فرح أنطون: مفكر للنهضة والتنوير والتثوير
في مناسبة مئوية رحيل المفكر النهضوي فرح أنطون (1874-1922)، نستعيد هنا بعضاً من أفكاره ووجوه طليعيّته.
"اعملوا، لا تعلموا فقط"، فرح أنطون.
***
ترك فرح أنطون مدينة طرابلس، مسقط رأسه التي وُلِد فيها في العام 1874، مهاجراً إلى مصر، وحطَّ رِحاله في الإسكندرية في العام 1897، كما فعل العديد من أبناء بلده قبله. ولا بد هنا من إلقاء بعض الضوء على أسباب هذه الهجرة الواسعة الى أرض الكنانة، وسنستعين بكتاب د. مسعود ضاهر، "هجرة الشوام إلى مصر" (1986)، المستند إلى كمٍّ كبيرٍ من الوثائق والأرشيف، وهو يرى سببين لها في القرنين التاسع عشر والعشرين، إما طلباً للحرية السياسية مثل بعض الكتاب والمثقفين والشعراء والصحافيين، وإما سعياً وراء الرزق، أي لأسباب اقتصادية بحتة.
وقد أدى هؤلاء الشوام أدواراً بالغة الأهمية في الحياة الاقتصادية والسياسية لمصر آنذاك[1]. ويقول ضاهر: "إن السوريين واللبنانيين، أو الشوام بشكل عام، عرفوا كيف يختارون موقعهم الطليعي في حركةِ مجتمعٍ مصريٍّ ينمو بسرعة ويتبدل باستمرار على طريق العصرنة. فجمعوا ثروات هائلة من جهة، وكانت لهم منزلة مميزة في هذا المجتمع العربي" [2].
ويعتبر المؤرخ اللبناني أن قدوم الشوام إلى الإسكندرية يعود إلى موقعها على شاطىء المتوسط، كمحطة أساسية للانتقال البحري بين الساحل السوري – اللبناني وأوروبا، فكثير من المهاجرين كانوا يرغبون في السفر الى أوروبا أو أميركا، وعندما وصلوا إلى الإسكندرية فضَّلوا البقاء فيها، وشاهِده في ذلك هجرة الدكتور يعقوب صرّوف والدكتور فارس نمر، التي لم تكن مقررة إلى مصر، فانتهت في الإسكندرية، ثم انتقلا منها إلى القاهرة لإنشاء مجلة "المقتطف" ثم "المقطم"[3]، أما فرح فأصدر مجلة "الجامعة" (العثمانية) عام 1899 من مدينة الإسكندرية.
مشروع فرح أنطون
إذا شئنا مقاربة مشروع فرح أنطون من خلال الأعداد الأولى لمجلته "الجامعة"، التي أرادها بدايةً "مجلة سياسية أدبية علمية تهذيبية"، ثم لاحقاً حين صدرت من الولايات المتحدة في العام 1906 أضاف إلى تعريفها أنها "تنشر للشرق مدنية الغرب، وللغرب مدنية الشرق"[4]، فأول ما يصادفنا هو فكرة "الإصلاح"، وبشكل أدق "الإصلاح الحقيقي"، وسبيله إلى ذلك التربية والتعليم، حيث يريد أن يقتفي خطى الفيلسوف الفرنسي جول سيمون (1814 - 1896)، الذي قدّر أن وظيفة المدرسة لا تقتصر على تعليم العلوم فحسب، بل "بث الفضيلة والإقدام".
وللنساء حظٌّ كبيرٌ من خطاب الترقي هذا عند أنطون، "فإنك حيثما درت وكيفما بحثت، لا تجد سبيلاً الى إصلاح الأمم إصلاحاً حقيقياً إلا بتعليم المرأة وتربية النساء"[5]، وتوقه وقوع إصلاح اجتماعي عام يقضي على الفقر والظلم والجهل، وهذا عنده عمل علمي اجتماعي سياسي.
وقد علّق أنطون الأمل في عملية الإصلاح هذه على "عقلاء الشرقيين في الإسلام والمسيحية وغيرهما"، وما أسماه "النبت الجديد في الشرق"، واعتبر أنه لا يُبنى إلا بهم، وأساس هذا البناء "احترام حرية الفكر والنشر احتراماً مطلقاً، لتنجلي الحقائق والمبادىء شيئاً فشيئاً"[6].
السوريون واللبنانيون أو الشوام بشكل عام عرفوا كيف يختارون موقعهم الطليعي في حركة مجتمع مصري ينمو بسرعة ويتبدل باستمرار على طريق العصرنة، فجمعوا ثروات هائلة، وكانت لهم منزلة مميزة في هذا المجتمع العربي.
يرمي هذا النص إلى رصد رأي الباحثين المختلفين في توجهاتهم الفكروية في مشروع فرح أنطون، ووجوه ريادته، ومآل أفكاره النهضوية التنويرية التي حملتها النخب العربية الحداثية وما زالت تناضل تحت رايتها.
سبق الريّادة
أفرد الكاتب المصري عباس محمود العقاد (1889 - 1964)، فصلاً خاصاً للكلام عن فرح أنطون، وذلك في مناسبة مرور سنوات عدة على غيابه، أو كما يقول، على "احتجاب ذلك الطيف الذي كان كثيراً ما يُرى في هذه العاصمة غادياً أو رائحاً في خطوة وئيدة وعزلة بعيدة، كأنما يسري من حيث لا يعلم الناس إلى حيث لا يعلمون، ذاهب الطرف أنّى سار كالعابر من عالم لا يذكره إلى عالم لا يرجوه، غير مشغول بأمر الطريق، على وجهه سماحة تظللها سحابة من أسف شجيٍّ ولوعةٍ مخامرة، وفي عينيه حيرة قرت من فرط القلق فعادت في رأي العين طمأنينة راضية، وعلى شفتيه صمت مصرٌّ كظيم، يصف لك من صاحبه هاتفاً دعا ثم ألحف داعياً منادياً حتى مل وفتر، فلم يستمع إليه مصيخ ولم يجب إلى صوته صدى، فأطبق شفتيه إطباقة من لا ينوي افتراراً، ولا يهم بصيحة ولو علقت النار بردائه"[7].
