ما هو هرمون السعادة؟ وهل من الممكن تحفيزه؟
الحب والتعاطف والثقة بالنفس والرضا واللذة والبهجة، حتى الأمومة وغيرها الكثير من المشاعر، لا تتعلق ببنية الشخصية فحسب، بل ببعض الهرمونات التي ينتجها الدماغ والأمعاء أيضاً، ويُطلق عليها اسم "هرمون السعادة"، فما هي؟
قبل الحديث عن هرمون السعادة، لا بدّ من التطرق إلى مفهوم السعادة. فالحب والذكاء والثقة بالنفس وغيرها الكثير من المفاهيم المجردة، اختلف الفلاسفة قديماً وحديثاً حول تعريفها. كما اختلف علماء النفس ومدارسه كافة.
كذلك بالنسبة لمفهوم السعادة، من الصعب تعريفه ومن الصعب إيجاد جواب موحد لسؤال "ما هي السعادة؟". فالسعادة تختلف من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر، وأحياناً من وقت إلى آخر.
ولا بدّ من الإشارة إلى ضرورة التمييز بين الفرح والسعادة. فالفرح حالة عابرة، بينما السعادة هي حالة من الرضا التام تتميز باستقرارها وثباتها.
أما الطب فيتناول السعادة على أنها حالة نفسية-فيزيائية، تميّز الأداء السليم للجسم؛ والسعادة هي انعكاس للانسجام بين جزأي الدماغ اللذين يتمتعان بقوة اتخاذ القرار: الحوفي (Limbic) والقشرة المخية الحديثة (Neocortex).
ولكن، صعوبة تعريف السعادة لا تنطبق على هرمون السعادة، فما هو؟
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض سرطان الدم وخطورته على الحياة؟
هرمون السعادة
أظهرت الدراسات والأبحاث العلمية وجود هرمونات مسؤولة عن الشعور بالرضا والسعادة، وشعبياً يُطلق عليها "هرمون السعادة"، وهو المسؤول عن شعور الإنسان بالسعادة. فما هو "هرمون السعادة"؟ ومم يتألف؟ وكيف يعمل؟
ما هو هرمون السعادة؟
بداية، لا بدّ من تعريف الهرمونات. فالهرمونات عبارة عن مواد كيميائية، تفرزها الغدد الصماء في الجسم. ولأن الغدد بلا مجرى، يتم إفراز الهرمونات مباشرة في مجرى الدم وليس عن طريق القنوات. والدم ينقلها إلى أعضاء وأنسجة الجسم لممارسة وظائفها. هناك العديد من أنواع الهرمونات التي تعمل على جوانب مختلفة من وظائف وعمليات الجسم. بعض هذه تشمل:
- التطور والنمو
- عمليات الأيض واستقلاب المواد الغذائية
- الوظيفة الجنسية والنمو والصحة الإنجابية
- الوظائف المعرفية والإدراكية والمزاج
- المحافظة على حرارة الجسم والعطش
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض سرطان الثدي وطرق علاجه والوقاية منه؟
أما بعض الغدد الصماء الرئيسية في الجسم فهي:
- الغدة الدرقية (Thyroid): تحتوي على الهرمونات المرتبطة بحرق السعرات الحرارية ومعدل ضربات القلب.
- الغدد جارات الدرقية (Hypoparathyroidism): تتحكم هذه الغدة في كمية الكالسيوم في الجسم.
- الغدة النخامية (Hypothalamus): مسؤولة عن درجة حرارة الجسم والجوع والحالات المزاجية، والعطش، والنوم، وممارسة الجنس.
- الغدة الصعترية (Thymus): تلعب دوراً في تعزيز وظيفة الجهاز المناعي.
- الغدة الكظرية (Adrenal glands): تتحكم في الهرمونات المسؤولة عن القدرة الجنسية، والكورتيزول، والأدرينالين (الإبينفرين).
