الأعشاب البرية ودورها في مقاومة الحصار والتهجير
استخدم الفلسطينيون النباتات البرية في مآكلهم، فكانت رافدا كبيرا لهم في مقاومتهم للاحتلال، خصوصا في أزمنة الحصار. وحاول الاسرائيليون مصادرة أسماء النباتات بالعربية، ليقنعوا العالم إنها عبرية.
لا يترك الفلسطيني عنصرا من عناصر بلاده إلا ويوظفه في حلم العودة، واسترجاع ما فقده من وطنه في النكبة، ويُسخر كل شيء لتكريس فلسطين، وتأكيد حقه فيها، حتى الخضار جعل من تصفيفها علم بلاده.
والنباتات الفلطسطينية بمختلف أصنافها، لعبت دورا في رفد الفلسطيني بالقوة، ودعمت مقاومته في أزمنة الحصار، والشدة، ففي الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة ١٩٨٧، تذكر الناشطة الفلسطينية سلوى الخطيب إنه "تم قطف الأعشاب، وعمل فطائر، وتوزيعها على الناس، متحدثة عن "تدبير منزلي رائع بالاعتماد على الأعشاب في الانتفاضة الأولى".
وعندما كان الصهيوني يمنع التجول، أو يزيد حصار الفلسطينيين، كانت البيوت تتعاون فيما بينها لمبادلة الأطعمة بين الجيران، وفي فترات منع التجول، كان الاعتماد يتم على النباتات البرية، وكانوا عندما يسمعون بحدوث حرب أو معارك، يتمونون من أراضيهم من نباتات، ومن أسماك في الأمكنة القريبة من البحر.
وتفيد الخطيب، ابنة الطنطورة، مثلا إنه "عندما سمع الناس بحدوث حرب، مون الناس أكلهم من أراضيهم، وصادوا السمك، وخبأوه، وحفظوه بطرق تقليدية خاصة ومتوارثة".
وفي التهجير، والبقاء خارج منازلهم، كان الفلسطينيون يبقون في العراء، ف"اعتمدوا على أكل الفواكه من البيارات، والحبوب، وقطف بعض الأعشاب"، بحسب الخطيب التي أضافت إن جدتها أخبرتها انه "لم يكن هناك فقراء بالمرة لان الناس كانوا يذهبون للجبال، والجزر، ويحصلون على مستلزماتهم من الأعشاب، والمحار من الصخور البحرية".
كما شكلت الأعشاب البرية الشعبية الفلسطينية دورا مهما في حياة الفلسطيني وذلك لاستخدامها كعلاج ناجع للعديد من الأمراض مثل الميرمية واليانسون.
وتعلق الخطيب على أهمية النباتات والأعشاب، فهي "من تراث الاجداد ، حيث كانوا يستخدمونها في الطب البديل كعلاج للعديد من الأمراض منذ قديم الزمن، وحتى الان، لهذا أصبحت جزءا من تاريخ فلسطين".
مع العلم أن سلطات الاحتلال تعمد لمصادرة التسميات العربية للأعشاب والنباتات، محاولة إقناع العالم إنها أسماء عبرية على غرار ما قامت به على صعيد العديد من المأكولات الفلسطينية كالفلافل والحمص وسواها.
وتناولت الخطيب سلسلة من أصناف الأعشاب والنباتات الطبيعية التي لعبت دورا هاما في مختلف مراحل حياة الفلسطيني، والظروف الصعبة التي عاشها.
من النباتات الخبيزة، وهي عبارة عن عشبة برية شتوية، وهو نبات عريض ينمو عند منابع المياه، وأوراقه نصف دائرية، وله عدة اسماء منها الرقمية، اوالخباز أو الخبازي.
وقد اكتسبت إحدى القرى الفلسطينية تسميتها بقرية "خبيزة"، نظرا لكثرة الخبيزة فيها، وهي احدى القرى الفلسطينية المهجرة من قرى حيفا.
ولنبتة الخبيزة الكثير من الفوائد الصحية مما أدى الى استخدامها في المجالات العلاجية، خصوصا التعقيم.
الميرمية
الميرميّة الفلسطينية ليست مجرد نبته جبلية ، بل دواء فيه شفاء للناس، تنبت في المرتفعات، والجبال، وبين الصخور، وهي من أهم الأعشاب التي يتناولها الفسطينيون يوميا.
الهندباء أو العلت: عشبة من العائلة المركبة، لسانية الأزهار، ويعتبر العلت من الأعشاب البرية التي تحتل مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني.