ويروي الأديب المصري أنه تعرف إلى أنطون في مكتب جريدة "الأهالي"، وحادثه عن النهضة السياسية، وأقرّ له بالريادة في هذا الشأن، وأن فضل عمله سيعرف في المستقبل، فأجابه أنطون: "إنه يا أخي تيار جارف، فماذا يحفل المستقبل بالحاضر، وماذا يبالي السائر المغذ بمن كان قبله في مفترق الطرق؟"، وبدا للعقاد أن أنطون "يئس من الحياة، وأنه جرب كل سهامه حتى ساء ظنه بالسهام والهدف. على أنه كان إلى يوم وفاته ممسكاً بالقوس، لا يحول بصره عن الهدف الذي خدعه، وذلك ديدن غالب في النفوس الراجية، وهو كهامة الأمل تتردد حتى تفيض روحه"[8].
حاول العقاد ربط طروحات أنطون بالنشأة المكانية، أي في صفة كونه سورياً، وهو يقصد حملته الشديدة على رجال الدين وشغفه بالأعمال التي تناصبهم العداء، ودليله في ذلك إكثاره من الكتابة عن تولستوي، وتلخيصه كتاب أرنست رينان "في تاريخ المسيح" المثير للجدل في الغرب قبل الشرق.
ولا يرى كاتب "العبقريات" ذلك غريباً في بلاد الشرق، ولا سيّما مع غبن العظماء فيه، إذ إن الواجب الملقى على عاتقهم ثقيل، "وسفرهم على قرب الأمد سفر طويل"[9]. ويُقِر العقاد بأنه قرأ القليل من أعمال أنطون، ويرى في كتاباته نطقاً بحياة كاتبها، فهي "خير دليل على اتجاه تيار الفكر في أيامه، وخاصة في نشأته الأولى؛ أي في عهد الصبا المتفتح للدنيا، المقبل على كل جديد، الذي قل أن يوصد بابه في وجه طارق من طوارق الأفكار الجميلة، أو يضن بموضع في نفسه على ضيوف الأحلام اللاعبة والخواطر الوسيمة"[10].
وحاول العقاد ربط طروحات أنطون بالنشأة المكانية، أي في صفة كونه سورياً، وهو يقصد حملته الشديدة على رجال الدين وشغفه بالأعمال التي تناصبهم العداء، ودليله في ذلك إكثاره من الكتابة عن تولستوي، وتلخيصه لكتاب أرنست رينان "في تاريخ المسيح"، المثير للجدل في الغرب قبل الشرق، وانصرافه إلى المقارنة بين "الدين والعلم والمال"، كما دعوته للفصل بين الدين والدولة، ونقده للجمع بين السلطتين الدينية والزمانية، وهو ما رآه العقاد سبباً في "فشله وكساد مجلته الجامعة"[11].
ويعتبر العقاد نقد السلطة الدينية خاصيّة "من خواص النشأة السورية"، وحاول أن يفسر ذلك بأن رجال الدين في سوريا "ربما كانوا أقوى الطوائف الدينية في العالم، وأوسع رعاة الكنائس إشرافاً على حياة أتباعهم، فقد جمعوا بين الزعامة في الدين والزعامة في السياسة والزعامة في العلم"[12]، فللقساوسة سطوة كبيرة يعارضها "فريق الشبان المتعطشين إلى المعرفة الحرة، التواقين إلى الآراء المتجددة من أصحاب النفوس الأبية والعقول الطليقة والأخلاق المعتقة من أسر التقاليد والعادات، وغير عجيب أن يجعلوا تحديها والإغراء بها هجيراهم وشغلهم الشاغل في كل ما يدرسون ويكتبون"[13].
يصف سلامة موسى عمل أرنست رينان عن المسيح بأنه "جوهرة من جواهر الأدب الفرنسي، بل الأدب العالمي. ومع أنه جرد شخصيته من الغيبيات، فإنه أبرز ميزاته الأخلاقية ودعوته الإنسانية، بحيث إن القارئ للكتاب، سواء أكان تقليدياً أم عصرياً ينتهي، بالحب والاحترام، إذ يجد في المسيح جمالًا وفتنة، كما يجد في دعوته تحدياً لكل رجل في شرفه وأسلوب حياته. من هنا، يعد إرنست رينان من دعاة البشرية".
ويرى العقاد أن فرح أنطون تَرَسَّم طريق القائلين بالعودة إلى الطبيعة، وألفى عندهم ما يوافق نظرته، فقرأ وترجم لهم، مثل جان جاك روسو (1712- 1778) وبرناردين (1737- 1814)، ولكنه في ظن العقاد لم يثبت على ذلك طويلاً بعد أن تعرّف الى فريدريش نيتشه (1844- 1900)، وتشارلز داروين (1809- 1882).
ويعترف له بملكة كتابة الرواية، مستنداً إلى روايته "أورشليم الجديدة"، غير أنه في المسرح "بدأ بداءة حسنة، ولكنه لم يحقق بغيته، ولم يصنع شيئاً يليق به أو يضاف إلى محاسنه"[14]، ويجد له عذراً في ذلك، كونه اضطر إليه لأسباب مادية بحتة.