- الغدة النخامية (Pituitary gland): تسيطر على عدد من الغدد الهرمونية الأخرى التي تحفز النمو.
- الغدة الصنوبرية (Pineal gland): وتسمى أيضاً المهاد، وتنتج هذه الغدة مشتقات السيروتونين من الميلاتونين الذي يتحكم بالنوم.
- البنكرياس (Pancreas): تنتج هذه الغدة الأينسولين الذي يساعد على التحكم في مستويات السكر في الدم.
- المبيضان (Ovaries): وتفرز فيهما الهرمونات الجنسية الأنثوية، مثل: هرمون الإستروجين، والتستوستيرون، والبروجسترون.
- الخصيتان (Testes): ويُنتج فيهما هرمون الذكورة التستوستيرون والحيوانات المنوية.
تفرز هذه الأعضاء الهرمونات بكميات مجهرية، ولا يتطلب الأمر سوى كميات صغيرة جداً لإحداث تغييرات كبيرة في الجسم. أي خلل بسيط (زيادة أو نقصان) في إفراز الهرمون يؤدي إلى حالات مرضية.
واحدة من وظائف الهرمونات الهامة، هي المساعدة في تنظيم الحالة المزاجية. فبعض الهرمونات تساعد في تعزيز المشاعر الإيجابية، بما في ذلك السعادة والمتعة. وهي ما يُطلق عليها هرمون السعادة، علماً أنها ليست هرموناً واحداً بل مجموعة من الهرمونات.
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض الغدة الدرقية ومخاطرها على الحياة؟
مم يتكون هرمون السعادة؟
كما أسلفنا، هرمون السعادة يطلق على مجموعة من الهرمونات، وهي بشكل أساسي 4 هرمونات:
1- الدوبامين:
يُعرف الدوبامين (Dopamine) بأنه هرمون السعادة، والصحيح أنه هرمون النجاح والمكافأة. فالمكافأة والرضا توفران المتعة التي تختلف عن السعادة. هو ناقل عصبي يعد جزءاً مهماً من نظام المكافأة في الدماغ. إذا تم الثناء عليك لقيامك بعمل جيد، تتنشط هذه الدائرة، ويمنح الشعور بالسعادة. إلى جانب التعلم والذاكرة ووظيفة النظام الحركي، يحفز الدوبامين أيضاً سلوكيات البحث عن المتعة. يشتق الدوبامين من التيروزين، المرتبط بالغذاء.
2- السيروتونين:
السيروتونين (Serotonin) هو هرمون السعادة الفعلي. إذ يساعد هذا الناقل العصبي، على تنظيم الحالة المزاجية وكذلك النوم والشهية وعملية الهضم والقدرة على التعلم والذاكرة. هو أحادي الأمين، ويشتق من الأحماض الأمينية.
الغريب في أمر هرمون السيروتونين، أنه لا يُنتج في الدماغ بل في مكان أكثر غرابة، وهو الأمعاء! وبالتالي فإن الأمعاء أو "دماغنا الثاني" كما يُطلق عليها، مسؤولة عن إنتاج "هرمون السعادة" الحقيقي.
هذا الناقل العصبي المعزز للمزاج الجيد، حساس بشكل خاص على الرياضة. هذا هو السبب في أن المشي السريع يصنع المعجزات. يكفي ممارسة الرياضة لمدة 10 دقائق يومياً ليكون لها تأثير محفز لهرمون السيروتونين.
اقرأ أيضاً: أسباب تساقط الشعر.. وكيفية علاجه
3- الأوكسيتوسين:
غالباً ما يُطلق على هرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin) اسم "هرمون الحب"، وهو ضروري للمرأة الحامل والولادة والرضاعة الطبيعية والترابط القوي بين الوالدين والطفل. يمكن أن يساعد هذا الهرمون أيضاً على تعزيز الثقة والتعاطف والترابط في العلاقات. وتزداد مستويات الأوكسيتوسين بشكل عام مع المودة الجسدية مثل التقبيل والعناق والجنس.
