نفسك أساس كل بداية

حبّ الذات نتاج الوعي والتقدير الذي يليه تقبّل جوانبنا السلبية.

  • نفسك أساس كل بداية
    نفسك أساس كل بداية

اجتاحت في الآونة الأخيرة مفاهيم أكثر عصرية لمُصطلح الإيجابية. فقد أصبحت أسلوب حياة يتّبعه البعض كحيلةٍ صحيّة للحفاظ على الحال النفسية السويّة، غير أنّ العديد من المُختّصين النفسيين باتوا يكرّسون أغلب أوقاتهم في إلقاء محاضرات تُفسّر ببساطة أهميّة هذا المبدأ في حياة الفرد والمجتمع.

كما تحرص العديد من المؤسّسات المعنيّة بشؤون الأفراد النَّفسية على عقد الدوراتِ التي توضّح كيفية التخلّص من الطّاقةِ السلبيةِ واستبدالها بالتعايُش والإيجابية، بغرض الحصول السّلاَم الدَّاخلي وتقبّل الحياة بكل ما فيها.
أما عن مُرادفات الإيجابية فتتمثّل في العطاء والفكر البنّاء والتجاوب والتعايُش والتفاعُل مع المُحيط بثقة واتّزان، وتُعرَف أيضاً بالمبدأ الذي يعتنقه البعض لتطبيقه في أغلب تفاصيل حياتهم. خاصة في تِلك الأوقات الصعْبة ليستدلّوا بها طريق العبور من حجُرَات الحُزن الخانِقة لهالة مُضيئة أكثرَ أمناً.
كل ما سبق سرده ما كان إلّا تفسيراً مُبسَّطاً للصورة العامّة لمبدأ الإيجابية، لذا دعونا نتناول الحديث بواقعية أكثر من دون اللجوء للتّفسيرات الورديّة، كما يعتبرها البعض، ونُلقي نَظرة خاطِفة على أوّل أساس في هذا المبدأ والذي يتمحور في حبّ النّفس بالشّكل السّليم من دون وجود أيّ وجه من وجوه الأنانية .
مبدئيّاً، علينا أن نَعِي ألا حياة مرِنة سليمة البِناء بلا عُنصر الإرادة الفعّال والمُرتبط ارتباطاً وثيقاً بحبّك لنفسك وتفهّم احتياجاتك. فكيف ستقتبس لحياتك مفاهيم نيّرة من سطور ذلك الكتاب ذُو الغلاف الّلامع والعُنوَان البرّاق الذي يدور حول زراعة الأمل في مساحاتك النّفسِية؟ فيما أنت الّذي اعتدت جَعْل أرضك بوراً لا تَصْلح لِزراعة أيّة مبادئ تنتشل رُوحَك من التِّيه؟

ولِم تحرص على تواجد جسدك المُنهَك ذاتياً في محاضرات التعزيز والتطوير التي تحثّ على تفعيل غريزة الحياة داخلك، بينما أنت الذي تنشِّط غريزة الموت فيك بالإكتئاب واحتقار النّفس أحياناً؟
ما نفعله في هذه الحال ما هو إلاّ الإندماج بالسّلبية القاتمة والتي بدورها توهمنا بانعدام كفاءاتنا، فتعتاد ألسنتنا على اللا أستطيع المُستفزّة هذِه؛ لتودي بنا كالعادة إلى الهاوية من دون أدنى شعور بالذنب تجاه النفس المُكرّمة والروح العظيمة .
ومن هنا تتبيّن لنا أهميّة اعتناق مبدأ الإيجابية بأساليبه العصرية المُتجانِسة مع زماننا وتوزيعاتنا الجغرافية المُختلفة، والذّي يرتكز أولاً على فَهْم متطلّبات الذّات، ويُفسّر بشكل عملي كيف أنَّ البديع وهبَنا أرضاً خصبة (النَّفْس) وَجب علينا ريِّها بالمُحفّزات، كما يجب أن نُحسِن اختيار البذور الصالحة لجني محصول يليق بإنسانيتنا. 
فما حبّ الذات إلا نِتاج الوعي والتقدير الذي يليه تقبّل جوانبنا السلبيّة، ما يُكسِبنا مهارة التحسين وإزالة الشوائب. كما أنّ إيماننا العميق باستحقاقنا العالي للسّلام النفسي؛ هو ما سيُحيطنا بطاقة مُبهجة؛ تمنحنا مرونة تقبُّل الأحداث وتصدّ عنّا كلّ ما يغذّي مشاعر سوء التقدير؛ وهكذا تصبح معرفة الميزات التي تتمتّع بها كفرد فعّال في المُجتمع مطلباً مهماً للرّاحة وأساسياً للاستمرار .

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك المقالات والتحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]