"لا توطين ولا إسكان".. لماذا قد تتخلى مصر عن دورها التاريخي في غزة؟
عاشت غزة في ظل الحكم المصري لسنوات. كيف كان شكل السيادة المصرية على غزة؟ وماذا عن أول مشروع لتوطين الغزيين في سيناء؟
ما زال أغلبنا في المنطقة العربية يقف أمام السرد التاريخي موقف الريبة، وهو بلا شك حق مشروع للجميع. إلا أن تلك الريبة نابعة من تصوّرنا السائد عن الأحداث التاريخية باعتبارها سردية وحيدة لحقيقة مطلقة، مقابل سردية غير حقيقية صُنعت على عين (المنتصر/السلطة)، حتى صار التاريخ عبئاً علينا، نستورد منه أفكاراً جامدة نفرضها على عالمنا المعاصر، بدلاً من النظر إلى المستقبل والعناية بأسبابه الفعلية، والوقوف على سياقات إنتاجه التاريخية. كل ذلك نتاج تغافلنا من دون التساؤل عن منفعة دراسة التاريخ بوجه عام، وإعادة قراءة تاريخنا على وجه الخصوص، بشكل موضوعي يستهدف بناء مستقبل أكثر عدالة.
ذلك أن تصوّراتنا تأتي أولاً كحاجز نظريّ يمنعنا من فهم نسبية التاريخ وتعدد السرديات فيه، وفقاً لإتاحة المصادر التاريخية وعمل المؤرخ وتحيّزاته. وتقف ثانياً، كحاجز عملي بيننا وبين بناء سرديات تاريخية متماسكة تستهدف الفهم الدقيق لماضينا، ومجابهة تحديات حاضرنا، خاصة الدراسات التاريخية المرتكزة على التاريخ السياسي، والذي لا يمكن تفسيره في أي عصر من دون الوقوف على طبيعة النظم الاقتصادية السائدة وأنماط الاجتماع العمراني، وكذلك النظر إلى حركة التاريخ ومحفّزاتها من صراع قوى (اجتماعية - سياسية - أيديولوجية).
إذاً، علينا أن نكفّ عن سعينا الحثيث لإعادة إنتاج الماضي على صورته السابقة، بل يجب أن نتوقّع على الدوام تجارب جديدة في جوهرها، فلا يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه على المستوى نفسه الذي تم عليه في الماضي، وأن نراهن على التاريخ في نسبيّته وتنوّع قراءاته أن يحرّرنا من تبعات الماضي. ذلك أن التاريخ كعلم، كما يخبرنا ابن خلدون، عليه "أن يمدنا بالعلل والأسباب، ويستشف القوانين التي تحكم قيام الدول وعلل سقوطها".
السياق التاريخي للوجود المصري في غزة
انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945 بسحق ألمانيا الفاشية والانهيار التام لـ محور برلين - روما - طوكيو، وقد ظهر بوضوح الدور الأساسي الذي أدّاه الاتحاد السوفياتي في حسم هذه الحرب، وبهذا جرى تحوّل جوهري في الأوضاع الدولية، وبدأ الاستعمار بصورته القديمة في الاندثار، مع انكماش الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، وغيرها من الإمبراطوريات الاستعمارية (الفرنسية - البلجيكية - الهولندية).
هكذا أصبح تفكيك السيادة الاستعمارية عن بلدان المنطقة العربية أمراً واقعاً، ولما كان الاستعمار يدرك عوامل انهياره وصعوده ويرفض أن يتخلّى عن تمركزه في الصدارة، فقد لجأ إلى أساليب جديدة للإبقاء على سيطرته من خلال إقامة شبكة من الأحلاف الاقتصادية والعسكرية، ومن ثم جاءت "إسرائيل" كصناعة استعمارية وعصا غليظة ضد الحركات الوطنية في المنطقة العربية، وأصبحت القضية الفلسطينية ملفاً حاضراً بقوة في كل حركات التحرر الوطني في العالم العربي وفي مقدمتهم مصر (1).