يُعرف تأثيره بشكل خاص عند النساء، ويرتبط الأوكسيتوسين ارتباطاً مباشراً بمستوى الرضا عن الحياة.
4- الإندورفين:
هرمون الإندورفين (Endorphin) هو مسكن طبيعي للألم، يفرزه الجسم استجابة للتوتر أو الانزعاج. تميل مستويات الإندورفين أيضاً إلى الزيادة عند الانخراط في أنشطة منتجة للرضا واللذة.
يرتبط الإندورفين بشكل أساسي بالتمارين الجسدية. تقول أخصائية طب الأسرة في Henry Ford Health الدكتورة فاطمة فارفا Farvah Fatima MD إن "تمارين القلب والأوعية الدموية من أفضل الطرق لزيادة الإندورفين".
يعمل هذا الهرمون القوي كمسكن طبيعي للألم، وتقليل الانزعاج وتعظيم المتعة. إنه السبب الرئيسي خلف قدرة الرياضيين على تجاوز الألم أثناء سباق صعب أو مباراة طويلة.
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض الحمل المبكر وكيف تجتازين حملك بأمان؟
كيف أرفع هرمون السعادة؟
تعتمد مستويات هرمونات السعادة على الجينات والأفعال أو العادات معاً. لذلك فإنه من السهل تحفيز هذه الهرمونات بطرق بسيطة وفعالة، مثل الاستماع إلى الموسيقى.
أظهرت دراسة نشرتها مجلة Psychological Science في العام 2008، ثم نُشرت مرة أخرى في مجلة Nature في العام 2016، أن جيناتنا مسؤولة بنسبة 50% تقريباً عن سعادتنا. وبالرغم من ميل الإنسان بشكل طبيعي نحو الإحباط وانخفاض الروح المعنوية، فمن الممكن اتخاذ خيارات نشطة لعيش يوم أكثر إشراقاً وسعادة.
وهناك دراسة أخرى، وهي أطول دراسة على الإطلاق أجريت عن السعادة، إذ استغرق البحث عن أسباب الحياة السعيدة، الذي قدمه روبرت والدينجر (Robert Waldinger) من جامعة هارفارد (وهو المدير الرابع لهذه الدراسة) أكثر من 75 عاماً.
تمّ خلال هذه الدراسة فحص ومتابعة حياة 724 متطوعاً، بالإضافة إلى شركائهم وأفراد أسرهم، ما رفع العدد الإجمالي للأشخاص الذين تمت دراستهم إلى أكثر من 2000. بعد تحليل البيانات، وجد ارتباط واضح بين العلاقات القوية والصحة الجيدة والسعادة.
كما أظهرت الدراسة أيضاً، أن الحفاظ على العلاقات الإيجابية يساعد الناس على إبطاء عملية الشيخوخة، وتمكنهم من عيش حياة أطول.
8 عوامل تعزز إنتاج هرمونات السعادة:
تمكنت دراسة هارفرد من اكتشاف 8 مفاتيح لتعزيز هرمونات السعادة، وهي:
1. ممارسة الرياضة
لا تحافظ التمارين الرياضية على اللياقة البدنية والصحة فحسب، بل تحمي أيضاً من المرض والضمور وتدهور الحالة الصحية. التمارين الرياضية تحفز إنتاج مختلف أنواع الهرمونات، بما في ذلك:
- هرمونات النمو الضرورية للشفاء والنمو.
- التستوستيرون (Testosterone)، الذي يساعد على إنعاش وتنشيط الجسم ويساعد على نمو العضلات.
- الإنسولين (Insulin) وهرمونات الغدة الدرقية (thyroid hormones)، التي تساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم وتساعد على التمثيل الغذائي.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد التمارين الرياضية الدماغ في إنتاج الهرمونات المرتبطة بالسعادة، مثل:
- الدوبامين (Dopamine)، وهو الهرمون المسؤول عن جعلنا نشعر بالراحة. إذا تمكنا من تحقيق أهدافنا المتعلقة بشكل الجسم أو الوزن، فسيتم إنتاج هذا الهرمون بكميات أكبر.
