صقلية المسلمة.. أو حكاية صعود العرب وسقوطهم في إيطاليا
يرتبط اسم صقلية اليوم بعصابات المافيا الإيطالية. لكن هل تعلمون أن المسلمين حكموا هذه الجزيرة لأكثر من قرنين؟ كيف؟ تعالوا لنعرف حكايتهم هناك.
ذَكرتُ صِقِلِّيَة والهَـوَىَ...... يُهيَّج لِلنَّفْسِ تَذْكَارَها
فَإِنْ كُنْتُ أُخْرِجْتُ مِن جَنَّةٍ... فَإِنِّي أُحَدِّثُ أَخْبَارَها
الشاعر الصِّقِلِّي ابن حمديس (1055 - 1133 م)
***
عندما يأتي ذكر الوجود الحضاري الإسلامي في أوروبا، فإنّ أوّل ما يتبادر إلى الأذهان هو الأندلس، وقلَّما تُذْكَر صِقِلِّيَة كمنطقةٍ أوروبية عرفت حضوراً إسلامياً دام لأكثر من قرنين من الزمن، فهي لا تزال مرتبطة في مِخيال الكثيرين بتاريخ المافيا فقط.
في هذه الورقة البحثية نُلْقِي الضوء على الوجود العربي- الإسلامي في هذه الجزيرة الأوروبية، من بداياته إلى مآلاته وإنجازاته وصولاً إلى التأثير الحضاري الذي تركه.
***
محاولات ضم صِقِلِّيَة: من الأمويّين إلى العباسيّين
مع بداية تشكُّل الإمبراطورية الإسلامية، وتوسّعها ووراثة أراضي الإمبراطورية البيزنطية، كان من الطبيعي أن تكون جزيرة صِقِلِّيَة ضمن دائرة المناطق المُرشَّحَة للغزو. كانت أولى المحاولات مع الأمويين، التي رافقت بدايات التوجُّه البحري للإمبراطورية الناشئة مع معاوية بن أبي سفيان، في سنتي 652م و667م، لكنَّها باءت بالفشل، وبعد نجاح جيوش العرب المسلمين في غزو شمال أفريقيا، بدأ البيزنطيون في تعزيز دفاعات الولايات البيزنطية القريبة منه، ومن ضمنها صِقِلِّيَة، وذلك خَشْيَةَ تطويق البَرِّ اليوناني في حال سيطرة العرب عليها، كما يقول المؤرخ والمستشرق الإيطالي ميكيلي أماري (1)، وقد اتَّخذها البيزنطيون قاعدةً لشنِّ هجمات على جيوش العرب المسلمين، وملاذاً للاجئين من المناطق المفتوحة من البربر والبيزنطيين، خصوصاً بعد سقوط قرطاج في يد القائد حَسَّان بن النعمان في سنة 694م.
بعد خضوع منطقة شمال أفريقيا ككل (والتي أضحت تُسمَّى بلاد المغرب) لجيوش العرب المسلمين، واندماجها التدريجي في الإمبراطورية الإسلامية ومركزها دمشق، توالت محاولات غزو الجزيرة طيلة العقود الخمسة الأولى من القرن الـ 8م، وبعد نجاح الثورة العباسية في الإطاحة بالأمويين في بداية النصف الثاني من القرن الـ 8م، وانتقال مركز الإمبراطورية الإسلامية إلى بغداد، بقيت الجزيرة في مَأْمَنٍ من حملات الغزو طيلة النصف الثاني من القرن نفسه، ما سمح للبيزنطيين بتحصين صِقِلِّيَة ومعها الجنوب الإيطالي، وتعزيز قوتها البحرية، وتحويلها إلى قاعدةٍ لتهديد طرق التجارة البحرية في المتوسط، بل ومهاجمة سواحل الغرب الإسلامي، خصوصاً في أفريقيا.
وفي بداية القرن الـ9م، تمكَّن إبراهيم بن الأغلب من تأسيس كيانٍ شبه مُسْتَقِل في إفريقية (تونس الحالية)، ورَّثه لأبنائه، يدين بالولاء لمركز الإمبراطورية في بغداد، مع ما يقتضيه ذلك الولاء من التزاماتٍ جبائية، وولاءٍ مذهبي، ودعاءٍ للخليفة...إلخ. كما كان حال الكثير من الدول التي تأسَّست في بلاد المغرب في فترات مختلفة، وقد تشكَّلت في المنطقة في الفترة نفسها تقريباً، كيانات مستقلة عن المركز، كالدولة الرُسْتُمِية الإِبَاضِية في تِيهَرْت في غرب الجزائر الحالية، والإدريسية الزيدية في فاس في المغرب الأقصى، إضافة إلى الكيان الأموي في الأندلس.
لم يُبدِ مؤسس السلالة الأغلبية أيّ ميول لغزو صِقِلِّيَة، أو ردِّ الهجمات البحرية للبيزنطيين، بل حاول تأمين خطوط التجارة البحرية سِلْماً، من خلال اتفاقٍ أبرمه معهم، لكنَّ غرماءه الأمويين في قرطبة والأدارسة في فاس، هاجموا جزيرتي كورسيكا وسردينيا بين سنتي 806م و821م (2).
