الاستدامة البيئية والذكاء الاصطناعي في علم الأشعة.. سيف ذو حدين!
بعدما زاد استخدامه في التصوير الشعاعي الطبي، الذكاء الاصطناعي قد يكون أكبر خطر يتهدد الصحة على الإطلاق.. وأطباء يحذّرون من أنّ الاستخدام المتزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي في المرافق الطبية من شأنه أن يعرض صحتنا للخطر!
حذّر عدد من الأطباء من أنّ الاستخدام المتزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي في المرافق الطبية من شأنه أن يعرض صحتنا للخطر من نواحٍ أخرى.
من المعلوم أنّ الاستعانة بالذكاء الاصطناعي تتزايد أخيراً على نطاق واسع في مجالات طبية عدة من بينها الطب الإشعاعي، إذ يستعان به من أجل التعجيل في تفحص البيانات والصور المأخوذة لأعضاء الجسم، والوقوف على قرار في شأن صحة المرضى. لكّن أطباء حذّروا من أنّ هذا الحقل الطبي، وغيره في كثير من المجالات، يسهم أيضاً في ظاهرة تغير المناخ التي من شأنها أن تطرح آثاراً كارثية على صحة الناس.
ووفق منظمة الصحة العالمية (WHO)، "يعتبر تغير المناخ التهديد الصحي الأكبر الذي يواجه البشرية".
وبحسب تحذير أطلقه الباحثون الذين تولّوا ورقة بحثية جديدة تركز على التصوير بالأشعة، فإنّ الكمية الكبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة التي يخلفها هذا المجال الطبي، ربما تضر في نهاية المطاف بصحة الأشخاص أنفسهم الذين ترمي إلى حمايتهم.
وتحدثت كيت هانيمان، نائب رئيس قسم البحوث وبرفيسورة مشاركة في "جامعة تورنتو" الكندية نائب رئيس فريق الاستدامة في القسم المشترك للتصوير الطبي في "مستشفى تورونتو العام"، عن النتائح وقالت: " إنّ التصوير بالأشعة في الفحوص الطبية يطلق قدراً كبيراً من انبعاثات غازات الدفيئة، ولكننا غالباً لا نفكر في التأثير الذي يتركه في البيئة تخزين البيانات وأدوات الذكاء الاصطناعي المتصلان بهذا الإجراء الطبي".
وأضافت أنّ عمليتي "تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي ونشرها تستهلكان كميات كبيرة من الطاقة، إضافةً إلى أنّ احتياجات تخزين البيانات في التصوير الطبي والذكاء الاصطناعي تتزايد بشكل كبير".
وأشارت إلى أنه "يتعين علينا أن نحقق التوازن، كي نصل إلى الانعكاسات الإيجابية لهذا الشكل من استخدام الذكاء الاصطناعي مع تقليص التأثيرات السلبية إلى الحد الأدنى"، لافتةً إلى أنّ "تحسين نتائج علاج المرضى هدفنا النهائي، ولكن يهمنا أيضاً أن نحقق هذه الغاية بينما نستخدم قدراً أقلّ من الطاقة ونطلق كميات أقل من المخلّفات في البيئة".
ويتطلب تطوير نماذج ذكية بغية استخدامها في الرعاية الصحية جمع كمية هائلة من بيانات التدريب، إضافةً إلى مليارات من الصور الطبية المنتجة سنوياً. ولا بدّ من تخزين كل هذه البيانات، فيما يأخذ هذا الإجراء مجراه عادةً في وحدات حواسيب خوادم موجودة في مكان آخر.
ولكن مراكز الخوادم الحاسوبية تلك تسهلك كمية هائلة من الطاقة كي تعمل وتحافظ على برودتها (ارتفاع درجة حرارة الجهاز يقلص كفاءته وعمره الافتراضي ويصيبه بأضرار أو حتى يعطله).
وتشير التقديرات الأخيرة، بحسب ما كشفت الدكتورة هانيمان، إلى أنّ "الإجمالي العالمي لانبعاثات غازات الدفيئة من جميع مراكز البيانات أكبر من الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطيران، وهذه حقيقة صادمة جداً".
ودعا الخبراء إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات، من بينها تشارك الموارد والتعاون من أجل تقاسم الطاقة المستهلكة في هذا المجال. كذلك دعوا إلى تصميم الذكاء الاصطناعي على نحو يجعله فاعلاً، وفي الوقت نفسه يستخدم أجهزة تتطلب طاقة أقل، ويضمن ضغط البيانات وحذفها عندما تكون زائدة عن الحاجة.
وفي هذا السياق، شددت الدكتورة هانيمان على أهمية "مراعاة التكاليف البيئية إلى جانب التكاليف المالية في مجال الرعاية الصحية والتصوير الطبي". وقالت: "أعتقد أنّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدنا في تعزيز الاستدامة في حال وظفنا هذه الأدوات الطبية بطريقة صائبة. نحن نحتاج فقط إلى أن نكون واعين ومدركين لاستخدام الطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة".
الجدير بالذكر أنّ الورقة البحثية الجديدة عنونت بـ"الاستدامة البيئية والذكاء الاصطناعي في علم الأشعة.. سيف ذو حدين"، ونشرت في مجلة "راديولوجي" العلمية Radiology.