مثلث برمودا الغامض وأسرار الاختفاء فيه
يُعدّ مثلث برمودا أحد أكثر الأماكن غموضاً في العالم، وأحد أكثر المواضيع تشويقاً وإثارة. فقد تم كتابة العديد من المواضيع الصحافية والكتب والمسرحيات والأفلام عن أسراره. ولكن، هل يستحق مثلث برمودا كل هذه الأساطير؟
تنقسم الآراء، بل تتناقض أحياناً، حول غموض مثلث برمودا، وأسباب الاختفاء غير المبرر حتى الآن، لعددٍ من الطائرات والسفن والركاب.
بعض الآراء تعتبر أن قوى غير مرئية هي المسببة لأحداث الاختفاء تلك. ومن هؤلاء من يذهب بعيداً في تحليله، ليعتبر أن كائنات فضائية هي المسؤولة عن اختفاء الطائرات والسفن وخصوصاً الركاب.
ما عزز اللجوء إلى تلك الخرافات، هو ما ذكره كريستوفر كولومبوس عندما أبحر عبر المنطقة في رحلته الأولى إلى العالم الجديد، فقد ذكر أن شعلة نار عظيمة (ربما نيزك) تحطمت في البحر ذات ليلة. وأن ضوءاً غريباً ظهر في تلك المنطقة بعد بضعة أسابيع. كتب أيضاً عن قراءات غير منتظمة للبوصلة، ربما لأنه في ذلك الوقت كانت قطعة صغيرة من مثلث برمودا أحد الأماكن القليلة على الأرض، حيث يتواجه الشمال الحقيقي والشمال المغناطيسي.
في المقابل، هناك من يرى أن كل الجلبة التي حصلت حول لغز مثلث برمودا، هي خرافات لا أساس علمي لها. وربما الهدف منها الشهرة والترويج لأعمال أُنتجت عن لغز المثلث. خصوصاً أن عدد السفن المفقودة هناك، لا يختلف عن العدد الذي اختفى في أماكن أخرى من المحيط الأطلسي.
ويستشهد هؤلاء بنتيجة دراسة شاملة أجراها الصندوق العالمي للحياة البرية (WWF) عن ممرات الشحن البحري، إذ لم يكن مثلث برمودا واحداً من أخطر 10 مسطحات مائية للشحن في العالم. وبالرغم من سمعته "السيئة"، يحافظ مثلث برمودا على حركة مرور يومية كثيفة، سواء بحريّة أو بريّة. ويعد أحد أكثر ممرات الشحن كثافة في العالم.
قبل الخوض في النظريات حول لغز مثلث برمودا وأبرز الأحداث التي حصلت فيه لنتعرف أكثر على تلك المنطقة.
اقرأ أيضاً: كوكب المريخ.. أسرار وحقائق
ما هو مثلث برمودا؟
مثلث برمودا هو جزء أسطوري من المحيط الأطلسي، معروف أيضاً بـ"مثلث الشيطان". حيث اختفت العشرات من السفن والطائرات ورفض الكثيرون اعتبار تلك الحوادث مصادفة.
شهد مثلث برمودا اختفاء ما يصل إلى 50 سفينة و20 طائرة عن الأنظار. لم يتم العثور على الحطام في معظم حالات الاختفاء تلك، إلا بعض السفن المهجورة تماماً، من دون سبب واضح.
بالرغم من كل ما يحكى عن الغموض الذي يحيط بمثلث برمودا وأحداثه، إلا أن هناك من يؤكد أنه مع البحث المتعمق لتلك الأحداث، تصبح أقل غموضاً وإثارة للحيرة. وسيجد الباحث أن بعض حالات الاختفاء، لم تحصل أصلاً في تلك المنطقة، وأن العديد من حالات الاختفاء الأخرى قد تم شرحها بشكل منطقي وعلمي، ونُسبت إلى أخطاء بشرية أو تأثيرات بيئية.
في المقابل هناك من يؤكد أن اختفاء السفن والطائرات، غير مرتبط برداءة الأحول الجويّة. فالعديد منها اختفى في أحوال جويّة جيدة، حتى من دون إرسال استغاثة عبر الجهاز.
