ربال ملاعب ينقل بلاده فناً سمعياً بصرياً إلى العالم
تجمع تقنية ملاعب الفريدة بين الألوان القوية والأشكال المبسطة، لخلق جو تأملي ومتوازن، وتعكس هذه الصور التحولات العاطفية بين الليل والنهار، وتبرز الجمال الدقيق للبيئة.
فتح الفنان اللبناني، ربال ملاعب (1992)، عينيه في داخل منزله على ألوان زاهية يعجّ بها منزله، وريشة تتلاعب بها لتخرج الأشكال والألوان المرحة التي كان والده جميل يحوّلها لوحات فنية، ومعارض مفتوحة الآفاق.
وفي الخارج، لم تغب عن مسمعه أنغام حفيف الصنوبر المتباسق يغطي فضاء منطقته الشوف، ولا خرير مياه نبع الصفا المتدفق في وديانه، ولا أنغام الطيور المقيمة في أرجاء منازل القرميد، المعشّشة في كوّاته، كما لم تغب عن ناظريه مشاهد بلاده المتنوعة والجميلة، جامعة ألوان الجبل، وتناغم الزهور، إلى صفاء البحر وانسيابه الهادىء، وسوى ذلك من جماليات وعناصر تميّز الطبيعة اللبنانية الخلّابة.
ويوم بلغ الــ 17 من عمره، حمل أنغام بلاده، وألوانها، وبحرها، وأنهارها، في كتلة مرئيّة مسموعة، ونقلها الى أكاديميّات الفنون في النمسا وسويسرا، وحوّلها في دراسته للفنون التشكيلية والموسيقية إلى تآليف لا تنفصم عراها في أحاسيسه وعواطفه، من أعمال مندمجة تشكيلاً لونياً وموسيقى متناسقة، تخرج من بين يديه عوالم جديدة من الفن الراقي المرئي والمسموع؛ تجربة فنية تشكيلية-موسيقية غير مسبوقة.
آخر مبتكراته، معرض فني تشكيلي على أنغام موسيقية يقيمه حالياً في مدينة زوريخ في سويسرا، تحت عنوان "كرومات الحد الأدنى" وفيه يقول لــــ "الميادين الثقافية" إنه: "لا يمكن إخفاء الارتباط بين تأليف اللوحة الفنيّة وتوزيع الألوان، وربطها في الثقافة الموسيقية، وقوانين التأليف الموسيقي عندي"، مضيفاً إن "همّي الأساسي أن أخلق لوحة حسيّة تأمليّة، فالانسان عندما ينظر إلى البحر أو السماء، يضع نفسه في وضع تأمليّ".
ويتناول خصائص أسلوبه ومميزاته، مركّزاً على اهتمامه بخدمة مواضيع الطبيعة، والغاية بنظره "أن أخلق لوحة حسيّة تأمليّة".
ويرى أنّ "خدمة مواضيع الطبيعة تدفعني لأخلق لوحة فيها صفاء، ودهشة، ألغي فيها كل العناصر غير الضرورية، وبالنسبة لي، الاختزال في الرسم أو النظافة بالتأليف هي أعلى درجات الرقيّ باللوحة الفنية".
ويضم معرض "كرومات الحد الأدنى" سلسلة من اللوحات الزيتيّة التي تتميز بألوانها الحيّة، وكل عمل يجسد اللحظات السحريّة لشروق وغروب الشمس، والمناظر الساحلية، والسماء الواسعة، ويدعو المشاهدين للغوص في سكون الطبيعة.
وتجمع تقنية ملاعب الفريدة بين الألوان القوية والأشكال المبسطة، لخلق جو تأملي ومتوازن، وتعكس هذه الصور التحولات العاطفية بين الليل والنهار، وتبرز الجمال الدقيق للبيئة.
كما يحفز المعرض على التعرف على المشاعر العميقة والأجواء المخفيّة في الهياكل البسيطة للطبيعة، وهو ليس مجرد تجربة بصرية، بل دعوة لإعادة اكتشاف العلاقة مع الطبيعة والتفكير فيها.
ويترافق المعرض منذ الافتتاح على عزف موسيقي مشترك لملاعب على آلة الفيولّا، وتانيا ملاعب على آلة الكمان، ويوليا ميلوسلافسكايا على البيانو.
مع العلم أن ملاعب درس في النمسا وتخصص على آلة الفيولا في جامعة الموسيقى في فيينا، وهو يقيم حفلات عديدة كعازف منفرد في عدة مدن أوروبية، وكونه يتميز بتكامله بين موسيقي ورسام، يقوم بتقديم حفل موسيقي ضمن معارضه الفنية.
يعيش ملاعب حاليًا ويعمل في زيورخ، حيث عين كمدير فني لجمعية "SUMITO" الثقافية في سويسرا. بالإضافة إلى ذلك، هو رئيس "متحف ملاعب للفنون" ومؤسس "مهرجان ملاعب للموسيقى الكاملة والفنون الجميلة".
بفضل تميّزه في تصوير العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وصوته الفني الفريد، يشجع ملاعب المشاهدين على التفكير في حقيقية اللحظة وإعادة اكتشاف جماليّات العالم التي غالبًا ما تغفل.