علا عيد للميادين نت: السينما الإيرانية مفيدة للمجتمع والإنسان
حول مشاركتها في السينما الإيرانية والمسرح اللبناني وصعوباته في ظلّ الراهن ونصائحها للأجيال المتّكلة على التكنولوجيا الحديثة، أجرتْ "الميادين الثقافية" مع علا عيد هذه المقابلة وهذا نصّ الحوار.
عُلا عيد ممثلة وفنانة لبنانية شابّة مجتهدة ومثابرة. انتقلت من إدارة الأعمال إلى فضاء المسرح الذي تعشقه. أعلمتْنا أنها بدأتْ مع منير كسرواني، ثم انتقلت إلى المسرح مع رئيف كرم، وعملت مع حسام الصبّاح طوال 13 عاماً، ومع أسماء من وزن مجدي مشموشي وعمّار شلق. ثم انتقلت إلى فرقة "أبو سليم الطبل" (صلاح تيزاني)، وعملت في المسرح الجوّال في المناطق اللبنانية. كما شاركت في فيلمٍ تونسيّ وعدّة أفلام قصيرة ووثائقية، ثمّ في السينما الإيرانية وسواها، وتجربتها بسيطة في التلفزيون من خلال "كاراكتيرات" الشرّ المزدوجة.
حول مشاركتها في السينما الإيرانية وفي فيلمٍ إيطالي– لبناني، والمسرح وصعوباته في ظلّ راهِن لبنان المعقّد في لجّة الانهيار، ونصائحها للأجيال المتّكلة على التكنولوجيا الحديثة، أجرتْ "الميادين الثقافية" معها هذه المقابلة وهذا نصّ الحوار.
**
كيف تقيّمين تجربتك التمثيلية في السينما الإيرانية وماذا أضاف لك هذا التعاون من الخبرة؟
كان لي الشرف بالتعاون مع عدد من المخرجين الإيرانيين منهم آتش زمزم (فيلم طريق مسدود يتناول حياة الشهيد مصطفى شمران)، كما تشرّفتُ بمعرفة فنّان الماكياج داريوش المعروف بموهبته وقدرته على تغيير الشخصية. وشاركتُ في فيلم آخر بعنوان "التنّين" (عُرف أيضاً بـ"الشعلة والتنين") عُرض في "مهرجان فجر السينمائي" في إيران ومخرجه هو إسلام لُو، وكان لي الشرف بالعمل مع الممثل الذي أدّى دور النبي سليمان أمين زندكاني وهو متواضعٌ جدّاً.
يتمّيز هؤلاء بالحِرفية والمهارة، ولا ثرثرة في العمل، ما قد أثار إعجابي واستمالني. نتعلّم منهم فهم شعبٌ يُصغي، وثمّة صمتٌ خلال العمل أكثر بلاغة من الكلام ويخدم العمل الفنّي. السينما الإيرانية تقدّم ما يفيد المجتمع والإنسان من حقيقةٍ وواقع، التفاصيل مهمّة في العمل. أتمنّى أن تُعرَض هذه الأفلام على الشاشات. العمل كاملٌ متكامل وأتمنّى أن تتكرّر هذه التجربة في أعمالٍ أخرى مقبلة.
شاركتِ في فيلم إيطالي- لبناني، حدّثينا عن التعاون وآفاقه
استُدعيت إلى المركز الثقافي الإيطالي وكان شخصٌ قد شاهد مسرحيةً شاركتُ فيها مع الفنان اللبناني محمود مبسوط المعروف بـ"فهمان" رحمه الله وهو الكوميدي الأوّل. كان المخرج الإيطالي حاضراً ومعه المخرج اللبناني مازن خالد، وكانا يبحثان عن وجهٍ طبيعي بلا "بوتوكس" وFiller وعمليات تجميل، وقد تشرّفتُ بتمثيل لبنان مع الفنانة كارول عبّود وشاركنا في "مهرجان البندقية السينمائي" عام 2017.
الفيلم كان بعنوان "شهيد" Martyr، علماً أنه يتمحور حول الشهادة. الآن فيما نُجري هذا الحوار ثمّة شهيدٌ جديد في فلسطين. ما استفزّني أنني رأيتُ إسرائيلياً قتل امرأةً ثمّ جلس وشرب قهوته باستمتاع، هذا الغضب لديَّ كان عليَّ أن أنقله في الفيلم. حاولتُ إيصال الشهادة في دلالتها الإنسانية، وليس من منطلق سياسي ولا بمعنى سياسي.