- السيروتونين (Serotonin)، والذي يساعد في تقليل أعراض الاكتئاب.
- الإندورفين (Endorphins)، يساعد في تقليص الألم الجسدي أو أعراض الإصابة في عضلاتنا نظراً لخصائصه الكيميائية التي تشبه المورفين، والذي يستخدم لتخفيف الآلام.
اقرأ أيضاً: أفضل تمارين البطن لشدّ الترهل وحرق الدهون
2. الابتسام والترفيه
زيارة أماكن جديدة، والحصول على تدليك مريح، أو المشاركة في الأنشطة الترفيهية، سواء كانت تشمل أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الأحباء والضحك (وليس السخرية من الآخرين)، يمكنها جميعها أن توفر الراحة والتخلص من التوتر والمشاكل التي قد تتراكم في الحياة اليومية.
علاوة على ذلك، فإن الحفاظ على الابتسامة عند مواجهة ظروف صعبة، يساعد في إنتاج الجسم للسيروتونين والإندورفين، وكلاهما مرتبطان ارتباطاً مباشراً بالسعادة.
3. التعرض للضوء ولأشعة الشمس
إن تعريض الجسم لأشعة الشمس خلال الصباح الباكر أو في فترة العصر (تجنب الشمس في ساعات ذروتها التي تختلف بين الفصول) يساعد في إنتاج فيتامين (D). بالإضافة إلى الحصول على هذا الفيتامين من مختلف الأسماك وكبد السمك وصفار البيض.
الفيتامين (D) لا يساعد في الحفاظ على عظامنا وتقوية جهاز المناعة فحسب، بل يحفز أيضاً بشكل غير مباشر إنتاج هرمون السيروتونين، وهو هرمون قادر على تقليل الأعراض المصاحبة للاكتئاب.
4. تناول الشوكولا
ليس صدفة الشعور بالسعادة أثناء تناول الشوكولا الداكنة. فالكاكاو الموجود بقوة في هذا النوع من الشوكولا يعزز إفراز هرمون الإندورفين المسؤول عن المتعة.
لقد وجدت الدراسات أن تناول نحو 50-100 غرام من الشوكولا الداكنة أو المرّة (ما يعادل 300-600 سعر حراري)، مرّة أو مرتين في الأسبوع بإمكانها أن تقلل من نسبة فقدان الحياة مبكراً بسبب أمراض القلب، مقارنة بأولئك الذين لا يأكلون أي شوكولا على الإطلاق.
يحتوي الشوكولا على مواد كيميائية أساسية، مفيدة للدورة الدموية وتساعد على تقوية الشرايين التاجية. الشوكولا الداكنة (المرّة)، المصنوعة من 70-85% كاكاو حقيقي، هي الأكثر فعالية في هذا الصدد.
بالرغم من أن الشوكولا الداكنة تحتوي على كميات قليلة من السكر والحليب، لكن يجب تناولها باعتدال.
اقرأ أيضاً: أعراض مرض القلب.. مَن تصيب؟ وكيف نتجنبها؟
5. تناول أطعمة تحتوي على التربتوفان
التربتوفان (tryptophan) هو حمض أميني أساسي لا يستطيع الجسم إنتاجه بمفرده. يمكن الحصول على التربتوفان من الحليب والزبدة وصفار البيض واللحوم والأسماك والديك الرومي والفول السوداني واللوز والتمر المجفف والموز والجبن وغيرها من الأطعمة الغنية بالبروتين.
يستطيع الجسم استخدام هذه المادة للمساعدة في إنتاج السيروتونين وفي العمليات العصبية التي تساعدنا على الشعور بالسعادة. علاوة على ذلك، يعمل التربتوفان جنباً إلى جنب مع حمض الفوليك والحديد لمساعدة الجسم في إنتاج خلايا الدم الحمراء.
