طائرات ورقية في خدمة الطاقة النظيفة
قطاع الطاقة المتجددة النظيفة لا يزال يتطلب استثمارات كبيرة ودراسات علمية، إلا أن ستيفان فُراغ، الرئيس التنفيذي لشركة SkySails-Power الألمانية، قال إن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساعد 1.4 مليار شخص على مستوى العالم يعيشون خارج نطاق شبكات الكهرباء.
ينظر الأطفال في جميع أنحاء العالم إلى الطائرات الورقية باعتبارها مصدراً للابتهاج خاصة عند تمكّنهم من تحليقها في الهواء الطلق على ارتفاع كبير عن طريق الركض على اليابسة.
وتستحوذ الرياح عالية الارتفاع على خيال الشباب، لكنها منذ وقت ليس ببعيد باتت مقصداً لمجموعة من الباحثين الذين يرغبون في توليد الكهرباء من رياح الارتفاعات العالية خاصة وأن الرياح على ارتفاع أكثر من 200 متر تميل إلى أن تكون أكثر قوة وثباتاً من الرياح القريبة من سطح الأرض.
إقرأ أيضاً: الاستثمار في الطاقة النظيفة يصل إلى تريليون دولار
ويمكن استغلال هذه الرياح القوية لإنتاج كهرباء بمعدل يفوق ما تولّده توربينات الرياح على الأرض حيث أن مضاعفة سرعة الرياح قد تولّد طاقة تبلغ 8 أضعاف المعدلات الحالية.
German wind power company SkySails-Power, wants to make the "largest yet untapped source of renewable energy worldwide" suitable for mass use.https://t.co/NAEcgtSL9V
— JMilla (@JMilla43874993) April 2, 2023
في ذلك، قال موريتز ديل، رئيس قسم هندسة النظم الدقيقة في جامعة فرايبورغ الألمانية، "إن استغلال الرياح على ارتفاعات عالية قد يكون بمثابة أحد التقنيات "الواعدة" لتوليد الطاقة المتجددة في مقبل الأعوام".
وأضاف بأننا "ننظر إلى السماء فوق التوربينات التقليدية، ونعتقد أن هذه الرياح تهب فقط ولا يمكن استخدامها".
بدوره، يرغب ستيفان فُراغ، الرئيس التنفيذي لشركة سكاي سيلس- باور/ SkySails-Power الألمانية المتخصصة في طاقة الرياح، في تغيير الأمر واستغلال "أكبر مصدر غير مستغل للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم" لتوليد الطاقة. وليس فُراغ الوحيد الذي يحلم باستغلال الرياح عالية الارتفاع إذ إنّ هناك العديد من المهندسين وأصحاب شركات ناشئة وعالمية دخلوا في سباق توليد الطاقة من الرياح التي تهب عالية فوق سطح الأرض بتكلفة منخفضة.
ورغم فشل الكثير من هذه المحالات، وفيما أوشك البعض على الإفلاس بسببها، إلا أن آخرين يقتربون من تحقيق هذا الحلم.
توربينات الرياح الطائرة
أطلقت شركة الطاقة الأميركية التيروس/ Altaeros في عام 2010 أحد أهم المشاريع الأولى حيث كان نموذجها الأولي قائماً على مولّد ملتصق ببالون هيليوم أي بمثابة توربينات رياح لكن من دون وجود قاعدة ثقيلة وبرج. وكانت ألاسكا موقع الاختبار حيث جرى توصيل المولّد بالأرض عن طريق كابل فيما قالت الشركة إنه تم إنتاج طاقة من ارتفاع 600 متر وكانت كافية لقرابة 50 أسرة.
https://t.co/MwPb6BEVPk
— @59733 (@JDodonna) April 2, 2023
Altaeros notes Buoyant Air Turbines or BAT (wind energy) positioned at heights at and above traditional telecommunications and weather-monitoring towers could be a game-changer in electricity, communications (wifi), and forecasting (weather) space as well.
إقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يتوصل إلى اتفاق "طموح" بشأن الطاقة المتجددة
تزامن هذا مع تطوير شركة سكاي سيلس/ SkySails الألمانية طائرة ورقية تحلّق على ارتفاعات عالية تساعد في سحب سفن الحاويات، فيما كانت الفكرة تقوم على توفير الديزل المستخدم لتشغيل محركات هذه السفن بنسبة تصل إلى 10 في المئة.
