خبيرة للميادين نت: هكذا نتخطى الآثار النفسية للحرب والأخبار الكاذبة
لتجنّب الأخبار السلبية خلال الحروب والكوارث، يمكن اتباع عدة استراتيجيات هدفها الحفاظ على الصحة النفسية وتقليل التوتر.
تؤثّر الحروب على الصحة النفسية للإنسان، بما ينتج عنها من اضطرابات نفسية وعقلية قد تمتد لفترات زمنية طويلة، والتي قد ينتقل أثرها من جيل إلى آخر.
وخلال الحرب وعلى رأسها العدوان حالياً على لبنان وفلسطين، تطرح أسئلة كثيرة في فهم أعماق التجربة الإنسانية والتأمّل في القضايا الوجودية والنفسية الناجمة عنها.
وطبعاً، فإن للحرب انعكاسات سلبية على صحة نفسية وأعصاب الناس، وهنالك سياق حياة آخر سيفرض نفسه علينا، ومن هنا تشرح الاختصاصية النفسية اللبنانية إيمان طراف نعيم لـ "الميادين نت" النقاط الآتية:
- البحث عن المعنى
الحروب، بكونها أحداثاً كارثية تثير الشكوك حول المعنى والوجود، تُجبر الأفراد على مواجهة حقيقة الوجود والبحث عن معنى لحياتهم في ظل الفوضى التي يعيشون بها.
- الألم والمعاناة
أحد الفلاسفة قال "ما لا يقتلنا يجعلنا أقوى". برغم أن الحروب تسبّب معاناة هائلة، إلا أنها قد تُعتبر اختباراً للقوة النفسية و إرادة البقاء.
درب عقلك ليكون أقوى من مشاعرك حيث ان ذلك سيكون رحلة تحولية يمكن أن تؤدي إلى تحسين صحتك النفسية، وايضا تساعدك على اتخاذ قرارات ممتازة.
— عبدالله الموسى (@AbdullahCIPD) May 14, 2024
يدخل في هذا فهم العلاقة بين عقلك وجسدك، والتعرف على كيف يمكن لصحتك الجسدية أن تؤثر على حالتك النفسية، والعكس صحيح.
من خلال استكشاف استراتيجيات… pic.twitter.com/peODHZpEGS
تعزيز الصلابة النفسية
وعطفاً على ما تقدّم تطرح نقاطاً يمكن أن تقدّم استراتيجيات للتعامل مع هذه الآثار النفسية وتعزيز الصلابة النفسية ومنها:
- التفاؤل: تعزيز التفكير الإيجابي يمكن أن يساعد الأفراد في التركيز على النقاط المضيئة والفرص المستقبلية.
- المرونة: تطوير استراتيجيات للتكيّف مع الصعوبات والتحديات يمكن أن يساعد في مواجهة الضغوط.
- الدعم الاجتماعي: تعزيز العلاقات الاجتماعية وتقديم الدعم يمكن أن يقلل من الشعور بالعزلة.
- ممارسة الامتنان: التركيز على الأمور التي يشعرون معها بالامتنان، يمكن أن يحسن المزاج ويقلل من التوتر.
ماذا عن تأثير وسائل الإعلام؟
- تأثير وسائل الإعلام السلبية على الصحة النفسية يمكن أن يكون كبيراً، والإعلام السلبي يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق، ويمكن أن يساهم في تفاقم الاكتئاب والقلق العصبي. ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى الشعور بالعزلة والقلق الاجتماعي، خاصة إذا كانت الأخبار مليئة بالمعلومات السلبية والمؤلمة.
- عندما يُشاع أن العدو قد احتلّ منطقة أو أن الجيش قد هُزم، أو أن الكارثة قد قضت على معظم المدينة، يمكن أن تتعدّد الآثار النفسية على الجمهور، وقد تشمل:
1. الشعور بالهزيمة والإحباط: الشعور بالعجز وعدم القدرة على التحكّم في الظروف يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية وتفاقم الاكتئاب.
الحرب النفسية الموجهة ضد العدو لا تقل أهمية وضراوة عن العمليات العسكرية في ميدان المعركة فهي اكثر خطورة من الحرب العسكرية لأنها تستخدم وسائل متعددة ، إذ توجه تأثيرها على أعصاب الناس ومعنوياتهم ووجدانهم pic.twitter.com/1cQSRTapZI
— 🇯🇴@Adnan_A_altarawneh@🇯🇴 (@AdnanAltarawneh) October 8, 2024
2. فقدان الثقة: فقدان الثقة في النظام السياسي والقادة العسكريين والمجتمع ككلّ يمكن أن يؤدي إلى الشعور باليأس والعزلة.
3. الخوف والقلق: الخوف من المستقبل والمجهول، مع القلق بشأن الأمان الشخصي والعائلي، يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق.