ناقل الآداب الأوروبية
تطرق المفكر المصري سلامة موسى (1887 - 1958) إلى الحديث عن فرح أنطون في معرض كلامه عن أرنست رينان (1823 - 1892)، فمن طريق الأول ذو الثقافة الفرنسية، تعرّف إلى كتاب فرنسيين بعثوا في نفسه "استطلاعاً للثقافة الأوروبية"، وغرسوا "في ذهنه شكاً في العقائد والعادات الشرقية، ووصلوه بالآداب البشرية". وهو يدين لأنطون أنه وجهه إلى "أوروبا الجديدة، أوروبا البشرية، أوروبا التي كانت تسترشد بفولتير وروسو ورينان"[15].
ومن خلال روسو، الذي قدمه له أنطون أعجب بدعوة الطبيعة، وإذ تعرّف أيضاً إلى رينان، صاحب الأثر الكبير فيه، من خلال قلم أنطون السيّال. وينسب المشاكل التي صادفت ابن سوريا البار إلى مناقشته للإمام محمد عبده، وبسبب ترجمته "في تلخيص غير مُخل" كتاب رينان "حياة المسيح"، ما جعله يرحل إلى أميركا، ومن ثم يعود إلى مصر وينغمس في الثورة الوطنية[16].
شدَّد الأديب اللبناني مارون عبود على "شرقية" فرح أنطون، معتبراً أن ما خطّه قلمه "يتفق وروحه، ولم يكتب كلمة تخالف عقيدته وروحه الحية ظاهرة في "جامعته"، فكأنها كتاب خاص لا مجلة جامعة".
ويصف موسى عمل رينان عن المسيح بأنه "جوهرة من جواهر الأدب الفرنسي، بل الأدب العالمي. ومع أنه جرد شخصيته من الغيبيات، فإنه أبرز ميزاته الأخلاقية ودعوته الإنسانية، بحيث إن القارئ للكتاب سواء أكان تقليدياً أم عصرياً ينتهي بالحب والاحترام؛ إذ يجد في المسيح جمالًا وفتنة، كما يجد في دعوته تحدياً لكل رجل في شرفه وأسلوب حياته. ومن هنا يعد إرنست رينان من دعاة البشرية"[17]. وجُهد أنطون في تعريب الأدب الأجنبي كان عظيماً، وقد حاول نقل الضياء إلى الشرق "لكن الظلام الذي كان يكتنفه، كان أشد مما يحسب".
وقد عبرت الأديبة والكاتبة مي زيادة (1886 - 1941) عن تأثرها بمعاناة فرح، بقولها: "أثرٌ عميق كئيب كان ينطق من صوته ونظره وسكونه، حتّى ومن ابتسامه، حتّى ومن تحمّسه – وهو اقتناعه الصميم بأنّه لن يَتدوْزَن ومُحيطه، وأنّ مُحيطه لن يَتدَوْزن وإيّاه"[18].
الشرقي الثوري والمفكر العقلاني
شدَّد الأديب اللبناني مارون عبود (1886 - 1962) على "شرقية" فرح أنطون، الذي أطلق على مجلته اسم "الجامعة"، وكانت عثمانية في عامها الأول، تدعو الشرق للإلتفاف حول عرش الأستانة. وكان ابن طرابلس يحب عقائد الغرب الاجتماعية، وقد أذاع مبادىء الفيلسوف الفرنسي جول سيمون، ورأى معه أن تربية المرأة والنشء تمنع عنهما كل فساد، فانصرف إلى بحث التربية، كما يقول عبود، بالإضافة إلى كونه أديباً اجتماعياً، لا بل رسول الديمقراطية في الشرق العربي، وهو إلى ذلك "كاتب ثوري وعملي بروح رومانتيكية، فالتربية والمدرسة حديثه الدائم منذ مولد "الجامعة" حتى موتها"[19].
ويعتبر عبود أن ما خطّه قلم أنطون "يتفق وروحه، ولم يكتب كلمة تخالف عقيدته، وروحه الحية ظاهرة في "جامعته"، فكأنها كتاب خاص لا مجلة جامعة"[20].
أما الدكتور هشام شرابي فقد درس بثاقب نظر أبرز أفكار النهضويين العرب وسيّاقات أدوارهم واتجاهاتهم (محافظون ومصلحون ومجددون)، ونهجهم ووسائل عملهم (صحف، مجلات، أحزاب...ألخ)، وتوقف عند دور المثقفين المسيحيين، وذلك لاختلاف نظرتهم "اختلافاً حاداً عن نظرة معاصريهم من المسلمين الراسخين عميقاً في بيئتهم الإسلامية"، وقد امتلكوا صفات مثل الاتجاه القوي نحو العقلانية، فيها "بذور التمرد على كل أشكال الفكر المطلق والغيبي"[21]، كما تبني "التوجه العلماني"[22].
وما قيل آنفاً يشرح لنا المناخ الفكري العام الذي اشتغل فيه أنطون، فيشير شرابي إلى إسهامه في نقل أفكار أرنست رينان، صاحب المكانة البارزة في الفكر الفرنسي، والذي طرح أفكاراً مختلفة عن الإسلام والمسيحية، وإذا كانت مجلة "المقتطف" ليعقوب صروف (1852 - 1927) قد قدمت أحدث النظريات العلمية، فإن فرح من خلال "الجامعة" كان "أول من قدم كتاباً أوروبيين لم يُعرفوا من قبل، مثل ماركس وتولستوي، كما كان أول من ترجم نيتشه". وتأثيره واضح في جيله، ويمكن رصد ذلك في تأثيره في سلامة موسى "الذي أصبح من بعد مفكراً مسيحياً رائداً في مصر"[23].
