وإننا لعائدون..حقّقنا العودة يا جدَّتي

غدير بقاعي العروس الفلسطينية التي راهنَ أعداءُ فلسطين على جيلها أن ينسى فلسطين أعقاب رحيل جيل ما قبل النكبة، أحيَت بلدتها الدامون المُهجَّرة والمُدَمَّرة في العام 1948، بإصرارها على إقامة عُرسها في البلدة التي لم تعرفها ولم تولَد فيها وهي القريبة منها، لكنّها تُدرك أنها بلدتها وبلدة الآباء والأجداد، وتتحسَّس معنى الأرض والوطن وهي على تماس ٍبه حيث تعيش.

غدير بقاعي العروس الفلسطينية التي راهنَ أعداءُ فلسطين على جيلها أن ينسى فلسطين أعقاب رحيل جيل ما قبل النكبة

في صمتٍ وصخب ٍفي آن عاشت البلدةُ المنكوبة ساعات العُرس مع غدير، وعريسها أحمد عوَّاد من بلدة الطمرة المُجاورِة حيث تعيش مع أهلها، وهي تُصرّ عن سابق إصرار وتصميم على أن يكون عُرساً ببُعده الوطني، فأطلقت عليه تسمية هي هاجس الفلسطينيين في الداخل وفي الخارج، "عروس العودة".

 

 

 

تسرّبت فكرة غدير إلى أفئدة أهالي الدامون المُنتشرين في الداخل الفلسطيني، فتطوَّع عديدون لإحياء العُرس وتحقيق فكرة العودة لساعات مهما غلا الثمن، بينما واكبَ الفلسطينيون خصوصاً من أهالي الدامون المُهجَّرين مَراسِم العُرس، وتفاصيل حدوثه لحظة بلحظة وهم في ذهول تحقيق العودة لساعات إلى أرضهم.

 

 

 

المحامي نضال عثمان من ناشطي أهل الدامون المُهجَّرة يعيش في بلدة الطمرة أيضاً التي ولِدَ فيها وهي مجاورة للدامون، عبَّر عن الحدث بقوله: “هو (العُرس) إعادة كتابة التاريخ وتحقيق حُلُم وأمل بالعودة، فقد تم يوم الأربعاء الماضي وضع أول أساس قويّ في مَسَار تحقيق العودة إلى قرية الدامون المُهجَّرة”.

 

 

 

عثمان الذي وافى "الميادين نت" بفيديو مُباشرة من مراسم العُرس، شرح بعض وقائع الحدث ذاكراً إنه "شارك العروس السهرة حوالى الـ 300 من المدعوّين من أقاربها وجيرانها وصديقاتها الذين يسكنون القُرى المجاوٍرة للدامون مثل طمرة وكابول وغيرها”.

 

 

 

عن التحضير للعُرس في أرض "قفر بلقع" إثر تدميرها الكامل في نكبة 1948، قال إن "المتطوّعين قاموا بتغطية الأرض بالموكيت من العشب الأخضر الاصطناعي، ومددَّوا شبكة إنارة تُنار بمولِّد خاص تم تأمينه من أجل العُرس، كما أُحضِرت الطاولات والكراسي وكل مُستلزمات العمل الذي استغرق عدَّة أيام".

 

 

 

وأفاد أن "الشرطة المحلية والسلطات القيِّمة على المنطقة حاولت عرقلة إجراء الحفل على أرض الدامون بحجَّة عدم تقديم طلب للترخيص، إلا أن الناشطين الداعمين أصرّوا على أن تُصادِق الشرطة على إجراء العُرس على أرض الدامون، وهذا ما كان”.

 

 

 

وقد تحدّثت في الأمسية العروس غدير التي رحَّبت بالمُشاركين مؤكّدة إصرارها على "اجراء حفلة العُرس على أرض الدامون رغم كل الصعوبات"، مُتمنيّة "لو أن من خسرناهم البارحة شاركوني اليوم وبالذات تلك السيّدة الجبّارة جدّتي فطّوم التي أورثتني ارتباطي بهذه الأرض، وأعطتني الفُرصة أن أعيش تجربة التّهجير بالمشاعر.

 

 

 

 

أقول لها: فخورة إننا حقَّقنا العودة يا جدَّتي

"أهالي الدامون سعيدون بهذا المُلتقى، والدامون سعيدة أن تعود لتحضن أبناءها بأفراحهم"

وفي مُستهل سهرة العُرس أدلى عم العروس الدكتور عزيز بقاعي بكلمة قال فيها: "نعتزّ بعُرسك، أول عُرس على أرض الدامون منذ سبعين سنة. وألف تحية لصاحبة الفكرة، وألف تحية للذين سعوا إلى تنفيذه، وعملوا جاهدين لتحقيق هذا العُرس-الحُلم”.
 

 

أضاف: "أهالي الدامون سعيدون بهذا المُلتقى، والدامون سعيدة أن تعود لتحضن أبناءها بأفراحهم، والدامون بشجرها ونسيمها وترابها سعيدة بهذه اللحظات، ونحن نعرف إن هناك أهلاً لنا في الغُربة ويشاركوننا الفرح، ولهم ألف تحية. إن شاء الله الدامون ستجمعنا معاً”.

 

 

 

عن وقائع العُرس، أفاد عثمان إنه "أحيت الأُمسية الفنانة نانسي حوّا وفرقتها

 

بأغانٍ وأخرى فلوكلورية، وفرح وطرب ورَقَصَ جمهور المُشاركين وعبَّروا عن فرحتهم بالعودة إلى الدامون بهذا العرس الكبير”.

 

 

 

عروس الدامون غدير خصَّت "الميادين نت" بالكلمات التالية: "ما زلتُ أشعر إن ما حدث ليلة العُرس هو مُجرَّد حُلم، وهو كان حقيقةً أحد أحلامي أن أُحيّي هذه الأرض التي لم تشهد فرحاً منذ عام 1948. ليلة العُرس عدنا إلى الدامون، إلى أرضنا ولو من دون بيوتها، رغماً عن أنوف جميع مَن وقف أمام هذا الحدث المُنتَظر محاولاً منعه”.

 

 

 

وختمت قائلة: "لم أتخيَّل فرحي يوماً سوى على هذه الأرض!!”