تل العاصور: إطلالة بين يافا وغور الاردن
فريق "موطني" يواصل مساراته مكتشفاً الجديد من فلسطين، ومنه واحدة من أعلى تلال فلسطين، كذلك تقديم المناطير أو القصور الفلاحية المدهشة.
آخر اكتشافات فريق "موطني" في فلسطين، الإطلالة الواسعة من إحدى أعلى قمم الجبال، غرباً وصولاً إلى يافا، وشرقاً إطلالة بعيدة على غور الأردن.
قام الفريق بالمسار بعد أن حددت منسقته ابتسام سليمان الأهمية الضرورية له، والتي تتركز على الإشراف على مساحات واسعة من فلسطين، مع اكتشاف موروثات جميلة وفريدة من نوعها، وأهمها قصور الفلاحين.
ومفاجأة الفريق كانت في مواجهته لحالة عامة من الضباب الكثيف، والذي راح ينقشع عند التوجه صعوداً بلوغاً إلى مستويات أعلى من مستوى الغيوم.
بدأ المسار وفق سليمان، من "مدينة رام الله، باتجاه سلواد، تل العاصور، ودير جرير، والمزرعة الشرقية، وهي في المنطقة الشرقية من بلادنا"، كما قالت. والدليل كان رئيس جمعية الرحيم لمتلازمة داون حيدر مخو.
كانت بداية الرحلة في ساحة موقف الباصات برام الله، وتقول سليمان عن سبب اختيار هذه النقطة للانطلاق لأنه كان هناك "مقر للشرطة الفلسطينية الذي دمره الاحتلال الإسرائيلي في الانتفاضة الثانية”.
في الخطوات التمهيدية للمسار، اتجه الفريق نحو مدينة البيرة، واستغرق المسار بالباص نحو 10 كيلومترات من رام الله حتى بداية المسار.
تروي سليمان: "بدأنا الصعود باتجاه تل العاصور ١٠١٦ متر عن سطح البحر، وهو أعلى بكثير من التل، وثالث ارتفاع في فلسطين، والارتفاع الأعلى في وسطها، والجرمق هو الأعلى، وهو موجود قرب صفد، والنبي يونس الموجود في منطقة حلحول جنوبي فلسطين".
شارك حوالى 15 شخصاً من فريق "موطني" في المسار، وبدأ الصعود نحو القمة. "مع وصولنا تل العاصور" تقول سليمان: "كان الضباب عند الـ 6 صباحاً يغطي الأجواء، وكلما ارتفعنا بدأت الشمس تظهر أكثر فأكثر، وبدأت بعض القرى المحيطة تظهر شيئاً فشيئاً مثل دير جرير، وهي قرية خرجت الكثير من المناضلين ومنهم المناضلة عائشة عودة، التي سجنت سنوات طويلة، وحررت بتبادل الأسرى".
عن أهمية الجبل أيضاً، تتحدث سليمان لأنه "تظهر منه مناطق واسعة من فلسطين. من الجهة الشرقية نرى منطقة الغور الاردني، ومن الغرب منطقة يافا الساحلية. والمعروف أنه بسبب الارتفاع أعطى فرصة لتوزيع المياه ما بين السيول والمجاري المتجهة غرباً نحو البحر المتوسط، أو المتجهة في الوديان شرقاً نحو نهر الأردن. لذلك، هذا الجبل، يطل على مساحات كبيرة من فلسطين، شرقاً وغرباً، ويتلقى كميات مطر أكثر مما زاد من نسبة الينابيع والعيون المنتشرة في محيط أسفل التل".
تحف بالتل أراضٍ زراعية لاحظ الفريق نسبة عالية من الاهتمام بها كما في سلواد، وأهالي المزرعة، وبحسب سليمان، "بدت الأراضي محروثة، والأشجار تبدو معتنى بها بطريقة جميلة جدا”.
وقالت: "عندما وصلنا لاحظنا الردارات، والتحصينات العسكرية الإسرائيلية على تل العاصور، كما عرفنا أن أهالي سلواد استطاعوا في فترة معينة، بالمقاومة أن يحققوا نصر منع مصادرة أراضيهم التي كانت مهددة، وهي حوالي ٣٤ قطعة أرض كان الاحتلال يريد الاستيلاء عليها وفق مخططاته، وأعطى إنذارات لأصحابها بمصادرة الأراضي إذا لم يثبتوا ملكيتهم لها".
لكن الأهالي تمكنوا بسرعة من تحضير الأوراق الثبوتية، وكرسوا ملكيتها لهم، وهي تقدر بمجموعها بـ 600 دونم، كانت بمثابة انتصار وحق للتمسك بالأرض، ومنع المصادرات فيها، وإقامة مستوطنات عليها.
بعد ذلك، مرّ المسار بنقطة مطلة على قرية المزرعة الشرقية، لجهة اليسار، وتقول سليمان: "انعطفنا يميناً لنلتف مجموعة سلاسل، وصولاً لجهة للجبل من الجهة الأخرى، بمحاذاة السياج الذي أقيم عليه معسكر جيش الاحتلال وراداراته، ونزلنا متجهين نحو أراضي قرية دير جرير، ومشينا عدة كيلومترات، فاستراحة".
قطع المسار زهاء 8 كيلومترات ونصف الكيلومتر، وظهرت هذه المنطقة عامرة بالقصور الزراعية او المناطير الزراعية التي كان الفلاح الفلسطيني يجمع الحجارة من أرضه، ويبني منها شكل منطار أو قصر زراعي، وتفيد سليمان أن "هذا القصر كانوا يقيمون فيه فترة جني المحاصيل من عنب، وتين، وكانوا يعملون المساطيح، وكان القصر في الوقت عينه نقطة مراقبة للأرض، وتستمر إقامتهم فيها على مدى شهرين حتى إنجاز جني كل المحاصيل، وتحويلها إلى مؤن قبل العودة لبيوتهم وقراهم تحضيراً لاستقبال فصل الشتاء".
تنظر سليمان وفريقها إلى المستوطنات وتعبر عن أساها إزاء المشهد الذي يترك غصة لمشاهدتها مدى تعمق الاستيطان الإسرائيلي، فهناك انتشار واسع كمستوطنة عوفرة، أو معسكر بيت إيير، وهناك حركة الاستيطان على المنطقة، واستشهد عدد كبير من مقاومي هذه الأرض، وهم متمسكون بالمقاومة.
مسارنا كان مفيداً لناحية المعلومات التي تلقيناها عن المنطقة، ومواقعها، وسررنا بالانتقال من منطقة منخفضة لمنطقة عالية جداً، كما سررنا جداً على المستوى المعنوي، بما لاحظناه من عناية عالية بالأرض مما يشير إلى المستوى العالي من التمسك بها، فلقد كان مساراً رائعاً تاريخياً تراثياً، جمالياً.