بين "هُدهُدين" خطفا أنظار العالم.. بالصور و"النبأ اليقين"!

تاج يوحي بالأنفة والقوة والغموض، سرعة طيران ومرواغة وتخفٍّ وقدرة على التحليق، قوة إبصار عالية، وفوق كل ذلك إتيان بالنبأ اليقين، عناصر مشتركة بين "الهُدهُدين"، طائر "هُدهدٍ" مبصرٍ ثاقب ، وطائرة مسيّرة"بلا بصمة" زرعت الخوف في نفوس الأعداء.

  • بين
    "هدهدة" طائرة المقاومة المسيّرة لم تجد من يكشفها ! (غرافيك: بتول زبيب)

ترقّبوا ما رجع به "الهُدهُد" ! عبارة سريعة أرسلتها العلاقات العامة في حزب الله أمس ضمن بيان للمقاومة الإسلامية، مع عبارة: "سينشر الإعلام الحربي بعد قليل مشاهد في غاية الأهمية"، أرخت بظلالها على اللبنانيين والإعلام العربي والغربي، وكذلك الأمر كان لها - كالعادة-  وقع دبيب الرعب في أوساط الاحتلال.

هذا ما رجع به " الهُدهُد "..!

"هدهدة" طائرة المقاومة المسيّرة لم تجد من يكشفها.. لا "القبب الحديدية" ولا "مقاليع داوود" ولا  طائرات "الأواكس"!

ويبدو أن "زوبعة الهُدهُد"  سترمي بأوراق التوت القليلة التي تغطي حكومة نتنياهو المتشظية، وفي هذا الإطار، سخرت "القناة الـ 14" الإسرائيلية من بيانات "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، قائلةً إنّ "الإنذارات الكاذبة، كما يبدو، صوّرت خليج حيفا ومناطق استراتيجية حساسة إضافية في الشمال".

  • بين
    ميناء حيفا في مرمى "هُدهُد" المقاومة

وقال إعلام الاحتلال إنّ "سلاح الجو معنيّ بالإجابة عن السؤال: كيف استطاع حزب الله التحليق فوق الوسائل الأبهظ ثمناً للجيش الإسرائيلي وهي ترسو في ميناء حيفا". 

وأضاف أنّه "في الوقت الذي جعلنا حزب الله ننام يومين، حرص على تصوير جميع أماكننا الاستراتيجية في منطقة حيفا بأكملها". 

عيسى للميادين نت: المقاومة أطلقت "هدهدة" صدمت العالم

"الميادين نت" تواصل مع المحلل السياسي نضال عيسى الذي رأى أنه "وبينما كان المبعوث الأميركي الخاص "آموس هوكستين"  يحاول وضع أي مقترح لا يتناسب مع "إسرائيل" في قفص حتى لا ينطلق منه أي ردود، كان الحزب يشرّع أبواب الأقفاص ويطلق "هدهدة" صدمت العالم وكان الهدف من ذلك إثبات قوة الردع وبأن الاستباحة لأجواء لبنان لم تعد نزهة وقد تمّ إسقاط 4 مسيّرات هرمز من أصل 20".

وأضاف "سلاح الجو للمقاومة أصبح على جاهزية كبيرة لإسقاط ما هو أكبر من "هرمز" والدليل هو وصول "الهدهد" إلى ميناء حيفا والتقاط الصور بتقنية كبيرة جداً"، فميناء حيفا ومطارها، بما فيهما من سفن وبوارج وطائرات ومنشآت، أصبحت تحت رحمة "الهدهد" والمقاومة.

  •  كان لـ الحلقة 1 من
    كان لـ الحلقة 1 من "الهُدهُد" وقعٌ هام لدى وسائل إعلام الاحتلال

"الهدهد" ثبّت أنّ معادلة الردع انتصرت

وإذ يؤكّد أن الاحتلال الإسرائيلي كان أمس الثلاثاء في صدمة كبيرة أفقدته توازنه ولن يستطيع الخروج منها بسهولة ومَن يتابع من المحللين السياسيين هناك يدرك جيداً" حجم الصدمة، يرى عيسى أن "هذا النجاح الجوي والتكنولوجي للحزب يثبت أنّ  معادلة الردع التي فرضتها المقاومة هي التي ستنتصر وهي فعلياً، انتصرت".

وحول الخطوة المقبلة لقيادة الاحتلال يقول "لم يبقَ سوى خطوة متهورة يقوم بها العدو وهي اتخاذه القرار بالهجوم على لبنان حتى يكتب بذلك نهاية كيانه الغاصب الذي سيهزم تحت نعال المقاومين في جنوب لبنان".

بين "الهُدهُدين" ؟

يرجّح محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية  العميد شارل أبي نادر  أن "حزب الله استخدم مسيّرة "هدهد 3" الإيرانية الصنع، وهي طائرة كهربائية بلا بصمة حرارية أو صوتية. 
 