بالرغم من طرح عدد لا يحصى من النظريات الخيالية، فيما يتعلق بمثلث برمودا، إلا أن أياً منها لم يثبت أن حالات الاختفاء الغامضة تحدث بشكل متكرر هناك، أكثر مما تحدث في أجزاء أخرى من المحيط. فالناس يتنقلون في تلك المنطقة كل يوم دون حوادث. ويعتبر المعنيون أن عدد حالات الاختفاء المفترضة، قليل نسبياً بالنظر إلى عدد السفن والطائرات التي تمر عبر منطقة مثلث برمودا بشكل منتظم.
أين يقع مثلث برمودا؟
يقع مثلث برمودا في منطقة في شمال المحيط الأطلسي (تقريباً). يحدها الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة وبرمودا وجزر الأنتيل الكبرى (كوبا وهيسبانيولا وجامايكا وبورتوريكو).
لا يظهر مثلث برمودا في أي من خرائط العالم كموقع، فالعديد من المؤسسات الرسمية تعتبرها منطقة خيالية. على سبيل المثال، لا يعترف مجلس الولايات المتحدة للأسماء الجغرافية بمثلث برمودا ولا يحتفظ بملف رسمي له كمنطقة رسمية للمحيط الأطلسي، وهو عموماً امتداد غير معروف للمحيط.
كم تبلغ مساحة مثلث برمودا؟
لم يتم الاتفاق على الحدود الدقيقة لمثلث برمودا عالمياً. تتراوح تقديرات المساحة الإجمالية بين 500 ألف ومليون وخمسمائة ألف ميل مربع (1300000 و3900000 كيلومتر مربع).
اقرأ أيضاً: التلوث البيئي .. أسباب ومخاطر وحلول
لماذا سميّ "مثلث برمودا" بهذا الإسم؟
كما سبق وذكرنا، لا وجود لمنطقة مثلث برمودا على أي خارطة جغرافية رسمية. لكن، بكل المقاربات والتقديرات للمنطقة التي شهدت أحداث اختفاء غامضة، كان لها شكل مثلث، فسميت تيمناً بشكلها.
من وضع اسم مثلث برمودا؟
بالرغم من أن التقارير عن الأحداث غير المبررة في المنطقة تعود إلى منتصف القرن 19، فإن عبارة "مثلث برمودا" لم تدخل حيز الاستخدام حتى العام 1964.
فقد أطلق الكاتب الأميركي فنسنت غاديس (Vincent Gaddis) اسم "مثلث برمودا" في العام 1963 في مقال لمجلة أرغوسي. وادعى أن قوى الظلام الخارقة للطبيعة تعمل في المنطقة. واستخدم العبارة لوصف منطقة مثلثة "دمرت مئات السفن والطائرات من دون أي أثر".
انتُقدَ مقال غاديس لافتقاره إلى الأدلة العلمية. لكن، توقيت نشر المقال لعب دوراً كبيراً في إثارة الكثير من علامات الاستفهام والتكهنات. فقد نُشر بعيد اختفاء طائرتين من طائرات القوات الجوية الأميركية.
لاحقاً، أصبح كتاب "مثلث برمودا" (1974) للكاتب تشارلز بيرلتز، الذي اعتبر فيه أن الكائنات الغريبة والناجين من الحضارة الخيالية المفقودة "أطلانتس" هم سبب ما يحدث في تلك المنطقة، من أكثر الكتب مبيعاً في العالم.
لكن، تمّ الحديث لأول مرة إعلامياً عن حالات اختفاء غير عادية في منطقة برمودا، في الـ17 من أيلول/سبتمبر من العام 1950، حين نشرت صحيفة ميامي هيرالد (أسوشيتد برس) مقالاً بقلم إدوارد فان وينكل جونز.
بعد ذلك بعامين، نشرت مجلة "Fate" الأميركية مقالاً قصيراً بقلم جورج ساند يحمل عنوان "لغز البحر عند بابنا الخلفي". تحدث المقال عن فقدان العديد من الطائرات والسفن، بما في ذلك خسارة "الرحلة 19" للبحرية الأميركية، مع قاذفات طوربيد Grumman TBM Avenger في مهمة تدريبية. كانت مقالة "ساند" هي الأولى التي حددت المنطقة المثلثة من دون تسميتها بـ"مثلث برمودا". وكان أول مقال يشير إلى عنصر خارق للطبيعة في حادثة "الرحلة 19".
مرة أخرى تمّ تناول حادثة اختفاء "الرحلة 19"، في نيسان/أبريل للعام 1962 في مجلة American Legion، حيث أورد المؤلف ألان دبليو إيكرت في مقاله أن قائد الرحلة قد سُمع وهو يقول: "نحن ندخل المياه البيضاء. لا شيء يبدو على ما يرام. لا نعرف أين نحن. الماء أخضر، لا أبيض". كما كتب أن المسؤولين في مجلس التحقيق البحري ذكروا أن الطائرات "كأنهم طاروا إلى المريخ".