وفي عهد زيادة الله الأول بن إبراهيم (816-837م)، حفيد مؤسس السلالة الأغلبية، قرَّر المضي في غزو الجزيرة بتعيينه للفقيه القاضي أسد بن الفرات في قيادة الجيش، في استحضارٍ واضح لتقليدٍ ديني عرفه التاريخ الإسلامي، وهو تعيين الحُكَّام لقضاة فقهاء لقيادة الجيش من أجل ورعهم الديني لا لخبرتهم العسكرية (3). ولكن مع ذلك فإنَّ خطة الغزو كانت ناجحةً، وتمكَّن جيش المسلمين المُكَوَّن من العرب والبربر والأندلسيين والفرس، من النزول في الجزيرة سنة 827م، وفي أثناء حصار مدينة سرقوسة Syracuse، الذي امْتَدَّ لسنة، تمكَّن الجوع والوباء من جيش المسلمين، وتُوفِيَ على أثره القائد الفقيه أسد بن الفرات.
ولكنَّ ذلك لم يمنع في النهاية من إخضاع مناطق واسعة من الجزيرة، على مراحل، على يد القائد الذي خلفه، محمد بن أبي الجواري، وفي سنة 832م أضحت مناطق مهمة من جزيرة صِقِلِّيَة جزءاً من الإمبراطورية الإسلامية العباسية، وولايةً من الدولة الأغلبية يُديرها أبو فِهْر محمد بن عبد الله، ابن عم الحاكم الأغلبي زيادة الله بن إبراهيم في القَيْرَوَان.
وبذلك نجح الأغالبة في تحقيق طموح المسلمين في ضمِّ صِقِلِّيَة للإمبراطورية الإسلامية الذي بدأ، قبل أكثر من قرن ونصف القرن من الزمان، ودخلت الجزيرة معه في مسار الأَسْلَمَة.
لكن رغم ارتباطهم بمركز الإمبراطورية فإنَّ قرار غزو صِقِلِّيَة اتخذ في القيروان وليس في بغداد، كما رجَّحت الأكاديمية الفرنسية أنليز ناف، أيّ أنه خضع، في رأيها، للديناميات السياسية التي ميَّزت العلاقة بين بغداد كمركزٍ للإمبراطورية، وبين القَيْرَوَان كواحدةٍ من أبرز عواصم الأطراف التَّابِعَة شبه المُسْتَقِلَّة، والتي تدخل في إطار مبدأ تَعَدُّد المراكز الذي عرفته الإمبراطورية الإسلامية (دار الإسلام) في العصر الوسيط. لقد جاء قرار غزو صِقِلِّيَة، وفق الأكاديمية نفسها، في سياق تعزيز شرعية السلالة الأغلبية الحاكمة، التي واجهتها صعوبات كبيرة، كان من أبرزها معارضة فقهاء المالكية وتمرُّد الجُند (4).
في العقود اللاَّحقة للنزول على أرض الجزيرة، اسْتَمَرَّ الأغالبة في قضم أجزاء أخرى منها من الغرب باتجاه الشرق، إلى أن أسقطوا مدينة سرقوسة في سنة 878م، وقد تراوحت الأوضاع في الجزيرة في تلك العقود من القرن الـ 9م، إلى السنوات الأولى من القرن الـ 10م، بين الهدوء، والحرب مع البيزنطيين أحياناً، والفتن الداخلية بين المسلمين أنفسهم أحياناً أخرى، ولم يكتفِ العرب المسلمون بالسيطرة على الجزيرة، بل جعلوا منها قاعدة لغزو المناطق الجنوبية من شبه الجزيرة الإيطالية.
فقد ساعدهم التحالف مع جمهورية نابولي ضد اللُّومْبَارْدِيِّين في مدينة بينيفينتو Benevento ، على غزو الساحل الأدرياتيكي الإيطالي، فسيطروا مؤقتاً على مدينة برنديزي Brindisi وألحقوا الهزيمة بأسطول البندقية سنة 838م، وهاجموا شبه جزيرة إستريا على البحر الأدرياتيكي سنة 840م، ووصلوا حتى مصب نهر البو Po في شمال إيطاليا القريب من أدريا Adria، واستولوا على مدينة تارانتو Taranto في الجنوب الإيطالي التي مكَّنتهم من شن هجمات دورية على البحر الأدرياتيكي (5).
