أطفال سوريون يتلقون دعماً نفسياً بعد الزلزال
في فناء المدرسة كان الأطفال يستمتعون بالشمس الدافئة ويغنون ويرقصون في مجموعات، بمشاركة أشخاص أكبر سناً بغية الترفيه عنهم وإبعادهم عن أجواء الزلزال التي ما زالت تسيطر على مخيلتهم.
ترك الزلزال الذي ضرب سوريا في 6 شباط/فبراير الجاري إلى جانب الدمار والخسائر الفادحة، مشاهد مؤلمة في ذاكرة مئات من الأطفال السوريين، الذين باتوا بحاجة ماسة إلى مساعدة نفسية عاجلة.
ولجأ معظم من نجا من الزلزال إلى الملاجئ، وهي إما خيام نصبت في الحدائق العامة أو مدارس تم تحويلها مؤقتاً إلى مأوى لهؤلاء الناجين.
وفي مدرسة عبد المطلب في منطقة الجابرية بحلب شمال سوريا، كان هناك نحو 111 عائلة مكوّنة من 453 شخصاً، بينهم 75 طفلاً.
وأصيب معظم الأشخاص الذين بقوا في المدرسة، المكان الأكثر أمناً لهم، في اليوم التالي بعد الزلزال بصدمة، بغضّ النظر عن أعمارهم ، ومع ذلك كان الأطفال هم الأكثر تضرراً لأن الهزة القوية سببت لهم ذعراً يصعب نسيانه.
ودفع هذا الأمر بعض المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) والجمعيات الخيرية المحلية إلى التدخّل لمساعدة هؤلاء الأطفال في التغلّب على التجربة غير السارة التي عاشوها.
ففي فناء المدرسة كان الأطفال يستمتعون بالشمس الدافئة ويغنون ويرقصون في مجموعات، بمشاركة أشخاص أكبر سناً بغية الترفيه عنهم وإبعادهم عن أجواء الزلزال التي ما زالت تسيطر على مخيلتهم.
الإسعافات الأولية النفسية للأطفال
كان الجوّ صاخباً للغاية فالموسيقى تصدح عالياً وضحكات الأطفال تعلو مع الموسيقى، حيث حاول المنظمون استبدال التجربة السيئة بذكريات جديدة ممتعة.
وقال مسؤول الدعم النفسي والاجتماعي في (اليونيسف) أدهم بكر، لوكالة أنباء "شينخوا" إن خدمة الدعم النفسي والاجتماعي شيء كانوا يقدمونه بالفعل للأطفال أثناء الحرب.
وتابع "بعد الزلزال بدأنا ما يسمى بالإسعافات الأولية النفسية للأطفال".
وأردف قائلاً "بشكل عام، نحن نعمل على الدعم النفسي والاجتماعي، هذا شيء احترازي بعد الحرب، هذا ما اعتدنا فعله بشكل روتيني".
وأضاف "وعندما كانت لدينا الكارثة، وهي الزلزال، وهو شيء جديد في سوريا، بدأنا في اليوم التالي ما يسمى بالإسعافات الأولية النفسية، ولا سيما أن الأطفال تعرضوا لصدمة واضحة حتى أن الأهل كانت عندهم الصدمة نفسه".
من جانبها، قالت صفاء سلورة مديرة مشروع الأثر الذي يقدم أيضاً المساعدة للأطفال المصابين بصدمات نفسية، فضلاً عن دعم النازحين، إنهم نجحوا في إشراك الأطفال المصابين بصدمات نفسية في الأنشطة التي كانوا يستعدون لها مثل العديد من الأطفال، ولكنّ هناك أطفالاً كانوا يعزلون أنفسهم في الزوايا من شدة الصدمة.
وأضافت سلورة "خلال الأيام الأولى التي أعقبت الزلزال، كان لدى الأطفال خوف كبير، وكان العديد منهم يتخذون زوايا (يعزلون أنفسهم) في الغرف التي كانوا يقيمون فيها، وحاولنا بذل قصارى جهدنا لإخراجهم إلى الفناء لإشراكهم في الأنشطة، وبدأنا نرى الضحك على وجوه الأطفال".
وفي المدرسة، وجدت المعلمة سناء الكردي نفسها تبحث عن ملجأ في المدرسة نفسها التي تعمل فيها بعد الزلزال.
وقالت الكردي وهي أم لطفلين، "عندما وقع الزلزال وبدأ المنزل يهتز، وجدت نفسي أركض مع أطفالي إلى مكان عملي".
وفي المدرسة، شعرت الكردي وكأنها في المنزل لأنها تعرف المكان، ومع ذلك أعربت عن أملها في أن لا تستمر إقامتها هناك لفترة طويلة، وهي تريد العودة إلى المنزل بعد الانتهاء من الإصلاحات اللازمة.
274 ملجأ في جميع أنحاء سوريا
وكانت وزارة الإدارة المحلية والبيئة قد قالت الأحد الماضي، إنه تم افتتاح 274 ملجأ في جميع أنحاء سوريا لاستضافة ضحايا الزلزال الذي ضرب البلاد في 6 شباط/فبراير.
وقالت الوزارة في بيان مقتضب إنه تم افتتاح 235 ملجأً في محافظة حلب الشمالية، و32 في محافظة اللاذقية شمال غرب البلاد، و 5 في محافظة حماه، واثنين في محافظة طرطوس.
وضرب زلزال مدمر بقوة 7.7 درجات على مقياس ريختر جنوب تركيا وشمال سوريا فجر الاثنين 6 شباط/فبراير الجاري، فيما وصلت ارتدادات الزلزال إلى دول أخرى في المنطقة، وشعر بها السكان في لبنان وفلسطين والعراق ومصر.
ويعدّ الزلزال واحداً من بين أقوى الزلازل منذ عام 1939، وفقاً لتصريحات رسمية تركية، وتلاه خلال الأيام الأخيرة عدد كبير من الهزات الارتدادية في عددٍ من محافظات البلاد والدول المجاورة.
وكانت رئيسة دائرة الصحة النفسية في الوزارة الدكتورة أمل شكو أشارت في تصريح لمراسلة سانا إلى أنه تم التنسيق والتواصل مع رؤساء شعب الصحة النفسية في المحافظات المتضررة، وذلك بسبب الظروف الطارئة التي ألحقت الكثير من الأضرار الجسدية والنفسية والمادية.