الظاهرية: نسبة للظاهر بيبرس.. بلدتان للتراث الفلسطيني
في فلسطين، بلدتان تحملان اسم "الظاهرية"، الأولى قرب مدينة صفد، والثانية إلى الجنوب من الضفة الغربية، بين مدينتي الخليل وبئر السبع. تكنتا تيمنا بالسلطان المملوكي الظاهر بيبرس الذي حرر القدس من الصليبيين.
في فلسطين، بلدتان تحملان اسم "الظاهرية"، الأولى قرب مدينة صفد، والثانية إلى الجنوب من الضفة الغربية، بين مدينتي الخليل وبئر السبع.
ظاهرية صفد
من بلدات فلسطين المهجرة في النكبة، لا يزال قسم منها مأهولا، لكن أعدادا كبيرة من أهاليها تهجرت في نكبة 1948.
وفد قسم منهم إلى لبنان حيث يقيمون في مخيماته، وثمة تجمع لهم في مخيم البداوي في الشمال اللبناني، أنشأوا رابطة تعنى بتاريخ البلدة وعائلاتها، وتقيم صلات مع الأقرباء في الداخل، في محاولة لإحيائها، والحفاظ على حقها بالعودة.
ويقسم "معجم القرى والمدن الفلسطينية" لحسين لوباني ظاهرية صفد قسمين: الأول، الظاهرية التحتا، وهي قرية عربية تقع على بعد أقل من كيلومترين من مدينة صفد، تعلو 700 متر عن سطح البحر، وتعتبر من ضواحي صفد، تحيط بها أراضي قرى: الظاهرية الفوقا، عكبرة، خربة عقاب، عين الزيتون، الشونة، السموعي، فراضية، ومدينة صفد.
دمرها الصهاينة عام 1948، وشردوا أهلها البالغ عددهم 350 نسمة عام 1945، وقد ذاب موقع القرية في جملة الأحياء الجنوبية من مدينة صفد اليهودية التي أنشئت بعد عام 1948.
الثاني، الظاهرية الفوقا: قرية عربية تقع إلى الشرق من قرية الظاهرية التحتا، وهي توأمها. تحيط بها اراضي قرى: عكبرة، خربة حقاب، جب يوسف، زحلق، روشبينا، ومدينة صفد.
كان فيها 406 نفوس عام 1948.
تهجرت البلدة ودمرت في نكبة 1948، وانتشر كثيرون من أهاليها في بلدات فلسطينية، ومنهم من هجر فلسطين إلى الخارج، وتوجه قسم منهم إلى لبنان حيث يقيم كثيرون منهم في مخيماته.
كيف يتذكر أبناء الظاهرية قريتهم؟
"الميادين نت" التقت وليد علي الحديري أحد أبناء "الظاهرية" المقيم في مخيم البداوي في لبنان، تهجر من بلدته في تهجيرها، وهو في الثالثة عشرة من عمره، أتى لبنان حاملاً معه ذاكرته، يستعيدها بحنين جارف، ويجدد صورها ومعالمها في ذهنه على الدوام، وتمكن من زيارتها ثلاث مرات في السنوات العشر الماضية، ساعدته ابنته العاملة في مكاتب السلطة الفلسطينية على الحصول على تصاريح زيارة وطنه الأم، والبلدة التي قضى فيها طفولته.
ويختصر الفيديو التالي ما عرضه الحديري:
كما تناول الحديري مظاهر الحياة الهانئة التي يذكرها، وعايشها في طفولته، بالإضافة إلى معالم القرية قبل التهجير.
محسن زيد لم يزر قريته لكنه يتتبع أخبارها وشؤونها
مجموعة من أهالي الظاهرية يعيشون في مخيم البداوي، أنشأوا رابطة خاصة ببلدهم، هي "الرابطة الاجتماعية لأهالي الظاهرية"، ومنها محسن زيد، من أبناء الجيل الجديد، يعرف الظاهرية بتفاصيلها من خلال متابعته لشؤونها في العلاقات العامة للرابطة، رغم أنه لم يزرها، لكنه يعيشها، ويعرف تفاصيلها، كما قال ل"الميادين نت"، ويتمنى أن يعود إليها في كل لحظة.
الظاهرية قرب الخليل
وبحسب معجم لوباني، فالظاهرية: بلدة عربية تقع على بعد 23 كلم إلى الجنوب الغربي لمدينة الخليل، وتعلو 655 مترا عن سطح البحر.
