فلسطين في قلب "أيام قرطاج السينمائية".. وتكريم لفتحي الهداوي

فلسطين في قلب "مهرجان أيام قرطاح السينمائية" الذي يعرض هذا العام أكثر من 200 فيلم من 21 بلداً ، وغياب الفنان التونسي القدير، فتحي الهداوي، يخيّم على الدورة الــ 35 من المهرجان.

تحت شعار "السينما شاشة السلام.. حيزاً للأحلام.. شمعة في الظلام وصوت لشعب الخيام"، انطلقت مساء أمس السبت، فعّاليات الدورة الــ 35 من "مهرجان أيام قرطاج السينمائية" في مدينة الثقافة بتونس. 

وتشمل الدورة التي تتواصل حتى 21 كانون الأول/ديسمبر الجاري، عرض 217 فيلماً من 21 بلداً من مختلف القارات، منها 56 فيلماً في المسابقة الرسمية تتوزّع بين 15 فيلماً روائياً طويلاً، و13 فيلماً وثائقياً طويلاً، و17 فيلماً روائياً قصيراً. 

أما المسابقة الوطنية فيشارك فيها 12 فيلماً، وقد أطلقت هذا العام لــ "تسليط الضوء على حيوية المشهد السينمائي المحلي"، وفق ما أعلنه الرئيس الفخري للدورة الحالية، المخرج التونسي، فريد بوغدير. 

عرس سينمائي حزين بغياب فتحي الهداوي

ورغم الأجواء الاحتفالية التي عادة ما تميّز مثل هكذا تظاهرات فنية، إلا أن دورة هذا العام من "مهرجان أيام قرطاج السينمائية" حملت طابعاً خاصاً ممزوجاً بالحزن والدموع هيمن على فعّاليات الافتتاح، مع فقدان الساحة الفنية التونسية للممثّل القدير فتحي الهداوي. 

وشُيّع الهداوي إلى مثواه الأخير قبل ساعات قليلة من موعد الافتتاح، تاركاً حزناً كبيراً في المشهد السينمائي التونسي، حيث كان الراحل من أبرز وجوه هذا العرس الثقافي، ومن أهم الممثّلين في تاريخ السينما التونسية.

وفي هذا الإطار، كرّمت لجنة تنظيم المهرجان الراحل فتحي الهداوي، إلى جانب تكريم الناقد السينمائي والصحافي، خميس الخياطي، الذي توفي في شهر حزيران/يونيو الماضي عن عمر ناهز 77 عاماً.

ولم يغب المشهد الذي تعيشه المنطقة من حروب وصراعات خصوصاً في بلاد الشام، عن حفل الافتتاح، وهو ما عبّر عنه المخرج الفلسطيني، ورئيس لجنة التحكيم الرسمية للمهرجان، هاني أبو أسعد، الذي قال خلال كلمة الافتتاح: "نحن في زمن حزين في ظل ما يحصل في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وليبيا. نحن في زمن التفاهة، لكن الحزن هو المحرّك الأساسي للعمل الفني وأملنا في الفن".

"فلسطين في قلب أيام قرطاج السينمائية"

وكان للحضور ولجمهور الفن السابع في حفل الافتتاح موعد مع فيلم "واهب الحرية"، وهو وثائقي طويل للمخرج العراقي، قيس الزبيدي، وأنتج عام 1987. 

ويتناول الفيلم بطريقة فنية مميّزة عمليات المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان. ويرصد الشريط أبرز العمليات الاستشهادية التي نُفّذت على المواقع العسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

كما عُرض خلال حفل الافتتاح الفيلم الفلسطيني القصير "ما بعد" (تأليف وإخراج: مها حاج، بطولة: محمد بكري)، ويحاكي في مضامينه وجهاً آخر من النضال والصمود الفلسطيني، علماً أن الدورة الحالية من المهرجان تحتفي بالسينما الفلسطينية من خلال قسم "فلسطين في قلب أيام قرطاج السينمائية".

الأفلام التونسية تحضر بكثافة

وتشارك السينما التونسية بكثافة في دورة هذا العام حيث سيتمتّع عشّاق الفن السابع، على مدى أسبوع، بـ99 عملاً تونسياً، بينها 4 أفلام روائية في المسابقة الرسمية، أبرزها فيلم "برج الرومي" للمخرج منصف ذويب، واسمه مستوحى من سجن شهير في شمال تونس احتجز فيه معارضون للرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

أما مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فستكون ممثّلة بــ 3 أعمال، فيما تضمّ مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، 4 أعمال.

ويتضمّن برنامج الدورة تكريم التجربتين السينمائيتين للأردن والسنغال، واحتفاء بشخصيات سينمائية مثل الجزائري مرزاق علواش، والإيراني محسن مخملباف، والسنغالي بو بكر سامب.

أفلام داخل السجون 

ويواصل "مهرجان أيام قرطاج السينمائية" عرض الأفلام في السجون التونسية في تجربة انطلقت منذ العام 2015 بهدف تقريب السينما إلى كلّ الفئات. وسيتمّ هذا العام عرض 6 أفلام في الوحدات السجنية، فضلاً عن عرض مخصّص لمراكز الإصلاح، وذلك بحضور صُنّاع الأفلام من مختصين في الإنتاج والإخراج والتمثيل.

كما تمّت برمجة عروض سينمائية داخل المحافظات. وسيتمّ للمرة الأولى تقديم عروض سينمائية في القرى الداخلية، إضافة الى برمجة عدد من الندوات الثقافية التي تتعلق بالصناعة السينمائية، على هامش المهرجان.

بين فرحة الفن وحزن الغياب، تتواصل فعّاليات "أيام قرطاج السينمائية" لتؤكّد مجدداً عمق العلاقة بين تونس والسينما. ولا سيما أن السينما تمثّل أحد أهم الطرق في التعبير عن المجتمعات والقضايا الإنسانية الكونية، وتعكس نبض العالم العربي وأفريقيا في مختلف أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية. 

ومن خلال هذه الدورة، تسلّط تونس الضوء على مكانتها كوجهة سينمائية وفنية مميّزة، لتبقى السينما فناً يمثّل قصص صمود ومقاومة ويكتب التاريخ بمختلف تقلّباته عبر مشاهد سينمائية تنقل الواقع بطريقة إبداعية مميّزة، خصوصاً وأن الواقع أصبح هو من يحاكي السينما ويلهمها مواضيع وحكايات حقيقية، قد يعجز أبرز المؤلفين عن كتاباتها أو حتى تخيّلها.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.