شهدائها الأمميين.
كما دعمت كوبا حكومة مانغيستو هايلي ميريام في إثيوبيا، سياسياً وصحياً وعلمياً وعسكرياً.
فيدل كاسترو وأميركا اللاتينية
يحتل فيدل كاسترو مكاناً بارزاً ومميزاً في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لفكره النقدي تجاه الرأسمالية والنيوليبرالية ومعاداة الإمبريالية. لا يوجد سياسي آخر، مثل فيدل، استطاع أن يقدم مثالاً لأسس الفكر التحرري لأميركا اللاتينية في القرن العشرين.
"(..) ما هو تاريخ كوبا إن لم يكن تاريخ أميركا اللاتينية؟ وما هو تاريخ أميركا اللاتينية إن لم يكن تاريخ آسيا وإفريقيا وأوقيانيا؟ وما هو تاريخ كل هذه الشعوب إن لم يكن تاريخ الاستغلال الأكثر قسوة ووحشية للإمبريالية في العالم بأسره؟".. بهذه الكلمات اختتم الشاب فيدل كاسترو في العام 1962 خطابه، عندما كانت الثورة في سنواتها الأولى وبعد أن تم طرد كوبا من منظمة الدول الأميركية (OAS) بقرار من الولايات المتحدة.
ثم قال: "في العديد من بلدان أميركا اللاتينية، لا مفر من الثورة اليوم. وهذه الحقيقة لا تحددها إرادة أحد؛ إنما تحددها ظروف الاستغلال المروعة، التي يعيش فيها الإنسان في القارة الأميركية، وتطور الوعي الثوري للجماهير، والأزمة العالمية للإمبريالية والحركة العالمية لنضال الشعوب المقهورة".
التكامل لدى كاسترو
بالنسبة لفيدل كاسترو، كان المسار الذي يجب اتباعه لتغيير واقع البؤس والنهب الذي عاشته المنطقة وما زالت، واضح جداً. وكان تحقيق الوحدة والاندماج أمراً أساسياً في رؤيته الاستراتيجية. فشكل استمرارية لفكر قادة الاستقلال البارزين في القارة اللاتينية، مثل سيمون بوليفار وهوسيه مارتي.
بالنسبة لفيدل، كانت الوحدة دائماً عاملاً لا غنى عنه لتحقيق أي نصر فـ"هذه الشعوب الأميركية تعرف أن قوتها الداخلية في وحدتها، وأن قوتها القارية الإقليمية في وحدتها أيضاً.
بموجب مبادئ الوحدة والتكامل هذه، ابتكر فيدل فكرة التحالف البوليفاري لشعوب أميركا اللاتينية (آلبا) (ALBA)، واستطاع أن يحققها بدعم من صديقه الذي اعتبره إبناً له الرئيس الفنزويلي والقائد البوليفاري هوغو تشافيز، في كانون الاول/ديسمبر من العام 2004، ما أدى بعد 7 سنوات، إلى انعقاد القمة التأسيسية لمجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) في كاراكاس.. كما تأسست لأول مرة في العام 2005 منظمة بتروكاريبي، وفي العام 2007 إتحاد دول أميركا الجنوبية (أوناسور).
من بين مبادئ فيدل كاسترو المعروفة "لا نعطي ما فاض عنا، بل نتقاسم مع الآخر ما لدينا". وذلك بالاشارة إلى الإنجازات التي حققتها كوبا في أميركا اللاتينية من خلال تقديم مساعدتها في مجالات الصحة والرياضة والتعليم.
جعل فيدل مبدأ الأممية، ممارسة يومية في السياسة الخارجية للثورة الكوبية. فمساعدات الجزيرة الطبية لدول أميركا اللاتينية، لا تعد ولا تحصى خاصة أثتاء الكوارث الطبيعية.
من المشاريع التي ابتكرها أيضاً فيدل، كان إنشاء كلية الطب لأميركا اللاتينية (ELAM) في العام 1999، ما سمح لآلاف الشباب من أميركا اللاتينية وفلسطين وسوريا وحتى من فقراء الولايات المتحدة، دراسة الطب لمساعدة شعوبهم.
من ناحية أخرى، وضعت كوبا تنفيذاً لأفكار فيدل، برنامجاً سمعياً بصرياً لمحو الأمية يطبق في كل اللغات، واعتمدته الأونسكو واسمه "نعم، أنا أستطيع" في العام 2001. وبفضل هذا البرنامج أعلنت دول مثل فنزويلا وبوليفيا أنها أصبحت خالية من الأمية.