نشأت الظاهرية فوق موقع بلدة جوشن الكنعانية، التي يمكن أن يكون معناها "أكمة ترابية"، (ويفسرها بعض سكان البلدة ب"البريد")، وأطلق عليها اسم الظاهرية نسبة إلى القائد المملوكي الظاهر بيبرس الذي قام بتحصينها لمحاربة الصليبيين.
تحيط بها أراضي السموعي، ودورا، وقضاء بئر السبع.
في عام 1933، اكتشف الأثري الفلسطيني ديمتري برامكي في الظاهرية مدفنا يعود إلى العصر الحديدي.
تحيط بالبلدة مجموعة من الخرائب التي تحتوي مواقع أثرية، أهمها: كفرجول، الرأس، دير اللوز، أم صير، تتزيت، الرهوة، الجعبري، عسيلة، بدغوش، جوى، دير الهو، دير سعيدة، عتير، أم الديمنة، التل، تل عراد، طبخانة، رجوم، بيت القصر، أم نخلة، أم العمد، الرابية.
تضم أراضي البلدة العديد من القرى الصغيرة المأهولة بالسكان، أهمها: شويكة، عناب (الصغيرة والكبيرة)، الدوحة، البيرة، والدير.
صادر الصهاينة مساحات واسعة من أراضيها في عامي 1948 و1967، وأقاموا عليها مستعمرات "زوهر"، و"أكشلون"، و"تينة".
كان فيها 3760 نسمة عام 1945.
وفي جولة على ظاهرية الخليل لمدير مكتب "منظمة العمل الدولية" في فلسطين منير قليبو، الذي يقيم في القدس الشرقية، كتب تحت عنوان: "زوروا معي الظاهرية.. شتاء هذه المدينة الأثرية لطيف":
في أقصى جنوب الضفة الغربية، كانت تتربع المدينة الكنعانية القديمة "جوشن"، والتي عُرفت لاحقا باسم "الظاهرية"، نسبة إلى "الظاهر بيبرس" الذي رأى في موقعها، مكانا استراتيجيا عمل على تحصينه، واتخاذه نقطة انطلاق لمواجهة "الفرنجة".
فيها الكثير من المواقع الأثرية القديمة، منها ما يعود للعهد الروماني، لكنها تعاني عزوفا من السيّاح، عن زيارتها!
في جزئها الجنوبي تحديدا، تتربع البلدة القديمة من الظاهرية التي تحوي نسيجا معماريا مكونا من نحو 972 مبنى قديم، يفصل بين شقيّها الشارع الرئيس، منها 32 مبنىً أثري تتنوع بين (حصن، مسجد، كنيسة، مقام، قلعة، قصر)، ويعود تاريخها لما قبل عام 1700 للميلاد.
بلدة الظاهرية التي تبعد عن الخليل نحو 23 كيلومترًا، فيها نحو 2.5% من تراث فلسطين المعماري، استنادا إلى مدير بلديتها عزمي رضوان، مشيرا في حديث صحفي، إلى أنه تم ترميم عدد كبير من هذه المباني التراثية بتكلفة مليوني دولار، تكفّلت بها مؤسسات مانحة، منذ عام 2007.
الأبنية التراثية والأثرية في البلدة، تتوزع على عدة حارات وأزقة ومنها: حارة وسط البلد، أبو الروازن، والقيصرية (نسبة للقصر الموجود فيها)، وعقبة الحامض. وتتوزع هذه الحارات إلى عدة أحواش للعائلات الساكنة فيها، ك"حوش الرباع" الذي أصبح جزء منه مقهى مع ساحة عامة كبيرة، و"حوش دار الطل" الذي يتوسط منطقة الخوخة، وتحده من الشمال منطقة الحصن، والسوق التجاري جنوبا، والذي يتميز بتصميمه، وجمال تكوينه.
استخدامات هذه التشكيلات المعمارية، متنوعة، فمنها ما كان يستخدم كمضافات أو دواويين، وجوامع، ومنها ما كان مدرسة، وعصّارات للزيتون (البدود)، بالإضافة لاستخدامها كمساكن، ودكاكين.
ويظهر في ثنايا هذا النسيج التاريخي مجموعة من السقايف، والمغر، والطوابين التقليدية، عدا عن عدد من المقامات كمقام أبو خروبة، والمسجد العمري، ومقام أبو الفصل، ومقام الغماري، ومقبرة ومقام أبو دبور.
ملاحظة: إن الصور الفوتوغرافية في هذا التحقيق تعود لمدير منظمة العمل الدولية في فلسطين الأستاذ منير قليبو.