اقرأ أيضاً: تكنولوجيا الإعلام والاتصال.. من خوارزميات البابليين حتى اليوم
حقائق عن مثلث برمودا
بما أن الغموض يحيط بمنطقة مثلث برمودا، ولا يوجد تفسير واحد مثبت للحوادث التي حصلت هناك، من المفيد تحديد بعض الحقائق عن هذا المثلث.
- يتعرض مثلث برمودا للعديد من العواصف الاستوائية والأعاصير.
- تيار الخليج هو تيار محيطي قوي معروف بأنه يسبب تغيرات قوية جداً في الطقس المحلي، وهو يمر عبر مثلث برمودا.
- تقع أعمق نقطة في المحيط الأطلسي، وعمق ميلووكي، في مثلث برمودا. يصل خندق بورتوريكو إلى عمق 27493 قدماً (8380 متراً) في عمق ميلووكي.
- بحسب دراسة شاملة أجراها الصندوق العالمي للحياة البرية (WWF) في العام 2013، عن ممرات الشحن البحري، لم يضع مثلث برمودا ضمن قائمة أخطر 10 مسطحات مائية للشحن في العالم.
- يُعد مثلث برمودا أحد أكثر ممرات الشحن كثافة في العالم، بحراً وجواً.
ما لا يُعرف عن مثلث برمودا هو:
- العدد الدقيق للسفن والطائرات التي اختفت في مثلث برمودا غير معروف. التقدير الأكثر شيوعاً هو نحو 50 سفينة و20 طائرة.
- لم يتم العثور على حطام العديد من السفن والطائرات التي تم الإبلاغ عن اختفائها في المنطقة.
- من غير المعروف ما إذا كانت حالات الاختفاء في مثلث برمودا ناتجة عن خطأ بشري أو ظاهرة جوية أو بيئية.
أساطير وحكايات عن مثلث برمودا
نُسج الكثير من الأساطير حول أحداث الاختفاء وخلفياته في مثلث برمودا. ولا يمكن لأي نقاش حول نظريات أسباب الاختفاء في مثلث برمودا، التغاضي عن تفسير الفضائيين.
فقد أمعن خيال البعض في الابتكار، واستنتج أنه بالإضافة إلى الكائنات الفضائية، فإن الناجين من جزيرة أطلانتس الأسطورية المفقودة، متورطين في أحداث الاختفاء تلك، كما زعم الكاتب الأميركي تشارلز بيرلتز، الذي أشاع أسطورة مثلث برمودا في كتابه الأكثر مبيعاً "مثلث برمودا" (1974).
وهناك من افترض وجود باب يؤدي إلى بُعد آخر أو العالم الآخر، عند مثلث برمودا.
في المقابل، هناك باحثون شككوا بتلك الأساطير والفرضيات الفضائية، المنسوجة حول أحداث مثلث برمودا، مثل الباحثين إرنست تيفز وباري سينجر.
لاحظ الباحثان كيف أن الألغاز والأحداث الخارقة تحظى بشعبية كبيرة، وبالتالي تدر أرباحاً مادية هائلة. ما أدى إلى إنتاج الكتب والحلقات التلفزيونية والوثائقية وكتابة المقالات الصحافية حول غموض مثلث برمودا.
كما تمكن الباحثان تيفز وسينجر، من إظهار أن بعض المواد المنشورة والمروجة لظاهرة غموض مثلث برمودا، غالباً ما تكون مضللة أو غير دقيقة، لكن منتجيها يواصلون تسويقها.
بناءً على ذلك، اعتبر الباحثان أن السوق منحازة لصالح الكتب والعروض التلفزيونية الخاصة وغيرها من الوسائل الترويجية التي تدعم لغز المثلث، وضد الإنتاجات التي تتبنى وجهة نظر مشككة وتتعامل مع الموضوع على خلفية علمية مدروسة.