الأممية بالنسبة لفيدل تعني "سداد ديوننا للإنسانية". ومن ليس قادراً على النضال من أجل الآخرين، لن يكون أبداً قادراً بشكل كافٍ على النضال من أجل نفسه".
يقول الكاتب الارجنتيني الشهير أتيليو بورون: لولا الثورة التي قادها فيدل كاسترو، لكان تاريخ أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي مختلفاً تماماً، ما يدل على تأثير فكر فيديل في المنطقة.
فيدل كاسترو وفلسطين
بدأت كوبا بمناصرة القضية الفلسطينية بعدما استلم كاسترو الحكم. وتفرّدت كوبا من بين دول أميركا اللاتينية، بشجب العدوان الإسرائيلي صبيحة الخامس من حزيران/ يونيو للعام 1967.
كانت فلسطين حاضرة بكل خطابات كاسترو الدولية، كما طالبت بانسحاب "إسرائيل" الشامل، من الأراضي الفلسطينية المحتلّة ومن الجولان السوري المحتلّ.
في العام 1972، صادرت السلطات الكوبية المركز الثقافي الإسرائيلي في هافانا، حيث كان يبث الدعاية الصهيونية. وجعلته مقراً للإتحاد العربي في كوبا، الذي يضم كل الجاليات العربية المهاجرة الى كوبا منذ القرن الماضي.
في الـ27 من تمّوز/يوليو للعام 1970، دُعيت منظّمة التحرير الفلسطينية، لأوّل مرة لحضور احتفالات عيد الثورة الكوبية.
قطع العلاقات مع "إسرائيل"
في الـ9 من أيلول/سبتمبر للعام 1973، قطع فيدل كاسترو علاقات كوبا الدبلوماسية مع "إسرائيل"، في مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز المنعقد في الجزائر. وبهذا كانت كوبا أوّل دولة في القارة الأميركية تقطع علاقاتها الدبلوماسية ب"إسرائيل".
علماً أن كوبا ترفض مبدئياً قطع العلاقات الدبلوماسية حتى مع الولايات المتحدة. وفي كل الحالات التي حصل فيها قطع للعلاقات، كان قرار القطع يأتي من الطرف الآخر وليس من كوبا. المرة الوحيدة التي قررت فيها كوبا قطع علاقاتها مع دولة أخرى كانت مع الاحتلال الإسرائيلي.
اعتبر الزعيم الكوبي أن وحدة القوى الفلسطينية إلزامية لتحرير فلسطين. فكان يدعو دائماً إلى الحفاظ على هذه الوحدة، ووحدة العرب ككل، ورفض أي انقسام بين الدول العربية.
بوفاة فيدل كاسترو، خسرت القضية الفلسطينية أحد أشرس المدافعين عنها في المحافل الدولية. وخسرت الدول العربية صديقاً وسنداً وفياً وقوياً.
فيدل كاسترو وسوريا
أما عن سوريا، فقد عبّر كاسترو عن تضامنه واحترامه للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عندما نعاه قائلاً "إننا نقف مع نضال سوريا العادل، ونؤيّد كل التأييد الرئيس الأسد في تصدّيه للإمبريالية العالمية". وكان قال في العام 1981 إن "سوريا بقيادة الرئيس حافظ الأسد، قلعة ثورية للتحرّر والتقدّم". وقد زار الزعيم الكوبي سوريا مرّة واحدة في العام 2001.
فيدل كاسترو ومصر
يروي الكاتب المصري محمد حسنين هيكل في كتاب "عبدالناصر والعالم" أنّ ثورة تمّوز/ يوليو 1952 وجمال عبدالناصر، كان لهما تأثير مباشر على فيدل كاسترو ورفاقه عندما دخلوا العاصمة الكوبية هافانا عام 1958.
وخلال زيارة لتشي غيفارا إلى القاهرة في حزيران/يونيو من العام 1959، نقل الأخير لعبد الناصر أنّه وكاسترو رفعا صورة عبدالناصر عندما سمعا بإعلان تأميم قناة السويس.
فيدل كاسترو وليبيا
إتّخذ كاسترو موقفاً سلبيّاً واضحاً مما قام به حلف شمال الأطلسي عند اغتيال معمّر القذّافي، واصفاً الحلف بأنّه أصبح "آلة القمع الأكثر خداعاً في تاريخ الإنسانية".
