فقر الدمّ.. عارض صحيّ قد ينبئ بأمراض خطرة
فقر الدم هو نقص في خلايا الدم الحمراء أو الهيموغلوبين في الجسم. والهيموغلوبين هو الحديد الغني بالبروتيين في خلايا الدم الحمراء (كريات الدم الحمراء) الذي يسمح بنقل الأوكسيجين إلى الأنسجة.
غالباً ما يستخف الناس بمشكلة فقر الدم، وأغلب ظنهم أنه مشكلة صحية عابرة من الممكن علاجها عن طريق تناول أدوية الحديد أو تحسين جودة النظام الغذائي والتركيز على أنواع الأطعمة الغنية بالحديد. لكن، وإن كان هذا صحيحاً في حالات فقر الدم الخفيفة أو العرضية، فإنه ليس كذلك دائماً. لأن مشكلة فقر الدم، قد تكون مؤشراً للإصابة بأمراض خطيرة جداً كسرطان الدم (اللوكيميا) والليمفوما والتلاسيميا وبالتالي تستوجب علاجاً سريعاً.
لذلك، ما إن تظهر أعراض فقر الدم، التي سنتحدث عنها لاحقاً، فعلى الشخص المعني المسارعة إلى استشارة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة، وبالتالي التشخيص المبكر والعلاج.
لكن، قبل الدخول في تفاصيل الإصابة بفقر الدم وأسبابه وطرق علاجه، من المفيد التعرف على خصائص الدم، ومما يتألف، ودوره في حياة الإنسان، لفهم ما هو فقر الدم بشكل أفضل.
اقرأ أيضاً: ما هو الجاثوم.. أسبابه والوقاية منه
ما هو الدم؟
الدم هو الحياة! يُضخه القلب في الشرايين والأوردة، وهو ضروري لعمل أعضاء الجسم بشكل صحيح، مثل الدماغ والعضلات والعظام وغيرها الكثير.
يحمل الدم الأوكسيجين والمواد المغذية (السكر والأملاح المعدنية والفيتامينات.. إلخ) ويحمل أيضاً الهرمونات الأساسية لحياة الخلايا.
إقرأ أيضاً: فيتامينات الشعر: بين كفتي الفوائد والأضرار
في المقابل، يقوم بجمع ونقل النفايات، التي تلفظها الأعضاء، إلى الأعضاء المختصة بتصريفها خارج الجسم، مثل الكلى أو الرئتين.
يلعب الدم أيضاً دوراً رئيسياً في دفاع الجسم عن نفسه ضد مسببات الأمراض (البكتيريا والفيروسات وما إلى ذلك) بفضل خلايا الدم البيضاء.
وعند الإصابة، تقوم الأوعية الدموية بإصلاح نفسها. وهذا ما يسمى بعملية التخثر.
يحمل الدم أيضاً مواداً كيميائية وهرمونات ضرورية، لتوازن الجسم وعمله بشكل سليم. وينظم درجة حرارة الجسم.
إن الدم مادة حيوية وأساسية، ولا يوجد، حتى اليوم، بديل عن دم الإنسان. ففي حالة فقدان الدم، لا يوجد بديل عن إجراء نقل الدم.
اقرأ أيضاً: الحبّة السوداء.. علاجات ووقاية وتقوية لجهاز المناعة
مما يتكون الدم؟
بالرغم من أنه سائل، إلا أن الدم عبارة عن نسيج مكوّن من سائل مالح، والبلازما، حيث يوجد 3 أنواع من الخلايا: خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية.
ما الدور الذي تؤديه خلایا الدم الحمراء؟
Les globules rouges sont les cellules essentielles qui distribuent l'oxygène dans le corps pic.twitter.com/bqzM63vu9b
— laBioauLabo - Jérémie Souchet (@laBioauLabo) August 30, 2016
دور خلايا الدم الحمراء هو نقل الأوكسيجين من الرئتين إلى الأنسجة. وفي المقابل تجمّع ثاني أوكسيد الكربون من أجل تفريغه من خلال الزفير. خلايا الدم الحمراء هي الخلايا الأكثر عدداً في البلازما، يبلغ تعدادها نحو 5 ملايين لكل ملم 3 (mm3) من الدم.
تسمى خلايا الدم الحمراء أيضاً كريات الدم الحمراء، وتحتوي على بروتيين "الهيموغلوبين" ووظيفته تثبيت الأوكسيجين، وهو الذي يعطي الدم لونه الأحمر. غشاء الكريات الحمراء مليء بالبروتينات، المستضدات، وهي التي تحدد فئة الدم: A و B و O و AB الإيجابية أو السلبية.
