السُوق السوداء في السياسة الخارجية
يعد هذا الكتاب بمنزلة مصدر جديد لطلبة السياسة الخارجية، حيث استطاع أن يدخل في فجوات مفردات السياسة الخارجية.
صدر حديثاً للدبلوماسي العراقي الدكتور ياسر عبد الحسين كتاب "السوق السوداء للدبلوماسية: عوالم القنوات الخلفية في السياسة الخارجية" عن دار "الرافدين" للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت 2024.
ويتحدث الكتاب في فصوله المتعددة عن أدوار رجالات من غير الدبلوماسيين في العمل الدبلوماسي والوساطة في دراسة نادرة على مستوى المكتبة العربية والأجنبية.
لماذا هذا الكتاب مهم؟
يقدم الكتاب الأستاذ المتمرس في السياسة الخارجية بجامعة بغداد الدكتور أحمد نوري النعيمي ويقول في تقديمه: "يعزى السبب في عدم اختيار الموضوع الأول إلى طبيعة الموضوع، لحداثته وعدم خوض الباحثين كتابة هذا الموضوع لندرة من كتب عنه، بسبب صعوبته وتعقيده، وأجزم في القول إن الباحثين في السياسة الخارجية كانوا بمنأى عن ذلك ليس على مستوى الدراسات في الجامعات العراقية أو الجامعات العربية بل على مستوى الجامعات الأوروبية أو الأميركية، ويمكننا القول في هذا الشأن إنه على مستوى الجامعات الأوروبية والأميركية لم يقدم أساتذة علم السياسة في كتابة ذلك لندرة المصادر، وحتى في كتاباتهم في السياسة الخارجية لم تكن إلا ما ندر في صفحات قليلة عن ذلك".
وأنا أتفق مع الدكتور النعيمي في ذلك جداً، كون أبحاث وكتابات كهذه تحتاج إلى أدوات البحث الأكثر صعوبة للحصول على المعلومة ألا وهي المقابلات الشخصية والأسئلة المباشرة، وهذا الأمر قد لا يستطيع القيام به أي باحث أو كاتب، لتنوّع الشخصيات وتعدّدها وتباعدها الجغرافي، وعلى الرغم من ذلك، نرى أن الباحث قد أفاض بحثه في كثير من المقابلات والحوارات الشخصية، للعديد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية والإعلامية، والقريبين من مصدر المعلومة لينسج أفكار كتابه وإثبات براهينه، نرى مثلاً أن الباحث قد أجرى ما يقارب 18 حواراً مع شخصيات غربية وإيرانية وعربية، واستخدم عشرات المصادر الأجنبية، وهذا يدل على العمل الشاق الذي يقدمه الباحث في كتابه، في مدة زمنية ليست بالقصيرة إذ تربو على خمس سنوات، ورحلة بحث طويلة كما يصفها الدكتور النعيمي من العراق إلى إسبانيا إلى العراق، فضلاً عن زيارات متقطعة لبعض الدول.
لا تكمن أهمية الكتاب في العمل الميداني والمنهجي له، وإنما في الموضوعات التي تناولها الباحث، التي تعد مقاربة جديدة في السياسة الخارجية، والدبلوماسية، التي تفترق إليها كليات العلوم السياسية عموماً وحقل السياسة الخارجية خصوصاً. كثيرون كتبوا عن أهمية تحويل التحديات إلى فرص، بيد أن عدداً قليلاً خضع لتجارب واقعية حوّلت التحدي إلى فرصة من خلال خطوات عملية، ويقدم الكتاب هذه النماذج العملية الواقعية وسرداً وصفياً لأهم التحديات التي تحوّلت إلى فرص لدولة ما، من خلال الأدوات المتنوعة، وهذا بحد ذاته يعطي أهمية كبيرة للكتاب لأن يكون مرجعاً لصناع القرار والباحثين في السياسة الخارجية، والاطلاع على أهم التجارب الدولية واستخلاص الدروس المستفادة منها، لإدراك أهمية امتلاك أدوات متنوعة وكيفية صناعة هذه الأداة لتحقيق أهداف الدولة.