فيدل كاسترو والعراق
بالرّغم من أنّ العلاقة بين كاسترو وصدّام حسين كانت ودّية في البداية، إلا أنّ الزعيم الكوبيّ لم يساند الرئيس العراقي في قراره غزو الكويت، ودعاه للانسحاب قبل أن تستغلّ الولايات المتّحدة الأميركية الوضع و"تضرب العراق بشدّة".
وقد ورد في الرسالة التي وجهها كاسترو لصدام حسين "لو كانت هناك أسباب مبرّرة ومنطقية، لكنت آخر من يطلب منك تفادي هذه التضحية، وإنّ التجاوب مع ما تطلبه منك الغالبيّة العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، لا ينبغي أن تراه وكأنّه نوع من الإذلال وفقدان الشرف".
كان للزعيم الكوبي مواقف عدّة تصب في الدعوة للحفاظ على وحدة العرب ورفض تقسيم البلدان العربية.
بوفاة فيدل كاسترو، خسرت القضية الفلسطينية أحد أشرس المدافعين عنها في المحافل الدولية. وخسرت الدول العربية صديقاً وسنداً وفياً وقوياً لها.
فيدل كاسترو وإيران
منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أعلن الزعيم فيدل كاسترو موقفه الإيجابي من الإمام الخميني وثورة الشعب الإيراني. فهو درس وتابع مسار الثورة الإسلامية منذ بدايتها. ورأى "مقاومة الشعب الإيراني أمام الضغوط والحظر، جديرة بالإشادة، وهذا الأمر يعود للوعي والنمو الثقافي للشعب الإيراني". كما قال للرئيس الإيراني السابق حسن روحاني لدى زيارته كوبا.
كما كان يعتبر "حضور إيران في هذه المنطقة يبعث روحاً إيجابية في أميركا اللاتينية".
محاولات اغتيال فيدل كاسترو
في قمة الأرجنتين في العام 2006 قال فيدل كاسترو "أنا سعيد حقاً بأنني بلغت الثمانين من العمر. لم أتوقع ذلك مطلقاً، على الأقل ليس مع وجود دولة جارة، أقوى دولة في العالم، تحاول قتلي كل يوم".
بالفعل، فقد كسرت الولايات المتحدة، الرقم القياسي بمحاولات الاغتيال المتكررة والفاشلة لشخص واحد، إذ بلغت 634 محاولة فاشلة، عدا المحاولات التي لم تُكتشف. بتوجيه وتخطيط من وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
إصرار أميركي رغم الفشل
لم تيأس ولم تتراجع. تنوعت أساليبها وتعددت. فقد تمّ تصميم السموم المتطورة، والسهام القاتلة، وبنادق صيد الأفيال، والأسلحة الحديثة كالقنص والتفجير وزراعة قنبلة والطعن، ومنها ما هو متعلق بعادات فيدل كاسترو وهوياته مثل، تسميم سيجار واستغلال حبه للغطس بتفخيخ صدفة بحرية أو تلويث بذلة الغطس بالكيماويات، أو تفخيخ طابة البايسبول التي كانت من هوياته.
"لدي سترة أخلاقية"
في إحدى رحلاته إلى نيويورك، سأل أحد الصحافيين فيدل كاسترو، إن كان يرتدي درعاً واقياً من الرصاص لحماية نفسه، ففك أزرار قميصة ليثبت عكس ذلك قائلاً: "لدي سترة أخلاقية (...) تحميني دائماً".
وفي إحدى محاولات اغتياله عبر كاميرا أحد المصورين، أُغمي على المصور فجأة، فأسعفوه ليكتشفوا أن كاميرته مزودة بمسدس لاغتيال فيدل، ولكن المصور انهار قبل تنفيذ المهمة. فعلق فيدل على الحادثة قائلاً "إن الولايات المتحدة عجزت عن إيجاد عميل، يتحلى بالشجاعة، فقد انهار قبل تنفيذ المهمة".
فيدل كاسترو أثبت أنه ليس هدفاً سهلاً على الإطلاق. وصمد صموداً أسطورياً بوجه أميركا، استهلك 10 رؤوساء أميركيين، من دوايت إيزنهاور إلى جورج بوش الإبن، وأفشل كل محاولات اغتياله أو إسقاط الثورة الكوبية.
أقوال كاسترو
- الآن فقط باتت الحرية تعني شيئاً أكثر: الحرية تعني الوطن، لذا سيكون خيارنا هو الوطن أو الموت!.