حياة خلايا الدم الحمراء
تفرز الكلى هرمون الإريثروبويتين، الذي يتحكم في نخاع العظام أو نقيّ العظم (bone marrow) لإنتاج خلايا دم حمراء جديدة. تجري هذه الكريات في الدم لمدة 120 يوماً. ثم يتم تدميرها في الطحال. كل يوم، يتم تجديد نحو 1٪ من خلايا الدم الحمراء.
اقرأ أيضاً: فوائد زيت الزيتون.. غذائية وعلاجية وتجميلية
ما هو الدور الذي تلعبه خلايا الدم البيضاء؟
اختصاص خلايا الدم البيضاء أو الكريات البيض هو الدفاع المناعي، وتحمي الجسم من الاعتداءات الخارجية، من البكتيريا والفيروسات والطفيليات.. الخ. هناك ما بين 4 و 10 آلاف خلية بيضاء في ملم مكعب من الدم!
عندما يتعرض الجسم لهجوم من إحدى مسببات الأمراض، تكتشفه بعض خلايا الدم البيضاء، فتشكل أجساماً مضادة محددة وتحارب الالتهابات في الجسم. إنها جنود الدفاع عن الجسم.
صفائح الدم
صفائح الدم (البلاكيت) هي خلايا بدون نواة، تتشكل في نخاع العظام (نقيّ العظم). تلعب البلاكيت دوراً أساسياً في عملية تخثر الدم، من خلال المساعدة على وقف النزيف أو منع النزيف أو التئام الجروح. يوجد 150 إلى 400 ألف من البلاكيت لكل ملم مكعب من الدم.
عند الإصابة بجرح، تقوم هذه الخلايا الصغيرة بسد الفجوة عن طريق الالتصاق بالسطح. وبفضل خصائصها اللاصقة، تلتصق البلاكات ببعضها البعض وتشكل "سداً". بعد ذلك، تعمل بروتينات البلازما المختلفة على تعزيز هذا "السد". ما يسمح للجرح بالشفاء وتشكيل قشرة حمراء على سطح الجرح تمنع فقدان الدم، وهذا ما يسمى بالتخثر.
بالنسبة لبعض المرضى، قد يكون نقل صفائح الدم ضرورياً لوقف أو منع النزيف أثناء بعض العمليات الجراحية الكبرى.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من نقص الصفائح الدموية أو اللوكيميا (سرطان الدم)، يعتبر نقل الدم أمراً حيوياً وضرورياً. يحتاج بعض المرضى إليه كجزء أساسي من العلاج الكيميائي.
العمر الافتراضي للصفائح الدموية قصير جداً، إذ يبلغ 7 أيام فقط.
اقرأ أيضاً: الشاي الأخضر.. فوائد وأضرار ومحاذير
البلازما
البلازما هي الجزء السائل من الدم الذي يشكل نصف حجم الدم. تتكون البلازما من 90% من الماء المالح، وهي التي تسمح لخلايا الدم والصفائح الدموية بالجريان في الأوعية الدموية.
تحتوي البلازما على أكثر من 100 بروتيين. يحافظ بروتيين الألبومين أو زلال الدم، الذي يشكل وحده 60% من البروتيين في الدم، على حجم السوائل في الجسم وترطيبه. كما أنه يحمل هرمونات وجزيئات أخرى. وبروتيين الغلوبولين المناعي ضروري في مكافحة العوامل المعدية. ويساعد في الوقاية من أمراض مثل التيتانوس والتهاب الكبد والحصبة الألمانية ومكافحتها.
اقرأ أيضاً: تليف الكبد: هل يمكن علاجه؟
تحتوي البلازما أيضاً على عوامل التخثر بما في ذلك العوامل المضادة للهيموفيليا (نزف الدم الوراثي) والعوامل المضادة للتجلط (الجلطة التي تسد الأوعية الدموية). يمكن أن يتسبب النقص الوراثي في هذه البروتينات بحدوث نزيف حاد، كما هو الحال في مرضى الهيموفيليا.