دحض الأساطير علمياً
مع التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي، تمكن باحثون وعلماء من إيجاد تفسيرات ترجح أسباب الاختفاء التي تحصل في مثلث برمودا، أبرزها:
حسابات بدائية
لقد ثبت أن حسابات البحارة كانت غير دقيقة، بحيث لا يمكن دراسة ظاهرة الاختفاء بجدية. ولكن، بفضل التقنيات الجديدة والتطورات في الهيدروغرافيا (المسح البحري أو علم وصف المياه)، تمكن العلماء والغواصون على حد سواء، من استخدام تكنولوجيا السونار، ما سمح لهم برؤية قاع البحر بدقة، مع تغطية واسعة. لذلك، في شباط/فبراير للعام 2020، تم العثور على حطام سفينة بعد 95 عاماً من اختفائها.
خصائص طوبولوجية
تمكن العلماء من تحليل خرائط قاع المياه في هذه المنطقة من المحيط الأطلسي. واكتشفوا أن برمودا تقع على قمة جبل تحت الماء يبلغ ارتفاعه 4000 متر تقريباً.
كما أظهرت دراسة قاع البحر أيضاً، العديد من الشعاب المرجانية، التي تشكلت من تراكم الطحالب والأصداف والطبقات السميكة من الحجر الجيري.
هذه المناظر الطبيعية الوعرة، مصحوبة بهوّة يمكن أن يصل عمقها إلى 8000 متر. (للمقارنة، يبلغ عمق خندق ماريانا، وهو أعمق نقطة في القشرة الأرضية، 10994 متراً).
وبالتالي من الممكن أن تفسر هذه الخصائص الطوبولوجية، إلى جانب، مختلف ظواهر الأرصاد الجوية، سبب حالات الاختفاء هذه.
الغيوم السداسية
هذا لا ينفي بالضرورة مزاعم التجارب الغريبة في مثلث برمودا؛ لقد أثبت العلم بالفعل انحرافات عن القاعدة في المنطقة. كان آخرها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2016، عندما أعلنت مجموعة من خبراء الأرصاد الجوية بالأقمار الصناعية، أن نوعاً غير عادي من السحب في المنطقة يقف وراء الحوادث الغامضة.
قال الدكتور راندي سيرفيني من جامعة ولاية أريزونا، إن هناك غيوماً ضخمة سداسية الشكل تسبب "قنابل جوية" تضرب المحيط وتحدث أمواجاً هائلة. تكون العواصف العنيفة غير المتوقعة الناتجة قوية للغاية بحيث تؤدي إلى غرق السفن والطائرات في المحيط على الفور.
الزلزال والتيارات الخليجية
تشمل الأسباب البيئية الأخرى الزلازل تحت الماء، حيث وجد العلماء قدراً كبيراً من النشاط الزلزالي في المنطقة. علاوة على ذلك، يقع المثلث في تيار الخليج، وهو قوي وسريع لدرجة أنه يمكن أن يشكل تحديات ملاحية خطيرة للبحارة والطيارين قليلي الخبرة.
إن Gulf Stream سريع بما يكفي لمحو أي دليل على وقوع كارثة. قد تكون التضاريس تحت الماء عاملاً أيضاً؛ وبما أن مثلث برمودا يحتوي على بعض أعمق الخنادق على الأرض، فهذا يجعل من المستحيل تقريباً العثور على سفن أو طائرات غارقة.
غاز الميثان
حجة أخرى هي هيدرات غاز الميثان. اكتشف العلماء في جامعة كارديف تركيزات كبيرة من غاز الميثان المحاصر والمحبوسة في جيوب في قاع المحيط بسبب تحلل الكائنات البحرية.
تحتوي رواسب قاع المحيط على بكتيريا منتجة للميثان؛ يتراكم الميثان ويركز تكوّن هيدرات الغاز. إذا تمزق جيب الميثان، ينفجر الغاز فجأة، ما يجعل الماء أقل كثافة؛ يؤدي ذلك إلى غرق أي سفينة في المنطقة ويمكن أن تغطيها الرواسب بسرعة أثناء استقرارها في قاع البحر.
الخلل المغناطيسي
بالإضافة إلى ذلك، أبلغ العديد من الطيارين عن حدوث خلل مغناطيسي في المنطقة؛ ففي عام 1970، أبلغ الطيّار بروس جيرنون (شاهد الفيديو) عن وجود سحابة غريبة انتشرت وشكلت نفقاً أثناء مروره عبرها. تعثرت أدواته الملاحية وسارت إبرة البوصلة في عكس اتجاه عقارب الساعة؛ اختفت طائرته من على رادار مراقبة الحركة الجوية في ميامي، ثم شوهدت فجأة أثناء مرورها بالسحابة.
