سيارة "برمائية".. اختراع لبناني من قلب الأزمة

قد يتوشّح العمل الشخصي بالوطني في كثير من الأحيان، فيبدع المعنيون من عندياتهم وطاقاتهم على اختلاف مشاربها... من هنا أتى تصنيع السيارة البرمائية اللبنانية التي كان الميادين نت أول من واكبها... فما قصتها؟

  • خليل للميادين نت: “حوّلت الشغف بالسيارات إلى المياه (غرافيك: بتول زبيب - علي شميس)
    خليل للميادين نت: حوّلت الشغف بالسيارات إلى المياه ( تصوير: خالد عياد - غرافيك: بتول زبيب - علي شميس)

شاطئٌ لازوردي لا يعترف بالعتمة... أدمغة لا تألو على شيء... طاقات شبابية لا تنضب رغم الأزمة الاقتصادية والمعيشية القاهرة.

"أمل رغم الألم".... رغم كل شيء، نعم، فها هو شاطئ بيروت يتحف العالم مجدداً بإنجازات تتلوها إنجازات.. شباب لبناني لا يقنط.. ليس لليأس مكان في معجمه، يجترح من الأزمة فرصاً، ومن الألم عصارة حبور.

اقرأ أيضاً: "أمل رغم الألم" في لبنان... وعينٌ على البحر!

كنا قد أضأنا على إنجازت شباب فلسطينيين وعرب ابتكروا وأبدعوا عبر بنات أفكارهم...

وفي مضمار حديثنا اليوم عن السيارة البرمائية اللبنانية، ننحو لاستذكار تقرير الميادين نت من رحم المعاناة، حيث اجترح الفلسطيني فتحي أبو غرابة ابتكاراً، رغم ما يعانيه قطاع غزة المكبّل بالحصار الإسرائيلي الجائر، والمحاط بالنار والاعتداءات.

فمن داخل بقالته الصغيرة... ومن قطع الخردة عكف فتحي على تصنيع سيارة السباق الخاصة به!

اقرأ أيضاً: سيّارة سباق من "الخردة" لشابٍ من غزة: الاحتلال قد يخشى سيارتي

وقد يتوشّح العمل الشخصي بالوطني في كثير من الأحيان، فيبرز الجميع طاقاته على اختلاف مشاربها لخدمة الأوطان... من هنا أتت سيارة "قدس رايز" التي واكبها الميادين نت من بيروت!

واليوم... نحن نعاين سيارة برمائية تمخر عباب الماء بسواعد لبنانية 100%.... قرب مرفأ بيروت المثكل بجراحات "بيروتشيما"ّ!

  • فيديو للسيارة البرمائية 

رفض الهجرة... فقدّم إنجازاً

 آل الشاب عبد الهادي خليل على نفسه تنفيذ ما يجول في مخيلته منذ نعومة أظافره، فعكف على تحقيق حلمه وأتانا بسيارة  برمائية جميلة ورشيقة!

  • السيارة من الداخل
    السيارة من الداخل (صور خالد عياد)

يقف الشاب اللبناني الذي عمل موظفاً في القطاع المصرفي بزهو أمام سيارته التي تتوسط مراكب ويخوتاً فارهة لمسؤولين ورجال أعمال عرب ولبنانيين في منطقة "زيتونة باي" الراقية على شاطئ بيروت، فمن هنا تمّ الترخيص له بتجربة السيارة العتيدة.

اختيار خليل للون الأحمر، جاء موفّقاً للغاية بين المراكب البيضاء، من على صفحة الماء الزرقاء، مشهدية "العربة" المائية توحي لك بسيارات السباق أو "الفورمولا 1".

  •  سيارة برمائية نمخر مياه شاطىء بيروت!
    سيارة برمائية تمخر مياه شاطئ بيروت!  (صور خالد عياد)

للوهلة الأولى، قد يبدو في  المشهد ترفٌ ما، من وجهة نظر البعض، لكن الإنجاز يفرض نفسه، فالشاب الذي رفض الهجرة، ومبارحة وطنه أقبل على تصنيع سيارته بروح التحدي وإثبات الذات... فكيف لا ترفع له القبعة!؟

خليل الذي قام بما قد تعجز عنه شركات، يقول للميادين نت إنه حوّل الشغف بالسيارات إلى المياه، "تحدّينا الظروف لنثبت أن الشاب اللبناني والقدرات اللبنانية باستطاعتها الوصول إلى العالمية".