يمكن نقل البلازما أو استخدامها على شكل أدوية مشتقة من الدم. في الحالة الأولى، يتم استخدامها لعلاج اضطرابات النزيف الخطيرة وبعض الأمراض النادرة. في الحالة الثانية، يمكن للأدوية المشتقة من البلازما أن تعالج أكثر من 100 مرض، مثل الهيموفيليا أو نقص المناعة الأولي. وبالنسبة للبعض، لا يمكن الاستغناء عنه لأنه لا بديل له. يمكن أيضاً استخدام الأدوية المشتقة من البلازما في طب الطوارئ، في حالات النزيف الحاد، على سبيل المثال.
مادة البلازما موضوع دراسات بحثية مهمة. مؤخراً، على سبيل المثال، طلبت مؤسسة الدم في فرنسا من الأشخاص الذين تم شفاؤهم من Covid-19، دراسة الأجسام المضادة في البلازما لديهم، لاستخدامها كعلاج في المرحلة الحادة من المرض.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى كيفية علاج الزكام والوقاية منه
كمية الدم في جسم الإنسان
للبالغين، تبلغ كمية الدم في المتوسط 5 لترات.
طول شبكة الأوعية الدموية في جسم الانسان 200 كيلومتر.
يجري الدم في جسم الانسان يومياً ما يوازي مسافة 100000 كيلومتر تقريباً عبر شبكة الأوعية.
ما هو فقر الدم؟
فقر الدم أو الأنيميا (Anemia) هو حالة شائعة من الخلل في وظيفة الدم. يحدث فقر الدم عندما لا توفر خلايا الدم الحمراء ما يكفي من الأوكسيجين للأنسجة. فقر الدم هو عارض أكثر مما هو مرض.
أسباب فقر الدم عديدة، لكن في أغلب الأحيان يكون السبب هو نقص الحديد. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن 25% من سكان العالم يعاني من فقر الدم.
يُعتقد أن في 50% من هذه الحالات يعود فقر الدم إلى نقص الحديد الغذائي. النساء اللواتي لديهن دورة شهرية غزيرة، والأطفال في سن ما قبل المدرسة، والنساء الحوامل.
يحتاج البالغون من الرجال إلى 1 مغم من الحديد يومياً و 2 مغم للنساء (بسبب الدورة الشهرية).
ما هي أعراض فقر الدم؟
تختلف أعراض فقر الدم باختلاف حدة الإصابة.
فقر الدم الخفيف:
إنخفاض طفيف أو حتى بدون انخفاض في الهيموغلوبين، يسبب أعراضاً قليلة وقد لا يسبب أعراضاً ملحوظة. خصوصاً إذا حصل فقر الدم بشكل تدريجي، لأن الجسم قادر على التكيف معه.
فقر الدم الحادّ:
عندما يزداد فقر الدم سوءاً، تظهر عوارض:
شحوب البشرة.
شحوب بياض العين.
هشاشة الأظافر.
ضيق في التنفس عند المجهود وحتى أثناء الراحة.
آلام في الصدر.
خفقان قلب سريع وغير منتظم.
إحتشاء عضلة القلب.
برودة الأطراف.
التعب المستمر.
الصداع .
الدوخة والدوار والوهن.
إقرأ أيضاً: أسباب الدوخة متعددة.. هل من حالات خطيرة؟
صعوبة التركيز أو القراءة أو التذكر.
عدم وجود الدافع والرغبة للعمل أو الإنجاز.
انخفاض الرغبة الجنسية.
صعوبة القيام بالأنشطة العادية.
الإرهاق الجسدي أو العاطفي أو النفسي.
اشتهاء غير عادي للمواد غير الغذائية، مثل الثلج، أو الأتربة، أو النشا. (كالوحام لدى الحامل مثلاً).
ضعف الشهية، خصوصاً لدى الرُّضَّع والأطفال الذين لديهم فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
عند وجود عارض أو أكثر من هذه الأعراض يجب زيارة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة.
يمكن أن يكون لفقر الدم الأكثر حدّة عواقب على القلب (تفاقم أمراض القلب) أو الرئة (تفاقم مرض الانسداد الرئوي المزمن، على سبيل المثال.
اقرأ أيضاً: الصيام المتقطع وأفضل النصائح الطبية لممارسته
تشخيص فقر الدم
بعد ظهور عارض أو أكثر من أعراض فقر الدم، يلجأ الطبيب إلى إجراء فحوصات مخبرية للتأكد من وجود فقر الدم لدى المريض. من أهم الفحوصات التشخيصية، يلجأ الطبيب إلى فحص:
تعداد الدم الكامل أو الـ CBC
يقيس تحليل "تعداد الدم الكامل" (Complete Blood Count) المعروف اختصاراً بفحص الـ CBC، بشكل أساسي، التغيرات في خلايا الدم "Blood cells". والتي تنقسم إلى خلايا الدم الحمراء "RBC"، والبيضاء "WBC"، والصفائح الدموية "Platelets".