وظلت شبه الجزيرة الإيطالية ساحة حرب وغزو للعرب حتى وصل الأسطول العربي في سنة 846م إلى مشارف روما عند مصب نهر التيبر Tiber، رغم التحصينات الكبيرة التي أقامها البابا غريغوري الرابع حول أطراف المدينة المقدّسة، فإنَّ العرب المسلمين تمكَّنوا من إلحاق الهزيمة بقواته واستولوا على مدينة تشيفيتافيكبا Civitavecchia (6)، ومدينة نوفا أوستيا Nova Ostia، ورغم ذلك لم يحاولوا الاستيلاء على روما، بل آثروا الاتجاه جنوباً نحو مدينة فوندي Fondi التي استولوا عليها، وحاصروا مدينة قايتا (أو غايطة كما كان يُسمِّيها العرب) Gaeta.
هكذا، لم يكتمل النصف الثاني من القرن الـ 9م حتى كانت غزوات العرب قد طالت مناطق واسعة من شبه الجزيرة الإيطالية، امتدَّت وفقاً للكاتب الفرنسي جول ليوبارد جاي من سيبونتو شرقاً Siponto إلى مصب نهر التيبر على مشارف روما غرباً، أقاموا في بعضها مراكز ثابتة لنشاط القرصنة أو الغزو البحري.
وفي سنة 909م تمكَّنت الثورة الفاطمية، التي انطلقت من مجالات انتشار بطون قبيلة كُتامة البربرية في الجزائر واتخذت من التشيُّع الإسماعيلي أيديولوجية لها، من إسقاط الحكم الأغلبي، وإنهاء الوجود العباسي في بلاد المغرب، ليبدأ عهدٌ جديد في تاريخ الوجود الإسلامي في صِقِلِّيَة التي أضحت ملاذاً لنخبة النظام الأغلبي المنهار.
صِقِلِّيَة جزء من الإمبراطورية الفاطمية الناشئة
أبدى الفاطميون اهتماماً بصِقِلِّيَة منذ مرحلتهم المغربية (909-973م)، لأنَّ مشروعهم الإمبراطوري الذي قام في بلاد المغرب على سيوف الكُتَاميين كان يهدف لتحقيق ما عجزت عنه الحركات الشيعية الإسماعيلية الأخرى في باقي المناطق؛ في البحرين، وبلاد السند، والهند، والعراق، واليمن، وبلاد فارس، ومصر، وهو التوجُّه شرقاً للسيطرة على بغداد ووراثة الإمبراطورية العباسية وحكم العالم الإسلامي، لذا فهموا أنَّ عليهم بناء قوةٍ بحرية قادرةٍ على منافسة الأسطول البيزنطي القوي، تُمكِّنهم من السيطرة على غرب المتوسط والأندلس كمرحلةٍ أولى لغزو المشرق.
ومن هنا جاءت الأهمية الاستراتيجية لصِقِلِّيَة، كبوابة لغرب المتوسط، ضمن هذا المشروع، وإضافة إلى أهميتها الاقتصادية والتجارية، فإنَّ الأئمة الفاطميين أرادوا بإعلان الجهاد البحري في المتوسط والعمل على طرد البيزنطيين من بعض مناطق الجزيرة، تعزيز شرعيتهم السياسية والأيديولوجية في مواجهة خصومهم الكثر (7).
أُعلن عبد الله المهدي الفاطمي خليفة وإماماً (909-934م)، فعيَّن واحداً من رجالاته المخلصين والياً على الجزيرة وهو الحسن بن أحمد بن أبي خنزير، وهو من مدينة ميلة في شرق الجزائر الحالية، حَامِلاً لقب "أمير صِقِلِّيَة وكالابريا ولومبارديا"، وبالدعاء للخليفة الإمام عبد الله المهدي في بالرمو Palermo، أصبحت الجزيرة، رسمياً، جزءاً من الإمبراطورية الفاطمية الناشئة.
وفور تعيينه سنة 911م قاد الوالي الفاطمي الجديد حملةً لغزو حصن فال ديمون Val Demone في المناطق غير الخاضعة للمسلمين في الجزيرة، لكنَّه وجد نفسه في مواجهة ثورةٍ محلية، سرعان ما احتواها عبد الله المهدي بتعيين والٍ جديد، هو علي بن عمر البَلَوِي، الذي ما لبث أن واجه تَمرُّداً جديداً في سنة 913م، قادته "الأرستقراطية العربية" في مدينة بالرمو التي كانت مركزاً لتجمُّع العرب، سرعان ما انضمَّ إليها البربر، الزَنَاتِيِّون على ما يبدو، الذين اتَّخذوا مُبكِّراً من مدينة جرجنت Agrigento مقرّاً لهم، واختاروا واحداً من نخبة البَلاَط الأغلبي الساقط أميراً عليهم، هو أحمد بن قرهب، فرفع رايات السواد العباسية وتلا الخطبة باسم الخليفة العباسي المقتدر الذي أرسل له من بغداد الخِلْعَة (8) واعترف به أميراً على صِقِلِّيَة، وشجَّع معارضي الفاطميين في بلاد المغرب للهجرة إلى الجزيرة.
