"الميادين نت" يواكب إزالة ركام العدوان من بحر صور

مدينة صور الساحلية اللبنانية عرفت التدمير والقصف، وكانت بمدينتها وبلدات وقرى القضاء التابع لها عرضةً للعدوان اليومي السافر، حتى أن" غضب" الاحتلال طال محميتها الطبيعية وآثارها التاريخية وقلعتها العريقة.

  • بانوراما لمدينة صور من البحر (تصوير: يوسف الجندي)

لم تقوَ آلة الحرب الإسرائيليبة بجيشها الجرّار ومدمراتها الحديثة وصواريخها الدقيقة والذكية على تلك الثلة المقاومة المرابطة على جبهة القتال، فغضبت طائرات ومسيّرات الاحتلال على البشر والحجر.

أمعنت الطائرات الجهنمية في الاجرام عبر قصف الأطفال والنساء والمسنين في الأبنية السكنية والمنازل، واستهداف المسعفين والصحافيين ومراكز إلايواء للنازحين في مدن وقرى لبنان.

  • مشهد من استهداف الاحتلال لواجهة مدينة صور
    مشهد من استهداف الاحتلال لواجهة مدينة صور

العدوان طال الحجر والبشر

هم فعلاً قتلة مجرمون  وليسوا مقاتلين في التصنيف الحربي العسكري، كما تقول   المنظمات الدولية في الأمم المتحدة ، وكذلك جمعيات حقوق الإنسان وغيرها.. 

و مدينة صور الساحلية اللبنانية عرفت التدمير والقصف، وكانت بمدينتها وبلدات وقرى القضاء التابع لها عرضةً للعدوان اليومي السافر، حتى أن غضبه طال محميتها الطبيعية وآثارها التاريخية وقلعتها العريقة.

التدمير الذي طال واجهة المدينة، كان لافتاً، بعد استخدام الاحتلال أسلوبه المحرّم دولياً وهو  "الأحزمة النارية"، في استهداف المدن، وهذا أدى إلى انهيارات في  أبنية مكوّنة من 10 طوابق.

جولة الميادين نت:  "راجع يفتح يا عالشمال يا عاليمين"

في تجوال الميادين نت على كورنيش بحر صور، وقرب مرفأ ومراكب الصيادين، نلحظ الحركة الدؤوبة لرفع الأنقاض وترميم الأبنية والمراكب التي يحتضنها المرفأ، والتي مُنع صيادو المدينة وعددهم 400  من استخدامها على مدى شهرين، كما أقفلت المسامك جميعها..

عمّال ومتخصصّون حرفيون منهمكون بإصلاح سفن الصيد و "رتي" الشباك، وليس بعيداً من الشاطىء ترتفع عمارات شاهقة ضرب الاحتلال بعض طوابقها ودمّر محلاتها..

بائعون ومحلات تجارية فتحت أبوابها وعرضت بضائعها خارجها، في السوق التراثي الجميل، وعلى أرصفة الطريق العام، حتى بعض المطاعم و المقاهي عادت لاستقبال الروّاد، الذين لم يمنعهم هول ما جرى من تفقّد محمية الشاطىء الهامة بيئياً وبيولوجياً أيضاً، وهي المهجع الطبيعي الدي سيكون لنا تقرير مفصّل عنه مع قلعة صور وآثارها العريقة وغيره.

هنا تلفتنا يافطة كبيرة وضعها صاحب أحد "الكافيهات" المدمّرة يخاطب فيها صاحبها جيش الاحتلال متهكماً في إشارة إلى العزم و إرادة الحياة لدى الجنوبيين اللبنانيين: "مستودع صواريخ مين.. يا قتلة يا مجرمين، الكافيه وبإذن رب العالمين،  راجع يفتح يا عالشمال يا عاليمين"!

  • مبنى مدمر ودعوة إلى استمرار الحياة

عمل القيّمون من بلديات وجمعيات ومراكز وأندية كشفية على رفع الركام، وتنظيف الساحات والطرق العامة، في وقتٍ لفت فيه سقوط ركام من هذه البنايات في البحر.

وتلبية لحملة "معاً لأجل صور "، التي انطلقت في المدينة برعاية الصفحة الرسمية لمدينة صور Tyre Pageو فريق أخبار مدينة صور والمنطقة وبالتعاون مع بلدية صور، أنجزت  مراحل هامة في المدينة وشاطئها.

الجندي للميادين:  تطايرات أعمدة الأبنية الشاهقة لتستقر في البحر 

وفي السياق، قام فريق من المركز اللبناني للغوص وعدد من المتطوعين بإزالة الردميات التي تطايرات من الابنية التي تعرضت للقصف إلى عمق مياه البحر.