وبالرجوع إلى كتاب إسماعيل ياغي، "الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية"، فقد جاءت القضية الفلسطينية كنتيجة طبيعية لتحالف قوتين استعماريتين جمعتهما المصلحة في اغتصاب الأراضي الفلسطينية، هما الإمبريالية البريطانية والحركة الصهيونية، ثم جاء قرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1947، بتقسيم أراضي فلسطين مع توصية بإنهاء الانتداب البريطاني عليها أول أيار/مايو 1948.
هكذا، دخلت "المسألة اليهودية" في طور جديد بدعم من الإمبريالية العالمية، بالتوسّع في إحلال اليهود بأراضي فلسطين وإتمام مجموعة كبيرة من صفقات الأسلحة، والبدء في عمليات موسّعة لزعزعة استقرار البلاد وترهيب أهلها ونزع أراضيهم بالقوة عبر القتل والتدمير والمجازر، وإن لم تسلم القوات البريطانية داخل فلسطين نفسها من أعمال العنف هذه، حتى إعلان الاستيلاء على أرض فلسطين وإقامة "دولة إسرائيل" في 15 أيار/مايو من العام 1948 (2).
يقول محمود متولي في كتابه "اتفاقية رودس"، إن الفترة الزمنية منذ بدء حرب 1948 إلى الهُدنة المصرية - الإسرائيلية عام 1949 والمعروفة بــ "اتفاقية رودس"، مثّلت نقطة تحوّل تاريخي هامة داخل المنطقة العربية. فقد أسست للحقبة التي تلتها، بل والحقبة التي نعيشها اليوم. إذ احتفظت "إسرائيل" الناشئة بكامل ما اغتصبته من الأراضي الفلسطينية، (بحدودها الدولية زمن الانتداب)، حيث اشتملت اتفاقية الهدنة على انسحاب القوات المصرية المحاصرة في الفالوجة إلى "المناطق الفلسطينية الخاضعة لرقابة القوات المصرية"، والتي أصبحت تعرف في ما بعد بقطاع غزة، على ألا تعتبر الخطوط الفاصلة بين الطرفين حدوداً سياسية أو إقليمية، وأن يكون لحكومة مصر الحقّ في اجتياز الحدود من منطقة رفح إلى غزة.
وعلى هذا النحو، ووفق توصيات وسيط الأمم المتحدة لفلسطين، تولّت الحكومة المصرية إدارة قطاع غزة المتمثل في "الأراضي الممتدة من قرية رفح إلى نقطة تبعد 8 أميال إلى الشمال من غزة"، والتي لا تتجاوز 1.35% من أراضي فلسطين، حيث اقتصرت حدود القطاع - ضمن اتفاقية رودس - على مساحة ضيقة للغاية تبدأ من رفح جنوباً إلى بيت حانون شمالاً بمسافة تتراوح بين 92 و 99 كلم2، ويتراوح عرضها ما بين 9 إلى 7 كلم، تضمنت مدن غزة وخان يونس ورفح إضافة إلى 9 قرى"، كما يورد غازي الصوراني في دراسته "قطاع غزة: 1948-1956، الأوضاع الاجتماعية والسياسية".
الأراضي الفلسطينية تحت الإدارة المصرية
كانت الدولة المصرية تدير قطاع غزة قبل توقيع اتفاقية رودس منذ 26 أيار/مايو 1948، وبعد قرار الحكومة المصرية خوض الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، وصل إلى غزة عدد من ضباط سلاح الحدود الملكي ترافقهم مجموعة من الموظفين المدنيين من الوزارات المختلفة، للقيام بأعمال الإدارة والأمن كل وفق اختصاصه، على أن تؤول جميع الصلاحيات والاختصاصات التي كان يعمل بها المندوب السامي البريطاني إلى الحاكم الإداري المصري للقطاع، وفقاً للأنظمة والقوانين المعمول بها وقت الانتداب حينما كانت تعرف المنطقة بـ لواء غزة ويضم 4 مدن و60 قرية، بحسب دراسة جهاد البطش بعنوان "الحرکة السياسية في قطاع غزة (1948-1964م)".
