افتتاح "بيت الفن السوري" في مدينة بريمن الألمانية
"مؤسسة تقلا الخيرية" تفتتح "بيت الفن السوري" في مدينة بريمن شمالي ألمانيا، وهو الصرح الأول من نوعه في أوروبا، وذلك بعد عامين من التحضيرات.
في الوسط الثقافي لمدينة بريمن الألمانية، وعلى بُعد خطواتٍ قليلةٍ من متاحف عريقة ومعروفة في المدينة الشمالية، يقوم "بيت الفن السوري"، الذي فتح أبوابه مؤخراً أمام الزائرين، بعد عامين من التنظيم والتحضيرات.
لا يُخفي القائمون على هذا المشروع، الذي تُشرف عليه رسمياً وتموّله "مؤسسة تقلا الخيرية"، وهي مؤسسة سورية ألمانية خاصة، طموحَهم المتمثّل في أن يقوم هذا المتحف بـ"تعريف الجمهور الألماني على سوريا وثقافتها"، كما يقول القنصل الفخري السوري في ألمانيا، ومدير المؤسسة، شوكت تقلا.
وكانت "مؤسسة تقلا" قد قامت منذ تأسيسها، قبل حوالى 3 أعوام، بأولى خطواتها في مجال بناء الجسور الفنية والثقافية بين سورية وألمانيا، من خلال إقامة مسابقات للفنانين التشكيليين السوريين الشباب، وتنظيم معارض في دمشق وبريمن وبرلين لفنانين سوريين معاصرين، بالإضافة إلى إصدار أول كتاب باللغتين الألمانية والإنكليزية، العام الماضي، يتناول تاريخ الفن المعاصر في سوريا، تحت عنوان "فنٌ من سوريا.. من الخمسينيات إلى اليوم".
لكنَّ التحدّي هذه المرة كان أكبر، فبالإضافة إلى التكاليف المالية والجهود التنظيمية المرافقة لمشاريع بهذا الحجم، يتنافس "بيت الفن السوري" مع معارض ومتاحف وبيوت فن من "الدوري الممتاز" في ألمانيا بشكل عام، وفي بريمن بشكل خاص، مثل "بيت الفن العالمي المعاصر فيزيبورغ".
كما أنَّ الذائقة الفنية الرفيعة لزوّار مثل هذه الأماكن، وللصحافة الفنية في ألمانيا التي لا تؤخذ بالشعارات، أمرٌ لا تجوز الاستهانة به. يُضاف إلى هذا كلّه أنّ صورة سوريا في ألمانيا، وغيرها من الدول الغربية، باتت في السنوات الماضية صنواً للحرب والتشرّد والدمار.
لكنَّ مديرة المتحف، فريزي كريللا، ترى في كل هذه التحدّيات فرصةً لا خطراً، حيث قالت، وهي تُقدّم للوحات المعروضة في حفل الافتتاح، أمام عشرات الحاضرين من مسؤولي مدينة بريمن وعشاق الفن فيها، بالإضافة إلى أبناء الجالية السورية، وممثل البعثة الدبلوماسية السورية في برلين، إنَّ "الثقافة السورية تتميز بالتعدّد والتنوّع ضمن مشهد فني معاصر"، وأضافت أنَّ " الموت والدمار المحفورين في الذاكرة السورية، على امتداد سنوات الحرب الـ10، لم يحولا دون إنجاز الأعمال الفنية من قِبل الفنانين المختلفين، وهو أمرٌ يُقارب المعجزة".
يُذكر أنَّ مشروع "بيت الفن السوري" الذي يفتح أبوابه من الثلاثاء حتى السبت من كل أسبوع، هو الأول من نوعه على مستوى ألمانيا وأوروبا، حيث يمنح الفن السوري مقرّاً دائماً له في المهجر، لا مجرَّدَ معارض متفرقة زماناً ومكاناً، كما يعكس صورةً متنوِّعةً تتضمّن لوحات وتماثيل وأُطراً فنية أخرى، تعود إلى 4 أجيال، من جيل الروّاد الكلاسيكيين إلى جيل الشباب الأقرب إلى التجريبية، من دون إغفال أيِّ من المدارس الفنية المختلفة.
ليكون البيت بذلك جسراً لا بين السوريين والألمان فحسب، ولكن أيضاً بين الفنانين السوريين أنفسهم، الذين باتت تتقاذف كثيرين منهم المنافي المتفرّقة، بينما يُعاني آخرون ممّن يعملون داخل سوريا من شحّ التواصل مع الخارج وتجاربه، على خلفية العقوبات المفروضة على بلادهم، والأوضاع الاقتصادية القاسية التي لم تستثنِ الساحة الثقافية بمن فيها من فنانين وروّاد ونقّاد وصالات.