ويذكر شرابي مدى تأثير منشورات كُتاب النهضة، ومنها "الجامعة" و"دائرة المعارف" (كانت بمثابة قاموس عام لكل فن ومطلب)، التي وضعها المعلم بطرس البستاني (1819- 1883) في جيل مسيحي كامل، لم يبتعد من الطريقة التقليدية والضيّقة فحسب، بل شهد هذا الجيل "النفاذ إلى طريقة جديدة في التفكير والتقييم".
ومع نهاية القرن التاسع عشر، بدا فرح أنطون وشبلي الشميل (1850- 1917)، كممثليّن للطريقة الجديدة في الفكر، وقد لخص أنطون الأسلوب الجديد بعبارات الفيلسوف الإنكليزي فرانسيس بيكون (1561- 1626) التقليدية: يعتمد البرهان العقلاني على "الاختبار، المراقبة، الإثبات"، ويقول صاحب "المجتمع الأبوي" إنَّ أنطون، من دون جزم، قد يكون "أول كاتب مسيحي يدعو علناً إلى تفسير عقلاني (أي علمي) للقرآن"[24]، وبكلمات أنطون "إنَّ هذه السور القرآنية التي تبدو مخالفة للإثبات والمنطق يجب أن تؤول"[25].
ويرى شرابي أنَّ لنشر أخبار العلم في صحف النهضة، ومنها "الجامعة"، غاية معلنة هي "التوفيق بين الإيمان والعلم"، ما مهد الطريق "لمزيد من التعبيرات الصريحة عن صيّغ مادية وطبيعية"، وبالتالي، سعى أنطون لجعل النظرة الطبيعية مقبولة لدى المسلمين، لذا، كان اللجوء إلى ابن رشد (1126 - 1198) وفلسفته "ليحصل على المفردات الكافية، وليوجد إطاراً عقلانياً مألوفاً للفكر الإسلامي"[26]، ويقينه هو أن الحقيقة العلمية هي أساس الحقيقة الدينية، وما فلسفة ابن رشد إلا "مذهب مادي قاعدته العلم"[27].
مع نهاية القرن التاسع عشر، بدا فرح أنطون وشبلي الشميل ممثلين للطريقة الجديدة في الفكر. ويقول هشام شرابي إنَّ أنطون، من دون جزم، قد يكون "أول كاتب مسيحي يدعو علناً إلى تفسير عقلاني (أي علمي) للقرآن".
على هذا النحو، تبدو غاية أنطون، كما صروف والشميل، إشاعة الفكر التنويري و"نقل انتباه الإنسان بعيداً عن الدين والماورائيات، وتركيزه في قضايا العالم الحقيقي"[28].
وتقتضي المعرفة العلمية العمل بحسب قوانين جديدة هي "النواميس الطبيعية التي تحكم الكائنات كلها من جماد وحيوان ونبات"، أي وجود قوانين يمكن العمل بحسبها موضوعياً وعقلانياً، ما عنى استبدال العامل الديني بالعامل البشري، من دون أن يتم القضاء على المطلق الديني لمصلحة مطلق علماني، وإنما تحولت علاقة الإنسان بالمطلق.
حاول أنطون أن يعبر عن ذهنية نخبوية جديدة [29]، وكان يرى أن النظرة المادية آخذة في الاتساع والانتشار، وباتت في حالة "تتقوّض فيها المبادىء القديمة، وتقتلع فيها القوانين، ويتحطم الدين والأخلاق"[30].
ورغم تفاؤله، فإنه ينهي كتابه حول فلسفة ابن رشد (1903)، على النحو التالي: "ولكن، فلنبحث الآن، بعد مرور القرون الطوال وانتصار العلم والفلسفة في هذا العصر، هل قام العلم بكل الوظيفة التي انتدبه العقل البشري لها؟ هل قدر إلى اليوم على استئصال كل الشقاء والرذيلة من الأرض، وإصلاح شأن البشر فيها إصلاحاً تاماً؟ هل استطاع إرواء ظمأ الإنسان إلى ما وراء هذه الطبيعة التي هي عظيمة، ولكنها واأسفاه مادية جامدة؟ وبعبارة واحدة نقول: هل حلّ العلم محل الدين حلولاً نهائياً بعد تلك الحرب العقلية الكبرى التي دارت رحاها في أوروبا بين أمم مختلفة وفلسفات مختلفة؟ كلا، لم يصنع العلم ذلك صنعاً تاماً بعد وإن كان قد صنع شيئاً كثيراً منه. ولسنا نعلم السبب الحقيقي في هذا العجز. هل هو ضعف العلم نفسه عن إرضاء الإنسانية وتسكين ثائرها، أم هو ضعف الإنسانية نفسها عن احتمال قوة العلم الهائلة"[31].
الثوري الرومانسي
تابع المفكر المصري رفعت محمد السعيد (1932- 2017)، إسهام فرح أنطون في نشر الفكر الاشتراكي في مصر والدفاع عنه، كما إيمانه بالشعب والديمقراطية، إذ "توهج كالشهاب" في خضم المعركة الوطنية المصرية ضد الاحتلال البريطاني، فشارك "الحزب الوطني" ومن ثم "حزب الوفد" في معركتهما، ودافع عن الشعب وحريته واستقلاله، ونافح عن الاشتراكية كطريق لتحقيق الاستقلال الوطني [32].
وأنطون مهّد لذلك بتعريف الجمهور المصري بعدد من الفلسفات، فكان أول من عرّف العرب على فلسفة نيتشه وفلسفة كارل ماركس (1818- 1883)، وهذا لم يمنع السعيد من رؤية أنطون متمزقاً بين فلسفات عدة، رغم أنه رآه "ظاهرة فكرية فذة تفجرت سريعاً وخبت سريعاً"[33].
ومن سيرة فرح أنطون، يتوقف عند فترة وجوده في أميركا، وتبنيه فكرة عمل المغتربين السوريين واللبنانيين بالزراعة، وحثهم على ذلك، حتى أنه استكتبهم عرائض تطالب الحكومة الأميركية بمنحهم الأرض بشروط سهلة، ولهذا الغرض جاب مناطق أميركية عدة، يدعو المغتربين إلى احتراف الزراعة [34].
ويركز السعيد على المقالة - الخطبة الشهيرة لأنطون، المعنّونة "في ظل شلالات نياغرا"[35]، لأن فيها تنديداً بالرأسمالية، بالوحوش الجديدة، فهو لم ينبهر بأميركا مع كل تقدمها المادي والتقني [36].
يهتم السعيد أكثر بموقف فرح من مسألتيّ الدين والتطور الاجتماعي، مع إدراكه التام للصراع القائم عنده بين الصحافي والمفكر، "فقد كان الصحافي يسابق المفكر ويصارعه"[37].
يشير السعيد إلى تأثر فرح بأفكار المفكر الفرنسي أرنست رينان في المسألة الدينية، فأخذ عنه دعوته إلى العقل، وتساهله مع الأفكار، ما يجعل صعباً "تتبع آرائه ونهجه الفكري"[38]، وهو نفس ما قاله أحد الباحثين في تقديمه لمختارات فرح أنطون، حيث قال إن الأخير كان مضطرباً في آرائه، "فلم يقم له مذهب شخصي ولا نظام فلسفي مترابط"[39].
لقد جهد الباحث المصري في فهم الأسباب التي دفعت أنطون إلى الهجوم الحاد على رجال الدين، فإلى سطوة رجال الدين في سوريا، كان هناك سطوة السلطة العثمانية، "التي حاولت أن تستر كل ما ارتكبته من إرهاب وجرائم بغلالة من الدعاوى الدينية"[40].
ورغم الموقف المتمرد على رجال الدين، إلا أن أنطون كان يرى حاجة المسيحية إلى مدد جديد، فكان يدعو الأمم إلى القول: "المجد لله في الأعالي، لأن الله خالقنا عظيم". ووفاقاً لكاتب التمهيد للمختارات فإن أنطون "لم يكن معطلاً للدين في حقيقته الإلهية، ولا واقعاً في الجحود المطلق، ويؤثر الاشتراكية الإنجيلية على الاشتراكية المادية"[41].
ودعا فرح أنطون إلى تسامح ديني، مستشهداً بأبيات الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي (1165- 1240):
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة
فمرعى لغزلان، ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طـائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
وقد علق أنطون على البيت الأخير بقوله: "الدين يعني الدين المطلق، وهو ما يسميه فلاسفة أوروبا الديانة الطبيعية"[42].
ويستخلص من كتابات الشاعر عمر الخيام (1048- 1131) ما مفاده أن هياكل الأصنام والكعبة ليست إلا أماكن للعبادة، وما أصوات الأجراس إلا تسبيح بحمد القادر على كل شيء، وكذلك محراب الجامع والكنيسة والهيكل والصليب كلها ليست في الحقيقة إلا أشكال مختلفة لحمد الله وعبادته[43].
ويتبع أبو العلاء المعري، رهين المحبسيّن، (973- 1057)، في جرأته فيقدمه إلى قرائه، وهنا تبرز معركته في فصل الدين عن الدولة، "فصله عن السياسة وفصله عن التعليم، ذلك أن الدين علاقة خصوصية بين المخلوق والخالق، فالمسيحي حر في أن يعبد الله كما يشاء، وليس من حق الدولة أن تتداخل في شيء من ذلك، ولكن اتخاذ الأمور الدينية سبيلاً الى الأمور السياسية في الدولة، أمر يوجب على الدولة المداخلة، ولكي تمكنها هذه المداخلة يحب عليها الاهتمام بإقامة العدل على السواء بين الجميع، ومعاملتهم سراً وجهراً معاملة الأخوة الحقيقيين. فبهذه الطريقة ينفصل المسيحيين شيئاً فشيئاً عن الأحزاب الدينية السياسية الخديمة، فيكونون أعواناً لنا، وبذلك تسقط عنهم وعنا السلطات الدينية"[44].
وفي سعيه بحثاً عن مفهوم جديد للدين، تعرّف أنطون إلى فلسفة ابن رشد، فقدم آراؤه للقراء، ساعياً لطلب الحقيقة فحسب، وعنده "إن الحقيقة بنت البحث، ولذلك عزمنا على البحث عنها حيث يمكن وجودها"[45].
وتناول المسألة الاجتماعية في روايته "الدين والعلم والمال: المدن الثلاث" (1903)، متبنياً النظرية الاشتراكية. ويعلق الكاتب المصري على موقف أنطون، حيث أن الرجل "يريد دولة اشتراكية ويرفض الرأسمالية ودولتها، وهو يعرف كيف يصّوغ النظرية الماركسية (...)، تقيّده ظروف مصر الاجتماعية ويقيّده أيضاً الضعف البادي على طبقتها العاملة، وعلى قدراتها وإمكاناتها في ذلك الحين"[46]. ولهذا كانت خاتمة الرواية بصواعق وزلازل وحرائق وسيول وأمطار قد أصابت المدن الثلاث.
من رواد القومية العربية
ذهب الباحثان العراقيان، مكي المؤمن وعلي منهل، إلى عدِّ فرح أنطون مع أقرانٍ آخرين له (عزيز المصري، نجيب عازوري، شبلي الشميل)، رائداً في حركة القومية العربية الحديثة، كما إلى اعتباره من طلائع المفكرين الاشتراكيين في الوطن العربي [47]، بالإضافة إلى كونه من المفكرين القلائل الذين دعوا العرب لاعتماد العلم والفلسفة لنهضتهم الحديثة، ودعا إلى التسامح الديني واحترام حقوق الإنسان [48].
وكان وعيه الاجتماعي، بحسب الباحثان، قائماً على العلمانية والنظرة العقلية في تحليل أمراض المجتمع، ووصف حاجاته ضمن إطار اشتراكي. وقد ربطا بين أفكار أنطون والتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تعتمل داخل المجتمع المصري، أي نمو العلاقات الرأسمالية، فكان أحد المعبرين القلائل عن الجديد [49]. وهو في تأثره بالأفكار الفرنسية وترجمتها إلى اللغة العربية وجعلها موضع نقاش وتدبر، إذ أكد مقتفياً أثر روسو، على "الحق الطبيعي" و"حقوق الإنسان"، وتبنى فلسفة وأفكار بيكون فهو من أشاع روح الحرية في العقل والعمل، وهو من "حرر عقول العلماء والفلاسفة من قيود الماضي، وأعد للعلم ميداناً فسيحاً قرن فيه العلم بالعمل، فنشأت عنه الاكتشافات والاختراعات التي عرفت في عالم العلم والصناعة والزراعة"[50].
ويشير الباحثان إلى تبنّي أنطون كل المذاهب الفلسفية التي كان يترجمها أو يقرأ عنها، من دون أن ينكر منها شيئاً ولا يُقر بها على نحو صريح، فكان "يلقي أفكاره في مجلة "الجامعة" وفي رواياته، ويؤيدها بالحجج والبراهين، ثم ينتقل إلى فلسفة أخرى وبراهين وأدلة أخرى"[51].
صاغ أنطون في كتاب فلسفة ابن رشد أفكاره حول المسألة الدينية، وفي إهداء عمله إلى "النبت الجديد في الشرق"، أبدى ثقة في أنهم "سيطالعونه بهدوء وإمعان من دون أن يتركوا سلطة على نفوسهم"، وقال "لا نعلم كيف يستقبل أبناء العصر هذا الكتاب في هذا الزمان. لكنا نعلم أن النبت الجديد في الشرق صار كثيراً. ونريد بالنبت الجديد أولئك العقلاء في كل ملة ودين في الشرق، الذين عرفوا مضار مزج الدنيا بالدين في عصر كهذا العصر، فصاروا يطلبون وضع أديانهم جانباً في مكان مقدّس محترم، ليتمكنوا من الاتحاد اتحاداً حقيقياً ومجاراة تيار التمدن الأوروبي الجديد لمزاحمة أهله، وإلا جرفهم وجعلهم مسخرين لغيرهم"[52]. ورأى أن دعوة التساهل الحقيقي وتحققها تكون في "الفصل بين السلطتين المدنية والدينية"[53].
تأبين فرح أنطون
في العام 1922 توقف قلب فرح أنطون عن الخفقان عن عمر 48 سنة، وارتاح قلمه على طاولة العمل، وسجي جثمانه الشاب، والتف حوله نفر من أهل العلم والأدب المصريين وأبناء الجالية السورية. وترأس الحفل، ابن بلده، خصم الأمس، الشيخ محمد رشيد رضا (1865 - 1935).
وقد ألقى الأرشمنديت إيصائيا عبود كلمةً بالنيابة عن دير مار جرجس الحصن، جاء فيها:
"إيه إيه يا فرح، أنت ما مت، أنت مشيت إلى الخلود على ضوء براعتك. كفروا... ما دعوك رسولاً، وجهاد الرسولية يعبق به شق قلمك. إن لفي كتبك وبين تضاعيف شعورك تلمع أمضى السيوف نضالاً وانتصاراً ودفاعاً. كم سكبت من روحك! من ضوء عينيك! من دم فؤادك! إنك لمن على درجات التضحية حملت كلمة البشارة إلى بني جلدتك. بيمينك حبكت أكليلك الخالد. بريشتك الساحرة طرزت ثياب العرس، فادخل إلى فرح ربك"[54].
في حين اعتبر الأديب والكاتب المصري محمد لطفي جمعة (1886- 1953) أن مقالات أنطون "كانت جديرة بأن تكتب بماء الذهب"، ورثاه قائلاً: "... وفي كل جريدة من تلك الجرائد، كنت تدافع عن الحق، وعن الوطن، أي عن مصر التي عددتها لنفسك ولأهلك وطناً ثانياً. ولم يتحول مذهبك يوماً، ولم يتغير رأيك ساعة. كنت تكتب باعتقاد وإخلاص، وتنصر الحق أنّى كان، فانتصرت لنا، ولمبادئنا الوطنية في أحرج مواقفنا، وانتصرت للعمال في إضرابهم، وانتصرت للشعب على السلطة وللحق على القوة، وللمحكومين على الحاكم المستبد. في الوقت الذي كان فيه كثير من النزلاء الشرقيين يستبيحون كل منكر ضد مصر والمصريين، كنت أنت ونفراً قليلاً من الرجال المباركين تعرفون لمصر جميلها وتأخذون بيدها في شدتها، وهذا جميل نذكره لك ولا ننساه"[55].
وأضاف: "(...) وعندما ذهب الآخرون يلعبون بذهب المعز، كنت أنت أيها الغريب لا ترهب سيفه، فما أعظم هذا الفضل لك علينا! ها نحن فئة قليلة من الأهل والأقارب والأحباب حول قبرك، لأنك لم تكن من هؤلاء الذين تتحرك في ركاب نعشهم المركبات الضخمة، ويسير في جنازتهم ذوو النفاق والخديعة"[56] .
