روجيه مكرزل: فنان فوتوغرافي من المحليّة إلى العالميّة
جاءت لوحات مكرزل تجسيداً للموقع، تحكي كل منها قصة من لبنان ومن أنحاء العالم.
اختتم أمس الأربعاء معرض الفنان الفوتوغرافي اللبناني روجيه مكرزل بعنوان "بحر واحد" (One Sea)، مع اختتام مهرجانات البترون لصيف 2022، واحتلّت لوحاته جدار العزل من الأمواج لحماية الشاطئ، كأنه مُتمّم للسّور الفينيقي المجاور، شرقه ميناء المدينة، وغربه البحر المتوسط.
وضعت اللوحات بخط مستقيم، وبأحجام متساوية، وهي تحمل قصصاً من لبنان إلى مختلف أنحاء العالم، ملخّصة بذلك المسار التاريخي للفنان، منطلقاً كمصوّر حرب للوقائع والأحداث اللبنانية، ومتحوّلاً للتصوير على مستوى العالم.
تحفّ بالجدار - المعرض مياه البحر، لتصبح لوحاته تجسيداً للموقع، تحكي كل منها قصة من لبنان، ومن أنحاء العالم.
البترون بمياهها الصافية صيفاً ونوارسها كانت حاضرة في بعض اللوحات، منها "الساعة الذهبية" للبترون، تعبيراً عن المغيب، و"ذهب البترون"، انعكاساً للشمس على صفحة المياه، و"الروح" (The Spirit) البترونية تعبيراً عن النوارس المتفاعلة مع البحر.
من آسيا لوحة "الغضب" (The Rage)، أمواج متحطمة على الصخور مرتفعة في الجو، تحمل العلم اللبناني، كأنها تنذر بالغضب لما آلت إليه الأحوال اللبنانية، و"الصخرة" (The Rock) الضخمة في وسط المياه.
ومن أفريقيا، "القفزة" (The Jump) حركة للصبية بتعايشهم مع البحر، وخط من الزوارق (Linear) متوازٍ مع الأفق، و"الشبكة" (The Net) في حركة لنشر الصياد للشبكة على مدى واسع، و"العاصفة" (The Storm)، غيوم ملبدة تنذر بالعاصفة، و"صيادون" (Fishermen) أفارقة يسحبون شباكهم من البحر.
ومن أوروبا "التوازي" (Symmetry)، الشمس تتناصف شعلة منارة، و"البركة المفتوحة" (Open Pool) في البحر للّهو بالمياه. أما ختام اللوحات، فنافذة من البترون (The Window) إلى آفاق العالم.
اشتهر الفنان مكرزل على مستوى عالميّ، وبدأ اهتمامه بالتصوير منذ أن كان يبلغ 15 عاماً.
مطلع الثمانينيات، بدأ عمله كمصوّر حرب في وسيلتي إعلام معروفتين، هما "سيغما" و"رويترز". الانطلاق كان من وطنه؛ البلد الذي مزّقت الحروب، وعاصمته بيروت ومنطقة الشرق الأوسط المحيطة بها. وقد زوّده البلد بالمواضيع المؤثّرة من الصراع، وفيها حقائق صعبة وقاسية، لحظة التقطها على حقيقتها، وبانفعال عاطفي جيّاش.
وكإنسان برؤى وتجارب وحياة شديدة التنوّع، انتقل إلى باريس مطلع التسعينيات، فاتسعت أعماله، وتطورت إلى عوالم الأزياء والإعلان والتوثيق والتصوير الفني الفوتوغرافي، وطغت عليها موضوعات قبول الآخر والتسامح والاحترام والحرية والتنوع، بحسب لوحة تعريفية به عُلقت أول المعرض.
دفعه شغفه بالتراث والجذور للسفر إلى دول العالم، محاولاً اكتشاف التنوع الحضاري والثقافي وتلمّسه وتبنيه عبر قوة الصورة.
وما بدأ كرحلات شخصيّة وأبحاث، صار لاحقاً معارض فنيّة وكتباً وإبداعات في أوروبا وآسيا وأفريقيا والعالم العربي، كما اشتهر محترفه الذي أطلقه منذ 15 سنة في عالم الصورة.
نُشِرت أعماله في مروحة واسعة من الصحف والمجلات العالميّة، أبرزها "واشنطن بوست" و"نيوزويك"، وعلى غلاف "باري ماتش" (Paris Match) في الذكرى الأربعين لصدورها.