ورغم نجاح التجربة، إلا أن شركة الشحن وجدت طريقها إلى الإفلاس فيما لم تغزُ الطائرة الورقية ولا توربينات الرياح الهليوم السوق، لكنّ كلا التجربتين تشير إلى شيء واحد يتمثّل في أن استغلال الرياح عالية الارتفاع يتطلّب محطات طاقة طائرة.
"غوغل" على خط المنافسة
في عام 2013، قامت عملاق التكنولوجيا الأميركية "غوغل" بشراء شركة ماكاني/ Makani المتخصصة في مجال تصنيع توربينات الرياح التي تطير في الهواء مثل الطائرات الورقية على ارتفاع 300 متر وهو الأمر الذي جذب اهتماماً كبيراً في هذا المجال. ويتم توليد الكهرباء بفضل التوربينات المعلقة على الأجنحة والتي تدور مع الحركة.
في عام 2013 قامت "غوغل" بشراء شركة "مكاني" المتخصصة في مجال تصنيع توربينات الرياح التي تطير في الهواء، فهل تنجح الشركة في تطوير هذه التوربينات لتصبح مصدراً رئيسياً لإنتاج الكهرباء؟
ورغم أن موريتز ديل اعتقد في ذاك الوقت أن الفكرة "جنونية"، لكنها نجحت حيث قالت الشركة إن محطة واحدة أنتجت طاقة كهربائية كانت تكفي لقرابة 300 منزل. ورغم أن الجميع كان يتشوّق إلى هذا الإنجاز العلمي، إلا أن أحد الأجهزة تحطّم في البحر أثناء مهمة تجريبية فيما تخلت شركة "الفابيت" المالكة لشركة "غوغل" عن المشروع في ضوء الشكوك حيال جدواه الاقتصادية.
ليست النهاية وإنما البداية
لم يكن نهاية مشروع شركة ماكاني/ Makani يعني نهاية نظام طاقة الرياح المحمولة جواً، بل دخلت شركات ناشئة جديدة على طريق تطوير أجهزة صغيرة تستخدم مواد أقل من أي وقت مضى. وفيما سلكت بعض الشركات مسار شركة "ماكاني" نفسه، فقد قامت شركات أخرى بربط طائرتها المسيرة بحبل من أجل سحب المولد. كما عمدت شركات إلى استبدال الطائرات المسيرة بطائرات ورقية.
ومن بين هذه الشركات سكاي/ سيلس- باور/ SkySails-Power التي خلفت شركة سكاي سيلس/ SkySails الألمانية التي أعلنت إفلاسها حيث قامت الشركة الجديدة بابتكار جهاز يمكن استخدامه بمثابة "دورة ضخ" لتوليد الطاقة حيث تقلع الطائرة الورقية تلقائياً ثم تعمل على توجه نفسها ضد الريح. وجرى تصميم الطائرة الورقية لكي تظل محلقة في الجو لساعات وأيام وأسابيع، وفي حالة الظروف الجوية السيئة أو الخطرة، فإن الطائرة تطلق إنذاراً حتى يمكن إرجاعها إلى الأرض.
المزيد من الاستثمارات
ورغم أن القطاع لا يزال يتطلّب استثمارات كبيرة ودراسات علمية، إلا أن ستيفان فُراغ، الرئيس التنفيذي لشركة SkySails-Power الألمانية، قال إن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساعد 1.4 مليار شخص على مستوى العالم يعيشون خارج نطاق شبكات الكهرباء ويعتمدون في الغالب على مولدات الديزل القذرة.
إقرأ أيضاً: "اختراق علمي كبير" بحثاً عن مصادر للطاقة النظيفة
وفقاً لدراسة ذات صلة، فإن الكهرباء التي تنتجها أنظمة طاقة الرياح المحمولة جواً قد تكون أرخص من توليد الكهرباء عن طريق مولدات الديزل أو حتى أرخص من محطات طاقة الرياح التقليدية.
وباتت شركة SkySails-Power رائدة في هذا المجال حيث قامت ببيع أول وحدة إلى موريشيوس فيما تتطلع الشركة إلى بناء مركز رياح على ارتفاعات عالية في شرق أفريقيا وتشغيل طائرات ورقية تسهّل بناء مزارع الرياح فوق البحار.