لديك إسهام في المسلسلات اللبنانية، ما الذي يميّز التمثيل فيها بالمقارنة مع المسرح؟
شاركتُ في المسرح الجوّال مع منير كسرواني في مسرحية "الشلمصطي"، ومع فرقة "طَقِّشْ فَقِّشْ" مع "فهمان" و"شكري شكر الله" و"زغلول"، ثمّ انتقلتُ إلى فرقة "أبو سليم الطبل" (صلاح تيزاني) وكتبتُ مسلسلاً لقناة "الثبات"، وبدأتُ بمسلسلات عديدة، من ضمنها الثلاثيات التي أشارك فيها، في الـ"إم بي سي العراق" حيث شاركتُ في "الأم البديلة". ثم شاركتُ في مسلسل لقناة "أم تي في"MTV اللبنانية، علماً أنّ المخرج هو دافيد أوريان، وقمتُ بدور المرأة التي ترتكب الجريمة تجاه زوجها وأولادها والمجتمع.
إنها شخصية متعبة ومركَّبة، فقد ذهبتُ إلى السجن وقابلتُ هؤلاء الأشخاص وسمعتُ حديثهم عن معاناتهم وكيف كانوا معنَّفين في بيوتهم والمجتمع، وكيف تكثّفَ كل هذا الغضب دفعةً واحدة فكانت جريمة القتل للأسف. مثّلتُ في المسرح العاشورائي وهو صعب جداً وهو مثل المسرح اليوناني حيث ثمّة ذلك الكمّ من الانفعالات والجمهور يتفاعل مع الممثل ويقترب منه، تشرّفتُ بالعمل مع المخرجَين رئيف كرم وحسام الصبّاح.
ما هي معاناتكنّ في المسرح كفتياتٍ ونساء يعملن في لبنان مسرحياً، لا سيما في ظلّ انهيار البلد؟
ثمّة معاناة كبيرة وجمالٌ كبير ومتعة في التجربة، ونتعرّف إلى أشخاصٍ جُدُد دائماً. المسرح يُطعمُ الممثل خبزاً فلا ينبغي أن يقول أحدٌ أنه لا يُطعمُ خبزاً مع أنّ المبلغ ضئيل. الصعاب أنّ العرض يكون في الليل، والمسرح يجعلنا معروفين بين الناس فيتبخّر التعب بهذا الفرح وبمحبّة الناس واحترامهم لنا. ثمّة قامات مرَرْنَ بالمسرح مثل رينيه ديك، وجوليا قصّار، ورندة الأسمر، وعايدة صبرا.
بالنسبة لزميلتي التي أعتز بها كثيراً أنجو ريحان فقد شاركتُ معها في "رقصة المساء" من إخراج حسام الصبّاح. في المسرح لكلٍّ منا طريقه وبصمته الخاصة التي ينبغي عليه أن يحفرها. لا أحبّ الخوض في السياسة، بل في قضايا واقعية لتعريف الشباب بقضايانا وقضية وطننا، ودائماً علينا تذكير الأجيال بما مرّ به الأجداد لصوْن الهوية. أتمنى النجاح للشعوب العربية وأن يعود العالم العربي إلى النهوض.
ما هي نصائحك الفنية للأجيال المتّكلة على التكنولوجيا الحديثة؟
لجيل الغد ولجيل الكومبيوتر والعولمة أُخبره ارتكازاً على تجربتي البسيطة بأنّ الإذاعة ترتكز على الصوت وتظهير مخارج الحروف جليّاً، فيما يستند المسرح في جوهره إلى الحركة، فينبغي أن يرى ويَشْتَافَ حركتَنا الشخصُ الأخير في الصف الأخير في الصالة أو في الملعب في المسرح الجوّال العامّ لأنه لا يسمعنا بوضوح فيجب أن يتكثّف الإحساس في الحركة، وأن يفهم الموضوع من خلال الحركة.
شاركت في أعمال تلفزيونية وبرزتُ بدور المجرمة بسبب الظروف، لكن السينما ترتكز على الضوء، ما ساعدني فيه الممثل أمين زندكاني والمخرج إسلام لُو. السينما تُركّز على العيون والضوء، "قامتي وقوفاً يجب أن تكون كما هي" كما قيل لي، ومشهدي كان انفعالياً جداً والاضطرابات والانفعالات التي جسّدتُها علّمتني كيفية التنفّس من بطني فيما كانوا يأخذون "المازورة" للضوء الذي يضفي جماليّاته على السينما.
إنها خبرتي البسيطة التي أنقلها للشباب والصبايا الذين يعتمدون اليوم على التكنولوجيا، وأتمنى أن نتعلّم كلّنا من هذه التجارب لنقل المعلومات المفيدة ولتأمين الاستمرارية، ومن الأخطاء نتعلّم كلّنا كيفية التصحيح والأمور الصائبة.