6. اللعب مع الحيوانات الأليفة
مستويات التوتر لدى الإنسان تقل عند اللعب مع الحيوانات الأليفة. وذلك لأن العلاقة بالقطط أو الكلاب وغيرها من الحيوانات الأليفة التي تظهر العاطفة قد تزيد من إنتاج الجسم للهرمونات المرتبطة بالسعادة، بما في ذلك السيروتونين والأوكسيتوسين (هرمون مرتبط بالحب والعلاقات).
7. معانقة أو تقبيل أحد أفراد الأسرة
يمكن استخدام العناق والقبلات بين البشر لإظهار الحب والمودة والحماية وغيرها. هذا السلوك مع الأشخاص الذين نحبهم، يؤدي إلى إنتاج الجسم لعدد من الهرمونات المختلفة:
- الإندورفين (هرمون الرضا واللذة)
- الدوبامين (النجاح والمكافأة)
- الأوكسيتوسين (هرمون الحب)
اقرأ أيضاً: فقر الدمّ.. عارض صحيّ قد ينبئ بأمراض خطرة
8. التأمل
التأمل هو شكل من أشكال الراحة الروحية والنفسية. قد يكون مفيداً بعد يوم مشحون ومحبط. قد يساعد التأمل، عن طريق التنفس ببطء وبعمق قبل الزفير برفق، على التخلص تدريجياً من أي طاقة سلبية قد تراكمت خلال النهار. مجرد البقاء وحيداً مع أفكارك لبضع لحظات يمكن أن يساعدك على اكتساب الوعي وقبول بعض المواقف العصيبة.
كما تبين أن التأمل لمدة 30 دقيقة على الأقل يقلل من إنتاج الكورتيزول، وهو هرمون ينتج خلال الأوقات العصيبة، ويحل محله الإندورفين، المسؤول عن الشعور بالراحة والسعادة والانتعاش، ما يؤدي إلى إبطاء عملية الشيخوخة وتقوية جهاز المناعة في الجسم، مع ضبط موجات الدماغ في الوقت نفسه لضمان هدوء العقل من أجل نوم أفضل ليلاً.
أما أخصائية طب الأسرة في Henry Ford Health الدكتورة فاطمة فارفا، فترى في كتابها عن هرمونات السعادة، أنه "بالرغم من عدم وجود طريقة مؤكدة لإطلاق هرمونات السعادة، إلا أن هناك أنشطة من الممكن إضافتها إلى يومنا لتعزيز هرمونات السعادة الأربعة بشكل طبيعي. المفضلة منها:
التعبير عن حبنا بالعناق أو التقبيل لمن نحب، وتجربة العلاج بالروائح، والحصول على تدليك، وممارسة الجنس، والاستماع إلى موسيقى تشعرك بالسعادة، والتأمل، وقضاء الوقت في الهواء الطلق في البرية أو البحر، أخذ قيلولة، ومشاهدة فيلم كوميدي، وغيرها الكثير.
وتشدد الدكتورة فارفا على أنه "لا يهم ما هي الأنشطة التي تختارها طالما أن السعي إليها وممارستها يجلب لك السعادة". وتشدد على أنه "لا توجد طريقة صحيحة لتعزيز أي من هذه الهرمونات التي تبعث على الشعور بالسعادة". بدلاً من ذلك، فإن المفتاح هو ضبط جسمك، وملاحظة تأثير الأنشطة المختلفة على مزاجك بعد ممارستها.
هل مازلت تشعر بالإحباط بعد ممارسة الأنشطة التي تحبها؟ تقول فارفا إنه " في بعض الحالات، هناك اختلالات كيميائية تؤثر سلباً على مزاجنا، في هذه الحالة تحتاج إلى مشورة طبيب الأسرة، فربما تعاني من نقص في بعض العناصر الغذائية، مثل فيتامين B12 أو D. تذكر أن الحصول على العلاج المناسب هو المفتاح الصحيح".