تصميم مستوحى من "بول ووكر" 

نعاين السيارة الفريدة فنلاحظ لمسات الرفاهية في داخلها، فالمقاعد الوثيرة فيها  قد تأخذك إلى عالم "الليموزين"!

حول تصميم سيارته يقول "استوحينا تصميم السيارة من سيارة بول ووكر في movie fast and furious، وعملنا عليها من الداخل بطريقة احترافية جداً ووضعنا الإكسسوارات لتعيش الإحساس بأنك في سيارة، من الساعات إلى الشاشة إلى الراديو والفرش (باسم السيارة) والـ surround system وغيرها"، ما يعطي للسيارة لمسات الـ Luxury.

وإذ يوضح أن محرّك السيارة يعمل على البنزين، يقول إنها معروضة للبيع ولكنني لم أحدد سعراً لها، أودّ أن أعرف رأي الناس بها، عرض عليّ بيعها بـ 76 ألف دولار، وهناك مَن طلب استثمارها إن كان من شركات أو أفراد، وعُرض عليّ تأجيرها".

خليل يردف قائلاً "نحن حالياً نتلقّى الطلبات من الناس لتصنيعها وفقاً لأذواقهم، وجاهزون لتلقّي الطلبات وتحويل ما قمنا به إلى مهنة في لبنان، وأن ننطلق منه نحو الخارج".  

  •  السيارة البرمائية
    السيارة البرمائية في بيروت (صور خالد عياد)

الداعم للفكرة هو رئيس "البعثة الدبلوماسيبة لسفراء السلام" خليل شداد، "الذي آمن بالحلم – الفكرة وقدّم دعمه، والهدف منها عرض مدى القدرات اللبنانية في أي مجال وليس في صناعة سيارة فقط"، يكشف خليل.

خليل: "لا مكان لليأس... وفي البلد طاقات كثيرة"

"رسالتي هنا للجميع، ألّا ييأسوا بل أن يقبلوا على المغامرة والتصميم لتحقيق الحلم، كما حقّقت حلمي"، يقول خليل، مضيفاً  "لست أوّل أو آخر شخص يقوم بالابتكار فالبلد مليء بالطاقات، وكلّ فرد منا يجب أن يؤمن بفكرته ويتكل على الله لتنفيذها".

ويبقى السؤال، كيف تعتبر أن السيارة هي الأولى من نوعها عالمياً؟ يوضح خليل: "منذ عشرات السنين هنالك تجارب لابتكار وتصنيع هكذا سيارات، منها ما نجح ومنها ما لاقى الفشل، ولكن النقطة التي تجعلها عالمية هي  الـ Realizm ، فضلاً عن التفاصيل الداخلية والشكل التقليدي التي تتمتع به كسيارة مشهورة عالمياً، ومن هنا يمكن اعتبارها الأولى عالمياً".

مفهوم الـ Realizm يشرحه صانع السيارة فهو "هنا يتأتى من "أن تصنيع السيارة المذكورة أتى من واقع كموديل معروف "تويوتا سوبرا" وهي سيارة شهيرة في فيلم movie fast and furious، والسيارت المبتكرة الأخرى ليس لها هوية وشكل محدّدين، وربما  يطلق عليها مصمّموها أسماء عالمية لكنها بعيدة عن الواقع، وهي كفكرة أن يبتكر الإنسان "روبوتاً" بلا شكل أو أن يطلع علينا بروبوت جميل مع هوية وفائدة".

ويختم بقوله، "كما أن أدق التفاصيل داخل السيارة تضفي عليها رونق الواقعية والتفرّد، فتنسى أنك داخل مركب، بل تقودها كسيارة تمشي على الماء عوضاً عن الإسفلت".