وفي وقتٍ أشار فيه أبي نادر إلى أن "مسيّرة "هدهد 3" لديها القدرة على أن تحمل مجموعة متنوّعة من الكاميرات، وصوتها منخفض"، لافتاً إلى أن "السرعة القصوى لمسيّرة "هدهد 3" تبلغ 70 كيلومتراً في الساعة، وبإمكانها التحليق لأكثر من ساعة من الوقت". 

  • مرفأ حيفا وخزاناته الكيميائية
    مرفأ حيفا وخزّاناته الكيميائية

لكن لماذا كنيّت الطائرة باسم "الهدهد"، وما هي مميّزات هذا الطير برأي ما قاله الخبير البيئي رالف كتورة للميادين نت:

الهدهد طائر بري، يعيش منفرداً، ويهاجر لمسافات طويلة، وهذا ما يضفي عليه بعض الغموض. ولكنه أيضاً أقرب الطيور البرية إلى الإنسان، حيث يدنو منه ولكن بحذر مُبرَّر، ويألف المزارعون مشاهدته في حقولهم.

مميزات مشتركة 

منذ أن راح الإنسان يسبغ دلالات رمزية على عناصر الطبيعة وعالَم الحيوان والنبات، حظي الهدهد بما لم ينله أي طائر آخر من الاهتمام.
فبالتاج الذي يعلو رأسه وقامته الممشوقة وألوان ريشه، يأسر الهدهد الأنظار. وإذا أضفنا إلى ذلك بعض طباعه وسلوكياته لأمكننا، ربما، تفسير المكانة المتفرّدة التي يحتلها في مملكة الطير، ومن هذه الخاصية اختير الاسم الشهير.

إلى ذلك، فإن ثنائية الأُلفة والغموض هذه، تفسِّر ما حمَّله الإنسان للهدهد من رموز ودلالات ثقافية في كل المجتمعات التي عرفته، وبشكلٍ خاص في الثقافات الشرقية.

كما أنه سريع جداً في الطيران والعدو، يتحمّل الظروف الصعبة، ذكي ومراوغ، بقابلية تخفٍّ ودفاع عن النفس بشكلٍ رائع وسلمي وباستخدام عدة طرق، مثل أخذ حمام رملي ومن ثم الطيران قرب الأرض كي لا يميّزه الناظر عن شكل الأرض فلا يعرف اتجاهه، أو باستخدام تقنية رشّ رذاذ أسود زيتي برائحة كريهة من غدة في قاعدة الذيل تبعد أي متطفّل.

أتى سليمان بالنبأ اليقين

ولأنَّ الهدهد أتى النبي سليمان عليه السلام بالنبأ اليقين، أصبحت صورة هذا الطائر رمزاً لصحة أي خبر، فكان من الطبيعي أن تصبح صورته شعاراً لبعض وسائل الإعلام، خاصة في المجتمعات التي تعرف الهدهد عن كثب في حياتها الزراعية، كما في تراثها الثقافي، مثل اليمن على سبيل المثال.

  • في الشرق كان للهدهد دلالات أكثر إيجابية من نظائرها في الغرب
    في الشرق كان للهدهد دلالات أكثر إيجابية من نظائرها في الغرب

كانت علاقة الإنسان بالهدهد تتكوَّن في معظمها من أساطير وروايات شعبية. فالمصريون القدماء كانوا يقتنون "الهداهد" في بيوتهم، ويربطون ما بينها وبين "عين حورس"، التي كانوا يعتقدون أنها قادرة على رؤية العوالم غير المرئية.

واعتقد الإغريق أن "الهدهد" قادر على فتح الأماكن المغلقة، أما العرب فقد نسبوا تاجه إلى أسطورة تتحدّث عن فضيلة برِّه بوالديه، و هم يضربون المثل بقوة إبصار الهدهد فيقولون: "أبصر من هدهد"

الهُدهُد شعار وطابع 

عندما صدرت جريدة "سبأ" في مطلع الستينيات بمدينة تعز اليمنية على يد الصحافي، محمد عبده صالح الشرجبي، اتخذت من الهدهد شعاراً بصرياً لها.

وكان ذلك هو حال وكالة الأنباء اليمنية، سبأ، التي اتخذت من هيئة الهدهد شعاراً وعلامة تجارية لها، ومن الآية الكريمة: "وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ" (النمل 22)، شعاراً مكتوباً للدلالة على الاتساق الموضوعي والوظيفي لوكالة أنباء إخبارية.

  • طابع بريدي يحمل صورة الهدهد
    طابع بريدي يحمل صورة الهدهد

كما غزا اسم الهُدهد عدداً من مواقع التواصل الإلكتروني والاجتماعي، ومنصات التراسل الفوري، ودخل فضاء التطبيقات الرقمية للمراسلات، وجسّدته بعض الدول على شكل طابع بريدي نظراً لأهميته البيئية والرمزية.