تامر - ثامر
وغررتني وزعمت أنّك لابنٌ في الصيف تامر.. فمن هو تامر يا ترى؟
هَتَكَ الحِجابَ عَنِ الضَمائرْ
طَرْفٌ بهِ تُبلَى السَرائرْ
يا ساحِراً ما كنتُ أعرِفُ
قَبلَهُ في الناسِ ساحِرْ
أقصَيتَني مِنْ بَعدِ ما
أدنَيتَني فَالقَلْبُ طائرْ
وغَرَرتَني وزَعَمْتَ أنّكَ
لابِنٌ في الصَيفِ تامِرْ
هذه الأبيات الغزلية الرقيقة هي لأحمد بن عبد رَبّه (860 - 940م) الشاعر والكاتب الذي يُعتبر من أعظم أدباء الأندلس، وقد اشتهر خصوصاً بكتابه "العِقد الفريد". وهو في هذه الأبيات يعاتب المحبوب الذي أقصاه،أي أبعده،بعد أن كان قد أدناه وخدعه بوعود لم يفِ بها. وهو ما يكنّي عنه بقوله:
وغَرَرتَني وزَعَمتَ أنّكَ
لابِنٌ في الصَيفِ تامِرْ
وبيتُ القصيد هنا هو كلمة تامِر ومعناها صاحب التمر الكثير كناية عن السعة والكرم. ومنه أْخذ اسم العلم تامِر.
وقبل أن نسترسل في الكلام على دلالة هذا الاسم واشتقاقه لا بد من الإشارة إلى أن ابن عبد ربّه استعار هذا البيت بكامله
من الشاعر الجاهلي المعروف بالحُطَيئة (ت650م)الذي اشتهر بالهجاء وأولع به فكان إن لم يجد مَن يَهجوه هجا أهلَه ونفسَه. وهذا البيت من قصيدة له جاء فيها:
يا لَيلةً قد بِتُّها بِجدودِ
نَومِ العَينِ ساهِرْ
وَرَدتْ عَلَيَّ هُمومُها
ولِكُل وارِدَةٍ مَصادِرْ
أغرَرتَني وزَعمتَ أنّكَ
لابِنٌ في الصَيفِ تامِرْ
فَلَقد صَدَقتَ فَهلْ تَخافُ
بِأنُ تَدورَ بِكَ الدَوائرْ
واللابن هو صاحب اللبن والتامر هو صاحب التَمر. وقولهم: رجلٌ تامِرٌ لابِنٌ أي ذو تمرٍ ولبنٍ،أو مُطعِمٌ للتمر واللبن يعنون أنه مَوفورُ القُوت أو كثير الخير يجود بما عنده. ومن هذا المعنى اشتقّ العرب اسمَ تامِر للرجل وتامِرة للمرأة وبه سُمّيت
أُمُّ الشاعر لَبيد بن ربيعة (560 - 661م).
والتامِرُ اسم الفاعل من قولهم: تَمرَهُ،يَتمُرُه ،تَمراً، إذا أطعمه التَمرَ،فهو تامِر. والتمرُ هو ثمرُ النخل، أو الرُطب أو اليابس منه .وتمَرت النخلةُ ،إذا حملت التمرَ ،فهي تامِرٌ وتامِرة .
ومن الأسماء التي تحيل على النخلة وثمرها أي التمر اسم تَمارا. فإن كان من العربية فهو، مشتقّ من الجذر اللغوي
المؤلف من التاء والميم والراء. وإن كان من العِبرية فمأخوذ من كلمة تامار التي تعني النخلة. وقد ذُكر في "العهد القديم" مكان يدعى "بعل تامار"، أي بعل النخل كما جاء في قاموس "الكتاب المقدّس".
وكثيراً ما يقع الخلط بين اسم تامِر واسم آخر قريب جداً منه في اللفظ والمعنى هو اسم ثامِر بالثاء بدل التاء. والثامِرُ هو ذو الثَمَر أو من كثر عنده الثمرُ وهو ما يُنتِجه الشجرُ المُثمر.
وقد ثَمَرَت الشجرةُ،تَثمُر،ثُموراً،وأثمرت إثماراً،إذا ظهر ثمرُها فهي شجرةٌ مُثمِرةٌ وثامِرة. والثامِرُ من الناس هو مَن كثُرَ ماله، وهذا من باب التوسّع في المعنى. وقد ثَمَرَ ،يَثمُر ،ثُموراً،إذا كثُر ماله ،فهو ثامر.