عن محمد بودية المفكر والمجاهد
مفكر شارك في "ثورة التحرير الجزائرية" وساعد الفلسطينين في مقاومتهم.. تعالوا لنعرف أكثر عن محمد بودية.
ترجمة وتقديم: وليد محمد قرين
كتب النص أدناه الشهيد الجزائري محمد بودية في العام 1964، مبرزاً فيه مكانة ثورة التحرير الجزائرية ودورها في تحرير الجزائري من التبعية الثقافية وحقه في أن يستعيد ثقافته وشخصيته الوطنية.
ومحمد بودية مجاهد ومسرحي ومفكر جزائري شارك في "ثورة التحرير الجزائرية" ثم في "ثورة التحرير الفلسطينية".
وكان خبيراً في العمليات الفدائية ونسق وتعامل مع الكتيبة الفلسطينية "أيلول الأسود"، وشاركها في عمليات فدائية في هولندا وإيطاليا ضد أهداف اقتصادية تخدم الكيان الصهيوني.
استشهد بودية في العام 1973 بعدما قامت فرقة من "الموساد" الإسرائيلي بتفجير سيارته في باريس.
وهنا نص الافتتاحية التي كتبها بوديّة لمجلة "نوفمبر" الثقافية الجزائرية الناطقة بالفرنسية:
"لم يُعِدْ استقلال الجزائر إلى الشعب حريّته فحسب، وإنما أعاد إليه أيضاً كامل تُراثه من خلال تمكينه من الوصول أخيراً إلى ما هو جوهر كل حضارة، ألا وهو الثقافة.
لم يكُف الشعب الجزائري، طوال 130 سنة، عن انتسابه إلى ثقافة وطنية، حيّة، حقيقية، أثراها أفق التحرّر الوطني الذي كان يُحضِّره، معارضاً أضخم محاولة تدمير شخصية شعب في التاريخ، ومُلتجئاً حتى إلى سرّية الثقافة الشفوية.
إنّ أحد المطالب الأساسية لنوفمبر 1954 يبقى بلا أدنى شكّ حق الجزائر في الرجوع إلى منابعها الثقافية الطبيعية، وحق شعبها في اكتسابها، الحق في فتح أبوابها لمُثل الحرية والتقدّم، وحقّها في إقحام كل التيّارات التي بصدَدها أن تُثري الإنسانية.
واليوم، الثقافة هي، بالنسبة إلينا نحن الجزائريون، مُرادِفة للحرية، هي استرجاع لشخصيّتنا، هي انفتاح أكبر على الإنسان كما تعني إمكانية دَمْج وسائل وطُرُق تقود إلى رفاهٍ مستمر.
تصبح الثقافة، في الجزائر الاشتراكية، إحدى ركائز الإيديولوجيا ومنارتها. فهي تُحدِّد بالتالي دور الطليعة في تشييد البلد، بواسطة نشاط المُثقّفين الثوريين.
لن تكون مجلة "نوفمبر" إلا استمراراً لنشاط لم يتوقَّف منذ أن اكتشف الإنسان لنفسه آفاق لا حدود لها في مجال المعرفة والعِلم.
نتمنَّى أن تكون "نوفمبر" نقطة لقاء كل القوى التي تُكافِح من أجل رَفْع المستوى الاقتصادي والثقافي للمعدومين، لأولئك الذين رأوا أبواب المعرفة أو تعلّم الأبجدية البسيطة تُغلَق أمامهم.
تلتزم "نوفمبر" من أجل ثقافة حيَّة ضدّ ثقافة مُنَمَّقة. هي تطالب بالتُراث الجزائري في شموليّته، وستخلّصه، إذا استلزم الأمر، من أوراقه الميتة وستعمل على إقحامه في تيّارات كونية مُبْدِعة. سيكون تحرير الثقافة من الاستلاب شعاراً آخر للمجلة. ستسعى المجلة، مع كل المُثقّفين الثوريين، إلى مواصلة هذا الكفاح المولود في الأزمنة الغابِرة، كفاح يقود إلى ازدهار الإنسان".
***
وهنا إحدى محاولات بودية في كتابة الشعر، والقصيدة المعنونة "شعارات".
شعارات*
رُباعَ رُباعَ
ستصعد
أدراج
الحرية
ثلاث ثلاث
ستُحَطّم
سفن الحماقة الظلامية
مُثنَّى مُثنَّى
ستَطْبَع
العلامات الحديدية المُلْتَهِبة
للحقيقة
واحدة بواحدة
ستخوض
كل معارك
المعرفة
ووحدك
مع نفسك أنت
اطرح المسألة المُحيِّرة
مسألة القمح الذي لا يكفي
*نشرت القصيدة في 1 آذار/مارس 1963، في العدد 4 من La Révolution à l’Université (الثورة في الجامعة)، لسان حال "الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين".