رأفت - رائف - رؤوف - رئيف

مشتقة من أصل واحد.. ماذا تعني أسماء رأفت ورائف ورؤوف ورئيف؟

يا ساكِنَ القَلبِ لا تَنظُرْ إلى سَكَني
واربَحْ فٌؤادَكَ واحذَرْ فِتْنَةَ الدَعَجِ
يا صاحِبي وأنا البَرُّ الرَؤوفُ وقد
بَذَلتُ نُصْحي بِذاكَ الحَيِّ لا تَعِجِ
فيهِ خَلَعت عِذاري واطّرَحتَ بِهِ
قَبولَ نُسْكِي والمَقبولَ مِن حِجَجي

هذه الأبيات من قصيدة للشاعر المصري المعروف بابن الفارِض واسمه عُمر  بن علي (1181 - 1235م) ظاهرها قد يوحي بأنها من نوع الغزل المألوف لدى الشعراء المعروفين بإجادة هذا الفن من فنون الشعر العربي التقليدي وما هي من ذاك القبيل. فهذا الشاعر من كبار المتصوّفة عاش مُتنسّكاً وكرّس موهبته الشعرية للتعبير عن الحبّ أو العِشق الإلهي كما يٌسمّى بعبارة صوفيّة ولذلك لٌقّب ابنُ الفارِض بسُلطان العاشقين.

على هذه الخلفية الصوفية يناشد الشاعرُ الحبيبَ الذي يسكن فؤادَه ألّا ينظر إلى مسكنه هو وأن يكسب فؤادَه فلا يخسره تحت تأثير المٌقَل الساحرة ذات الدَعَج أي شِدّة سواد العين وبياضها واتساعها، وينصحه وهو المخلص الوفيّ له الرؤوف به ألا يقترب من المكان الذي يقيم فيه ذلك الحبيب والذي خلع الشاعر فيه عِذارَه أي انهمك في الغيّ واطّرح فيه ما كان من نُسكه وحِجَجه.

في ظلّ البُعد الصوفيّ لهذه الأبيات نتوقّف عند وصف الشاعر نفسه بأنه رؤوف أي ذو رأفة. والرأفة الرحمة، وقيل الرأفةُ  أشدّ الرحمة. وقال بعضهم إنّ الرأفة أخصّ من الرحمة والرِّقّة ولا تكاد تقع في الكراهة والرحمة قد تقع في الكراهة لمصلحة.

ومن الرأفة اشتُقّت أسماء العلم رأْفَتْ ورائف ورَؤوف ورَئيف. ورَأْفْتْ اسمُ مشترك بين الإناث والذكور. يُكتب بتاء ممدودة ساكِنَة بدل المربوطة وذلك تماشياً مع الطريقة العثمانية في رسم الاسم المأخوذ من المصادر التي على وزن فَعْلَة وفِعْلَة مثل نَشْأَة ورِفْعَة اللذين يكتبان في حال العلمية نَشْأَتْ ورِفْعَتْ. 

والرأفةُ مصدرُ قولهم: رَأفَ به، ورَئفَ،ورَؤوفَ، رأفةً ورآفةً، إذا رحمه وأشفق عليه،فهو رائفٌ ورَئفٌ وهو رَئيفٌ ورؤوف على وزن فَعيل وفعول للمبالغة، أي رحيم أو رَحوم، وجميعها بمعنى واحد، واستعملت كأسماء علم للمولود الذكر والأنثى رئيفَة ورَؤوفَة.

والرَؤوفُ لغةً صِفةٌ مُشَبّهة تدلّ على الثُبوت منِ رَؤفَ، أي عَطوف، رحوم،حنون. والرؤوفُ من أسماء الله الحُسنى وهو الرحيم لعباده العطوف عليهم بألطافه. وعبد الرؤوف اسم مركّب بالاضافة.