وفي هذا السياق، يصف البروفسور النعيمي الكتاب (يعد هذا العمل منجزاً جديداً في حقل السياسة الخارجية، إذ سد ثغرة كبيرة في مكتبات الجامعات العراقية والعربية، لا محيص من القول إن المؤلف قد بذل جهداً كبيراً في كتابة موضوعه. كذلك يعد هذا الكتاب بمنزلة مصدر جديد لطلبة السياسة الخارجية، حيث استطاع بعمله هذا أن يدخل في فجوات مفردات السياسة الخارجية).
ما هي القنوات الخلفية التي يصفها الكتاب؟
في مقدمة الكتاب يصف المؤلف الدبلوماسي، بكائن رمزي يخضع إلى أنماط جدل الهوية والانتماء، ويخطئ بالواقع والتجربة، ويدخل متاهات وتحديات، كحالة التمييز الطريف بين السياسي والدبلوماسي، إذ إن السياسي هو الشخص الذي يقرر على الفور، التحدث لساعات بشأن قضية ما، من دون حتى التفكير فيها، بينما يفكر الدبلوماسي لساعات ليقرر عدم قول أي شيء.
وأمام تحديات العالم الجديد يقول المؤلف إنه مع نهاية العزلة والحواجز المجتمعية وأفول السيادة، كل هذه الأسباب تدفع العديد من دول العالم إلى إعادة تأسيس الفكرة القديمة ( القنوات الخلفية ) وتوظيفها في السياسة الخارجية، هذا العالم الذي ضم كل قنوات الاتصال الرسمية وغير الرسمية، وصعود أنماط القنوات الخلفية Back channels في العلاقات الدولية بشكل بارز، حيث تقوم فلسفة هذه الفكرة على إنشاء قناة اتصال مع حكومات أخرى أو مع ممثلين عن حكومة ما، ولا تمر عبر القنوات الرسمية للبرقيات الدبلوماسية، واستخدام السفراء بعيداً من الأساليب الرسمية للتواصل، كما يقول توماس شيلينج "ضرورة قيام الأعداء بإنشاء قنوات اتصال حتى لا يساء تفسير الأحداث المصادفة أو الأفعال البريئة وبالتالي تصعيد الأزمة، وربما تؤدي إلى عواقب وخيمة"، كما يذكر المؤلف أنه خلال حقبة الحرب الباردة لم تكن القناة الخلفية مصطلحاً غريباً أو مستهجناً، حيث اعتمدت الحكومتان الأميركية والسوفياتية على الصحفيين والجواسيس السريين والأفراد لنقل الرسائل بين البيت الأبيض والكرملين.
كذلك في أزمة الصواريخ الكوبية، الأزمة الأبرز بين القوتين العظميين اللتين كانتا على شفا حرب مدمرة بين الأعداء (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي) وكذلك ربما تؤدي إلى حرب نووية، لعبت القنوات الخلفية دوراً كبيراً في حلحلة هذه الأزمة، لا سيما في حكومة جون كينيدي، الذي كان له قناة خلفية خاصة مع موسكو، وهو مستشاره المقرب وشقيقه روبرت ف. كينيدي، الذي عمل على إنشاء قناة خلفية للتواصل مع الروس من خلال التواصل مع جورجي بولشاكوف، وهو وكيل استخبارات عسكري مقره في السفارة السوفياتية بواشنطن.
ويرى المؤلف أن مفاوضات القنوات الخلفية سواء تلك التي مارسها رجال الدبلوماسية المهنية أو تلك التي شغلها رجال الأعمال لإيجاد وساطات، كانت الأداة الأفضل لحل المشكلات العالمية في، حين أصبحت الدبلوماسية السرية معيبة في عصر الدبلوماسية العالمية.
وقد تم صنع العديد من الاتفاقيات التاريخية والمفاوضات الدبلوماسية والتي منعت حروباً عالمية، وتجنب الأزمات من خلال ترتيبات القنوات الخلفية المصممة لتجاوز المؤسسات أو الاتصالات الدبلوماسية العادية التي تم إنشاؤها سابقاً عن قصد، وعن عمد من أجل الوصول إلى حلول تحقق مصلحة الأطراف، وخصوصاً عند الوصول إلى مرحلة الانسداد السياسي والقطيعة الدبلوماسية.