واستغل المتمردون في صِقِلِّيَة انهماك الفاطميين في التحضير لحملةٍ على مصر، ليُهَاجِمُوا سنة 914م الأسطول الفاطمي الرَّاسِي في ميناء لَمْطَة في تونس، ووصلت بهم الجرأة لمهاجمة نقاط عديدة في الساحل التونسي، بل وتهديد طرابلس (في ليبيا الحالية) التي ردَّهم عنها القاسم ابن الخليفة المهدي، الذي كان يستعد فيها مع جيشه الكُتَامي لأوَّلِ حملةٍ لغزو مصر. وفي سنة 915م ثار بربر جرجنت على ابن قرهب، وتمّ أسره وأُرسِل، كبادرة حسن نية، إلى المهدي الفاطمي الذي أمر بإعدامه.
مع انتهاء هذا التمرّد وصل الفاطميون إلى قناعةٍ مفادها أنَّ إنجاح مشروعهم للتوسُّع نحو المشرق، متوقِّفٌ على إحكام السيطرة على الجزيرة لتفادي أيّ تمرد مُمَاثِل، لذلك أرسل المهدي سنة 916م أسطولاً قوياً يحمل جيشاً من كُتامة، العمود الفقري لإمبراطوريته الناشئة، استطاع أن يسترجع بالرمو في السنة الموالية، وتمكَّن الجيش الكُتامي بقيادة سالم بن أبي راشد الكُتَامِي من إلحاق الهزيمة بالمقاتلين العرب فيها، وتجريدهم من أسلحتهم ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم.
ومن ثمّ السيطرة على جرجنت ثم باقي أنحاء الجزيرة، فرسَّخ القائد الكُتامي السيادة الفاطمية على الجزيرة لمدة 20 سنة (917-937م) بعد أن عيَّنه المهدي الفاطمي والياً عليها، حتى وفاة المهدي وتولّي القاسم الخلافة الذي عيَّن والياً آخر على الجزيرة هو خليل بن إسحاق. كان من أهم إنجازاته بناء مدينة الخالصة Kalsa المُحصَّنَة خارج مركز مدينة بالرمو، والتي جعل منها مدينةً إدارية، ضمَّت مقرّاً للوالي وللدواوين ومخازن للسلاح.
لم يتمكَّن الفاطميون، في العشرية الأولى لحكمهم، من توطيد حكمهم في صِقِلِّيَة بسبب كثرة التمرُّدات التي قادتها العائلات العربية الكبيرة في الجزيرة التي لم تتقبَّل نظاماً جديداً، تُهَيْمِن عليه كُتَامَة، أفقدها امتيازاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بسبب تغييره للنخبة الحاكمة في الجزيرة من جهة، والخضوع لمنظومةٍ جبائية أثقلت كاهلهم عندما اعتمدت على اقتطاع الخُمْس كما يقتضيه الفقه الشيعي، من جهةٍ أخرى (9).
ما إن استقرت أوضاع الجزيرة حتى حوَّلها الفاطميون، ابتداءً من سنة 921م، إلى قاعدةٍ لشنِّ هجمات على مدن شبه الجزيرة الإيطالية وعلى قِطَع أعدائهم البحرية في البحر الأدرياتيكي، مُحَقِّقِين انتصارات كبيرة، على غرار الهجوم البحري في سنتي 922-923م الذي نفّذَه الجيش الكُتَامِي وقائده أبو أحمد جعفر الحاجب، وكذا هجمات سنتي 928-929م (10)، ثم شهدت عشرية الثلاثينيات من القرن الـ 10م هجمات بحرية استهدفت جنوة Genova، وسردينيا Sardinia، وكورسيكا Corsica.
وفي الأربعينيات من القرن نفسه في عهد الإمام/الخليفة القائم (934-946م)، تراجعت الهجمات الفاطمية في شبه الجزيرة الإيطالية والمتوسط، بعدما تزايدت الاحتجاجات في أرياف بلاد المغرب، التي تقطنها قبائل زَنَاتَة البربرية التي اعتنقت مُبكِّراً المذاهب الخارجية. كان أشدّها خطراً وأكثرها شراسة تَمرُّد مُخَلَّد بن كِدَاد اليَفْرَنِي المعروف بصاحب الحمار (944-947م) الذي انطلق من جبال الأوراس في شرق الجزائر، مُؤَيَّداً من الفقهاء المالكية.
استغلّ معارضو الفاطميين في صِقِلِّيَة، من العرب خاصة، ضعف السلطة المركزية، ليتوقَّفوا عن دفع الضرائب، وبعد سحق التمرد عيَّن الإمام/الخليفة الجديد المنصور (946-953م) والياً جديداً على صِقِلِّيَة هو أحد رجالاته الأوفياء الحسن بن علي الكَلْبِي. شهدت سنة 950م تحرُّكاً مُنسَّقاً بين البيزنطيين الذين استأنفوا هجماتهم على الفاطميين من الجنوب الإيطالي، وبين الأمويين الذين قادوا هجوماً على المغرب، وكانوا قد أعلنوا تأسيس خلافةٍ في الأندلس سنة 929م.