ولكل منها وظيفة داخل جسم الإنسان وبالتالي أي اختلال فيها، يشير إلى مشكلة ما. وفيما يلي 3 مؤشرات رئيسة لنتيجة فحص الـ CBC:
مستوى الهيموغلوبين
إذا كانت نتيجة تحليل مستوى الهيموغلوبين لدى المريض أقل من القيم الحديّة (13 جم / ديسيلتر للرجال، و12 جم / ديسيلتر للنساء، و10.5 جم / ديسيلتر للمرأة الحامل)، يتم التأكد من وجود فقر الدم.
بعد التأكد من وجود فقر الدم، يطلب الطبيب إجراء اختبارات أخرى لتحديد سبب فقر الدم. فيطلب بشكل أساسي:
اختبار متوسط حجم الدم
عندما يكون مؤشر نتيجة اختبار تحديد MCV (متوسط حجم الدم) منخفضاً، يكون فقر الدم بسبب نقص الحديد أو الالتهاب أو مرض وراثي. من ناحية أخرى، عندما يكون مرتفعاً، يمكن القول إن فقر الدم مرتبط بنقص فيتامين B12 أو فيتامين B9.
اختبار مستوى الخلايا الشبكية
يوفر مستوى الخلايا الشبكية (الخلايا الأولية لخلايا الدم الحمراء) مؤشراً على حالة عمل نخاع العظام. عندما يكون مرتفعاً، يشار إليه على أنه فقر الدم المحيطي أو "التجديدي".
في الخلاصة، اعتماداً على سياق ونتائج الـCBC، قد يطلب الطبيب اختبارات دم إضافية. على سبيل المثال، في فقر الدم المنجلي وهو مرض وراثي للهيموغلوبين، يكون فيه شكل خلايا الدم الحمراء كافية لتحديد التشخيص (خلايا الدم الحمراء لا تكون مستديرة بل على شكل منجل).
خزعة من نقي العظم
إذا أظهرت التحاليل وجود خلل ما في الدم ولم تمكن الطبيب من تحديد السبب، أو إذا شك الطبيب بوجود مرض أكبر وأخطر من مجرد فقر دمّ، يلجأ إلى فحص نخاع العظام أو نقيّ العظم (bone marrow)، عبر أخذ عينة منه لإجراء تحليل مخبري لها.
اقرأ أيضاً: أعراض القولون العصبي.. الأسباب والعلاج
أنواع فقر الدم
الأنواع الرئيسية لفقر الدم هي:
1- فقر الدم الناجم عن نقص الحديد (iron deficiency)
إنه الشكل الأكثر شيوعاً لفقر الدم. الطمث الغزير والنظام الغذائي منخفض الحديد هما أكثر الأسباب شيوعاً. يغير فقر الدم الناجم عن نقص الحديد حجم خلايا الدم الحمراء، التي تصبح أصغر من الطبيعي (فقر الدم صغير الخلايا).
2- فقر الدم الناجم عن نقص الفيتامينات
ينتج فقر الدم الناجم عن نقص الفيتامينات، خلايا دم حمراء كبيرة جداً ومشوهة (فقر الدم كبير الخلايا). الأكثر شيوعاً هي تلك التي تسببها نقص فيتامين B12 أو فيتامين B9 (حمض الفوليك). يمكن أن يحدث الأول بسبب عدم كفاية تناول الطعام الغني بهذا الفيتامين، أو يعود لسوء امتصاص الأمعاء له، أو حالة تسمى فقر الدم الخبيث.
3- فقر الدم الناجم عن مرض مزمن
العديد من الأمراض المزمنة (وأحياناً علاجاتها) تسبب نقص كمية خلايا الدم الحمراء. هذا هو الحال مع السرطان ومرض كرون والأمراض الالتهابية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي.
قد يسبب الفشل الكلوي أيضاً فقر الدم، حيث تفرز الكلى مادة الإرثروبويتين، وهو الهرمون الذي يحفز إنتاج خلايا الدم الحمراء. مع ذلك، فإنها تحتفظ بحجمها ومظهرها الطبيعي (فقر الدم السوي الخلايا).
