"هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم؟".. كتاب للباحث بول فاين
ضمن مشروع نقل المعارف الذي ترعاه «هيئة البحرين للثقافة والآثار»، صدر أخيراً كتاب "هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم؟ بحث في الخيال المكون"، للمؤرخ الفرنسي المتخصص في الفكر اليوناني بول فاين، والذي نقله إلى العربية الدكتور جورج سليمان.
- 25 كانون الثاني 2017 20:24
كتاب "هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم؟" للباحث بول فاين
وجاء هذا الإصدار نظراً لما يحمله من قيمة
فلسفية تحاكي العقل في محاولة لاستفزاز ما يدور فيه من أفكار ومعتقدات بات الشك فيها
أمرًا غير مستغرب. وفي هذا الكتاب الذي نشر في العام 1983 طرح فاين عددًا من المسائل،
منطلقًا من يقينه التام بأن أي معتقدات أو مسلمات هي في الواقع قابلة لأكثر من تأويل،
نافيًا أن يكون النقل أو الفهم الحرفي طريقة مثلى لاحتواء المعرفة، معللاً ذلك بتعددية
المعاني والدلالات والرموز التي من الممكن أن تشكل منعطفًا غير متوقع في العقل البشري
الواعي.
وفي ما يتعلق بالفكرة الأساسية لكتاب «هل اعتقد
الإغريق بأساطيرهم؟» فقد تعمد الكاتب وضع هذا السؤال أمام القارئ ليرسم علامات استفهام
على واحدة من أهم الحضارات الإنسانية، بمقاربة فلسفية قارع فيها الحجة بالحجة، فتوغل
في أعماق الفكر الإغريقي وخرج بتحليلات مثيرة للاهتمام، وبمفارقات التقطها من مشاهد
وأقاويل جاءت على لسان قامات إغريقية فذة، ويمكن أن نستشف نزعة التشكيك في ما أسماه
الكاتب مزاعم الإغريق حين اختار مصطلح «لعبة الإغريق المتجددة» للدلالة على الكاذب
الذي يكذب ويقول «أنا أكذب» فيكون قد نطق بالحق!
وفي هذا السياق يلحظ القارئ اهتمام الكاتب
بول فاين بالمصادر والمراجع التي استند إليها، حيث يقول "إن المؤرخ القديم لا
يذكر مصادره، وإن فعل فنادرًا، وعلى غير انتظام"، إلى أن يقول "لأنه يريد
أن يحظى بالتصديق بمعزل عن أي دليل".
كما نراه في موضع آخر يقول "إن المؤرخ
القديم لا يذكر مرجعياته لأنه يشعر أنه هو نفسه مرجعية بالقوة"، ومن تلك الاقتباسات
نلحظ انشغال الكاتب بمبدأ التسليم، ورفضه الضمني لأي نصوص أو معتقدات توجب التصديق
اللامشروط. بالإضافة إلى ما ذكر يدعو كتاب "هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم؟"
القراء إلى التأمل التاريخي، والتفاني في إيجاد الإجابة على مختلف التساؤلات التي قد
تواجهنا في الحياة، بشكل أو بآخر، مهما كان التاريخ الذي ننتمي إليه.
فعندما ألف «بول فاين» هذا الكتاب منذ ما يزيد
عن 30 عامًا توقع استهجان القارئ لما جاء فيه من أطروحات، لعل أبرزها بأن لا وجود لحقيقي
ولا لباطل، معللاً رأيه بطبيعة الإنسان في الاستخدام المزدوج لكلمتي "الحق"
و"الباطل"، مشيرًا إلى أن الحقيقة هي الاسم الذي نطلقه على خياراتنا التي
لا نتراجع عنها، فإن تراجعنا عنها قلنا بأنها باطلة.
ويعد هذا الكتاب الإصدار الثالث لمشروع نقل
المعارف ضمن سلسة تتألف من خمسين كتابًا من أمهات الكتب العالمية، وكان الإصدار الأول
للمشروع قد أطلق خلال معرض البحرين الدولي للكتاب 2016، حيث تم عرض الكتاب الذي حمل
عنوان "تفكر، مدخل أخاذ إلى الفلسفة"، للفيلسوف سايمن بلاكبيرن وترجمة نجيب
الحصادي، كمــا أطلق المشروع مؤخرًا كتاب "لغات الفردوس" وهــو إصدار عام
1989، لكاتبه موريس أولندر.