لم يُشكِّل هجوم الأمويين خطراً فورياً على الإمبراطورية الفاطمية بقدر ما كان عليه خطر الاستعدادات البيزنطية الكبيرة في قَلُّورِيَة Calabria لشنِّ هجومٍ واسع على جزيرة صِقِلِّيَة، أمام هذا الخطر طلب الوالي الكَلْبِي المدد من السلطة المركزية، ومَثَّل ذلك فرصةً لثالث خلفاء الفواطم المنصور، لتحقيق انتصارٍ تاريخي عزَّز به شرعية الخلافة الفاطمية أمام الخلافتين المنافستين في بغداد وقرطبة.
تتَّفق المصادر التاريخية (القاضي النعمان، ابن الأثير، عماد الدين إدريس...إلخ) أنَّه أرسل في السنة نفسها "أسطولاً عظيماً" يحمل جنده الكُتَامي، هاجم به قَلُّورِيَة وسحق جُموع البيزنطيين فيها، وفي عهد رابع الأئمة المعز لدين الله (953-975م) واصلت البحرية الفاطمية انتصاراتها البحرية في غرب المتوسط في الأندلس كما في قَلُّورِيَة وكورسيكا في 955م و957م، وفي 962م تمكَّن الفاطميون من إسقاط حصني طبرمين Taormina وروميتا (رمطة) Rometta، اللتين ظلَّتا بيد البيزنطيين في الجزيرة.
إلا أنَّ أكبر انتصارٍ بحري حقَّقه الفاطميون في تاريخهم، أو لعلَّه الأكبر في التاريخ الإسلامي، هو معركة مضيق مسينة Messina الفاصل بين صِقِلِّيَة والجنوب الإيطالي، في سنة 965م، المعروفة عند العرب بـ "معركة المجاز" التي استعمل فيها الفاطميون تكتيكات عسكرية مُبْهِرة أدَّت إلى تدمير العديد من القطع البحرية البيزنطية، وأسر قائدها، بحيث تمكَّنت مجموعاتٌ خاصة من البحَّارة من الغوص تحت القطع البحرية البيزنطية وتدميرها.
وقد جاء هذا الانتصار البحري، بعد انتصار آخر على البرٍّ الصِّقِلِّي سحق فيه الجيش الكُتَامِي الفاطمي جموع البيزنطيين بالقرب من روميتا (11)، ليُرسِّخ السيادة الفاطمية على الجزيرة، ويُجْبِر البيزنطيين على الرضوخ لشروط الفاطميين بدفع إتاوة مقابل عدم مهاجمة قَلُّورِيَة وشبة الجزيرة الإيطالية.
صِقِلِّيَة الكَلْبِيَة ونهاية الوجود الإسلامي في صِقِلِّيَة
بقيت الأسرة الكَلْبِيَة الحاكمة وفيّةً للسلطة المركزية الفاطمية حتى بعد انتقالها إلى مصر في سنة 973م، رغم تمتُّعها بحكمٍ ذاتي مُوسَّع، ذلك الانتقال الذي تراجع معه نسبياً دور صِقِلِّيَة في المواجهة مع البيزنطيين، الذي انتقل إلى ساحةٍ أخرى هي ثغور شمال سوريا الحالية، التي غزاها ابتداءً القائد الفاطمي فتوح الكُتَامِي، لكنَّ أهميتها الاقتصادية ظلَّت على حالها، وتخبرنا المصادر التاريخية أنَّ أهم قطع البحرية الفاطمية انتقلت إلى ضفاف النيل بين سنتي 969م و973م.
مع ذلك واصل الفاطميون، عن طريق ولاتهم الكَلْبِيِّين في صِقِلِّيَة، مهاجمة قَلُّورِيَة وبُولِيَة Apulia بين 975 إلى 977م، وتمكَّنوا في سنة 982م من صدِّ هجومٍ على الجزيرة بقيادة البابا والإمبراطور أوتو الثاني، الذي كاد يقع في الأسر، وتواصلت الهجمات على الجنوب الإيطالي، بوتيرةٍ مُتفرِّقة، طيلة عقد التسعينيات من القرن الـ 9م والثلاثينيات من القرن الـ 11م، خصوصاً سنة 1035م حينما هاجمت بحرية الكلبيّين وحلفائهم الزِيرِيِّين (الذين فوَّضهم الفاطميون لحكم المغرب بعد انتقالهم للقاهرة) الساحل الشرقي للبحر الأدرياتيكي.
استطاع الكَلْبِيُّون ضمان الهدوء والاستقرار في الجزيرة لعقود طويلة، رغم حدوث بعض القلاقل بين الفينة والأخرى، إلى أن انهار التحالف الكَلْبِي- الزِيرِي الذي ترسَّخ في ثلاثينيات القرن الـ 11م، حيث نجح الزِيرِيُون في إيجاد موطئ قدمٍ لهم في الجزيرة على حساب الأسرة الكَلْبِيَة الحاكمة.
في هذه الفترة بدأ نجم النورمان المقاتلين يَسْطَع في الجنوب الإيطالي على حساب البيزنطيين، وابتداءً من سنة 1040م دخلت صِقِلِّيَة فعلياً في حالةٍ من الفوضى والتفكُّك، بحيث انقسمت الجزيرة إلى كيانات صغيرة متناحرة، بما يشبه إلى حدٍّ كبير ما حدث في الأندلس بعد انهيار الخلافة الأموية، أو ما يُعرف تاريخياً بعصر ملوك الطوائف، وفي ظل غياب سلطةٍ مركزيةٍ قوية، طفت الخلافات السياسية والمذهبية والإثنية وغيرها إلى السطح.
كان سكان صِقِلِّيَة يتوزَّعون بين المسيحيين واليهود والمسلمين الذي كانوا من العرب والبربر والفرس والزنوج والصِّقِلِّيين المسلمين وأعراق أخرى، ويبدو أنَّ الغالبية من المسلمين كانوا من السُّنة؛ مالكية وحنفية، فيما كان المرتبطون بـ "البيروقراطية الكَلْبِيَة" من الشيعة الإسماعيلية.
ولم يكن الغرب الإسلامي (بل والعالم الإسلامي ككل) بأحسن حال، فقد دخل في أزمةٍ كبرى، اشتدَّت في ثلاثينيات القرن الـ 11م، كان من مظاهرها، ضعف هيمنة السلطات المركزية للخلافات الثلاث على الغرب الإسلامي، وطغيان الانقسام السياسي والصراعات الداخلية العنيفة؛ الأموية في الأندلس وما أعقبها من عصر ملوك الطوائف، والعباسية في بغداد التي لم يعد لديها في المنطقة من حضورٍ يُذكر سوى بَيْعَات شكلية، والفاطمية في القاهرة التي بدأت تفقد نفوذها السياسي والمذهبي تدريجياً على الزِيرِيين الذين انقسموا على أنفسهم في النهاية بين فرعين، أحدهما زِيرِي في المغرب الأدنى (تونس الحالية) والآخر حمَّادي في المغرب الأوسط (الجزائر الحالية) (12).
وكان من الطبيعي أن تملأ قوة النورمان الصاعدة هذا الفراغ والتشرذم في شبه الجزيرة الإيطالية، وتغزو جزيرة صِقِلِّيَة التي أَنْهَكْتَها "الحرب الأهلية"، وتستغل استنجاد قوىً إسلامية صِقِليّة بها لمحاربة قوىً إسلاميةً أخرى. ولا بُدَّ أنَّ موقع الجزيرة وثرواتها الاقتصادية حفَّز النورمان على التوسُّع، فهاجم قائدهم روجر مدينة مسينة Messina مرات عديدة إلى أن تمكَّن من السيطرة عليها سنة 1061م، وجعلوا منها مركزاً لقيادة عملياتهم في الجزيرة بقيادة شقيقه روبرت جيسكارد، وجَهَّزوا أسطولاً قوياً ساعدهم على السيطرة على الجزيرة من جهة، وعلى مهاجمة أعدائهم في غرب المتوسط من جهة أخرى.
تَوَسَّعت سيطرة النورمان بعد ذلك طيلة 10 سنوات إلى أن أسقطوا باليرمو Palermo عاصمة الجزيرة سنة 1071م، وواصلوا تَقَدُّمَهُم في الجزيرة إلى أن سيطروا على مدينة نُوطُس Noto سنة 1091م التي كانت فعلياً آخر معقلٍ للوجود الإسلامي في الجزيرة تُذكِّرنا بوضعية غرناطة الأندلسية. تنقل لنا بعض المصادر الغربية، بطولات المقاومة الإسلامية التي واجهت تقدُّم النورمان في الجزيرة، وأبرزها تلك التي قادها رجلٌ يُدْعَى ابن عباد أو Benarvet كما تُسمِّيه تلك المصادر (13).
دام الغزو النورماني لصِقِلِّيَة 3 عقود من 1061 إلى 1091م، لتَخْرُج الجزيرة من "دار الإسلام" وتندمج في الفضاء الثقافي والديني الأوروبي.
الإنجازات الحضارية الإسلامية في صِقِلِّيَة
ما يُميِّز الوجود الحضاري الإسلامي في صِقِلِّيَة، هو أنَّه استمر حتى بعد سقوط الحكم الإسلامي للجزيرة، ذلك أنَّ الحُكَّام النورمان ابتداءً من عهد روجر الأول، لم يضطهدوا المسلمين كما فعلت الإمارات المسيحية مع المورسيكيين في الأندلس، فيما يُعرف بحروب الاسترداد بعد ذلك بقرون، وإنَّما دمجوهم في نظامهم السياسي، واستفادوا من موروثهم الحضاري في المجالات الإدارية والعمرانية والأدبية، مِمَّا جعل الفترة النورمانية في صِقِلِّيَة ذات صِبْغَةٍ عربية إسلامية (14).