4- فقر الدم النزفي (hemorrhagic)
قد يحصل فقر الدم النزفي بسبب فقدان الدم الغزير بعد حادث خطير أو جراحة أو ولادة، على سبيل المثال. في هذه الحالة تظهر مشكلة فقر الدم بسرعة.
ومن الممكن أن تؤدي بعض مشاكل الجهاز الهضمي (القرحة الهضمية أو الزوائد المعوية أو سرطان القولون والمستقيم) إلى الإصابة بفقر الدم النزفي. ولكن في هذه الحالة تكون خسارة الدم قليلة وبطيئة ومستمرة، في البراز مثلاً (غير مرئي في بعض الأحيان)، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن.
5- فقر الدم الانحلالي (hemolytic)
فقر الدم الانحلالي (hemolytic) هو نقص في عدد كريات الدم الحمراء أو اختلال في وظيفتها. يحدث فقر الدم الانحلالي نتيجة تكسّر كريات الدم الحمراء قبل اكتمال عمرها الطبيعي وهو 120 يوماً.
تظهر أعراض فقر الدم الانحلالي عند فشل نخاع العظام (نقي العظم) في تعويض نقص عدد خلايا الدم الحمراء نتيجة التكسّر.
قد يحدث فقر الدم الانحلالي أيضاً نتيجة مرض وراثي (فقر الدم المنجلي، التلاسيميا.. إلخ) أو بسبب تناول بعض الأدوية المؤكسدة، أو الإصابة ببعض الأمراض المعدية (الملاريا مثلاً) أو الإصابة بالمناعة الذاتية ويسمى عندها فقر الدم الانحلالي بالمناعة الذاتية.
تظهر أعراض فقر الدم الانحلالي إما بشكل تدريجي ومزمن، أو حاد. ويتوقف العلاج على سبب وشدة حالة المصاب به.
6- فقر الدم الحديدي (sideroblastic)
يغطي هذا المصطلح مجموعة من حالات فقر الدم النادرة جداً، حين لا تستطيع خلايا الدم الحمراء إصلاح الحديد في الهيموغلوبين. قد تكون هذه المشكلة أنزيمية وراثية أو مكتسبة. ثم تصبح خلايا الدم الحمراء أصغر من الطبيعي.
7- فقر الدم اللاتنسجي (aplastic)
يحدث هذا النوع النادر من فقر الدم، عندما لا ينتج نخاع العظام أو نقيّ العظم ما يكفي من خلايا الدم الجذعية. وبالتالي، لا تكمن المشكلة بنقص في خلايا الدم الحمراء فحسب، بل يوجد أيضاً نقص في خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية.
في 50% من الحالات، يحدث فقر الدم اللاتنسجي بسبب العوامل السامة أو بعض الأدوية أو التعرض للإشعاعات، وقد يحدث بسبب أمراض خطيرة، مثل سرطان نخاع العظام، أي سرطان الدم (لوكيميا).
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض الحمل المبكر وكيف تجتازين حملك بأمان؟
أسباب فقر الدم
إذن، لا يمكن تحديد أسباب فقر الدم إلا بالتحاليل المخبرية، خصوصاً أن الأسباب متنوعة ومتعددة، وغالباً ما يرتبط فقر الدم بنقص أحد الفيتامينات.
الأسباب الأكثر شيوعاً لفقر الدم هي:
1-فقر الدم بسبب نقص الحديد
قد يكون سبب نقص الحديد المسبب لفقر الدم، هو:
فقدان الدم غير المرئي (نزيف في المعدة أو الأمعاء، خفيف ومتكرر، مع وجود قرحة هضمية أو أورام القولون وغيرها) أو نزيف مرئي (فترات غزيرة جداً كالدورة الشهرية الغزيرة، نزيف متقطع بسبب تليف الرحم).
النظام الغذائي
بعض الأنظمة الغذائية تفتقر إلى الكمية اللازمة من الحديد اليومية لجسم الإنسان، كالنظام الغذائي النباتي غير المتوازن، على سبيل المثال.
سوء امتصاص الحديد
يؤدي سوء امتصاص الحديد في الجهاز الهضمي إلى فقر الدم، كما هو الحال في أمراض الاضطرابات الهضمية أو عند المصابين بحساسية الغلوتين على سبيل المثال. في هذه الحالة يُعمد إلى تزويد المريض بالحديد بالحقن العضلي.