من هم الدبلوماسيون الجدد؟
يذكر المؤلف أن نتيجة التغيرات التي طرأت على العالم اليوم، وكذلك نتيجة التطورات في المجالات الأكاديمية والبحثية، وتشعب المهمات والقضايا التي تهتم بها الدبلوماسية، وبروز العديد من القضايا على الصعيد العالمي الذي يتطلب جهوداً دبلوماسية متطورة ومتنوعة، كظهور المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، والمنظمات التخصصية كمنظمة التجارة العالمية التي تتطلب وجود شخصيات دبلوماسية من نوع محدد، بالإضافة إلى القضايا المتعددة والمتشابكة التي أدت بدورها إلى تنوع الفواعل على الصعيد الدولي، إذ أصبح الأفراد، والشركات، رجال الدين، والممثلون، ورجال الأعمال، والصحفيون، وكذلك، اللاعبون الرياضيون، فواعل فاعلين في النظام الدولي، لذا يقول كينيث والتز في "إن الإنسان والدولة ونظام الدول مستويات أساسية لأي محاولة لفهم العلاقات الدولية، لذا اصبحوا هؤلاء الشخصيات مساهمين في العديد من القضايا العالمية، ويمارسون بطريقة أو بأخرى الوظيفة الدبلوماسية، والأمثلة كثيرة جداً، مثلاً يتناول الكتاب أدوار شخصيات مهمة قد نسمع بها لأول مرة مثل صحافي أميركي أنقذ العالم من قيام حرب عالمية ثالثة، إنه جون سكالي John Sculley هو فرد له دور كبير في إيقاف الحرب العالمية الثالثة عن طريق دبلوماسية القناة الخلفية، هو صحافي أميركي في قناة ABC إذ طلب موظفاً مرموقاً في الاستخبارات السوفياتية، وسأله إذا ما أقدم الاتحاد السوفياتي على الانسحاب من جزيرة الخنازير، هل سوف تقدم الولايات المتحدة الأميركية على الخطوة ذاتها لإيقاف الحرب الوشيكة والبحث عن حل دبلوماسي مثلاً إزالة أسلحة الاتحاد السوفياتي بإشراف أممي، أو منع كاسترو لاحقاً دخول هذه الأسلحة مرة أخرى مقابل إعلان أميركي بأنهم لن يغزو كوبا، وبالتالي سكالي لم يكن دبلوماسياً، ولا سياسياً في مركز صناعة القرار. هكذا يمكن لفرد صحفي الحفاظ على حياة البشر من حرب عالمية جديدة عام 1962، وكذلك أسهمت الرسالة التي كتبها البابا يوحنا الثالث والعشرون تحت عنوان "السلام في الأرض" التي نشرت في الصحافة السوفياتية في إبعاد شبح الحرب، وقد وصف الرئيس ريتشارد نيكسون Richard Nixon أهمية هذه القنوات الخلفية بضرورة أن يقيم الرئيس الأميركي قناة خلفية بعيدة من الجهاز البيروقراطي للتفاوض خارج القنوات الرسمية وبعيداً من عدسات كاميرات.
أو مثلاً شخصية سالم بن ناصر الإسماعيلي رئيس الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات في سلطنة عمان والمستشار المقرب من الراحل قابوس، الذي أسهم في فتح الحوار بين إيران والغرب والذي انتهى بتوقيع الاتفاق النووي في تموز 2015، حيث قام بكثير من الزيارات ملتقياً القيادات الإيرانية منذ عام 2009، فضلاً عن تواصل مع الخارجية الأميركية، وتحديداً مع دنيس روس Dennis Ross ورغبة الإسماعيلي في السعي للتواصل المباشر، فضلاً عن لقاء مع الدبلوماسي جون كيري John Kerry الذي كان آنذاك رئيس لجنة العلاقات الخارجية، وكانت مسقط بمنزلة جنيف العرب لصناعة السلام عبر الاتفاق النووي.