والمثير للدهشة أن هناك فجوة زمنية تبلغ نحو 30 دقيقة في رحلته أكدتها ساعته وساعة الطائرة، ما دفعه للاعتقاد بأن الضباب يتمتع بخصائص السفر عبر الزمن. لا يوجد تفسير علمي واضح لفك رموز هذه الظاهرة.
الخطأ البشري
التفسير الآخر الشائع يعتمد الخطأ البشري. وهو أن الطيارين والبحارة فشلوا في حساب "الخط المؤلم" (the agnic line) أو المأساوي الذي يمر عبر المنطقة، ما يتسبب في أخطاء ملاحية وكوارث كبيرة.
الخط المؤلم، هو المكان الذي يكون فيه الشمال الحقيقي والشمال المغناطيسي في محاذاة مثالية؛ وبالتالي، لا يوجد انحراف مغناطيسي ولا حاجة لتعويض اختلاف البوصلة المغناطيسية. ومع ذلك، فإن هذه النظرية لم تعد صالحة لأن العلماء أثبتوا أن الخط المناهض ينجرف غرباً بمتوسط سرعة تبلغ نحو 0.2 درجة سنوياً. وقد مرّ عبر مثلث برمودا لمرة واحدة. وهو يقع الآن داخل خليج المكسيك.
اقرأ أيضاً: الماسونية.. قصة منظمة سريّة من العصور الوسطى
مثلث برمودا والأسماك الطائرة
من ضمن الأمور التي تشتهر بها منطقة مثلث برمودا هو وجود نوع من الأسماك الطائرة، (Exocoetidae) وهي عائلة من الأسماك البحرية تضم 70 نوعاً. يطلق على "السمكة الخارجية" لقب "السمكة الطائرة" لأن زعانفها الصدرية عالية التطور وتسمح لها بالخروج من الماء والتحليق لبضع لحظات، للهروب من الحيوانات المفترسة.
لدى بعض الأنواع من السمكة الطائرة، زعانف حوض كبيرة بشكل غير عادي، ما يمنحها 4 "أجنحة".
من الممكن العثور على الأسماك الطائرة في جميع المحيطات، خاصة في المياه الاستوائية أو شبه الاستوائية الدافئة. عندما يكون المناخ أكثر دفئاً، توجد أيضاً في مياه البحر الأبيض المتوسط.
يصل طول العديد من أنواع الأسماك الطائرة إلى 30 سم، بينما يصل طول الأقلية إلى 45 سم. عيونها مسطّحة أكثر من عيون السمكة العادية عند رؤية سطح الماء. تعيش بالقرب من سطح الماء وتتذى بالعوالق.
كيف تطير الأسماك الطائرة؟
تتحضر السمكة الطائرة للإقلاع، بالسباحة بسرعة بالقرب من سطح الماء، وتكون زعانفها قريبة من جسمها، وتفتحها عند الخروج من الماء.
تحرك السمكة بسرعة الفص السفلي لدفع نفسها للأمام، عندما يكون باقي الجسم خارج الماء بالفعل. في النهاية حتى الذيل يخرج من الماء وتطير السمكة.
لتقوم السمكة الطائرة بسلسلة تحليقات متتالية، تقوم في كل مرة بغمس ذيلها في الماء لإنتاج قوة دفع جديدة.
رغم أنها أسماك طائرة، لكنها لا ترفرف بأجنحتها أثناء التحلق.
ما هي سرعة تحليق الأسماك الطائرة؟
This California Flying #Fish seen by finatic is our Observation of the Day! https://t.co/4wK4LRpMEi pic.twitter.com/9nt2t1y9pu
— iNaturalist (@inaturalist) November 13, 2015
بإمكان الأسماك الطائرة التحكم بسرعتها ومضاعفتها للوصول إلى سرعات أعلى من 60 كم/ساعة.
تبلغ مسافة تحليقها بشكل عام من 30 إلى 50 متراً. وبعضها سجل تحليقاً لعدة مئات من الأمتار.
الأسماك الطائرة، التي غالباً ما يتم حفظها عن طريق التجفيف، هي الغذاء الأساسي لأهالي جزيرة الأوركيد (تايوان)، حيث يستخدمون بيوض الأسماك الطائرة (توبيكو) في المطبخ الياباني، لصنع بعض أنواع السوشي.
أُطلق اسمها المشتق من اللاتينية على الصاروخ الموجه (Exocet). وهناك أيضاً 3 سفن تابعة للبحرية الأميركية إسمها السمكة الطائرة (USS Flying Fish).