2-نقص الحديد عند الرضع
يعد نقص الحديد شائعاً جداً عند الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و18 شهراً. ومن الممكن أن يؤثر نقص الحديد على نموهم النفسي - الحركي والدفاعات المناعية.
يتم تعويض نقص الحديد عن طريق استخدام الألبان المدعمة بالحديد وتنويع النظام الغذائي. إذا كان هناك نقص على الرغم من هذه الوقاية، يجب أن يستمر العلاج بالحديد لعدة أشهر، بعد استشارة الطبيب المعالج.
3-نقص بعض فيتامينات "B"
تمنح فيتامينات B العديد من الفوائد للدم لجهة تركيب الكريات الحمراء والخضاب، وخصوصاً فيتامينيّ B9 وB12. إن النقص بأحد هذين الفيتامينين يقود إلى فقر الدم من النوع الكريات الحمراء الكبيرة. لكن فقر الدم الناتج عن نقص كلّ من هذين الفيتامينين، مختلف.
نقص فيتامين B12
غالباً ما يرتبط نقص فيتامين B12 بما يسمى فقر الدم "بيرمر". هذا المرض يصيب كبار السن، خاصة النساء منهم. يرجع ذلك إلى عسر امتصاص الجهاز الهضمي لفيتامين B12.
في بعض الأحيان يمكن أن يكون سبب العجز هو اتباع نظام غذائي نباتي أو نباتي صارم وطويل الأمد (بدون البيض ومنتجات الألبان).
كما لوحظ نقص فيتامين B12 في أمراض الأمعاء الالتهابية (مرض كرون على سبيل المثال) أو مرض الاضطرابات الهضمية أو بعد استئصال المعدة (جراحة المعدة).
نقص فيتامين B9 أو حمض الفوليك:
غالباً ما ينتج نقص فيتامين B9 أو حمض الفوليك عن نظام غذائي غير متوازن يحتوي على القليل من الخضار.
من الممكن أيضاً حدوث أوجه قصور في نهاية الحمل بسبب الاحتياجات المتزايدة للحامل.
كما لوحظ وجود نقص في فيتامين B9 أو حمض الفوليك في أمراض الأمعاء الالتهابية، مثل التهاب القولون التقرحي ومرض الاضطرابات الهضمية.
علاج فقر الدم
يعتمد علاج فقر الدم على نوعه وحدته. يجب زيارة الطبيب بسرعة وبدء العلاج الفوري، عند انخفاض مستوى الهيموغلوبين عن 8 جم / ديسيلتر. في أغلب الأحيان، يكون العلاج بنقل الدم.
أما إذا كان مستوى الهيموغلوبين أعلى من 8 جم / 100 مل، فإن فقر الدم لدى المريض لا يعتبر خطيراً.
1- علاج فقر الدم بسبب نقص الحديد
نظراً لأن فقر الدم شديد الارتباط بنقص الحديد، فمن البديهي أن يكون العلاج بتناول أدوية الحديد عن طريق الفم (حبوب أو شراب للأطفال). يجب أن يستمر هذا العلاج لمدة 3 أشهر على الأقل وأن يؤخذ بدون طعام لتعزيز امتصاص الحديد بشكل جيد. قد يسبب تناول الحديد مغصاً طفيفاً في البطن ويجعل لون البراز أسود. هذان العارضان يختفيان عند توقف العلاج.
ملاحظة:
من المهم معرفة أن شرب الكثير من الشاي الأحضر أو الأسود والقهوة على أنواعها، يتعارض مع امتصاص الجسم للحديد.
2- علاج فقر الدم بسبب نقص فيتامين B12
أما علاج فقر الدم المتعلق بنقص فيتامين B12، فإنه يختلف باختلاف السبب:
1-في فقر الدم بيرمر يتم توفير فيتامين B12 عن طريق الحقن العضلي.
2- في حال نقص التغذية أو اضطرابات الجهاز الهضمي (داء كرون أو الداء البطني) أو بعد جراحة المعدة، توصف أقراص الفيتامينات.
3- علاج فقر الدم الناجم عن نقص فيتامين B9
غالباً ما يتم علاج فقر الدم بسبب نقص فيتامين B9 (أو حمض الفوليك)، بالغذاء. ذلك لأن حمض الفوليك موجود بشكل طبيعي في عدد كبير من الأطعمة. يضمن النظام الغذائي المتنوع تأمين كمية كافية للجسم.