وكذلك في ما يخص التفاوض بين الولايات المتحدة وسوريا حول المفاوضات العربية – الإسرائيلية، ووقفت وراءها امرأتان، هما مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية في فترة رئاسة بيل كلينتون وبثينة شعبان التي كانت مترجمة خاصة للرئيس السوري الأسد، كما كان وراء مؤتمر أستانة حول الأزمة السورية، رجال أعمال، والتقارب بين روسيا وتركيا عن طريق تاجر تركي، ودور الأديب الكبير غابرييل غارثيا ماركيز Gabriel Garcia Marquez في التقارب بين كوبا والولايات المتحدة الأميركية.
لماذا هي سوق سوداء؟
شدنا عنوان الكتاب، لماذا هي سوق سوداء؟.. يجيب المؤلف بأنه قد يكون تعبير السوق السوداء Black market تعبيراً سيئاً في الاقتصاد، لكن قد لا يكون مشابهاً للمفهوم ذاته في السياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي، ففي المفهوم الاقتصادي تمثل السوق السوداء كل التعاملات التجارية التي يتم فيها تجنب القوانين الضريبية والتشريعات التجارية، وبالتالي تجاوز كل القواعد التجارية المفروضة من قبل الدولة ولا تعتمد على المعايير المنصوص عليها، لأن هدف المشاركين في هذه السوق هو التهرب من دفع الضرائب على المبيعات أو المشتريات، وفي كثير من الأحيان تكون هذه البضائع مهربة، أي بمعنى أنها دخلت السوق من دون تسجليها لدى المؤسسات الرسمية مثل مديرية الجمارك، ولكن أحياناً تنشأ هذه الأسواق بسبب عدم قدرة الإنتاج الوطني والاستيراد على تغطية الطلب الداخلي أي بالمفهوم الاقتصادي حصول حالة سوقية يزداد فيها الطلب إلى حد بعيد على العرض، وقد يتقارب هذا المعنى الأخير مع الحاجة إلى قيام سوق دبلوماسية سوداء، بالمقابل تفرض الدول عقوبات على المشاركين في أعمال ونشاطات السوق السوداء بسبب الأضرار الاقتصادية الكبيرة على الاقتصاد الوطني، لكن في السوق السوداء للدبلوماسية قد تكون هناك مكافآت للمشاركين فيها على حد تعبير المؤلف.
ماذا يتضمن الكتاب؟
حمل الفصل الأول في الكتاب موضوع "الكساد في سوق الدبلوماسية المهنية" ينتقد فيه مسارات الدبلوماسية المهنية عن تحقيق الأهداف الخاصة بالدولة، أما الموضوع الثاني فقد تناوله بتعبير (البضاعة الدبلوماسية: طلب دائم بصلاحية منتهية)، ثم يدرس الفصل الثالث مسارات العمل الدبلوماسي.
ثم يأخذ نماذج سياسية هامة، كما يتحدث في فصل "الدبلوماسية في حضرة المعبد"، عن الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الدينية في القناة الخلفية، ولاحقاً عن دور الدبلوماسية الرياضية في القنوات الخلفية ودبلوماسية المناخ، ثم يتناول الكتاب مفهوم القناة الخلفية وكذلك التمييز بين الدبلوماسية السرية ودبلوماسية القنوات الخلفية، ويتناول لاحقاً مثال القناة الخلفية في عهد ويلسون، وأصناف القنوات الخلفية، ثم يتطرق إلى الدبلوماسية السرية في اتفاقية سايكس بيكو، ونماذج متعددة للقنوات الخلفية في أيرلندا، وإسبانيا، وسوريا، وكما يتحدث الكتاب عن مزايا دبلوماسية القنوات الخلفية مستشهداً بالقناة الخلفية في عهد روزفلت، وكذلك سلبيات دبلوماسية القنوات الخلفية، ثم يتناول موضوع كثير الجدل وهو المتعلق بالأخلاق في السوق السوداء للدبلوماسية، ودارساً بالتفصيل حالة الصواريخ الكوبية التي وصفها بالدرس الحاسم في القنوات الخلفية، ويكشف عن دور الدبلوماسية الروائية و غابرييل ماركيز، ولاحقاً تناول في الفصول الأخرى ما سماه بثورة القنوات الخلفية ( كيسنجر - نيكسون)، مفرداً فصلاً عن هنري كيسنجر ودوره في الصين، ثم يرسم فصل في الكتاب عن القنوات الخلفية في الشرق الأوسط، والقنوات الخلفية والمفاوضات النووية الإيرانية، وفي فصل منفرد حمل عنوان الدوحة عاصمة القنوات الخلفية، يتحدث فيه عن الدبلوماسية القطرية، وكذلك عن دور القنوات الخلفية في الصراع العربي- الإسرائيلي، وعن استخدام ترامب للقنوات الخلفية، وكذلك دور بنوك التفكير في القنوات الخلفية، وكذلك دبلوماسية بغداد الخلفية بين طهران والرياض.
