وقود بيئي للتدفئة ينافس الحطب والديزل في جنوب لبنان

نائب رئيس التعاونية نديم حمدان إن المشروع الجديد يحمي الثروة الحرجية من فؤوس الحطابين واكتفائهم بأغصانها، كما رفع دخل مزارعي الأرياف، ووفر الوقود لنار التدفئة بمواصفات صحية وبأسعار متهاودة.

  • وقود بيئي للتدفئة ينافس الحطب والديزل في جنوب لبنان
    وقود بيئي للتدفئة ينافس الحطب والديزل في جنوب لبنان

وسط بساتين الزيتون المترامية الأطراف في وادي الحاصباني بشرق جنوب لبنان ينشط عشرات من المزارعين في أعمال تشذيب أغصان أشجارها لتدخل كمادة أولية في تصنيع وقود بيئي هو الأول من نوعه في لبنان منافس للحطب وديزل التدفئة في المناطق الجبلية الباردة.

وخلال نقل أغصان أشجار الزيتون والكرمة بشاحنة رباعية الدفع لكمية كبيرة من بستانه إلى مطحنة خاصة بفرم وطحن ألاغصان في بلدة "ميمس" بجنوب لبنان، قال المزارع الستيني زاهر يحيى لوكالة أنباء "شينخوا": لقد بات لهذه الأغصان التي كنا نحرقها عادة وسط الحقول قيمة بعد مردودها المادي المقبول .

وأضاف تضاعف اهتمامنا بتقليم أشجار بساتيننا المثمرة بعدما دخلت أغصانها كمادة أساسية أولية في تصنيع وقود بيئي يقينا صقيع الشتاء بأقل كلفة من الديزل والحطب .

واعتبر أن "دخول أغصان الأشجار في هذه الصناعة خلق فرص عمل جديدة لمواطني الأرياف وخفف من هجمة الحطابين على قطع الأشجار الذي أدى إلى مجازر في الكثير من الغابات".

وكانت "الجمعية التعاونية للزراعات البعلية" في حاصبيا ومحيطها بجنوب لبنان وبالتعاون مع جمعيات بيئية قد أطلقت مشروعاً لإنتاج نوع جديد من الوقود لمواجهة برد الشتاء وتأمين الدفء في المناطق الجبلية بأقل كلفة في ظل الأرتفاع الجنوني لأسعار وقود التدفئة من ديزل وغاز وكهرباء وحطب.

وأوضح نائب رئيس التعاونية نديم حمدان أن المشروع الجديد يحمي الثروة الحرجية من فؤوس الحطابين واكتفائهم بأغصانها، كما رفع دخل مزارعي الأرياف، ووفر الوقود لنار التدفئة بمواصفات صحية وبأسعار متهاودة في ظل تردي الوضع الاقتصادي والكلفة الباهظة لمختلف أنواع الوقود في المناطق الجبلية.

وأكد أن الوقود المستحدث الذي بات يعرف بـ "الوقدة البيئية" سيخفض بنسبة 35% من كلفة التدفئة الشتوية لسكان المناطق الجبلية والذين باستطاعتهم تحضير موادها الأولية من بساتينهم ومن بقايا عصر زيتونهم.

وأشار إلى أن الوقدة البيئية عبارة عن خليط من أغصان أشجار مفرومة وبقايا الزيتون بعد عصره وأن الكميات المصنعة حتى الآن تجاوزت حدود الـ 1200 طن وأننا سنعمل لاحقاً على رفع الكمية حسب الطلب، كما سنعمل على تعميم صناعة هذه الوقدة في مختلف المناطق اللبنانية.

من جهته، أوضح المهندس الزراعي جمال أسعد المشرف على تصنيع الوقدة البيئية في وادي الحاصباني بجنوب لبنان بأنها تتكون من خليط يحوي 55% من بذور الزيتون المعصور و40% من بقايا الأغصان المفرومة و5% من عكر زيت الزيتون.