لقد وصل التأثير العربي، الفاطمي خاصة، في الفترة النورمانية إلى حَدِّ اتخاذ الملوك النورمان ألقاباً عربية ضربوها على سِكَّتِهم، بحيث لقَّب روجر الثاني نفسه "المعتز بالله"، وسمَّى وليام الأول نفسه "الهادي بأمر الله"، وحمل ابنه وليام الثاني لقب "المعتز بالله"، وكانت المراسيم تصدر باللغتين اليونانية والعربية، كما قلَّد روجر الثاني الفاطميين في جعل عُمْلَتِه تحمل اسمه العربي إضافة إلى اسمه المسيحي باللغة العربية (ناصر النصرانية)، بل وظلت العُمْلَة الفاطمية متداولةً طيلة فترة الملوك النورمان الثلاثة الأوائل.
وتنقل لنا المصادر الأوروبية والإسلامية أنَّ نمط حياة الملوك النورمان في البَلاَط، لم يكن يختلف عن أيّ خليفة مسلم، كانت البيروقراطية النورمانية تسير وفق تقاليد بيزنطية وعربية في الآن نفسه، كما يقول المستشرق الإيطالي ميكيلي أماري.
لذا فإنَّ الإنجازات الحضارية الإسلامية في الجزيرة، لا تعني الفترة الإسلامية فحسب، وإنَّما تشمل بعضاً من جوانب الفترة النورمانية، وتبقى النصوص التي تركها لنا ابن جُبَيْر (1145-1217م) والإدريسي (1100-1165م) شاهدةً على هذه الفترة.
يُسجِّل الأكاديمي الباكستاني عزيز أحمد أنَّ وجود صِقِلِّيَة في أطراف العالم الإسلامي، والظروف السياسية المُضْطَرِبَة التي عرفتها في الفترة الإسلامية، لم يمنع العلوم والآداب من الازدهار في الجزيرة، فقد كانت مجرىً رئيسياً لحركة العلوم الإسلامية الدينية والعقلية، جعلها تستفيد من كُبريات التيارات الفكرية التي نمت في الحواضر المغربية وعلى رأسها القيروان، ولم تكن النخبتان الحاكمتان للجزيرة، الأغلبية والفاطمية راعيتين للعلم فحسب، بل كانتا تَضُمَّان كُتَّاباً وعلماء مُبْدِعِين (15).
ظهرت في الجزيرة أسماء ومُصنَّفَات في الفقه المالكي والحديث والتصوّف، وبدرجةٍ أقلّ علم الكلام الأشعري في العهد الأغلبي والكَلْبِي (الفاطمي)، كان رُوَّادُها مْمَّن وُلِدوا في صِقِلِّيَة، أو مِمَّن هاجروا إليها من المغرب أو الأندلس أو المشرق.
وفي الطب برزت أسماء كبيرة في القرن الـ 11م كالأديب والطبيب محمد بن الحسن الطوبي، وأبي بكر الصِّقِلِّي وهو من شيوخ الطبيب الدمشقي الشهير ابن أبي أُصَيْبِعَة، والصيدلي الحاذق أبي سعيد بن إبراهيم، وأبي عبد الله الصِّقِلِّي الذي ترجم في القرن الـ 10م رسالة ديسقوريدوس لخليفة قرطبة الأموي عبد الرحمن الناصر، وابن جلجل الصِّقِلِّي صاحب كتاب "طبقات الأطباء والحكماء"، وغيرهم، وفي الرياضيات والفلك برزت أسماء منها عثمان بن سعيد الصِّقِلِّي، وعرفت صِقِلِّيَة قدراً من الفلسفة لانتشار اللغة والعلوم اليونانية في الجزيرة، وأيضاً لأنَّها كانت مقصداً للدارسين للفلسفة من الأندلس خاصة.
أمَّا الإبداع في الأدب والشعر فقد ازدهر بصفةٍ لافتة في العهدين الفاطمي/الكَلْبِي والنورماني، وقد كانت الجزيرة مقصداً لأكبر اللغويين من المغرب والمشرق، كان من أبرزهم ابن رشيق المعروف بالقيرواني (1000-1064م) الذي وُلد في الجزائر وهاجر لصِقِلِّيَة إلى أنْ تُوفِي فيها. وفي هذا الصَّدد خَلَصَ الأكاديمي في جامعة كونيتيكت الأميركية نيكولا كاربنتييري (16) إلى أنَّ الأجهزة البيروقراطية الكَلْبِيَة والنورمانية، وظَّفت القصيدة العربية بشكلٍ تجاوز حدود الدين والعرق، من أجل تعزيز حكمها من جهة، ودعم التعايش الاجتماعي في ظِلِّ مجتمعٍ غير متجانسٍ طائفياً وعرقياً وسياسياً، من جهةٍ أخرى.
