اليمين الإسرائيلي: مستقبل أورشليم التوسع إلى دمشق
مسار التاريخ يشي بأن أنظمة الاستبداد والفصل العنصري لا بد لها من أن تنهار وتزول، كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وافقت الحكومة الإسرائيلية، يوم الأحد في الـ15 من كانون الأول/ديسمبر الجاري، على خطة لتوسيع المستوطنات في مرتفعات الجولان المحتلة، قائلة إنها تتصرف "في ضوء الحرب والجبهة الجديدة التي تواجهها في سوريا". وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان، إن "تعزيز الجولان يعزز "دولة" إسرائيل، وهو أمر مهم بشكل خاص في هذا الوقت. وسنستمر في التمسك به، وجعله يزدهر، و(نعزز) الاستيطان فيه".
بلا شكّ، تسيطر العقلية الاستعمارية على سلوك الإسرائيليين منذ قرن من الزمن، وتتزايد تلك الطموحات الاستعمارية، مع وصول اليمين إلى السلطة، وعلى رأسه نتنياهو، الذي لا يقل يمينية وتوحشاً عمن يطلق عليه اسم "اليمين المتطرف". واليوم، تحاول "إسرائيل" الاستفادة من التطورات في سوريا، وسقوط النظام السوري، والفراغ الناجم عن فترة الانتقال السياسي السوري، من أجل تعزيز الاستيطان وقضم الأراضي في الجغرافيا السورية.
في مقابلة لفيلم وثائقي، أنتجته وبثته قناة Arte الناطقة بالفرنسية، بعنوان "إسرائيل: المتطرفون في السلطة"، تم بثه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في خضم الحرب الإسرائيلية على لبنان، أقر وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بأن هدف الإسرائيليين يتمثل بإقامة "دولة يهودية"، لا تشمل فقط كل الأراضي الفلسطينية، بل تمتد أيضاً إلى سوريا. ويؤكد سموتريتش أن خطة قيام "إسرائيل الكبرى" يجب ان تحدث، شيئاً فشيئاً، ويقول: "مكتوب أن مستقبل أورشليم هو التوسع إلى دمشق"، ومضيفاً "فقط أورشليم، حتى دمشق".
وتناول الفيلم الوثائقي، بالتفصيل، خطة اليمين الإسرائيلي هي التمدد إلى الأردن ولبنان ومصر وسوريا والعراق والمملكة العربية السعودية. وأضاء على المشكلة الأساسية في الاعتقاد السائد بين المستوطنين الإسرائيليين، ومفادها أن توسعهم وتوحشهم والقيام بالأعمال الاجرامية العنيفة هي "أوامر إلهية".
ترى جماعات اليمين المتطرف اعتداءها على الفلسطينيين والسيطرة على أراضيهم بمنزلة "مهمة إلهية لاستعادة الأرض المقدَّسة، التي وعد بها الله، والتي تمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وحتى من "الفرات إلى النيل". لذا، هم يتوقعون حالياً أن تساعدهم الحكومة الحالية، بقيادة نتنياهو، على إقامة المستوطنات في سوريا وغزة.
وفي وثائقي آخر، بعنوان " الفداء المقدس" يكشف الفيلم الوثائقي الاستقصائي الأيديولوجية الصهيونية العنيفة ذات الدوافع الدينية. ومن خلال التسلل إلى أكثر مجموعات المستوطنين تطرفاً، مثل "فتية التلال"، والمعروفة باسم "داعش إسرائيل"، يكشف الفيلم استراتيجية "إسرائيل" الاستعمارية، طويلة الأمد، لتهجير الفلسطينيين وتوسيع السيطرة الإقليمية من أجل إنشاء "إسرائيل الكبرى"، من خلال العنف والترهيب والاستيلاء على الأراضي.
يكشف الوثائقي أن الاستيطان هو "جزء من الفداء"، بالنسبة إلى المتطرفين، ويوضح كيف يتم استخدام النصوص الدينية من أجل الزعم أن "الفلسطينيين ليس لديهم حق شرعي في الأرض"، وأن التوسع، استيطانياً وسكانياً، يُعَدّ أمراً توراتياً. ويؤكد هؤلاء أنهم مستعدون للمقاومة، بل حتى قتال الجنود الإسرائيليين، إذا صدرت أوامر بتفكيك المستوطنات، في أي حل سياسي مع الفلسطينيين في المستقبل.
يكشف فيلم "الفداء المقدس" وحشية المستوطنين ضد الفلسطينيين، والتي تغذيها أيديولوجيا صهيونية متطرفة. ويوثق قيام المستوطنين بمهاجمة منازل الفلسطينيين ومدارسهم وأراضيهم الزراعية، بصورة منهجية، مع تدمير بساتين الزيتون، بهدف محو التراث الثقافي الفلسطيني. كما يتم تدمير أنظمة المياه، وتسميم الآبار، وهدم المنازل، وقتل الماشية، وكل ذلك جزء من استراتيجية لجعل الحياة لا تطاق وغير صالحة للعيش، بالنسبة إلى الفلسطينيين، وتحويل وجودهم اليومي إلى كابوس.
منذ زمن طويل، قبل حرب الإبادة الحالية في غزة، تنبّأ الصحافي الإسرائيلي، آري شافيت، بأن "إسرائيل" "كما نعرفها"، سوف تنتهي إذا استمرت في المسار المدمّر نفسه، الذي تعتمده. وفي خضم الحرب على غزة، حذّر وزير الدفاع الأميركي من أن تربح إسرائيل تكتيكياً، وتخسر استراتيجياً. وحذّر عامي أيالون، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، من أن الحرب التدميرية والتوسع الإقليمي سوف يؤديان إلى "نهاية إسرائيل" كما نعرفها.
في كل الأحوال، وعلى الرغم من الاستفادة الكبيرة التي حققتها "إسرائيل" من التطورات في الشرق الأوسط، وأهمها سقوط النظام السوري، واغتيال السيد حسن نصر الله، وتوجيه ضربات كبيرة إلى حزب الله، فإن مسار التاريخ يشي بأن أنظمة الاستبداد والفصل العنصري لا بد لها من أن تنهار وتزول، كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.