وعلاوة على تعيين حاكم إداري عام، فقد تجلّت صلاحيات الإدارة المصرية في تحديد الوضع الدستوري والقانوني من خلال "القانون الأساسي للمنطقة الواقعة تحت رقابة القوات المصرية بفلسطين"، قانون 621 لسنة 1953، بهدف وضع الأطر الأساسية للإدارة المصرية داخل غزة، من خلال توزيع السلطات التنفيذية وتنظيم السلطات التشريعية والقضائية.
على أن تظل جميع اللوائح والأوامر التي أصدرت من قبل وزير الحربية أو الحاكم الإداري العام أو القائد العام للقوات المصرية أو أي سلطة مختصة في غزة منذ دخول القوات المصرية فيها منتصف 1948، والعمل بجميع القوانين السابقة بما لا يخالف أحكام القانون الأساسي، ومن دون الإخلال بما للسلطة التشريعية المنصوص عليها في هذا القانون الأساسي من حق إلغاء مواده أو تعديلها في حدود سلطتها.
إضافة إلى وضع "النظام الدستوري لقطاع غزة عام 1962"، والذي استهدف بشكل أساسي تنظيم المجلس التشريعي، ليتشكّل المجلس من الحاكم العام رئيساً ومجموعة من أعضاء المجلس التنفيذي والفلسطينيين المنتخبين أو المعيّنين، وفقاً لحسين النمل في كتابه قطاع غزة 1948 - 1967، وما شمله من تعديل المادتين 30 و33 بقرار جمهوري في حزيران/يونيو عام 1962، ثم تعديل المادة الثانية في شباط/فبراير عام 1965 (3).
كذلك أصدر مجلس الدولة المصري فتويين تؤكدان الذاتية الخاصة لقطاع غزة وانفصاله عن مصر، الفتوى رقم 171 في آب/أغسطس عام 1958، وتؤكد أن "قطاع غزة منفصل انفصالاً كلياً عن دولة مصر من جميع النواحي التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولا يعتبر انفراد بعض رجال الحكومة المصرية ببعض السلطات الثلاث إهداراً للكيان الذاتي للقطاع من الواجهة الدولية"، والفتوى رقم 481 التي أكدت أن "قطاع غزة ما هو إلا جزء من دولة فلسطين تتوافر له مقومات الدولة من شعب يتمثل في السلطات الثلاث" (4).
ولا تزال الذاكرة الشعبية الفلسطينية تحتفظ بالوجود المصري في غزة، إلا أنه بلا شك كان ينظر إلى الوجود المصري في القطاع على أنه وضع مؤقت إلى حين التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية، وفقاً لاتفاقية رودس، ويرفع العلم الفلسطيني إلى جوار العلم المصري على الدوائر الرسمية. إلا أن الإدارة المصرية أصبحت المسؤولة بشكل كامل عن القطاع من النواحي السياسية والأمنية والقانونية والدستورية والاقتصادية والتنموية، وهو ما يجب تحليله وفق منظورين. الأول: الممارسة المصرية الفعلية للسيادة في القطاع، والثاني: الجهود المصرية في الحفاظ على الهوية الفلسطينية للقطاع أو طمسها.
مشروع التوطين.. من القبول إلى الرفض ومقاومة الاحتلال
كانت الصلة الجغرافية للقطاع مع مصر وعلاقته الإدارية بها أثر واضح في تشكيل التوجّهات الأيديولوجية داخل القطاع. فمنذ بداية الإدارة المصرية عرف القطاع وجوداً قوياً لاتجاهين فكريين أساسيين هما: الإخوان المسلمون، والشيوعيون، مقارنة بوجود ضئيل للاتجاهات القومية (5).
وأتى هذا الواقع نتيجة اعتبارات عديدة، أولها طبيعة الدور الفعّال لكلا الاتجاهين خلال حرب 48، وثانيها طبيعة تكوين الحركة الوطنية المصرية وما يدور في أروقة السياسة المصرية، وموقف الأجهزة الرسمية بمنح التسهيلات أو الإجراءات القمعية التي كانت تتخذها تجاه هذه القوة أو تلك. كل هذا كان له بالغ الأثر على تباين الظروف التي عمل خلالها كل من الإخوان المسلمين والشيوعين في القطاع، وكثافة وجود كل منهما وفعالية دوره السياسي فيه.