ينمو العلت في المناطق الجبلية، وخصوصا في كروم الزيتون، والحواكير، وينمو في أواخر فصل الشتاء.
الهيليوم او الهليون أو العجرم: نبته معمرة، رفيعة السيقان، لها أوراق إبرية، تحتوي على العديد من الفوائد، والفيتامينات، وحمض الفوليك، ومن أهم منافعها غسل الكلي.
تؤكل الهيليوم عبر سلقها، ووضعها كأطباق سلطة، او وضعها في آلة الفرم بطحنها بعد سلقها، وعمل شوربة رائعة منها، أو قليها مع البيض بالسمنة أو بالزيت حسب الرغبة.
العكوب:
أكلة ملوكية ومصدر رزق رغم شوك نبتته، يتواجد بكثرة في فلسطين لاسيما في جبال الجليل ونابلس وجنين، وتزهر النباتات في شهر نيسان والعكوب يعتبرم نأطيب الأكلات العربية، في بلاد الشام ويتصدر قائمة الأعشاب والحشائش البرية الربيعية.
الحويرنة:
نبتة برية ربيعية يكثر نموها في الأماكن الجبلية، وهي من حشائش الأرض التي تؤكل، ومن ذوات المذاق الطيب، تستخدم ضمن المقبلات الغذائية، ولا تؤكل لوحدها بل يتم تقطيعها مثل البقدونس مع اللبن.
الفرفحينه او البقلة: نبات حولي ينمو بسرعة في فصلي الربيع والصيف، يستخدم كثيرا في أنواع السلطات، والقطايف المقلية أو المشوية بالزيت، مع قليل من البصل.
القرصعنة: عشبة برية تنمو في المرتفعات الجبلية، والسهول، والأمكنة الجافة في فلسطين، وتستخدم منزليا في أصناف من المأكولات، إما سلقا، مع الزيت والثوم، أو مقلية مع البصل الصغير، وهي من الأكلات المحببة.
اللوف : تنمو هذه العشبة في الأحراش، والمناطق الجبلية بين الصخور، والشجيرات وهي متوفرة في كل فصول السنة، واللوف نبات سام لذا ينبغي طهوه على نار عالية وتؤكل اوراقه.
السلق :نبات بري عريض الاوراق ينمو في أواخر الشتاء في المناطق الجبلية خصوصا في كروم الزيتون، والحواكير، وبين البيوت. ويستخدم السلق بطرق مختلفة، فإما مع اللوبياء الصغيرة والزيت، أو يلف به الأرز مع الزيت.
الزعمطوط:
نبات بري ينمو في الجبال والأودية والغابات والسهول ويكثر بين الصخور في فلسطين. زهرته من أجمل الزهرات البرية، وأوراقه تشبه القلب له عدة أسماء أخرى مثل: قرن الغزال، وصابون الراعي، وبخور مريم، زهرته من أجمل الأزهار البرية التي تنبت أوائل الربيع.
اللسينة:
يسمى أيضا ورق اللسان ولسان الثور، وهو نبات بري ينمو في أواخر الشتاء، حتى نهاية الصيف، ويتميز ورقه الطولي بخضرته الداكنة، وخشونة ملمسه، ويؤكل مطبوخا كورق العنب، وينفع في علاج أوجاع الحلق، والصدر، والرئة، والسعال.
الزعتر: وهو ذهب فلسطين الاخضر ، وهو نبات عشبي مغطى بالأوبار يتواجد في الأماكن الصخرية، والجبلية، وهو من اهم أكلات فلسطين. ومنه أصناف متعددة، كالبري الإبري القاسي ذي المذاق الحار، أو العريض الأوراق الأقل حدة، ويستثمر في مشاريع زراعية، والزعتر الانكليزي ، والزعتر الهجين، وزعتر الكراويا، والزعتر الصوفي والبري ..
ويؤكل أخضر بطرق متعددة، أو يجري تيبيسه، وطحنه كالبودرة، وإضافة منكهات عليه كالسماق، وبعض المكسرات، ومنكهات اخرى.
الخطيب تختم: يفرض الكيان الصهيوني سلطته على الطعام كأداة للسيطرة على الفلسطينيين من خلال تفكيك علاقتهم بأرضهم وهويتهم، وبهذا يصبح قطف الزعتر البري او البلدي وكذلك العكوب جريمة قانونية يخالف بسببها عشرات الفلسطينيين سنويا، فلنحافظ على إرثنا، وتراثنا، وأكلاتنا الشعبية التي يحاول الاحتلال سرقتها منا عنوة، وجعلها من ضمن تراثه الوهمي”.