بين بسام كوسا ومايكل أنجلو.. الحبّ الدمشقيّ "في المنزل وحيداً"
بسام كوسا كان هذا الرجل الشرقيّ، الذي لا يرى ماغدة زوجةً له وأماً لولديه فقط، بل هو يؤمن بها وطناً أيضاً، لكنه يخجل من أن يبوح لها، في جلسة صفا عاطفية، بكلمة "أحبك"... فباح بمكنونات قلبه وحبه لصورتها في غيابها.
من أجمل لوحات المسلسل السوري "الفصول الأربعة"، اللوحة التي أبدع فيها الفنان بسام كوسا، إلى حدّ لا يوصف: "في المنزل وحيداً". الزوج الشرقي الحنون، المملوء أبوّةً فائضة وعشقاً صامتاً لزوجته، يغلب عليه الخجل، أدّى دوره بإبداع الفنان بسام كوسا، الذي مرّ على زواجه بماغدة ربعُ قرن، لم يقل لها فيه، مرةً واحدةً، كلمةَ "أحبك"، فانتظر ذهابها إلى بيروت ليبوح لصورتها بحبّ طويل عريض، لن تكفي أعوام مديدة للتعبير عن روعة شغفه.
في "في المنزل وحيداً"، يؤدي كوسا دور الزوج المملوء خجلاً، ويحتاط، بسبب "أخو الشليتة"، الخجل، من أن يقول لزوجته، حتى في أوج حالاتهما الحميمة، كلمة "أحبك"!
لكنّ غياب زوجته ماغدة في بيروت أجّج في قلب بسام كوسا، الهائم داخل أحد الفانات المخصَّصة للطبقة الفقيرة السورية، في طرقات دمشق، حنيناً إلى ماغدة، معتّقاً من أكثر من ربع قرن، هو تاريخ زواجهما، فهمس، وهو يفكر في فقراء العالم ومهمّشيه ونضال أهل فلسطين وقهرهم ومأساتهم، من شبّاك الفان الدمشقي، حنينَه إلى ماغدة، وهمس إليها، وهو موقن بأنها، من بيروت، تستمع إليه، ووشوشها: "ماغدة، أنا مقهور وحزين… ومشتقلك كتير".
كيف يمكن لرجل أن يحب بهدوء.. بلا ضجيج.. ومن دون فذلكات، وبلا عرض عضلات للكلمات.. كبسام كوسا؟
"في المنزل وحيداً".. مع صورة ماغدة، يفعل بسام كوسا ما فعله منذ مئات السنين مايكل أنجلو مع تمثاله الشهير، حين تهيّأ له التمثال إنساناً تسكنه روح وإحساس ونفَس، وينقصه الكلام واللغة، فصرخ فيه، بعد أن رماه بإزميله: انطُقْ يا موسى!
لكنّ بسام كوسا يرمي صورة ماغدة بكلام دافئ، في يوم دمشقي بارد. كلام عصيّ على أن يُنطق في حضور ماغدة، فباح به بسام كوسا لصورتها في غيابها، ففاضت حجرات منزله الدمشقي المتواضع حنيةً وحباً وإلفة، وبادلته الصورةُ الكلامَ والنظرات.. والحب!
هي عادة رجال الشرق في الحب. يخبئونه كأغلى الكنوز في قلوبهم، وربما تمر سنون عجاف طويلة جداً، ولا تبوح بكلمة حب واحدة شفاههم.
بسام كوسا كان هذا الرجل الشرقي، الذي لا يرى ماغدة زوجةً له وأماً لولديه فقط، بل هو يؤمن بها وطناً أيضاً، لكنه يخجل من أن يبوح لها، في جلسة صفا عاطفية، بكلمة "أحبك"... فباح بمكنونات قلبه وحبه لصورتها في غيابها.