اقرأ أيضاً: الصيام المتقطع وأفضل النصائح الطبية لممارسته
حبوب هرمون السعادة
يلجأ البعض إلى البحث عن حبوب هرمون السعادة، ظناً منه بأنها الحل لحالات المزاج المتعكر لديه. لكن، لا يمكن لأي أحد سوى الطبيب المختص تحديد ما إذا كانت حالة الشخص تستدعي اللجوء إلى العلاج بالأدوية الكيميائية، وذلك بعد إجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية اللازمة، لمعرفة إن كان الخلل بسبب سلوك الشخص وعاداته أم لاضطراب في وظيفة الغدد، أو لنقص في بعض الفيتامينات.
أعراض نقص هرمون السعادة
كما أسلفنا، إن تسمية هرمون السعادة تُطلق على 4 أنواع من الهرمونات المعنية بمزاجنا وحياتنا النفسية. لذلك سنتناول أعراض نقص كل هرمون على حدا.
أعراض نقص السيروتونين
من الممكن أن يؤدي نقص هرمون السيروتونين إلى أعراض نفسية مختلفة بما فيها الاكتئاب. ومع ذلك، فإن وجود الاكتئاب لا يعني بالضرورة نقص السيروتونين.
قد تظهر أيضاً أعراض نفسية أخرى بسبب نقص السيروتونين: العُصاب، والقلق، والعدوانية المتزايدة، واضطرابات المزاج التي لا أساس لها، ونوبات الهلع، والعصبية، والإرهاق، والرهاب.
لا تقتصر أعراض نقص السيروتونين على النفسية منها، فهناك أعراض جسدية منها:
- الصداع
- ألم عضلي
- انخفاض الشعور بالشبع
- مشاكل التركيز
- الاضطرابات الجنسية
- انخفاض الرغبة الجنسية
- متلازمة القولون العصبي
- ضغط دم مرتفع
- أمراض القلب والأوعية الدموية
اقرأ أيضاً: أعراض القولون العصبي.. الأسباب والعلاج
كيف تحفز إنتاج السيروتونين؟
في حالة النقص، من الممكن زيادة مستوى السيروتونين عن طريق العلاج الموصوف من الطبيب المختص بعد إجراء التقييم الهرموني بالفحوصات والتحاليل المخبرية.
ومن الممكن تحفيز إنتاج السيروتونين بالعديد من الوسائل الطبيعية، منها:
- التعرض للضوء الطبيعي والشمس لأطول فترة ممكنة كل يوم. فهناك علاقة سببية بين توليف السيروتونين والعدد الإجمالي لساعات سطوع الشمس في اليوم.
- ممارسة التأمل واليوغا وتمارين التنفس والتدليك أو الانخراط في نشاط ترفيهي للتغلب على الإجهاد، الذي يميل إلى خفض مستوى السيروتونين الذي ينتجه الجسم.
- اتباع نظام غذائي متوازن.
- ممارسة الرياضة، فالنشاط البدني من شأنه أن يزيد التربتوفان في الجسم.
اقرأ أيضاً: التسمم الغذائي.. أسبابه ومخاطره والوقاية منه
أعراض نقص الدوبامين
لا تظهر أعراض نقص الدوبامين لعدة سنوات، فهي بطيئة ومتدرجة. خلال هذه الفترة، يعوض الدماغ عن انخفاض الدوبامين من خلال عمليات اللدونة (عكس المرونة)، والتي تسمح للدماغ بالعمل بشكل طبيعي، "إلى أن يتم تدمير جزء كبير من الخلايا العصبية الدوبامين ويصبح الدماغ غير قادر على التعويض".
هناك 3 أعراض رئيسية. قد تكون متفاوتة الشدة ولا تتواجد جميعها في نفس الوقت:
1- البطء في تنفيذ وتنسيق الحركات (akinésie).