دروس مستفادة من الكتاب
عند التنقل بين محتويات الكتاب وبين طيات الأسطر وكمية المعلومات نجد الكثير من الدروس المستفادة من هذا الكتاب التي تهم صناع القرار السياسي كونه المسؤول الأول عن صياغة أوجه السياسة الخارجية لدولته في وقت السلم، وصاحب القرار الأخير في وقت الأزمات، وكذلك دروس يمكن للعاملين في السلك الدبلوماسي الاستفادة منها في التعامل واكتساب الخبرات المعرفية حول التعامل مع الأزمات، ومن هذه الدروس نوجز بعض النقاط التي توصلنا إليها من خلال مطالعة الكتاب:
لم تعد الدبلوماسية بشكلها التقليدي تفضي بالغرض لتحقيق أهداف الدولة، لاسيما في عالم ما بعد السيادة، لذا يوضح الكتاب مجموعة كبيرة من التغيرات التي طرأت على حقل الدبلوماسية وكيفية التعامل معها بالنظرة الحديثة.
الدولة بكونها كائناً عقلانياً ذات سيادة كاملة تحكمها المصلحة وسمعتها الدولية ومكانتها الاستراتيجية يصعب عليها التعامل في الكثير من الأحيان مع العديد من الأزمات بالمستوى الرسمي، بيد أن الدولة الذكية هي التي تحتفظ بأكبر عدد ممكن من الأدوات الرسمية وغير الرسمية التي تستطيع من خلالها المناورة من وراء الستار لحلحة الأزمة.
الدبلوماسي لا يقرأ ولا يكتب؛ نتيجة الحركة العالمية وعمولة الليبرالية أصبحت قيمة الدبلوماسيين التقليديين، الذي عادةً ما يوصفون بدرجة النبلاء، والطبقات الراقية، والشخصيات البرجوازية، لكن هذا الأمر لم يعد يستساغ في ظل العالم اليوم إذ يمكن أن يكون لاعب كرة قدم لم يحصل إلا على المستوى الأولي من التعليم، ولكنه ذات تأثير دولي كبير جداً وممكن أن يقوم بالوظيفة الدبلوماسية الأبرز ألا وهي التفاوض.
يقدم الكتاب إطاراً نظرياً كبيراً واسعاً في المفاهيم الحديثة في حقل الدبلوماسية والسياسة الخارجية، وهذا يجعل من الكتاب مرجعاً علمياً مهماً للباحثين في الدبلوماسية الحديثة والسياسة الخارجية، ويعد إثراء علمياً كبيراً لمكتبات العلوم السياسية.
لا يلغي الكتاب الوظيفة الدبلوماسية التقليدية أو الدبلوماسي التقليدي كونها جزءاً من الجهاز البيروقراطي الحكومي للدولة، وإنما يقدم رؤية جديدة لكيفية تطوير المهارات الدبلوماسية والعادات والتقاليد البروتوكولية، لا سيما فيما يسميه دبلوماسية بلا مراسيم.
يؤكد المؤلف أهمية الاهتمام بسمعة الدولة وفق ما يسميه "براند الدولة" من خلال العمل على مجموعة أنشطة ذات اهتمام شعبي عالمي كالأنشطة الرياضية، وقضية المناخ والبيئة.