يا أُختَ زينب.. أسميتُك ريتّا

البارحة قرّرت تجديد السلام مع دمشق. مددت لها يدي.

  • يا أُختَ زينب.. أسميتُك ريتّا
    يا أُختَ زينب.. أسميتُك ريتّا

 

الرسالة الأولى: قبيل اللعنة

مساء دمشق 
إنها دمشق.. مُجدَّداً.
تمارس ألعاب الخفّة، فتأخذ ما تبقّى لنا من ذكريات وتضعها في قبّعتها السحرية، ثم تخرجها أرنباً لا يدرك أين أنفه!
ها هي ما زالت تلاعبنا قرعة الاختيارات القسرية. ترمي أوراقها الأربع على أرض الرقعة وتهمس: إنس. تكيّف. تجاوز واستمر.

يا ريتا، كيف لنا أن نخلع أنفسنا؟ كيف نقفز فوق الحواجز ونحن الحواجز؟ أيقفز الإنسان فوق نفسه، يا أُختَ زينب؟ 
كيف لدمشق أن تطلب منّا الاستمرار؟ والاستمرار في ماذا؟ في النهايات؟ أم في بورصة البدايات الجديدة الخاسِرة دوماً؟

وكيف لها أن تجعل من أقدارنا ورقة يانصيب نسحبها ونخسر، ونعود لندفع جائزتها الكبرى، فيما نحن يا أُختَ زينب مديونون بأعمارنا منذ الخليقة.
فكيف لنا أن نتكيَّف ونستمر ؟
كيف؟
_ وللنسيان قواعد في دمشق أولها: تذكّرْ
وللتكيّف تقاليد في دمشق أولها: إتبعْ
وللتجاوز حقل معجمي في دمشق أولى كلماته: إيّاك
أما الاستمرار فله إشارات سماوية أحياناً. سماوية دائماً.
إشارات تأتي كما الرياح تصفعك، تنعشك، تعيقك، تدفعك.
لكنها نهاية بُشرى.. بشرى الخلاص!

***                                                          
الرسالة الثانية: اللعنة

اللعنة، يا أخت زينب: "قد يشرب إثنان من الكأس ذاتها، لكنهما لن يشربا في وقتٍ واحد. إنها قواعد الكؤوس".
ومن هذه الكؤوس بالتحديد، أُعلنت ألف حرب وحرب تحت عنوان واحد يقول: (أنا أولاً).
وأنا لم أكترث للحرب يوماً، ولا تعنيني السباقات ولا الكؤوس.
البارحة قرّرت تجديد السلام مع دمشق. مددت لها يدي. أعطيتها شرف الشُرب أولاً كما علّمتني القواعد، فاتّهموني بقتلها!
وما أدراني أن الكأس مسمومة يا أخت زينب؟

***                                                                                 
الرسالة الثالثة: قبيل الحُكم الأخير 

أبواب دمشق لم تُطرَق يوماً،  مع أنها وللمُفارقة لم تُغلَق يوماً! 
(فالحياة لا تستأذنُ الأبوابَ المفتوحة، وإن أُغلقت فلا تفتحها أبداً).
وأنا، أعترف رغم تعبي أني أحمد الله لأننا لم نخلق أبواباً!
على الأقل نحن نتمتّع برفاهية الموت. أما الأبواب فلا تموت يا ريتا أبداً. ***                         
الرسالة الرابعة: الكأس الأخيرة

إنها النهاية يا ريتا، وها أنا ذا بعد إشارات عدّة أشرب كل كؤوسي أولاً واستبشر! فيتّهمونني بالجنون!
لم يدركوا أنّي لا أُريد ضحيةً أُخرى سواي بعدما قُتِلت دمشق.
 وها هي الكأس الأخيرة بين يدي تخبرني: 

إني يا أخت زينب..أسميتك ريتا..فكنتِ دمشق..واليوم أسميتك ريتا..يا دمشق..فكنتِ أنا!

فلتلعن كل الكؤوس.

ولتبدأ الأغنية: "يا أخت زينب لو تدرين ما فعلت عيناك بي، لتولّى قلبك التعب غيّرتني، فأنا كالريح تحملني إن اتجهت إلى أحيائك السُبل".