اقرأ أيضاً: كيف نتعامل مع الصدمات خلال العدوان؟
4. الشعور بالفقدان والحزن: فقدان الممتلكات والأحباء، بالإضافة إلى رؤية الدمار، يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالحزن العميق والفقدان.
5. الاضطرابات النفسية: الأشخاص قد يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، الكوابيس، وصعوبة في النوم.
6. التغييرات في السلوك: قد تكون هناك زيادة في السلوكيات العدوانية أو الانسحاب الاجتماعي بسبب الشعور بالهزيمة والعجز.
7. تأثيرات صحية جسدية: الضغوط النفسية المستمرة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية جسدية مثل ارتفاع ضغط الدم، مشكلات في القلب، واضطرابات هضمية.
8. التأثير على العلاقات: الضغط النفسي يمكن أن يؤثر سلباً على العلاقات الأسرية والاجتماعية، ما يؤدي إلى التوترات والمشاحنات.
تجنّب الأخبار السلبية خلال الحروب
هذه الآثار يمكن أن تكون شديدة وتحتاج إلى تدخّل ودعم نفسي مناسب للتعامل معها.
ولتجنّب الأخبار السلبية خلال الحروب والكوارث، يمكن اتباع عدة استراتيجيات هدفها الحفاظ على الصحة النفسية وتقليل التوتر.
1- تحديد المصادر الموثوقة
اعتماد مصادر إخبارية موثوقة وموضوعية لتجنّب الشائعات والمعلومات المغلوطة. التركيز على المصادر التي تقدّم تحليلات موضوعية بدلاً من الأخبار المثيرة.
2- تخصيص وقت محدد للأخبار
تحديد وقت محدد يومياً لمتابعة الأخبار بدلاً من التعرّض المستمر لها طوال اليوم. هذا يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق الناتج عن التعرّض المستمر للأخبار السلبية.
3 - التوازن في متابعة الأخبار
دمج الأخبار الإيجابية مع الأخبار السلبية للحصول على صورة متوازنة. ومتابعة القصص التي تركّز على الأمل والإيجابيات يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على المزاج العام.
4- تحقيق الفاصل النفسي
ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل بعد متابعة الأخبار يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق. تخصيص وقت للأنشطة التي تساهم في الاسترخاء الذهني مثل العبادة الدينية، القراءة أو ممارسة اليوغا.
5- الحد من التفاعل مع الأخبار المثيرة
تجنّب الانخراط في النقاشات الحادة والمثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي حول الأخبار السلبية. هذه النقاشات يمكن أن تزيد من التوتر والقلق بشكل كبير.
6- البحث عن الدعم الاجتماعي
الحديث مع الأصدقاء وأفراد العائلة حول مخاوفك ومشاعرك يمكن أن يكون مفيداً. الدعم الاجتماعي يعزز الصحة النفسية ويقلل من مشاعر العزلة.
7- ممارسة النشاط البدني
ممارسة الرياضة والنشاط البدني يمكن أن يكون لهما تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية. النشاط البدني يساعد في تخفيف التوتر والقلق بشكل طبيعي.
8- التركيز على الحاضر
التركيز على الحاضر وتجنّب التفكير المفرط في المستقبل وما يحمله من مخاوف يمكن أن يساعد في تقليل القلق. تقنيات مثل "الوعي الكامل" يمكن أن تكون فعّالة في هذا السياق.
9- التوقّف عن متابعة الأخبار عند الحاجة
إذا كنت تشعر بأن الأخبار تؤثر سلباً على صحتك النفسية، فلا بأس من التوقّف عن متابعتها لفترة محددة. إعطاء نفسك الوقت للاستشفاء يمكن أن يكون ضرورياً للحفاظ على صحتك النفسية.
الصلابة النفسية خلال الحرب
اتباع هذه الاستراتيجيات يمكن أن يساعد في تقليل التأثير السلبي للأخبار خلال الفترات العصيبة، والمحافظة على الصحة النفسية.
تتطلّب الصلابة النفسية في هذه الظروف القدرة على التكيّف مع الضغوط العالية والتعامل مع الخوف والقلق.
في ظل الحرب التي نعيشها في لبنان يمكن للدعم النفسي أن يدي دوراً كبيراً في تعزيز الصلابة النفسية للأشخاص الذين يواجهون الكوارث والحروب.
إن تعزيز العلاقات العائلية والاجتماعية القوية، وتحفيز الأفراد على التركيز على النقاط الإيجابية في حياتهم يساعد على تخطّي هذه المرحلة الدقيقة في حياتهم.
ولأيّ استفسار أو دعم نفسي، تقول إنه بإمكان أي شخص بحاجة لدعم من الناحية المعنوية والنفسية التواصل معها، وبشكلٍ مجاني طبعاً خلال هذه الفترة العصيبة التي يمرّ بها لبنان.