بعد سيطرة روجر الأول على مقاليد الحكم في صِقِلِّيَة، تحوَّلت الجزيرة إلى رقمٍ مُهمٍّ في السياسة، معتمداً على قوته العسكرية التي شكَّل المسلمون جزءاً كبيراً منها، كما ورد في المصادر الغربية، وقد وزَّع أراضي الجزيرة على أفراد عائلته ونخبته وفق التقسيم الذي كان معمولاً به في الفترة الإسلامية، لكن أشهر حُكَّام صِقِلِّيَة كان ابنه روجر الثاني (حكم بين 1111م إلى 1154م)، الذي وحَّد النورمان في مواجهة طموح الإمبراطوريتين البيزنطية والرومانية للسيطرة على الجزيرة، والتي اعتمد فيها بشكلٍ كبير على جنده المسلمين.
وواصل سياسة إدماج المسلمين في نظام حكمه وتقريب علمائهم لِبَلَاطِه، وعلى رأسهم الجغرافي الشهير الإدريسي، واعتمد على مهاراتهم في منجزاته العمرانية، المدنية والعسكرية، التي لا تزال بعض آثارها باقية، ومع ذلك فإنّ طموحاته التَوسُّعِية جعلته يُهَاجِم ثغور وسفن المسلمين في المغربين الأدنى (تونس) والأوسط (الجزائر)، إلى أن تمكَّن من السيطرة على المهدية، عاصمة الإمبراطورية الفاطمية في مرحلتها المغربية سنة 1148م، ثم احتل مدن سُوسَة وصِفَاقَس وقَابِس وعَنَّابَة.
واستمرت سياسة التَوَسُّع النورمانية في عهد ابنه وليام الأول، إلى سنة 1160م عندما حرَّر عبد المؤمن بن علي مؤسس الإمبراطورية المُوَحِّدِية كلّ الثغور المغربية من سيطرة النورمان ونسف طموحاتهم التَوَسُّعية في المنطقة.
استمرَّت وضعية المسلمين في صِقِلِّيَة على حالها من الاندماج والتسامح النسبي في عهد وليام الثاني (حكم بين 1166م إلى 1189م) الذي خلف أباه، إلى سنة 1189-1190م عندما أعلن المسلمون في عهد الملك تنكريد الثورة، والتي أنهت فعلياً الوجود الإسلامي في الجزيرة بسبب ما ترتَّب عليها من تقتيل وتنصير وتهجير.
المصادر والمراجع
1- عزيز أحمد، 1980، تاريخ صِقِلِّيَة الإسلامية، ترجمة أمين توفيق الطيبي، الدار العربية للكتاب، ص9.
2- المصدر نفسه، عن كتاب "تاريخ مسلمي صِقِلِّيَة" لميكيلي أماري، ص 12.
3- Mathieu Tillier, 2009, « Les cadis d’Iraq et l'état abbasside », Publications de l’Institut français du Proche-Orient, Damas, p 334-340.
4 - Annliese Nef, 2011, « Comment les Aghlabide sont décidé de conquérir la Sicile », Annales islamologiques n°45, Institut français d’archéologie orientale, p 191-210.
5- Jules Gay, 1904, « L'Italie méridionale et l'empire byzantin depuis l’avènement de Basile Ier jusqu'à la prise de Bari par les Normands (867-1071) », Albert Fontemoing, Paris, p 50-54.
6- سماها الجغرافي الإدريسي في كتابه الشهير "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق": جبت بكة.
7- Bramoullé David, 2014, « La Sicile dans la méditerranée fatimides (XE-XIE Siècle), Dynamiques de l'islamisation en Méditerranée centrale et en Sicile : nouvelles propositions et découvertes récentes. (Collection de l'École française de Rome, p25.
8- الخِلْعَة هي رداء شرفي يهديه الخليفة لواحدٍ من أتباعه كرمز للتبعية والولاء له، وقد عُرف العباسيون بهذا التقليد السياسي.
9- Bramoullé David, 2014, « La Sicile dans la méditerranée fatimide (Xe-XIe Siècle) …, p26.
10- ابن عِذَارِي المراكشي، 1950، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ج1، بيروت، ص 187، 188، 190.
11- Halm Heinz, 1996, "The Empire of the Mahdi : the Rise of the Fatimids", trad. de l’allemand, Michael Bonner, Leyde, E. J. Brill Ibid. p 407.
12- Pierre Guichard, 2000, « L’Espagne et la Sicile musulmanes », Presses universitaires de Lyon, p 11-16.
13- Geoffroi Malaterra, 2016, « Histoire du Grand Comte Roger et de son frère Robert Guiscard », Presse universitaire de Caen, Adresse de consultation : https://www.unicaen.fr/puc/sources/malaterra/tdm.html
14 - Annliese Nef, 2011, « Conquérir et gouverner la Sicile islamique au XI et XII siècles », Publications de l’École française de Rome, p. 177-230
15- عزيز أحمد، 1980، تاريخ صِقِلِّيَة الإسلامية... ص49.
16- Nicola Carpentieri, 2018, « Adab as social currency, The survival of the Quasida in medieval sicily », Mediterranea. International journal for the transfer of knowledge n°3, p1-18.