إن زيادة استهلاك بعض الأطعمة الغنية بحمض الفوليك: الكبد، والبقوليات المطبوخة، والسبانخ، والهليون، منتجات الدواجن، والأرز البني، وما إلى ذلك) غالباً ما يكون ضرورياً في حالة النقص. قد يصف الطبيب أيضاً أقراص حمض الفوليك.
لدى الحوامل، يتم وصف المكملات بشكل منهجي كجزء من المراقبة الشهرية للحمل، لأن احتياجاتهن من فيتامين B9 أكبر، خاصة في الأسابيع الأولى من الحمل.
4- علاج المرض الذي يسبب فقر الدم
في بعض الحالات، يحدث فقر الدم نتيجة تناول بعض الأدوية. يتم إيقاف الدواء المسبب لفقر الدم إن أمكن، أو استبداله بآخر آمن.
عند الإصابة بمرض الكلى المزمن، يبحث الطبيب أولاً عن نقص الحديد. ثم قد يصف حقن الإريثروبويتين (أو EPO). هذا الهرمون الذي تنتجه الكلى بشكل طبيعي يحفز نخاع العظام على تكوين خلايا الدم الحمراء.
في حالة فقر الدم الانحلالي، لا يوجد علاج محدد. يمكن الإشارة إلى العلاج بالكورتيكوستيرويد (Les corticoïdes) لفقر الدم الانحلالي المناعي الذاتي.
كما أنه لا يوجد علاج محدد لفقر الدم المنجلي أو التلاسيميا.
5- علاج فقر الدم أثناء العلاج الكيميائي
تحارب العلاجات الكيميائية الخلايا السرطانية، لكنها أيضاً تحارب خلايا الدم. بصرف النظر عن سرطانات الجهاز الهضمي التي تسبب النزيف، فإن فقر الدم المرتبط بالسرطان، يعود إلى الطبيعة الالتهابية لعملية الورم المسؤولة عن اضطراب استقلاب الحديد.
يشير أخصائي الأورام في معهد كلوديوس ريغود بتولوز الفرنسية البروفيسور رولان بوغات (Roland Bugat)، إلى أنه في الحالات التي تم تشخيص إصابتها بالسرطان "كان 55% من المرضى حاملين لفقر الدم. ويصل هذا الرقم إلى 75% أثناء وصف العلاج السام للخلايا (العلاج الكيميائي بأسلوب علاجي سام للخلايا)، لأن هذا السم الخلوي يظهر بشكل أساسي في الخلايا ذات التجدد السريع الموجودة في مرض السرطان، وفي أمراض الدم والأمعاء الدقيقة، من حيث فقر الدم واضطرابات الجهاز الهضمي المرتبطة بهذه العلاجات.
إرثروبويتين
في حالة فقر الدم المفاجئ، عن طريق النزف، يظل نقل الدم البديل الأفضل. عندما يكون فقر الدم مزمناً، فإن وصفة الإريثروبويتين لتحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء أمر روتيني إلى حد ما بمجرد بدء العلاج الكيميائي.
يقول بوغات إن "التوصيات الحالية تحدد أن العلاج بالإريثروبويتين، غير مرغوب فيه أثناء العلاج الكيميائي للأغراض العلاجية في السرطانات غير المنتشرة، لأنه قد يكون لها تأثير سلبي".
6- علاج فقر الدم لدى كبار السنّ
فقر الدم منتشر أيضاً لدى كبار السن ممن تجاوز الـ80 عاماً، وتبلغ نسبة الإصابة لدى هؤلاء 20%.
خلافاً للاعتقاد الشائع، فإن إصابة كبار السنّ بفقر الدم ليس طبيعياً وبديهياً. لكن، مع تقدم العمر تتكاثر أسباب فقر الدم. ومع ذلك، فإنه يشكل عاملاً مستقلاً للوفيات الزائدة، كما يشير عالم الشيخوخة البروفيسور فيليب شاساني.
السبب الرئيسي لفقر الدم لدى كبار السن هو مرض الكلى المزمن. وكذلك تناول بعض الأدوية. يجب تجنب وصف الأدوية المضادة للالتهابات، بما في ذلك الأسبرين، لكبار السن لأنها تسبب النزيف. هناك خطر كبير آخر للإصابة بفقر الدم لدى كبار السن، وهو احتمال تعويض أحد أمراض القلب الكامنة، والذي يمكن أن يؤدي إلى قصور في القلب أو احتشاء جديد، كما يوضح شاساني.