2- تصلب العضلات (فرط التوتر = hypertonie).
3- رعاش في الأطراف وخاصة في اليد عند الراحة.
تنتج هذه الأعراض "على الأرجح عن تداعيات المرض على هياكل الدماغ غير الدوبامينية":
- اضطرابات النوم
- فقدان حاسة الشم
- الاضطرابات المعرفية
- اضطرابات التوازن
- الألم
- الإمساك
- التبول العاجل
- الكآبة
اقرأ أيضاً: ما هو الجاثوم.. أسبابه والوقاية منه
قد تكون بعض هذه العلامات أيضاً علامات تحذيرية لأعراض أمراض حركية.
لا بدّ من الإشارة إلى العلاقة بين نقص الدوبامين ومرض باركنسون (Parkinson). إذ يحدث مرض باركنسون في المقام الأول، بسبب التنكس التدريجي للخلايا العصبية الدوبامينية في الدماغ . كما أسلفنا، فإن الدوبامين هو ناقل عصبي يشارك في التحكم في العديد من الوظائف، مثل الحركات الإرادية والإدراك والتحفيز والتأثير. ويرتبط هذا الموت العصبي بـ 3 ظواهر أساسية:
1- تراكم عناقيد تسمى أجسام ليوي (Lewy bodies)، تتكون بشكل كبير من بروتين ألفا سينوكلين (α-synuclein).
2- نشاط غير طبيعي للميتوكوندريا (mitochondria) وهي جزء مهم من الخلايا يصنّع الطاقة من الغذاء، والتي هي "قوى" الخلايا أو (powerhouses).
3- التهاب أنسجة المخ، والذي يمكن أن يرتبط بعدة أنواع من الخلايا المناعية: الخلايا الدبقية للمناعة الفطرية (microglial cells of innate immunity)، والخلايا اللمفاوية التائية للمناعة التكيفية (T lymphocytes of adaptive immunity).
في الوقت الحالي، يعتمد علاج مرض الباركنسون بشكل أساسي على الدوبامين، للتعويض عن الآثار المرتبطة بالتنكس العصبي، وتلك الخاصة بالأدوية الأخرى التي تجعل من الممكن تخفيف الأعراض غير الحركية للمرض.
تحذير:
يجب استشارة الطبيب المختص وإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، لمعرفة سبب أو أسباب نقص أي هرمون من الهرمونات التي تُسمى "هرمون السعادة"، لأن أي اضطراب بوظيفتها قد يصبح خطيراً إذا لم يُعالج كما يجب.
اقرأ أيضاً: ما هو عرق النسا؟ وكيف يتم اكتشافه؟
أعراض نقص الأوكسيتوسين
بدايةً، إن أسباب نقص الأوكسيتوسين متعددة، قد تكون الاضطرابات النفسية، وقد تكون أيضاً بسبب بعض العلاجات الجراحية، كما هو الحال بالنسبة للمرضى الذين يخضعوا لجراحة الغدة النخامية بعد ورم أو سرطان مثلاً. في هذه الحالات، يحدث انخفاض في إنتاج الهرمونات (قصور الغدة النخامية).
إقرأ أيضاً: فوبيا الثقوب: اضطراب نفسي أم مجرد شعور وهمي؟
لدى الأشخاص المصابين بداء السكري الكاذب العصبي (Neurogenic diabetes insipidus)، نقص في هرمون آخر قريب من الأوكسيتوسين في الغدة النخامية وهو فازوبرسين (Vasopressin)، أو الهرمون المانع لإدرار البول (antidiuretic hormone = ADH) .
يختصر باحثون في جامعة كارديف (Cardiff University) في المملكة المتحدة أعراض نقص الأوكسيتوسين بعبارة "أوكسيتوسين أقل، التعاطف الأقل".
