في فصل دراسي في مدينة زوارة الليبية الساحلية، القريبة من الحدود التونسية، يتردّد تلميذ قبل أن يكتب، بتشجيع من معلّمته، بضعة أحرف باللغة الأمازيغية على السبورة، في مشهدٍ لم يكن من الممكن تصوُّره قبل 12 عاماً، حيث أنّ اللغة الأمازيغية كانت محظورة في أيام العقيد معمر القذافي.

تقول المعلّمة أسيرم الشواشي، التي تُدرّس في مدينة زوارة، الواقعة على مسافة 120 كيلو متراً غربي العاصمة طرابلس، إنّ "الأطفال يحبّون هذه المادة، لأنّهم يجدون هويتهم وثقافتهم مكتوبة في الكتب".

"حقّ طبيعي"

تُقدَّر نسبة الأمازيغ بـ10% من عدد سكان ليبيا. في بلد مقسّم إلى معسكرين متنافسين على السلطة، تحرص الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة على إرضاء الأمازيغ، بتوفير كتب مدرسية بلغتهم الأصلية، من دون جعلها لغة رسمية بعد.

وترى أسيرم الشواشي، التي نالت السنة الماضية أول إجازة جامعية من قسم اللغة الأمازيغية في كلية الآداب في زوارة، المستحدث قبل نحو 8 أعوام، بأن تعلّم الأمازيغية "حقّ طبيعي".

وتعبّر المُدرّسة التي استقدمت كتباً باللغة الأمازيغية من المغرب، عن سرورها "بالتقدّم الهائل الذي أُحرِز بالفعل في غضون 10 سنوات فقط"، وتتابع: "نحن أنفسنا مندهشون".

في زوارة، نُظمّت الدورات الأولى لتعليم الأمازيغية في عام 2012، مع "بدايات صعبة"، بسبب نقص المعلمين المدربين وعدم اليقين حول البرنامج الدراسي، وفق ما تقول مديرة المدرسة سندس ساكي.

وتوضح ساكي أنّه "كانت لدينا تساؤلات: ماذا سنفعل؟ (...). نتكلّم اللغة في المنزل، صحيح، لكن دراسة الحروف والكتابة، هذا جديد علينا".

وكان ملحاً إقناع أولياء التلامذة، الذين عبّروا عن قلقهم من العبء الزائد الذي يمكن أن يرتبه تعلّم الأمازيغية على أطفالهم، لا سيّما أن اللغتين العربية والإنكليزية من أولويات الدراسة. وتتابع ساكي: "كانوا يعتبرون أن 3 لغات كثيرة جداً على التلاميذ، لكن هؤلاء جاؤوا بأدمغة متفتحة على التعلّم".

برنامج إذاعي

بعد انتهاء الدروس، تتوجّه الشواشي إلى الاستوديو الصغير في إذاعة "كاساس أف أم"، أول محطة إذاعية محلية باللغة الأمازيغية تبث منذ العام 2012 من زوارة. وتمّ أخيراً إطلاق محطة ناطقة باللغة الأمازيغية تبثّ من العاصمة طرابلس.

وتناقش أسيرم الشواشي، التي تطوّعت لتقديم البرنامج الإذاعي، مع مدير البرامج إسماعيل أبو ديب، الحلقات التالية من برنامجها المخصص للأدب الأمازيغي.