وأضاف: "نعمل على فرم أغصان الأشجار الناتجة عن أعمال تشذيب البساتين والأحراج بمعدات فرم خاصة تحولها إلى ما يشبه مسحوق ناعم ومن ثم نخلطه بواسطة خلاط آلي مع بذور الزيتون المعصور وعكر الزيت ليغدو على شكل عجينه متماسكة"، موضحاً: "بعدها ننتقل إلى عملية تكبيس العجينة داخل آلة ضغط لتخرج منها على شكل قطع اسطوانية بقطر 10سنتمترات وبطول 40 سنتمترا،تعرض بعدها لأشعة الشمس لفترة أسبوعين حتى تجف لتصبح عندها جاهزة كوقود لنار التدفئة".

 المهندس الزراعي قال: "مع الظروف المعيشية الصعبة عجزت شريحة واسعة من العائلات عن تأمين الوقود لمواجهة الصقيع في المناطق التي تعلو 500 متر عن سطح البحر وما فوق بسبب ارتفاع أسعاره"، مشيراً إلى أنه ليس بالأمكان تقدير حاجة السوق لهذه الوقدة في الوقت الراهن علماً أن سوق التدفئة يتوزع بين هذه الوقدة والديزل والحطب العادي والغاز والكهرباء.

وأكد الخبير البيئي المهندس جواد حداد أن "الوقدة صديقة للبيئة ولها قدرة اشتعال فعالة ، وتخفف بنسبة مقبولة من أعباء التدفئة لقاطني المناطق الريفية الجبلية بعيداً عن الملوثات، كما تساهم في خفض خطر حرائق الأحراج وخفض مستوى الملوثات والغازات وزيادة أنتاج الأشجار المثمرة".

وأضاف: "باتت الوقدة منافسة لوقود الديزل الذي ارتفعت أسعار الصفيحه الواحدة منه إلى حدود 15 دولاراً،في حين سعر الطن الواحد من هذه الوقدة بمليون و700 ألف ليرة لبنانية أي أدنى بحوالي مليون ليرة لبنانية عن طن الحطب العادي".

وقدر حداد "حاجة البيت من الحطب خلال فصل الشتاء بحوالي 5 أطنان،لتنخفض مع الوقدة البيئية إلى 3 أطنان"، لافتاً إلى أن لـ" الوقدة طاقة حرارية كبيرة تصل إلى 18 ميجاجول لكل كيلوجرام مما يجعله بديلا ممتازا عن الديزل والحطب والفحم" والإقبال عليها في وتيرة تصاعدية.

وقال المزارع حسان بدير إن استخدام بقايا الأغصان بعد تشذيب الأشجار في صناعة الوقدة يؤمن له مدخولا إضافيا يقدر بحوالي 2.5 مليون ليرة سنويا بعدما كان يحرق هذه الأغصان للتخلص منها.

بدوره، ذكر المزارع شادي داوود أنه يبيع أغصان التشذيب في بستانه بحوالي 3ملايين ونصف مليون ليرة لبنانية، كما أنه يعمل على تشغيل شاحنته الصغيرة في نقل الأغصان التي تم تشذيبها من البساتين والغابات بأجر يبلغ 700 الف ليرة عن كل عملية نقل لا تتجاوز مسافتها حدود 30 كيلو مترا .

من جانبه، أكد المزارع جلال أبو علي أن الوقود البيئي لاقى إقبالاً بعد وقت قصير من طرحه في الأسواق ومن المرجح مستقبلاً أن ينتشر ليصل إلى كل بيت خاصة وانه يوفر كلفة التدفئة الشتوية بنسبة 30%.

من جهتها، أشادت الناشطة البيئية فاطمة عواضة بـ "الوقدة البيئية التي تصنع من مواد أولية محلية غير مستوردة"، معتبرة أن ذلك ينعكس إيجابا على الثروة الحرجية وانخفاضاً في الانفاق الأسري.

وأشارت إلى أن الوقود البيئي يساهم في التخلص من بقايا عصر الزيتون التي كانت تلوث مياه الينابيع والأنهار والمياه الجوفية،إضافة إلى أن أنتاج هذا الوقود يؤمن فرص عمل لأبناء الأرياف في ظل البطالة وتردي الوضع الأقتصادي في لبنان بشكل عام .