"الميادين نت" يستذكر سفينة "كارين إيه" مع أحد أبطالها عمر عكاوي
كان الإنزال البحري الإسرائيلي على سفينة "كارين إيه" عام 2002 عملية قرصنة، لأنها كانت تبعد عن سواحل فلسطين حوالى 750 ميلاً بحرياً، ولا يحق للاحتلال توقيفها.
في الثالث من كانون الثاني/يناير 2002 اعترضت وحدة كوماندوس إسرائيلية السفينة "كارين إيه" في المياه الدولية في البحر الأحمر. وقد أعلنت "إسرائيل" يومها أنها وجدت على "متنها 50 طناً من الأسلحة مرسلة من إيران الى الفلسطينيين".
كان على متن السفينة 14 بحاراً من جنسيات مختلفة: 8 مصريين، وأردنيان، و 3 فلسطنيين ولبناني واحد.
وقد تحدث الأسير المحرر أحمد خريس، أحد أبطال السفينة للميادين نت للمرة الأول عن الحادثة. وقال إن عدد الذين كانوا على "كارين إيه" 14 شخصاً من جنسيات مختلفة. وأضاف: اتفقنا أن نجعل مهمة عملية "كارين إيه" محصورة بأربعة أشخاص فقط هم: القبطان اللواء عمر عكاوي،أحمد خريس،سالم السنكري، ورياض القصراوي الذي أطلق سراحه معي. وتابع: كل الذين كانوا على السفينة لهم عائلات وأولاد، فكان الواجب والإيثار يقضي أن نضحي ونضع العملية على مسؤوليتنا نحن الأربعة.
وبالفعل فإن الاحتلال الإسرائيلي أعلن على لسان المستشار القانوني للحكومة ألياكيم روبنشتاين اَنذاك "أن التحقيق خلص إلى أن لا علاقة للبحارة المصريين بقضية تهريب الأسلحة على متن سفينة "كارين إيه"، وقد كشفت الاستخبارات الإسرائيلية أنه "تم التعاقد مع 8 بحارة مصريين ليكونوا مسؤولين عن تشغيل وتحريك السفينة، كي يتفرّغ البحارة الفلسطينيون للعناية بالأسلحة. علماً أن البحارة المصريين لم تكن لديهم أدنى فكرة عن مكان الإبحار أو محطة الرسو".
من هو قائد البحرية الفلسطينية عمر عكاوي:
ولد الأسير عمر عكاوي في قرية علار قضاء طولكرم عام 1957. وتلقى تعليمه فيها. سافر إلى بيروت ودرس في جامعة بيروت العربية، حيث انتسب إلى حركة فتح.
عام 1979 حصل عكاوي على منحة لدخول الكلية العسكرية في كراتشي في باكستان. وتخرج منها عام 1983. وعاد ليلتحق بالبحرية الفلسطينية التي كان مقرها في اليمن.
تلقى دورات عدة في قيادة السفن البحرية في الأكاديمية العربية للنقل البحري في الشارقة، مكملاً دراسته المتقدمة في البحرية في الأكاديمية البحرية المصرية مطلع ثمانينات القرن العشرين.
مارس عكاوي عمله كقبطان على الخطوط التجارية الدولية فاكتسب خبرة وتجربة مهنية. وسافر على متن سفن تجارية.
أٌطلق عليه لقب "الجن" بسبب قدرته على اختراق أي حدود بحرية. فقد برع في إيصال السلاح إلى أي قاعدة فلسطنية عبر البحر عندما كان يطلب منه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ذلك، وقد كان يلتقي به دوماً ويقوم بتنفيذ تعليماته.
عاد عكاوي بعد اتفاق أوسلو الى غزة عام 1994 من ليبيا حيث كان يتولى قيادة القوات البحرية الفلسطينية. لكن قوات الاحتلال الصهيوني رفضت دخوله الى الأراضي المحتلة.
بعد منعه، عاد إلى ليبيا وطلب منه عرفات الذهاب الى كوريا الشمالية للإشراف على سفينة "زهرة الانتصارات" التي أهداها الشعب الكوريإلى الشعب الفلسطيني. ثم عاد بالسفينة من كوريا بعد ان بقي هناك شهوراً عدة.
كانت تلك الرحلة من أصعب الرحلات البحرية لأن حجم السفينة لا يسمح بوصولها وقطع تلك المسافات الطويلة، فتنقل إلى موانئ عدة حتى رست في ميناء العريش قبل أن يسمح لها الاحتلال بالدخول عام 1998 إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أنشأ عكاوي بطلب من الرئيس عرفات، دائرة التفتيش البحري في وزارة النقل والمواصلات، وكان يمثل فلسطين في جميع الاجتماعات الدولية. وتولى بتكليف من السلطة الفلسطينية مهمة إصدار جواز سفر بحري.
شارك في الانتفاضة الثانية بمهمات كان يكلف بها من القيادة الفلسطينية ومنها نقل السلاح والذخيرة الى الأراضي المحتلة عبر الأراضي المصرية.
تم اعتقال عكاوي أثناء قيادته للسفينه "كارين إيه" عندما قامت قوة من الاحتلال بالإنزال عليها يوم الأول من كانون الثاني/ يناير 2002 وتم إجبار السفينة على الإبحار إلى ميناء أشدود المحتل وتم العثور فيها على العديد من الأسلحة والمعدات الحربية.
حكمت محكمة الاحتلال على عمر عكاوي بالسجن 25 عاماً. وعلى غرار زملائه الأسرى أصحاب الشهادات العليا كمروان البرغوثي، يقوم عكاوي بتدريس اللغة الإنجليزية وتعليم اللغة العبرية للأسرى في داخل السجن، وهو مدير المكتبة في داخل السجن.