لتقييم دور الأوكسيتوسين في العلاقات الاجتماعية، قام هؤلاء الباحثون بإجراء دراسة مقارنة على 15 شخصاً يعانون من قصور في الغدة النخامية و20 شخصاً يعانون من السكري الكاذب العصبي، بالإضافة إلى مجموعة ضابطة من 20 شخصاً سليماً.
ثم أجرى المشاركون "مهمتين للتعاطف" ركزتا على التعرف على المشاعر من خلال تعابير الوجه. المجموعتان الأولى والثانية، اللتان تعانيان من مستويات منخفضة من الأوكسيتوسين، كان أداؤها أقل من المطلوب في مهام التعاطف.
وفقًا للباحثين، يمكن التنبؤ بالقدرة على التعرف على المشاعر من خلال قياس مستوى الأوكسيتوسين. تشير هذه النتائج إلى أنه يجب التنبه إلى عواقب التوازن النفسي للمرضى الذين يعانون من انخفاض مستوى الأوكسيتوسين.
ومع ذلك، يشير الباحثون إلى أن هذه النتائج الأولية، لا تزال بحاجة إلى دعم من خلال دراسات أخرى على عدد أكبر من المشاركين.
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض الجيوب الأنفية؟ مخاطرها وعلاجها
أعراض نقص الاندورفين
من الممكن أن تكون أسباب نقص الإندورفين وراثية أو مكتسبة. فالجسم يستخدم الإندورفين كنوع من تنظيم المزاج وتقليل الألم، ويساعد الناس على الشعور بالسعادة والرضا والرفاهية العامة.
نقص الإندورفين يسبب الاكتئاب والألم المزمن غير المبرر وانخفاض القدرة على تحمل الألم.
في كثير من الحالات، يتم تشخيص نقص الإندورفين بشكل خاطىء على أنه اضطرابات اكتئابية.
يُعرف نقص الإندورفين أيضاً باسم اضطراب نقص الإندورفين (EDS). قد يكون من الصعب على المتخصصين الطبيين تشخيص نقص الإندورفين قبل إجراء التحاليل المخبرية.
العديد من الأعراض المرتبطة باضطراب نقص الإندورفين، تشبه الأعراض التي تحدث في الاضطرابات الاكتئابية، مثل الاكتئاب الهوسي واضطراب ثنائي القطب.
الاكتئاب، المزمن أو المتقطع، وآلام الجسم العامة هما أكثر أعراض نقص الإندورفين شيوعاً. وقد يميل الشخص أيضاً إلى البكاء من دون سبب منطقي، أو الشعور بالألم بسهولة أكبر.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى كيفية علاج الزكام والوقاية منه
إن نقص الإندورفين يجعل من الصعب على الناس أن يكونوا سعداء بشكل عام في حياتهم.
يكون نقص الإندورفين جينياً، عندما لا يفرز الدماغ الإندورفين كما ينبغي النقص الجيني (الوراثي) مفرطي الحساسية عاطفياً.
عادة ما يكون نقص الإندورفين المكتسب مؤقتاً. وغالباً ما يكون ناتجاً عن الكثير من الألم الجسدي أو العاطفي، والإجهاد، وعدم ممارسة التمارين الرياضية الكافية.
يؤدي الإجهاد والألم إلى إنتاج الإندورفين، لكن التعرض المفرط لهما يؤدي إلى نتائج عكسية.
يتضمن علاج النقص عدة تقنيات. بالنسبة لنقص الإندورفين الوراثي، قد يصف الطبيب دواءً لتعديل إنتاج الإندورفين. كما إن معالجة كلا النوعين من النقص، الوراثي والمكتسب، قد يكون بزيادة تناول البروتين والفيتامينات.
في خطة علاج نقص الإندورفين، يوصى أيضاً بالنشاط البدني الكثيف والابتعاد عن التوتر أو الألم، قدر المستطاع، خاصةً في حالات نقص الاندروفين المكتسب.