وبالرجوع إلى كتاب نهاد خليل، "حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة 1967-1987"، فقد بدأ الإخوان المسلمون نشاطهم بشكل رسمي في غزة منذ العام 1946 كأحد الشُعب الإخوانية التي اتبعت في أهدافها وبرامجها الجماعة الأم في مصر، وتلقّت الجماعة في ذلك الوقت رعاية كبيرة نتيجة تحالفها السياسي مع القصر الملكي المصري ضد الأحزاب التقليدية.
واستطاعت الجماعة استغلال ظروف النكبة لتثبيت حضورها السياسي والجهادي داخل غزة، لكن سريعاً ما تراجعت على صعيد التمويل والذخائر وباتت مُطالبة بتسليم الأسلحة، نتيجة قرار الحكومة المصرية بحل الجماعة، بعد اغتيال رئيس الوزراء المصري.
وظل الحال على ذلك حتى أعيد فتح شُعبة الإخوان في القطاع عام 1952، وبدأت الجماعة تجني ثمار التسهيلات الرسمية التي قدّمت إليها من ضباط ثورة يوليو الصاعدين حديثاً إلى السلطة، من دون أن يُفقد الجماعة صفة المعارضة التي اكتسبتها من قبل.
وبدأ تجهيز شباب الإخوان على استخدام السلاح تحت إشراف ضباط الجيش المصري في القطاع، وسمحت حكومة "الضباط الأحرار"، بسبب تخوّفها من تغلغل الفكر الشيوعي بين الفلسطينيين، بوصول البعثات الدينية والتعليمية لغزة تحت إشراف رجال الجماعة، فنشرت بدورها فكرها. كما نعرف من دراسة جهاد البطش، "الحرکة السياسية في قطاع غزة (1948-1964)"، لكن هذا التعاون ما لبث أن تضاءل مع محاولة الجماعة اغتيال عبد الناصر في العام 1954.
وبمقدار ما كانت الظروف الموضوعية في القطاع مناسبة لجماعة الإخوان، كانت غير مناسبة للشيوعيين. إذ كان التيار الشيوعي في القطاع امتداداً لعصبة التحرر الوطني التي تأسست في فلسطين عام 1943. وكانت البرجوازيات المصرية بتنوعاتها التقليدية الحاكمة قبل تموز/يوليو 1952، أو البرجوازية الصاعدة مع ثورة يوليو، جلّ ما تخشاه النزعة الراديكالية لدى الفكر الشيوعي، الأمر الذي خلق أرضية واسعة للاتهامات والتشكيك، ووضعهم تحت تعنت شديد من الإدارة المصرية في القطاع، كما عانوا من عدم توفر الإمكانات اللازمة للعمل الحزبي، ومن ثم اقتصر نشاطهم على كتابة وتوزيع المنشورات والكتابة على الجدران وتنظيم التظاهرات والإضرابات.
ورغم قيام ثورة يوليو، فقد ظلت السياسة المصرية الرسمية حتى عام 1955 مشدودة لقضايا الصراع المحلي، بل لم تتبنَ قيادة يوليو سياسة قومية واضحة، خاصة مع استمرار الجيش البريطاني في مدن القناة، مما دفع الحكومة المصرية عام 1953 نحو توقيع "مشروع توطين لاجئي فلسطين في شمال سيناء"، وهنا تحالف النقيضان معاً (الشيوعيون والإخوان)، لأول مرة، ضد سياسة التوطين وضد الحكومة المصرية حينها رغم القيود التي فرضت على العمل السياسي (6).