لعكاوي زوجة وبنت تدرس الطب في ليبيا، وكانت عقيلته قد زارته في بداية كانون الأول / ديسمبر 2019. لكن الاحتلال منعه من لقاء أخيه منذ اعتقاله، كما قال شقيقه للميادين نت.
وتقول عمة عمر، حسنية عكاوي، وهي الوحيدة التي تزوره شهرياً إن صحة عمر مستقرة وقالت إنها ستلتقي به خلال أسبوع في سجن رامون.
الأسير المحرر أحمد خريس من مواليد مخيم البقعة في الأردن في عام 1965، وكان والده في السجن وهو يحمل هوية غزية. تم اعتقاله أيضاً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل السفينة في عرض البحر الأبيض المتوسط. وقد تم الإفراج عنه في اوائل عام 2019، بعد إعتقال دام 18 عاماً داخل سجون الاحتلال.
يبادر المحرر خريس قبل الإجابة على أسئلتنا، بالتوقف عند معاناة الأسير فؤاد الشوبكي ويتمنى له العافية فوضعه الصحي خطير حيث يعاني من ورم في الرقبة. وهو بحاجة إلى متابعة عاجلة وعلاج سريع حتى لا تتطور حالته إلى ما لا تحمد عقباه.
خريس: المجموعة توجهت إلى دول عربية لمساعدة الشعب الفلسطيني
ويقول للميادين نت إن سلطات الاحتلال تمارس سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى وبخاصة الأسير فؤاد الشوبكي، مستشار المالية العسكرية للرئيس عرفات، الذي موّل عملية السفينة. يوضح خريس أن العلاج الوحيد المتوفر في السجن هو أقراص "الأكامول"، وهي أقراص مسكنة للآلام وليست علاجاً فاعلاً ضد أي من الأمراض التي يعاني منها الأسرى.
ويروي أن الرئيس عرفات علم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون كان يريد أن يبني الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى في القدس المحتلة،وأن عرفات كان يعرف حينها أن هذا الأمر سيشعل المنطقة، خاصة وأن الأمر يمسّ أقدس المقدسات، وسيهبّ الجميع لنجدتها، وكان لا بد من أن تكون هناك آلية للدفاع عن الشعب الفلسطيني من توحش الاحتلال الإسرائيلي. لذلك تم إختيار مجموعة من الأشخاص من قادة البحرية الفلسطينية، للعمل على تسليح الشعب في قطاع غزة.
ويستطرد خريس قائلاً إن المجموعة توجهت إلى دول عربية لمساعدة الشعب الفلسطيني، وعن طريق مجموعة أخرى كانت تنسق مع قيادات تؤمن بأن من حق الشعب الفلسطيني التسلّح بغض النظر عن أصولها أو انتمائها الديني. ويكشف خريس أن الأسلحة كانت في جزيرة قرب إيران على سفينة تتبع لحزب الله. وتمَّ تجهيز السلاح على قارب قرب إيران وكانت الأسلحة موجودة في براميل أشبه بالغواصات، وكان عددها 80 غواصة، كانت تحمل كمية كبيرة من الأسلحة والتجهيزات التي تتناسب مع طبيعة الدفاع عن النفس وليس الهجوم. وتوجهت المجموعة إلى نقطة الإلتقاء في شهر رمضان بتاريخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 2001، وتمَّ تحميل السلاح على متن سفينة "كارين إيه" وكان التوجه بعدها إلى منطقة محدّدة لدى القيادة الفلسطينية.
ويسخر خريس من الاحتلال بقوله: كيف يدعي الاحتلال أنهم "أهل التكنولوجيا"، وهم لم يستطيعوا العثور على السفينة، إلا بعد الاستعانة بأميركا، التي سخّرت كل أقمارها الصناعية في البحر الأحمر لترصد السفينة، وبعد محاولات مستميتة تم رصد السفينة قرب سواحل اليمن على مشارف مدينة الحديدة.
محاكم الاحتلال الإسرائيلي هي عبارة عن ديكور مسرح
ويعتقد الأسير المحرر أن الإنزال البحري الإسرائيلي هو عملية قرصنة واضحة، لأن السفينة تبعد عن سواحل فلسطين حوالى 750 ميلاً بحرياً، ولا يحق للاحتلال إعتقالها، ولكن كل ذلك كان من أجل توريط السلطة الفلسطينية في قضية اعتبرتها ضخمة جداً.
وأكثر ما يتذكر خريس في تلك اللحظات هو "التحقيق القاسي جداً معنا ونحن عراة الصدر في أجواء باردة لا مثيل لها،وتمّت تغطية أعيننا بنظارات سوداء رائحتها كريهة جداً، لا نعرف من خلالها المكان ولا الزمان بعدما تم اقتيادنا إلى ميناء إيلات، وهناك تم تسليمنا إلى استخبارات الاحتلال الإسرائيلي التي قامت بنقلنا إلى سجن عسقلان".
ويؤكد خريس أن محاكم الاحتلال الإسرائيلي هي عبارة عن ديكور مسرح، وأن الأحكام التي يحصل عليها الأسرى الفلسطينيون يوصي بها جهاز "الشاباك" الذي يحدّد مدة سجن كل أسير فلسطيني.
نشير إلى أن الأسير المحرر رياض قصراوي هو من مواليد بلدة رابا في قضاء جنين في 13 آذار / مارس 1965.
أما الأسير المحرر سالم السنكري هو من مدينة طرابلس في لبنان وقد تم إطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 2004 .