أما الأديب والشاعر المصري مصطفى صادق الرافعي (1880 - 1937) فألقى قصيدة جاء فيها:
على "فرح" فليحزن الشرق حزنه
فما هو فرد إنما هو جيل
لقد كان طوداً للحقيقة راسخاً
تميل رواسيها وليس يميل
إذا ما انبرى للحق واشتجرت له
هنالك أقلام عليه تصول
يخط بمطرور الشباة سطوره
ففي كل سطر رنة وصليل
وفي كل صفح جيش علم مظفر
جناحاه فيه حجة ودليل
فتى كان صدقاً في فم الدهر بيننا
وجل البرايا كذبة وفضول
فتى كان لا يرضى الحياة حقيرة
فعاش ليفنى والجليل جليل
فتى كان باباً واحداً لا كغيره
بناحيتيه مخرج ودخول
فتى كان أندى من نسيم بلاده
بفجر الروابي والنسيم بليل
فيا لسيفي كم يقتل العقل نابغاً
وكم عاش بالجهل الهني جهول
ليالي النسيم المقمرات قصيرة
وليل الشتاء المقشعر طويل[57].
ما زال الصراع مستمراً
ولا بأس من عرض رأي الباحث اللبناني إبراهيم العريس في مشروع فرح أنطون، فهو يراه "انتقائياً في نزعته الفكرية، لو نظرنا إليه انطلاقاً من منظور علمي - فكري صارم، ولكن لو نظرنا إليه بمقاييس زمنه، لأدركنا أنه كان يعبر عن القلق الفكري العربي الذي كان يسود يوم بدا واضحاً أن تبدلات العالم السياسية والفكرية تحتم على الفكر العربي أن يعثر على طرقه المستقلة، بعد أن كان قد عاش طويلاً في كنف الدولة العثمانية"[58].
ونتساءل مع د. طيب تيزيني (1935- 2019) عن راهنية أفكار فرح أنطون، ويجيب الفيلسوف السوري الراحل إن الأفكار التي طرحها ولا سيّما في أثناء عرضه لفلسفة ابن رشد، وما تبع ذلك من مناظرة مع الشيخ الإصلاحي، مفتي الديار المصرية آنذاك، محمد عبده (1849- 1905) [59]، ما زالت في دلالالتها الكبرى "محوراً رئيساً من محاور الصراع العربي التقدمي"[60].
ويردد معه ما قاله في مفتتح روايته" العلم والدين والمال"، منبهاً: "فليحذر العالم من يوم يصير فيه الضعفاء أقوياء والأقوياء ضغفاء"[61].
المصادر والمراجع
[1] د. مسعود ضاهر، هجرة الشوام، الهجرة اللبنانية الى مصر (القاهرة، طبعة دار الشروق، 2008)، ص 13.
[2] المصدر نفسه، ص 16.
[3] لمصدر نفسه، ص 156.
[4] مجلة الجامعة العثمانية، السنة الخامسة، الجزء السادس، نيوورك، 1906.
[5] مجلة الجامعة، الأسكندرية، السنة الأولى، الجزء الأول، 15 مارس/ اذار، العام 1899.
[6] فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، تقديم د. طيب تيزيني، في إطار سلسلة نصوص الفكر العربي الحديث (بيروت، دار الفارابي، 1988)، ص 42.
[7] عباس محمد العقاد، مطالعات في الكتب والحياة، (القاهرة، مؤسسة هنداوي للعلم والثقافة، طبعة 2014 ). ص 67. وقد نشرت الطبعة الأولى في العام 1924. والنص نفسه منشور في كتاب العقاد، رجال عرفتهم، وأنا اطلعت على نسخة مؤسسة هنداوي ، المطبوعة عام 2013. ص 143.
[8] المصدر نفسه، ص 68.
[9] المصدر نفسه، ص 68.
[10] المصدر نفسه، ص 68.
[11] المصدر نفسه، ص 69.
[12] المصدر نفسه ص 69.
[13] المصدر نفسه، ص 69.
[14] المصدر نفسه، ص 71.
[15] سلامة موسى، هؤلاء علموني (القاهرة، طبعة مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2012)، ص 72. وقد نشر الكتاب أول مرة في العام..1953.
المصدر السابق نفسه، ص 73.[16]
[17] المصدر نفسه، ص 75.
نقلا عن كرم الحلو، "فرح أنطون رائد الصحافة الملتزمة"، منشور عند مؤسسة الفكر العربي، 2019. "[18]
[19] مارون عبود، جدد وقدماء، دراسات ونقد ومناقشات ( القاهرة، نشرة مؤسسة هنداوي، 2021)، وقد نشر الكتاب أول مرة في لبنان العام 1954. ص 24.
[20] المصدر نفسه، ص 25.
[21] د. هشام شرابي، المثقفون العرب والغرب، عصر النهضة (1875 – 1914)، (بيروت، دار النهار للنشر، الطبعة الأولى 1971، الطبعة الرابعة، 1991)، ص 29.
[22] المصدر نفسه، ص 30.
[23] المصدر نفسه، ص 80.
[24] المصدر نفسه، ص 80.
[25] فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، نقلاً عن شرابي، مصدر مذكور، ص 80.
[26] المصدر نفسه، ص 82.
[27] المصدر نفسه، ص 83.
[28] المصدر نفسه، ص 83.
[29] المصدر نفسه، ص 84.
[30] المصدر نفسه، ص 86.
[31] فرح أنطون، فلسفة ابن رشد (القاهرة، طبعة مؤسسة هنداوي، للثقافة، 2012)، ص 70.