في دراسته المعنونة بــ "قطاع غزة: 1948-1956، الأوضاع الاجتماعية والسياسية"، يقول غازي الصوراني إن الحكومة المصرية، التي انبثقت عن ثورة 22 تموز/يوليو 1952، كانت لا تزال تبحث عن طريقها على صعيد السياسة الخارجية ومشدودة لقضاياها المحلية، عندما وافقت في حزيران/يونيو سنة 1953، عقب شهور من المفاوضات التي أجرتها مع وكالة "الأونروا"، على مشروع يقضي بتوطين نحو 12 ألف عائلة من لاجئي قطاع غزة على أراض في شمال غرب صحراء سيناء بعد جعلها صالحة للزراعة، عبر إيصال نسبة من مياه نهر النيل سنوياً إليها. على أن يتم تخصيص 30 مليون دولار لتنفيذ هذا المشروع الذي حظي بدعم الإدارة الأميركية آنذاك.
ويوصف لنا الصوراني، كيف انطلقت التحركات الشعبية في قطاع غزة ضد هذا المشروع منذ قيام الصحف المصرية بالتلميح إليه في أيار/مايو سنة 1953، ثم اتخذت هذه التحركات أبعاداً جديدة عقب العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة في 28 شباط/فبراير 1955، إذ انطلقت، في الأول من آذار/مارس، تظاهرة حاشدة في مدينة غزة، رافعين هتافات: "لا توطين ولا إسكان/ يا عملاء الأميركان"، و"كتبوا مشروع سيناء بالحبر/ وسنمحو مشروع سيناء بالدم".
ويضيف الصوراني في مادته المنشورة في "مؤسسة الدراسات الفلسطينية": "لم يقتصر التظاهر على مدينة غزة، بل انتشرت التظاهرات في بقية مدن القطاع وقراه ومخيماته، بحيث امتدت من بيت حانون شمالاً وحتى رفح جنوباً، وتشكّلت من ممثلي الشيوعيين والإسلاميين والقوميين والمستقلين "اللجنة الوطنيَّة العليا" للإشراف على الحراك الشعبي وتأطيره، وجرى اختيار مندوبين عنها في كل مخيم من مخيمات القطاع، وتشكّلت لجان لحراسة التظاهرات، الأمر الذي أجبر السلطات المصرية على تفويض مدير المباحث في القطاع سعد حمزة بالتفاوض مع ممثلين اثنين عن "اللجنة الوطنية العليا"، كانا الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة الشاعر معين بسيسو وعضو قيادة جماعة الإخوان المسلمين فتحي البلعاوي".
هكذا، لم تهدأ الجماهير إلا بعد حضور جمال عبد الناصر الذي لم يكن رئيساً لمصر، إلى غزة، معلناً التراجع عن مشروع التوطين، مع تأكيد تبنّيه الرسمي للعمل الفدائي المنطلق من غزة ضد الاحتلال.
وعلى هذا النحو، بقي قطاع غزة الجزء الوحيد الذي يحمل- رسمياً - اسم فلسطين عقب النكبة (ضمّت الضفة الغربية للأردن في حزيران/يونيو 1950)، وربما هذا هو الواقع الذي ما زال يحدّد موقع القطاع من المخطط الصهيوني، فدائماً ما طمح الاحتلال إلى تصفية القطاع لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً، متمثّلاً ذلك في مشاريع التوطين داخل سيناء التي طرحت ولا زالت تطرح من جهات مختلفة.
في النهاية، على مصر دولة وشعباً أن تصغي لتاريخها وأن تنتبه لموقعها السياسي في المنطقة وأن تحدد بوضوح موقفها مما يجري حالياً في القطاع، والانتباه إلى خطورة البعد الاستراتيجي لدمج القطاع أو بقائه في وضعه الحالي، وأثر ذلك على الأمن القومي المصري وعلى مجمل القضية الفلسطينية.
المصادر والمراجع
1- صادق سعد،"صفحات من اليسار المصري في أعقاب الحرب العالمية الثانية".
2- رفعت السيد، "وثائق حرب فلسطين".
3- فتحي عبد النبي، "أثر التطورات الدستورية على الحياة النيابية في قطاع غزة 1948-1967".
4- محمد إسماعيل، "قطاع غزة تحت الإدارة المصرية 1948 - 1967".
5- حسين النمل، "قطاع غزة 1948 - 1967".
6- محمد إسماعيل، المصدر السابق.