ملاحظة هامّة:
يجب على أي مريض بفقر الدم زيارة الطبيب وإجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية اللازمة وعدم المخاطرة باعتماد علاجات بقرار شخصي. ففقر الدم هو سبب لعدة أمراض قد تكون خطيرة جدا كسرطان الدم (اللوكيميا) أو الليمفوما أو التلاسيميا وغيرها.
متى یكون فقر الدم خطیراً؟
لا يحدد الطب بشكل عام، عوارض معينة تشير إلى أن فقر الدم خطير أو غير خطير. ففقر الدم ليس سبباً بل نتيجة لخلل ما في جسم الإنسان. لذلك ما إن تظهر أعراضه أو يشعر بها المصاب، عليه التوجه إلى الطبيب مباشرة لأنه قد يكون انعكاساً لمرض خطير. ومن الممكن أن يكون لفقر الدم العادي أحياناً عواقب وخيمة.
غالباً ما لا يشعر المصاب بالعوارض إلا بعد استفحالها، لذلك، يُنصح بعدم التخلي عن الفحوصات الدورية. وعدم الاستخفاف ببعض العوارض مهما كانت بسيطة، واستشر طبيبك فوراً.
4 نصائح لمحاربة نقص الحديد
يؤثر نقص الحديد على 1.5 مليار شخص في جميع أنحاء العالم. لتجنب الإصابة بفقر الدم، هذه بعض النصائح وعادات الأكل لتصحيح هذا النقص من دون علاج بالأدوية.
1- أكل اللحوم (الحمراء) والأسماك
يأتي الحديد في شكلين، الهيم (الذي يمتصه الجسم بشكل أفضل) وغير الهيم (صعب الامتصاص). الحديد في الأسماك واللحوم هو الهيم. ومن الأفضل تناول اللحوم الخالية من الدهون (أقل من 5% دهون).
كما تساعد الأسماك والمأكولات البحرية أيضاً في زيادة مستويات الحديد.
توصي منظمة الصحة العالمية بتناول الأسماك مرتين في الأسبوع على الأقل، بما في ذلك الأسماك الدهنية (الغنية بالأوميغا 3)، وكذلك الحد من اللحوم (باستثناء الدواجن) إلى 500 غرام في الأسبوع. تأتي هذه التوصيات بعد دراسات تظهر وجود علاقة بين استهلاك حديد الهيم وأنواع مختلفة من السرطان.
2- الخضار والبقوليات والبهارات
يتم امتصاص الحديد غير الهيم الموجود في النباتات ومنتجات الألبان بشكل جيد. ولكن للمقارنة فإنه يتم امتصاص من 1 إلى 5% فقط من الحديد الموجود في هذه المنتجات فقط، في حين يمتص الجسم من 10 إلى 30% من حديد الهيم.
بعض الأمثلة على الأطعمة الغنية بالحديد:
الطماطم المجففة، الفاصوليا الجافة بيضاء وحمراء، عدس مجروش أو عادي، البقدونس والزعتر والريحان والنعناع، الذرة، السبانخ الخام، الصويا، الطحالب، الحبوب، بذور اليقطين، الكينوا، البروكولي.
ملاحظة:
قد تؤثر حرارة الطهي على تركيز الحديد في هذه المنتجات. لذلك، يوصى بالطهي على البخار وأن يكون وقت الطهي قصيراً. فالطهي على البخار يحافظ على القيم الغذائية للطعام وبالتالي استفادة الجسم (الفيديو)
3 - تجنب مثبطات امتصاص الحديد
عند القيام بتصحيح النظام الغذائي لزيادة الحديد في الدم، فمن المهم جداً عدم العبث بمثبطات الامتصاص، وذلك لأن الحديد يتم امتصاصه في الجهاز الهضمي، والذي يمكن تثبيطه عندما يرتبط بجزيئات أخرى. هذا هو الحال مع العفص في الشاي والقهوة، الذي يعيق امتصاص الحديد بنسبة تصل إلى 60%. وهذا ينطبق على صفار البيض والألياف والكالسيوم ومنتجات الألبان.
4 - تعزيز منشطات امتصاص الحديد
من ناحية أخرى، يزيد حمض الأسكوربيك أو فيتامين C من مستويات الحديد الممتصة. وبالتالي، يمكن لكوب من عصير البرتقال أن يزيد امتصاص الحديد بمقدار 3 أضعاف. من الممكن أيضاً، تناول الملفوف أو السبانخ أو الفلفل الحلو أو الطماطم، وكلها تحتوي على فيتامين C.