[32] د. رفعت السعيد، ثلاثة لبنانيين في القاهرة (شبلي الشميل، فرح أنطون، رفيق جبور)، (بيروت، دار الطليعة، ط 1، 1973)، ص 8. وعنوان الفصل الخاص بأنطون هو "أسطورة الثورية الرومانسية من طرابلس".
[33] المصدر نفسه، ص 77.
[34] المصدر نفسه، ص 80 – 81.
[35] للتفصيل: مجلة الجامعة، السنة السادسة، العدد الثامن ، شهر أيلول من العام 1908. علماً أن أنطون وفي السنة الخامسة، في الجزء الأول الصادر عام 1906 عنون الإفتتاحية "أول تحية لأرض الحرية"ن ومن ثم في السنة السادسة ، الجزء 5، حزيران من العام 1908، كتب "كلام لابن الشرق في الغرب: الآن بدأت أحب أميركا"، وذلك بعد سنتين من مراقبته أحوا أميركا وأحوال شعبها، فكان ميله الى المدنية الأميركية وكتابته عنها في مقالات عدة، وفي ذهنه سؤال كبير مرفوع منذ زمن طويل، وهو :" لماذا يكره بعضهم أميركا وماذا يكرهونه فيها". وتلى مقالة أنطون الآنفة الذكر، مقالة نقولا الحداد، زوج شقيقته روز أنطون، بعنوان " عن مشاعر مؤلمة في نيوورك"، حيث يروي عن مشاهد الفقر والعوز والجوع.
[36] د. رفعت السعيد، ثلاثة لبنانيين في القاهرة ، مصدر مذكور، ص 82.
[37] المصدر نفسه، ص 93.
[38] المصدر نفسه، ص 95.
[39] مناهل الأدب العربي، مختارات من فرح أنطون، رقم 29 (بيروت، دار صادر، 1950)، ص 7.
[40] رفعت السعيد، ثلاثة لبنانيين، مصدر مذكور، ص 98.
[41] مناهل الأدب العربي، مختارات من فرح أنطون، مصدر مذكور، ص 5.
[42] رفعت السعيد، ثلاثة لبنانيين، مصدر مذكور، ص 108.
[43] المصدر نفسه، ص 109.
[44] مذكور في مجلة الجامعة، نقلاً عن السعيد، مصدر مذكور، ص 110.
[45] المصدر نفسه، ص 123.
[46] المصدر نفسه، ص 141.
[47] مكي حبيب المؤمن وعلي عجيل منهل، من طلائع يقظة الأمة العربية (عزيز علي المصري، نجيب عازوري، فرح أنطون، شبلي الشميل)، (بغداد، دار الرشيد للنشر، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، 1981)، سلسلة دراسات. ص 6.
[48] المصدر نفسه، ص 7.
[49] المصدر نفسه، ص 57,
[50] فرح أنطون، فلسفة ابن رشد، طبعة مؤسسة هنداوي، مصدر مذكور، ص 70.
[51] مكي حبيب المؤمن وعلي عجيل منهل، من طلائع يقظة الأمة العربية (عزيز علي المصري، نجيب عازوري، فرح أنطون، شبلي الشميل)، (بغداد، دار الرشيد للنشر، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، 1981)، سلسلة دراسات. ص 61..
[52] فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، تقديم د. طيب تيزيني، في إطار سلسلة نصوص الفكر العربي الحديث (بيروت، دار الفارابي، 1988)، ص 41.
[53] المصدر نفسه، ص 147.
[54] نقلاً عن د. رفعت السعيد، ثلاثة لبنانيين في القاهرة، مصدر مذكور، ص 71 و72. وأنظر أيضاً: ملحق بالسنة الرابعة من مجلة السيدات والرجال (التي كانت تصدرها روز أنطون، شقيقة فرح)، "فرح أنطون حياته وتأبينه ومختاراته". أيلول/ سبتمبر 1923، مطبعة يوسف كوى بمصر.
[55] المصدر السابق نفسه، ص 83. والجديرذكره أن فرح شارك في تحرير صحف الحزب الوطني الذي كان يرأسه محمد فريد، وهي: "البلاغ المصري" و"اللواء" وشارك في تحرير "مصر الفتاة" و"مصر" والوطن"، وصحيفة حزب الوفد "الأهالي" وغيرها.
[56] نقلاً عن، مارون عبود، جدد وقدماء، مصدر مذكور، ص 30.
[57] نقلاً عن د. رفعت السعيد، ثلاثة لبنانيين في القاهرة، مصدر مذكور، ص 72 و73.
[58] ابراهيم العريس ، "إبن رشد وفلسفته لفرح أنطون: فيلسوف قرطبة إماماً للنهضة"، صحيفة الحياة (اللندنية)، 22 حزيران، 2016.
[59] للتوسع، أنظر: المناظرة الدينيّة بين الشيخ محمد عبده وفرح أنطون (بيروت، بيسان للنشر والتوزيع، 2014)، تقديم د. ميشال جحا.
[60] من مقدمة د. تيزيني لكتاب فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، مصدر مذكور، ص 37.
[61] المصدر نفسه، ص 38.
ويمكن الإشارة الى أن أنطون ما زال ملهماً للمفكرين والكتاب. و أجد من المفيد ذكر إن المصري شريف مليكة قد استلهم من فرح أنطون روايته الجديدة "دعوة فرح" (القاهرة، 2022)، وهو يتوجه اليه بالقول:" أنا أشكر عظمتك وأهديك هذه الرواية"، ويوضح أنه كتبها في صورة مذكرات سطَّرها "فرح أنطون" بنفسه ليحكي لأخته "روز" دواخل عقله.