كعادته، لم يتأخر مدير المركز البحّار والكابتن يوسف الجندي، الذي يعتبره نفسه "أم الصبي" في مجال الحفاظ على البحر، كما يقول، فهو يدير واحداً من أهم نوادي الغطس اللبنانية على امتداد المتوسط، في القيام بالحملة الوطنية، وهو المشارك الدائم في المؤتمرات والدورات والفعاليات العربية والعالمية في مضمار الغوص.

يقول الجندي لـ الميادين نت إن" الملفت كان تطاير أعمدة من البنايات الشاهقة لتستقر في عمق البحر على بعد مئات الأمتار  من الشاطىء، وكانت من الصعب ازالتها يدوياً، فاستعنا بونش ضخم أرسلته بلدية صور بالتنسيق مع كشافة الرسالة الإسلامية".

اقرأ أيضاً: جهود لإزالة "شِباك الشبح" من بحر لبنان

ويطمئن أن الشاطىء الجنوبي للبنان، والذي يعتبر من أجمل الشواطىء وأنظفها، قد عاد إلى سابق عهده، داعياً اللبنانيين وهواة الغطس والصيادين إلى استخدامه، ومنع رميّ النفايات والبلاستيك والحجارة وغيرها فيه".

مساهمات منذ عام 2006

وبعد عدوان تموز/ يوليو 2006 على لبنان، ساهم الجندي مع غواصيه في تنظيف الشاطىء اللبناني من مخلفات الفيول أول الذي سببته القطع الحربية الإسرائيلية، وأيضاً عبر قصفها لمعمل الجية الحراري، القريب من مدينة صيدا بوابة الجنوب اللبناني. ما أدى إلى تسرّب 15 ألف متر مكعب من الفيول إلى البحر، أصابت ما يقارب 150 كيلومتراً من شواطئ لبنان الساحلية الرملية والصخرية، وصولاً إلى الشواطئ السورية. 

عام 2010 رفضت "إسرائيل" رفضاً قاطعاً التعويض عن الضرر الذي سببته، رغم القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة في  كانون الأول/ يناير 2006 ، لكن منذ عامين  ربح لبنان الدعوة على الاحتلال الإسرائيلي وطلب فرع "حالات ما بعد انتهاء النزاع وإدارة الكوارث" التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة من "إسرائيل" دفع أكثر من 700 مليون دولار للبنان، ولكن الاحتلال رفض ذلك بالطبع.

تقرير موثق للأمم المتحدة

الجندي كان له الباع الطولى في تخليص شاطىء لبنان من النفايات البلاستيكية التي وضعتها السفن الإسرائيلية عام 2019، ويشرح أن الحملة انتهت يومها برفع نتائجها إلى مجلس النواب اللبناني بجهود النائب عن كتلة التنمية والتحرير د. عناية عز الدين، وانتهى بتقرير موثق معزز، أرسل في معرض الشكوى على العدو لدى الأمم المتحدة، وكان يومها فادي جريصاتي وزيراً للبيئة، وجبران باسيل وزيراً للخارجية.

  • استخدام
    استخدام "الونش" لرفع الأنقاض

اقرأ أيضاً: بين نفق الناقورة و"كاريش".. ظهورنا محمية والخيارات مفتوحة (فيديو)

عام 2021 أيضاً، كان للمركز اللبناني للغوص بإشراف الجندي دورٌ هام في تخليص الشاطىء من التلوّث بسبب حفر الآبار، بالإضافة إلى حملات نظافة الشاطىء والواجهة البحرية، كذلك جهود دائمة لإزالة الشباك البحرية العالقة من قعر البحر والتي تؤذي الأسماك والمخلوقات البحرية..

  • ميناء الصيادين في صور (رويترز)
    ميناء الصيادين في صور (رويترز)

يذكر أن نقيب الغواصين المحترفين في لبنان محمد السارجي وضع مع الجندي وغطاسين لوحة "الميادين" على بئر ماء عذب بعمق 40 متر تحت الماء في بحر مدينة صور بذكرى تأسيسها الثانية في 11 حزيران/ يونيو 2014، وسميّ البئر المتدفق والذي يشكّل ثروة وطنية باسم القناة.

اقرأ أيضاً: لوحة الميادين

كما وضع رئيس المركز اللبناني للغوص مركبه وامكاناته لتنفيذ تقرير ميداني للميادين نت بين نفق الناقورة وحقل "كاريش" النفطي، بالتنسيق مع "اليونيفبل" والجيش اللبناني، متحدثاً أيضاً عن الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة ومغاور  وصخور منطقة الناقورة  والأهمية الجيولوجية والسياحية والطبيعية لها وغيره.