- هذه هي الثورة الاشتراكية والديمقراطية وللدفاع عن ثورة الفقراء هذه التي قام بها الفقراء من أجل الفقراء، نحن مستعدون للتضحية بأرواحنا.
- إذا أردنا أن نعبر عن طموحنا كيف نود أن يكون مقاتلونا الثوريون، ورجالنا، علينا أن نقول دون تردد من أي نوع: فليكونوا مثل تشي! إذا أردنا التعبير عن كيف نريد أن تكون الأجيال القادمة، يجب أن نقول: فلتكن مثل تشي! إذا أردنا أن نقول كيف نريد لأطفالنا أن يتعلموا، يجب أن نقول دون تردد: نريدهم أن يتعلموا بروح تشي! إذا أردنا نموذجًا للإنسان الجديد، نموذجًا للإنسان الذي لا ينتمي إلى هذا الزمن، نموذجًا للإنسان الذي ينتمي إلى المستقبل، أقول من قلبي أن هذا النموذج دون وصمة واحدة في سلوكه، دون وصمة واحدة في موقفه، دون عيب واحد في أدائه، هذا النموذج هو تشي! إذا أردنا التعبير عن كيف نريد أن يكون أطفالنا، يجب أن نقول بقلوب الثوار المتحمسين: نريدهم أن يكونوا مثل تشي!.
- لا يمكننا أن نقول بأننا نتقاسم الألم، بل أن الألم يتضاعف. ملايين الكوبيين يبكون اليوم على أحباء لهم سقطوا ضحايا هذه الجريمة النكراء. وعندما يبكي شعب سيّد وأبي، يرتجف الظلم!. (بعد الهجوم الإرهابي على طائرة كوبية في باربادوس ومقتل 73 شخصاً).
- لا يمكن للثورة إلا أن تكون ابنة الثقافة والأفكار.
- سأبلغ قريباً التسعين من العمر، لم تكن مثل هذه الفكرة تخطر ببالي أبداً، ولم تكن أبداً نتيجة جهد ما؛ هي الصدفة. وقريبا سأكون مثل أي شخص آخر. كل يأخذ دوره، لكن أفكار الثورة الكوبية ستبقى.
- نكون أحراراً أو شهداء.
- سننتصر في معركة الحياة، ليس فقط من أجل حياتكم، ولكن أيضا من أجل حياة كل أطفال العالم.
- إن الثورة هي معنى اللحظة التاريخية؛ هي تغيير كل ما يجب تغييره؛ هي المساواة والحرية الكاملتين؛ هي أن تعامَل وأن تعامِل الآخرين كأبناء بشر؛ هي أن نحرّر أنفسنا وبجهودنا الذاتية؛ هي تحدّي القوى الجبارة المهيمنة داخل وخارج الإطار الاجتماعي والقومي؛ هي في الدفاع عن القيم التي يؤمن بها المرء مهما بلغت التضحيات ثمناً لها، .. هي التواضع ونكران الذات والإيثار والتضامن والبطولة، هي القتال بجرأة وذكاء وواقعية، هي أن لا تكذب أبدًا أو تنتهك المبادئ الأخلاقية ؛ وهي اقتناع عميق بعدم وجود أي قوة في العالم قادرة على سحق قوة الحقيقة والأفكار. الثورة هي الوحدة ، والاستقلال هي النضال خلف أحلامنا في تحقيق العدالة لكوبا والعالم ، وهي الأساس الذي تقوم عليه وطنيتنا واشتراكيتنا وأمميتنا. (1 أيار/مايو 2000)
- أدينونني، هذا لا يهم، فسيبرئني التاريخ.
- إطلاق لحيتي وفّر لي 5000 دقيقة كل سنة.
- أفضل شيء ممكن أن تفعلها بعلبة السجائر، هو أن تعطيها لأعدائك.
- أنا سعيد حقا بأنني بلغت الثمانين من العمر. لم أتوقع ذلك مطلقا، أقله بوجود دولة جارة، أقوى دولة في العالم، تحاول قتلي كل يوم.
تنحي كاسترو عن سلطاته
في الـ31 من تموز/يوليو للعام 2006، نقل فيدل كاسترو جميع سلطاته بشكل مؤقت لشقيقه راؤول، لأسباب صحيّة.
في شباط/فبراير من العام 2008، وأمام الجمعية الوطنية الكوبية (البرلمان الكوبي)، أعلن كاسترو تنحيه عن الحكم برسالة موجهة للشعب الكوبي، نُشرت على الموقع الإلكتروني لصحيفة الحزب الشيوعي الرسمية "غرانما".
