"غريب" محمد حسين لطيفي: رجل بحجم جيش
اختيار موفق آخر من "رسالات"، الفيلم الإيراني: "غريب"، للمخرج محمد حسين لطيفي، حامل جائزة مهرجان فجر السينمائي الأخير، عرضته ليل الأربعاء في 21 حزيران/ يونيو الجاري في ساعتين و 7 دقائق من الامتاع البصري.
لا نقول جديداً إذا أشرنا إلى أن السينما الإيرانية تتمتع بمستوى عالمي متقدم وبمجرد رصد أهم التظاهرات الأولى في العالم نجد أن معظمها يخص المشاركات الإيرانية بجوائز نوعية تقديراً لسينما فرضت احترامها أينما حلت.
اللافت في الشريط الجديد أن مخرجه محمد حسين لطيفي وصل خصيصاً من طهران مع نسخة الفيلم إلى بيروت، وكانت له كلمة قبل العرض عبّر فيها عن حبّه للبنان وأنه يعتبره وطنه الثاني، وتم منحه درعاً تذكارياً من رسالات التي غصّت صالتها الرحبة – 700 مقعد، بالرواد.
يعود الشريط إلى حقبة أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات راصداً أصداء الثورة الإسلامية في إحدى المقاطعات الإيرانية: كردستان، حيث كانت هناك مصاعب للجيش والسلطة المركزية وحرس الثورة في تليين مواقف الكرد التي حملت السلاح واعتبرت رجال الجيش ومخابراته بصدد قمع الحركات العديدة والمتنافسة بينما كان ضباط الجيش يتفانون في تهدئة النفوس لبلوغ مرحلة الثقة معهم.
محمد برودجري – يجسد دوره الممثل المسرحي باباك حميديان بتفوق – من مسؤولي الأمن في الجيش، رجل يسلك دائماً طريق الصواب مع قلب رقيق وطيب، بينما يكون مغواراً أول في ساحة القتال، وقد كان مولجاً التعامل مع الوضع بالطرق المناسبة وهو الرافض لأكثر من منصب عرض عليه كونه يفض العمل الميداني الفاعل.
يتبين بعد العديد من المحاولات أن الأمور ذاهبة إلى مواجهة عسكرية طاحنة، ورغم تعرض برودجري لإهانات إلا أنه استوعبها جميعاً وتكيف مع كل التفاصيل فكان إنساناً بكل ما للكلمة من معنى، وواجه في هذا الإطار حالات ولادة، ووفيات، ومجازر.
وفيما الأحداث والمواقف بالغة الجرأة في الطرح والتسمية نجد أن كاستنغ الممثلين كان رائعاً خصوصاً في الدورين الأولين: برودجري – مع باباك حميديان – وشيران المسؤول الكردي – مع مهران أحمدي صاحب الكاريزما الكاسحة. بينما الخمسة الباقون: جعفر هقان، فارهاد غاميان، سامية لاك، حسام محمودي، ورحيم نوروزي، كانت أدوارهم مقنعة في حدود المطلوب.
ساعتان و7 دقائق وقت بالكامل يأخذه المخرج ويملؤه بالأحداث والوقائع ليكون حضوره متمكناً في كل جوانب وتفاصيل الشريط، وقد لفتتنا مشاهد الأكشن المنفذة وفق أحدث التقنيات لتكون النتيجة أن كل ما عبر أمامنا كان واقغياً صدقناه بالحرف.