شركات حليب الأطفال تبث رسائل مضللة تؤثر على الرضاعة الطبيعية
منظمة الصحة العالمية، و"اليونيسف"، تدعوان الشركاء والحكومات والعاملين الصحيين ومصانع أغذية الأطفال، إلى "إنهاء تسويق الحليب الاصطناعي الاستغلالي، والتنفيذ الكامل والالتزام بمتطلبات الأنظمة، والعودة إلى الرضاعة الطبيعية".
كشف تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية و"اليونيسف" أنّ شركات حليب الأطفال تبثّ "رسائل مضللة وغير مثبتة علمياً وتؤثر على قرار الرضاعة الطبيعية".
وبحسب الأمم المتحدة، فقد كشف تقرير جديد تحت عنوان "كيف يؤثر تسويق الحليب الصناعي على قراراتنا بشأن تغذية الرضع؟" عن "تعرض أكثر من نصف الآباء والأمهات والحوامل إلى حملات ترويجية من شركات الحليب الصناعي التي تسوّق لمنتجاتها بشكل استغلالي وباستخدام ادعاءات تغذوية وصحية، وتبث الأكاذيب فيما يتعلق بالرضاعة الطبيعية".
وعرض التقرير تفاصيل "الممارسات الاستغلالية" التي تستخدمها شركات مصانع حليب الأطفال - والتي تبلغ قيمتها 55 مليار دولار - مما يضرّ بتغذية الأطفال، وينتهك الالتزامات الدولية.
واعتمد التقرير على مقابلات مع الآباء والنساء والحوامل والعاملين الصحيين في 8 بلدان، حيث كشف عن استراتيجيات تسويق منهجية وغير أخلاقية تستخدمها شركات الحليب الاصطناعي للتأثير على قرارات الوالدين بشأن تغذية الرضّع.
فقد أفاد أكثر من نصف الآباء والنساء الحوامل (51%) الذين شملهم الاستطلاع بأنهم استهدِفوا بالتسويق من شركات الحليب الصناعي، و"الكثير منها ينتهك المعايير الدولية لممارسات تغذية الرضع"، بحسب الأمم المتحدة.
كما أوضح التقرير أنّ "تقنيات تسويق الحليب الصناعي تتضمن استهدافاً غير منظم ومنتشراً عبر الإنترنت، وشبكات المشورة وخطوط المساعدة الممولة، والدعايات والهدايا المجانية".
من جهته، قال مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إنه "يكشف هذا التقرير بوضوح عن أنّ تسويق الحليب الاصطناعي لا يزال منتشراً بشكل غير مقبول ومضلل وبشراسة"، مشيراً إلى أنّ التقرير يلفت إلى أنه "غالباً ما تكون الرسائل التي يتلقاها الآباء والعاملون الصحيون مضللة، وغير مثبتة علمياً، وتنتهك المدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم".
وأضاف تيدروس، أنه "يجب اعتماد اللوائح المتعلقة بالتسويق الاستغلالي وتنفيذها على وجه السرعة لحماية صحة الأطفال".
وأظهر التقرير الذي استطلع آراء 8500 من الآباء والنساء الحوامل، و300 من العاملين الصحيين في مدن عبر بنغلاديش والصين والمكسيك والمغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة وفيتنام، أنّ الترويج للحليب الاصطناعي وصل إلى 84% من جميع النساء اللائي شملهن الاستطلاع في المملكة المتحدةـ و92% من النساء اللائي شملهن المسح في فيتنام، و97% من النساء اللائي شملهن الاستطلاع في الصين، مما يزيد من احتمال اختيارهن للتغذية الاصطناعية"
من جهتها، أوضحت المديرة التنفيذية لـ"اليونيسف"، كاثرين راسيل، أنّ "الرسائل الكاذبة والمضللة حول الرضاعة الصناعية تشكل حاجزاً كبيراً أمام الرضاعة الطبيعية، والتي نعلم أنها الأفضل للأطفال والأمهات"، حيث فصل التقرير كيف أنّ "التدفق المستمر للرسائل الترويجية المضللة يعزز الأكاذيب حول الرضاعة الطبيعية ولبن الأم، ويقوّض من ثقة المرأة في قدرتها على الرضاعة الطبيعية بنجاح، إذ تتضمن هذه الأكاذيب ضرورة وجود الحليب الاصطناعي في الأيام الأولى بعد الولادة، وعدم كفاية حليب الأم لتغذية الرضيع، وأنه ثبت أنّ مكوّنات معيّنة من حليب الأطفال تعمل على تحسين نمو الطفل ومناعته، والحليب الاصطناعي يبقي الأطفال ممتلئين لفترة أطول، وجودة حليب الثدي تتدهور مع مرور الوقت"، بحسب تقرير الشركات المصنعة لحليب الأطفال.
وأكدت المنظمتان أنّ "الرضاعة الطبيعية في غضون الساعة الأولى من الولادة، تليها الرضاعة الطبيعية الحصرية لمدة ستة أشهر واستمرار الرضاعة الطبيعية لمدة تصل إلى عامين أو أكثر، تقدم خط دفاع قوي ضد جميع أشكال سوء تغذية الأطفال، بما في ذلك الهزال والسمنة"، حيث أنه "تعمل الرضاعة الطبيعية أيضاً كأول لقاح للأطفال، حيث تحميهم من العديد من أمراض الطفولة الشائعة. كما أنها تقلل من خطر إصابة النساء بالسكري والسمنة وبعض أشكال السرطان في المستقبل.. ومع ذلك فإنّ 44% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر يحصلون على الرضاعة الطبيعية الحصرية على مستوى العالم، وزادت معدلات الرضاعة الطبيعية العالمية بشكل طفيف للغاية في العقدين الماضيين، بينما زادت مبيعات الحليب الاصطناعي بأكثر من الضعف في نفس الوقت تقريبا"، وفق التقرير.
ووتابعت المديرة التنفيذية لـ"اليونيسف": "نحن بحاجة إلى سياسات وتشريعات واستثمارات قوية في مجال الرضاعة الطبيعية لضمان حماية النساء من ممارسات التسويق غير الأخلاقية، وأن يتوفر لديهن الوصول إلى المعلومات والدعم الذي يحتجنه لتربية أسرهن".
هذا وأعربت النساء في جميع الدول التي شملها الاستطلاع، عن رغبة شديدة في الرضاعة الطبيعية حصرياً، حيث تراوحت النسبة بين 49% من النساء في المغرب إلى 98% في بنغلاديش. في حين أنه "من المثير للقلق أنّ التقرير أشار إلى أنّ شركات تغذية الأطفال اتصلت بأعداد كبيرة من العاملين الصحيين في جميع تلك البلدان للتأثير على توصياتهم للأمهات الجدد، إذ تؤثر الشركات عليهم من خلال الهدايا الترويجية، والعينات المجانية، والاجتماعات مدفوعة الأجر والفعاليات والمؤتمرات وحتى عمولات من المبيعات، مما يؤثر بشكل مباشر على خيارات التغذية لدى الوالدين". وأشارت إلى أنّ "أكثر من ثلث النساء اللاتي استطلعت آراؤهن إنّ أحد العاملين الصحيين أوصاهن باستخدام منتج معيّن من الحليب"، بحسب ما نقلت الأمم المتحدة عن التقرير.
وفي هذا السياق، دعت منظمة الصحة العالمية، و"اليونيسف"، والشركاء الحكومات والعاملين الصحيين ومصانع أغذية الأطفال، إلى "إنهاء تسويق الحليب الاصطناعي الاستغلالي، والتنفيذ الكامل والالتزام بمتطلبات الأنظمة".