وفي العام 2011، لم يترشح فيدل كاسترو للأمانة العامة للحزب الشيوعي الكوبي.
اقرأ أيضاً: فيدل كاسترو: الجنوبي الأخير
وفاة فيدل كاسترو
في الـ26 من تشرين الثاني/أكتوبر في العام 2016، توفي فيدل كاسترو عن عمر ناهز الـ90 عاماً، وبعد مرور 3 أشهر على احتفالات كوبا بعيد ميلاده.
نقل رماد جثمان فيدل كاسترو إلى مدينة سانتياغو دي كوبا، والتي تعتبر مهد الثورة الكوبية، بعد أن جال الموكب الجنائزي للزعيم الراحل كل المحافظات التي تفصل بين العاصمة وأقصى شرق الجزيرة في رحلة وداعية أخيرة للشعب الكوبي. وكانت أولى محطات الموكب، ضريح إرنستو تشي غيفارا في سانتا كلارا، للقاء رمزي مع رفيق السلاح.
وصية فيدل كاسترو
فاجأ راؤول كاسترو، الذي تولى السلطة في العام 2006، الكوبيين بالإعلان عن عزمه على تقديم مشروع قانون إلى الجمعية الوطنية يقضي، بناء على طلب فيدل، بعدم إطلاق اسمه على أي موقع أو شارع في الجزيرة. وقال راؤول إن "فيدل أصر حتى الساعات الأخيرة من حياته" على "ألاّ يُطلق اسمه أو توضع صورته على مؤسسات أو ساحات أو حدائق أو جادات أو شارع أو مواقع عامة أخرى". وأوصى بـ"ألا تبنى له نصب أو تماثيل وغيرها من أشكال التكريم". كما أوصى فيدل بحرق جثمانه.
جنازة فيدل كاسترو
تُعد جنازة فيدل كاسترو من بين أشهر الجنازات في العالم. فهو "أبو الثورة الكوبية"، وآخر العمالقة السياسيين والرؤوساء والقادة في القرن العشرين. جعل من جزيرة صغيرة في الكاريبي تحدياً كبيراً للقوّة العظمى، الولايات المتحدة الأميركية، التي فشلت في كل محاولاتها لإزاحته من المشهد السياسي. صمد في وجهها بمبادئه، وحنكته ودهائه السياسي.
بعد تكريمه في ساحة الثورة في هافانا، نقل رماد فيدل كاسترو، الذي وضع في صندوق صُنع من خشب شجر الأرز، وحفظ في علبة من زجاج ملفوفاً بعلم كوبا، على عربة تجرها آلية عسكرية، يرافقه أرفع 4 ضباط في الدولة وعلى رأسهم وزير القوات المسلحة الجنرال ليوبولدو سينترا فرياس.
سلك الموكب طريق العودة لرحلته الأولى عند انتصار الثورة في العام 1959.
تجمع عشرات الآلاف لوداع "القائد الأعلى" في هافانا وماتانزاس وكارديناس وسينفوغيوس وسانتا كلارا، على جانبي الطريق وهم يهتفون "يحيا فيدل"، ملوحين بالأعلام الكوبية عند مرور الموكب الذي تألف من 7 آليات. ليعبر 13 مقاطعة من مقاطعات الجزيرة الـ15 ويصل إلى مهد الثورة، سانتياغو دي كوبا، مهد ثورته، حيث دفن بمراسم خاصة في مقبرة سانتا ايفيغينيا دي سانتياغو، التي تحتضن ضريح البطل القومي ورسول الشعب الكوبي هوسيه مارتي.
بانتهاء مراسم الدفن، إنتهت فترة الحداد الوطني الذي استمر 9 أيام.
وكان الموكب قد انطلق صباح الأربعاء، من أمام وزارة القوات المسلحة في هافانا بحضور أعضاء الحكومة وشخصيات في الحزب الشيوعي وأرملة الزعيم الكوبي داليا سوتو ديل فايي.
شارك في التشييع شخصياتٌ ورؤساء من حول العالم من بينهم رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو وبوليفيا إيفو موراليس ونيكاراغوا دانييال أورتيغا، ولاعب كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي كانت تربطه صداقة بالزعيم الراحل وغيرهم.
هذا وقد تم نقل وقائع الجنازة مباشرة عبر التلفزيون الكوبي.